أرشيف المدونة

هل سَخِرَ معاوية من السيدة أم أيمن ؟!

قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث

نسف شبهات عدنان إبراهيم حول الصحابي معاوية بن أبي سفيان y 

هل سَخِرَ معاوية بن أبي سفيان من السيدة أم أيمن ؟!

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:  

 هذه سلسلة ردود علمية على شبهات الدكتور عدنان إبراهيم حول الصحابة رضي الله عنهم.

تكلم د/ عدنان عن معاوية رضي الله عنه وقدح فيه قائلًا أن معاوية يسخر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد استدل بروايات لا تصح, وإليكم البيان:

استدلَّ بما ذكره الإمام الذهبي قال:

{ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيِّ، قَالَ: قَدِمَ أُسَامَةُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، وَأَلْطَفَهُ، فَمَدَّ رِجْلَهُ.

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ أَيْمَنَ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ظُنْبُوْبِ سَاقِهَا بِمَكَّةَ، كَأَنَّهُ ظُنْبُوْبُ نَعَامَةٍ خَرْجَاءَ.

فَقَالَ: فَعَلَ اللهُ بِكَ يَا مُعَاوِيَةُ، هِيَ وَاللهِ خَيْرٌ مِنْكَ!

قَالَ: يَقُوْل مُعَاوِيَة: اللَّهُمَّ غُفْراً.

الظُّنْبُوْبُ: هُوَ العَظْمُ الظَّاهِرُ. وَالخَرْجَاءُ: فِيْهَا بَيَاضٌ وَسَوَادٌ }.(1)

وللرد على هذا الافتراء أقول:

أولا: الرواية  غير صحيحة:

فسندها تالف ساقط فيه علل تمنعنا من قبوله.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم خبرًا حتى تنطبق عليه شروط قبول الرواية بقسميه الصحيح والحسن, وللصحيح شروط خمس وهي:

ü            اتصال السند.

ü            عدالة الرواة.

ü            ضبط الرواة.

ü            انتفاء الشذوذ.

ü            انتفاء العلة.

قال أبو عمرو بن الصلاح :{ أَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا ، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)

علل الرواية:

العلة الأولى: أبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيُّ.

قال الإمام الذهبي:

{ الهيثم بن عدي الطائي أبو عبد الرحمن المنبجي ثم الكوفي

قال البخاري: ليس بثقة، كان يكذب.

 قال يعقوب بن محمد: سكتوا عنه.

وروى عباس عن يحيى قال: ليس بثقة، كان يكذب.

 وقال أبو داود: كذاب.

 وقال النسائي و غيره: متروك الحديث }.(3)

العلة الثانية: الانقطاع.

فَعَلَى فَرْضِ أنَّ الهيثم هذا كان ثقة، فالرواية أيضا ضعيفة بسبب الانقطاع.

فالهيثم بن عدي مُتَوَفَّى سنة 207 هجرية، وكان عمره وقتها 93 عاما.

قال الإمام الذهبي: { تُوُفِّيَ بِفَمِ الصَلْحِ، فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً }.(4)

وهذا يعني أنه وُلِدَ سنة 114 من الهجرة، في حين أن معاوية رضي الله عنه تُوُفِّيَ سنة 60 هجرية.

وأسامة بن زيد رضي الله عنه تُوُفِّيَ سنة 54 هجرية.

ثانيا: كُتُبٌ أخرى تذكر الرواية:

هذه الرواية ذكرها الإمامُ الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء نَقْلًا عن كتاب تاريخ مدينة دمشق للإمام ابن عساكر.(5)

كما ذكرها البلاذري في كتابه أنساب الأشراف:

قال البلاذريُّ:

{  الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَائِدٍ قَالَ، قَالَ مُعَاوِيَةُ لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: رَحِمَ الله أُمَّ أَيْمَنَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سَاقَيْهَا وَكَأَنَّهُمَا ظنبوبا نَعَامَةٍ خَرْجَاءَ، فَقَالَ: هِيَ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أُمِّكَ وَأَكْرَمُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ:

وَأَكْرَمَ أَيْضًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات: 13) }.(6)

علل الرواية:

العلة الأولى: عبد الله بن فائد، أبو اليقظان.

وهذا الرجل له ترجمة شائكة جِدًّا، مَفَادُهَا أنَّ هذا الرجل له أسماءٌ وكُنًى كثيرةٌ، منها اسمه هذا و(سُحَيم بن حفص)، و(عامر بن أبي محمد)، و(عامر بن حفص)، و(أبو إسحاق المالكي)، و(أبو اليقظان)، وغيرها من الأسماء !

 وقصته هذه لخَّصها الإمام الخطيب البغدادي !

قال الإمام الخطيب البغدادي:

{ …قال لي أبو الحسن المدائني أبو اليقظان هو سحيم بن حفص وسحيم لقب وها عامر بن حفص وكان لحفص ابن يقال له محمد وكان أكبر ولده ولم يكن به وكان حفص أسود يعرف بالأسود وقال لي أبو اليقظان سمتني أمي خمسة عشر يوما عبد الله فإذا قلت: حدثنا أبو اليقظان فهو أبو اليقظان فإذا قلت: سحيم بن حفص وعامر بن حفص وعامر بن أبي محمد وعامر بن الأسود وسحيم بن الأسود وعبد الله بن فائد وأبو إسحاق المالكي فهو أبو اليقظان}.(7)

وهو رجل مجهول الحال، لا يوجد مَنْ وَثَّقَهُ مِنْ عُلماءِ الجرح والتعديل. ورواية مجهول الحال لا يُحتجُّ بها عند العلماء.

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:

{ الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ }.(8)

العلة الثانية: الانقطاع.

فعبد الله بن فائد أو سحيم بن حفص هذا لم يُدركْ أسامة بن زيد أو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم.

قال ياقوتُ الحمويُّ:

{ سُحَيْم بن حفص، أبو اليقظان، الراوية، الأخباريُّ…تُوُفِّيَ سنة تسعين ومائة }.(9)

فلو فرضنا أنه عاش 120 سنة، فهو أيضًا لَمْ يُدْرِكْ أَحَدَهُمَا أو كليهما. فالرواية منقطعة.

العلة الثالثة: البلاذري لَمْ يوثقه أحد من العلماء..

أقول أنَّ البلاذريَّ مُؤلِّفَ الكتاب لَمْ يُوَثِّقْهُ واحدٌ من علماء الجرح والتعديل.

وهذه النقطة تكلمنا عنها في الرد على فرية نبوءة النبي r بموت معاوية على غير الإسلام.

ثالثا: طالما أنَّ الرواية ضعيفة؛ فلماذا ذكرها العلماء ؟

الرافضة وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ وسار على دربهم بسبب جهلهم بكتب أهل السُّنَّة والجماعة يسألون دائما هذا السؤال بعد أن ننسف لهم افتراءاتهم عن الصحابة، ويقولون: طالما أن الرواية ضعيفة, فلماذا يرويها الإمام ابن عساكر في تاريخه أو يذكرها الذهبي في سيره ؟؟

وهذا نفس السؤال الذي يسأله أتْبِاعُ عدنان إبراهيم بعد نسف الروايات مَحلَ استدلالهم !

وللرد على هذا السؤال أقول:

علماؤنا مثل الإمامِ ابنِ عساكر وغيره من المؤرخين كالطبري وابن الأثير والذهبي وابن كثير حينما صنفوا كتبهم هذه لم يشترطوا الصِّحَّةَ في كُلِّ ما ينقلونه !

بل كان هدفهم الوحيد هو جمع وتدوين كل ما قيل في الحقبة التاريخية الخطيرة.

وأما المتأخرون منهم فكان هدفهم سرد ما قيل عن كل شخص أو عن كل حقبة زمنية بغض النظر عن صحة الرواية وضعفها.

رابعًا: الرواية تخالِف الصحيحَ الثابتَ:

ادَّعَى عدنان إبراهيم في استدلاله بهذه الرواية أن معاوية لم يكن يوقِّر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم/ وسنعرض شيئا من أقوال علماء وثقات هذه الأمة عن أخلاق معاوية !

قال الإمامُ ابنُ كثير:

{ قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْظَمَ حِلْمًـا، وَلَا أَكْثَرَ سُؤْدُدًا، وَلَا أَبَعْدَ أَنَاةً، وَلَا أَلْيَنَ مَخْرَجًا، وَلَا أَرْحَبَ بَاعًا بِالْمَعْرُوفِ مِنْ مُعَاوِيَةَ }.(10)  

وقبيصة بن جابر الأسديُّ من سادة ونبلاء التابعين, وكان رحمه الله كوفيًّا !

 وهذا كلام الإمام الذهبي نفسه في معاوية رضي الله عنه، والذهبي هو صاحب الكتاب الذي ينقل منه عدنان إبراهيم !

قال الإمام الذهبي:

 { وَمُعَاوِيَةُ: مِنْ خِيَارِ المُلُوْكِ الَّذِيْنَ غَلَبَ عَدْلُهُم عَلَى ظُلْمِهِم، وَمَا هُوَ بِبَرِيْءٍ مِنَ الهَنَاتِ – وَاللهُ يَعْفُو عَنْهُ }.(11)

قال الإمام الذهبي:

{ حَسْبُكَ بِمَنْ يُؤَمِّرُهُ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ عَلَى إِقْلِيْمٍ ـ وَهُوَ ثَغْرٌ ـ فَيَضْبِطُهُ، وَيَقُوْمُ بِهِ أَتَمَّ قِيَامٍ، وَيُرْضِي النَّاسَ بِسَخَائِهِ وَحِلْمِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ تَأَلَّمَ مَرَّةً مِنْهُ، وَكَذَلِكَ فَلْيَكُنِ المَلِكُ. وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ – صلى الله عليه وآله وسلم – خَيْرًا مِنْهُ بِكَثِيْرٍ، وَأَفْضَلَ، وَأَصْلَحَ، فَهَذَا الرَّجُلُ سَادَ وَسَاسَ العَالَمَ بِكَمَالِ عَقْلِهِ، وَفَرْطِ حِلْمِهِ، وَسَعَةِ نَفْسِهِ، وَقُوَّةِ دَهَائِهِ وَرَأْيِهِ}.(12)

روى الإمام أبو بكر الخلَّالُ:

{ قال أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُكْتِبُ: كُنَّا عِنْدَ الْأَعْمَشِ، فَذَكَرُوا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَدْلَهُ، فَقَالَ الْأَعْمَشُ: فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكْتُمْ مُعَاوِيَةَ؟ قَالُوا: فِي حِلْمِهِ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، بَلْ فِي عَدْلِهِ }.(13)

خامساً: من فمك أُدينك:

عدنان إبراهيم له مقطع على موقع اليوتيوب يفتري فيه على صحيح الإمام البخاري، في محاولة يائسة لصد الناس عن هذا الكتاب العظيم، فقال أثناء كلامه أنَّ الإمامَ الذهبيَّ هو الحافظُ المؤرِّخُ العلَّامَةُ العظيمُ، العليمُ بالرِّجال !!

فلماذا ترك عدنانُ إبراهيم قولَ الإمام الذهبي في معاوية رضي الله عنه ؟!

هل عدنان إبراهيم أعلمُ بالرجال من الإمام الذهبيِّ ؟

ومدحُ معاوية رضي الله عنه لم يرد فقط عن الإمام الذهبي، وإنما عن كثير من علماء هذه الأمة !

روى الإمام ابن عساكر:

{ عن أبي الأشهب قال: قيل للحسن البصري: «يا أبا سعيد، إن هاهنا قوماً يشتمون أو يلعنون معاوية و ابن الزبير». فقال: «على أولئك الذين يلعنون، لعنة الله» }.(14)  

 والخلاصة أن هذه الروايات التي يذكرها عدنان مجرد أكاذيب وخرافات يريد عدنان حشرها في عقول أتباعه.

مراجع البحـث:

 (1)  سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج2 ص507, ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.

 (2)  علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11، ط دار الفكر المعاصر – لبنان،  دار الفكر –  سوريا، ت: نور الدين عنتر.

 (3)  ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام الذهبي  ج7 ص111، ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: مجموعة من المحققين.

 (4)  سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج10 ص104, ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.

 (5)  تاريخ مدينة دمشق للإمام ابن عساكر ج8 ص82 ، ط دار الفكر – بيروت. ت: محب الدين أبو سعيد العمروي.

 (6)  أنساب الأشراف للبلاذري ج5 ص40 ، ط دار الفكر – بيروت, ت: د/سُهِيل ذكَّار(شيعي) ، د/رياض زركلي .

 (7)  موضح أوهام الجمع والتفريق للإمام الخطيب البغدادي ج2 ص326, ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: أبي الفداء عبد الله القاضي.

 (8)  علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111، ط دار الفكر المعاصر – لبنان،  دار الفكر –  سوريا، ت: نور الدين عنتر.

 (9)  معجم الأدباء لياقوتُ الحموي ج3، ص1342, طبعة دار الغرب الإسلامي – بيروت، ت: د/ إحسان عباس.

(10) البداية والنهاية للإمام عماد الدين بن كثير ج8 ص138 طبعة دار هجر –  الجيزة، ت: د/ عبد الله بن عبد المحسن التركي.

(11) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص159, طبعة مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.

(12) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص133, طلعة مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.

(13) السُّنَّة للإمام أبي بكر الخلَّال ج2، ص437, طبعة دار الراية – الرياض، ت: د/ عطيّة الزهراني.

(14) تاريخ مدينة دمشق للإمام ابن عساكر  ج59 ص206، طبعة دار الفكر – بيروت. ت: محب الدين أبو سعيد العمروي.

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

الرد مصورًا على هذه الفرية 

حديث الغدير, وأحلام العصافير

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن واله, وبعد:

كان هذا نقاش بيني وبين أحد الشيعة الرافضة, فطرح شبهة فأجبته عنها، ثم رأيتُ أنْ أنشرها لتعم الفائدة، ولعلَّ أَحَدًا من الباحثين عن الحقيقة من الشيعة يستفيد بها.

يقول: الرافضي:

22-10-2014 10-31-33 ص

فأقول وبالله التوفيق:

أولا: هذه الرواية بهذا اللفظ لا تصح، لأنها من طريق علي بن زيد بن جدعان، وهو راوٍ شيعي ضعيف! وهذا سندها في مسند الإمام أحمد يقول: [حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا: الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين، فصلى الظهر، وأخذ بيد علي رضي الله عنه، فقال: ” ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ” قالوا: بلى، قال: ” ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ ” قالوا: بلى، قال: فأخذ بيد علي، فقال: ” من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ” قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: ” له هنيئا يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن، ومؤمنة ]. فالرواية بهذا اللفظ ضعيفة!

وأما اللفظ الصحيح فهو: [مَنْ كنتُ مولاه، فعلي مولاه].

أما هذه الزيادة الضعيفة: [اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه]، فقد جاء في مسند الإمام أحمد أيضا ما يبطلها، فروى عن قال: [حدثنا عبد الله، حدثني حجاج ابن الشاعر، حدثنا شبابة، حدثني نعيم بن حكيم، حدثني أبو مريم، ورجل من جلساء علي، عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم: ” من كنت مولاه فعلي مولاه ” قال: فَزَادَ النَّاسُ بَعْدُ: ” والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه].

ثانيا: على فرض صحة الرواية التي ذكرتها فليس من حقك أن تفْصِلَها عن منهج أمة كاملة.

بمعنى أنه من الممكن أن يأخذ شخص ما أي حديث ويفهمه كما يحلو له, لكن الصواب أن تنظر كيف تعامل المحيطون بالنبي صلى الله عليه وسلم مع هذا الحديث ومع غيره.

فعلى سبيل المثال لقد حَثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه على مبايعة أبي بكر بالخلافة ونص عليه نصا صريحا صحيحا لا مطعن فيه.

ففي صحيحي البخاري ومسلم والفظ له عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: [ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي مَرَضِهِ: ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ، أَبَاكِ، وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ ]. صحيح مسلم 11 – (2387)

ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام: [ وَيَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ ] ؟؟

قال الإمام أبو محمد بن حزم:

[ فَإِنَّ الْخَبَرَ قَدْ جَاءَ مِنَ الطُّرُقِ الثَّابِتَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ لِعَائِشَةَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: ” لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبْعَثَ إِلَى أَبِيكِ وَأَخِيكِ، وَأَكْتُبَ كِتَابًا وَأَعْهَدَ عَهْدًا، لِكَيْلَا يَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَحَقُّ، أَوْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» وَرُوِيَ: «وَيَأْبَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلا أَبَا بَكْرٍ». وَرُوِيَ أَيْضًا: «وَيَأْبَى اللَّهُ وَالنَّبِيُّونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» ” قَالَ: ” فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ عَلَى اسْتِخْلَافِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَبَا بَكْرٍ عَلَى وِلَايَةِ الْأُمَّةِ ” بَعْدَهُ ]. الفِصَل في الملل والأهواء والنحل ج4 ص88 ط الخانجي – القاهرة.

فلو كان حديث الغدير فيه نص على استخلاف علي بن أبي طالب لكان المعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخلف رجلين في وقت واحد, وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك.

ثالثا: نجد عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه لا يدَّعي لنفسه أنه كان أحقَ بالخلافة قط في وجود أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولا بعدهما.

ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم نَصَ على خلافة عليٍّ لوجدنا عليًا قام ليتكلم بهذا. إذا ليس من حق علي أن يكتم شيئا كهذا, وإلا فسيكون علي قد كتم الأمر النبوي الشريف.

والله سبحانه وتعالى يقول:

{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }.(البقرة 159 )

وتكون أنت بهذا قد اتهمتَ عليًّا رضي الله عنه أنه ملعون لأنه كَتَمَ هذا الوحيَ النبوي الشريف.

رابعا: الثابتُ عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه بالأسانيد الصحيحة أنه بايع أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، كما في صحيح البخاري:

[ وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وِجْهَةٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ ].

وقد بايع عليُّ بن أبي طالب أبا بكر الصديق طائعا مختارا، ففي صحيح مسلم تقول الرواية:

[ ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ مِنْ حَقِّ أَبِي بَكْرٍ وَذَكَرَ فَضِيلَتَهُ وَسَابِقَتَهُ ، ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا : أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ فَكَانَ النَّاسُ قَرِيبًا إِلَى عَلِيٍّ حِينَ قَارَبَ الْأَمْرَ الْمَعْرُوفَ ].

فما معنى قوله: [ ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ ].

!!هل كلمة فبايعه معناها أنه لم يبايعه مثلا ؟!!

وفي هذا الرواية أن عليا هو الذي طلب مبايعة أبي بكر وسعى إليها حتى بايعه.

وفي هذه الحالة تكون أنت يا رافضي قد فهمتَ الأمر النبوي وتتهم علي بن أبي طالب أنه عجز عن فهمه.

لاحظ أن أدلتي من نفس الكتب التي تستدل بها علينا.
وهناك بيعتانِ لعلي بن أبي طالب بايع فيهما لأبي بكر الصديق, وليست بيعة واحدة.
ورواية البخاري كانت البيعة الثانية بعد مشكلة ميراث فدك.
فقد روى الإمام البيهقي في سننه الكبرى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

[ أن زَيْد بْن ثَابِتٍ أَخَذَ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: هَذَا صَاحِبُكُمْ فَبَايَعُوهُ , ثُمَّ انْطَلَقُوا , فَلَمَّا قَعَدَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَسَأَلَ عَنْهُ , فَقَامَ نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَتَوْا بِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَتَنَهُ , أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ فبايعه , ثُمَّ لَمْ يَرَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَسَأَلَ عَنْهُ , حَتَّى جَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: ابْنَ عَمَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَحَوَارِيَّهُ , أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهُ فَبَايَعَاهُ ].
السنن الكبرى للبيهقي ج8 ص246 ط دار الكتب العلمية – بيروت.

وهذه هي البيعة الأولى

خامسا: لو كان أبو بكر وعمر وعثمان اغتصبوا الخلافة من علي كما تزعم الرافضة لما وجدنا عليا قد تواتر عنه أنه يمدحهم ويثني عليهم ويفضلهم على نفسه.

روى الإمام أحمدُ في مُسنده:

[ قَالَ عَلِيُّ بن أبي طالب: ” يَا أَبَا جُحَيْفَةَ، أَلا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟ ” قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: وَلَمْ أَكُنْ أَرَى أَنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْهُ، قَالَ: ” أَفْضَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ، عُمَرُ، وَبَعْدَهُمَا آخَرُ ثَالِثٌ وَلَمْ يُسَمِّهِ ].

مسند أحمد ط الرسالة (2/ 201). إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وروى الإمام أحمد في مسنده:

[عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَلَوْ شِئْتُ لَحَدَّثْتُكُمْ بِالثَّالِثِ].

مسند أحمد ط الرسالة (2/ 224). وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

وخذ مني هذه الصاعقة التي تنسف دين الرفض نسفا

محمد بن علي بن أبي طالب سأل أباه عليا عن خير هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فبماذا أجابه عليٌّ ؟؟

إليك الرواية:

روى الإمام البخاري في صحيحه:

[ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ قُلْتُ ثُمَّ أَنْتَ قَالَ مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ].

صحيح البخاري حديث رقم 3671

والحنفية هذه هي أم محمد, وأبوه هو علي بن أبي طالب.

سادسا: الـ 110 صحابي الذين رووا هذه الرواية التي تستدل بها كما تقول يا رافضي, هل فهموا منها ما فهمته أنت والشيعة الرافضة ؟؟

هل منهم أحد قال حديث الغدير يدل على استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم لـ علي بن أبي طالب بالخلافة ؟؟

سابعا: حديث الغدير ليس فيه حُجة على ما تقول لأن الموالاة لها عدة معانٍ في اللغة العربية, فمنها النُصرة, والمحبة, والتأييد, والمتابعة, والمبايعة, فكيف حملتها يا عبقري على معنى المبايعة والاستخلاف فقط دون المعاني الاخرى ؟؟

ما هو دليلك ؟

فعلى سبيل المثال الله سبحانه وتعالى يقول: { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا }.

وقال سبحانه: { بل الله مولاكم وهو خير الناصرين }.

بماذا ستفسر قوله: {مولى} وقوله: {مولاكم} ؟؟

ويقول سبحانه لأهل النار: { مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير }.

 بماذا ستفسر قوله {هي مولاكم } حسب تفسيرك لمعنى ” الولاية ” ؟؟

ولو قلنا أن الحديث معناه أن عليا هو الخليفة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم لكان هذا يعني أن عليا اليوم ليس مولى لكل مسلم ومسلمة لأنك فسرتَ الولاية بمعنى الخلافة والرئاسة، وقد انتهت رئاسته وخلافته رضي الله عنه.

فهذا الحديث بهذا المعنى لم يُطبَّقْ إلا مدةَ خلافة علي فقط ثم انتهى أثره.

أما نحن فنقول أن الولاية هنا بمعنى المحبة والنُصْرة وهي باقية في قلوب المسلمين تجاه علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى أن تقوم الساعة، وهنا يتبين للعقلاء والنبهاء تفوُّق أهل السنة والجماعة على الشيعة الرافضة.

ثامنا: 

1. الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما تولّى الخلافة لمدة أشهر بعد أبيه, فهل قال الحسنُ للناس إن أباه عليًا كان أحقَّ بالخلافة من أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين ؟

وهل صدر من الحسن ما يدل على أنه كان مبغضًا لهؤلاء الخلفاء الراشدين المهديين الثلاثة؟!

2. الحسين بن علي رضي الله عنهما, كان عظيم الشأن عند الصحابة ومع ذلك لم يقل الحسينُ لواحد من الصحابة إنَّ أبي عليًا هو الأحق بالخلافة أو أنا أو الحسن. 
تاسعا: 

قول الله سبحانه تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة حينما كان بعرفة ، فعن عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ أَيُّ آيَةٍ؟! قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا}، قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ ]. رواه البخاري في صحيحه ، حديث رقم 45 .وحجة الوداع كانت في السنة العاشرة من الهجرة.

ومن المعلوم أن يوم عرفات هو يوم العاشر من ذي الحجة.

وأما حديث الغدير فكان في يوم الثامن عشر من ذي الحجة، من نفس العام الذي حَجَّ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم حَجَّتَهُ الوحيدة !

وهذا معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث بعد اكتمال الدين بثمانية أيام  أو تسعة!

فلو كانت إمامة علي رضي الله عنه أصلًا من أصول الدين كما يزعم الشيعة الرافضة لكان على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغها قبل نزول آية اكتمال الدين !!

عاشرا: روح الود والمحبة والإخاء كانت تسود هذا المجتمع الفريد, وخصوصا بين أبي بكر وعمر وعثمان وبين علي والحسن والحسين, فلم يكن بينهم تلك الضغائن والأحقاد التي يروج لها الرافضة !

وإليك هذا المثال:
روى البخاري في صحيحه: عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: [صَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَصْرَ ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي فَرَأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَقَالَ: بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ لَا شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ ].  صحيح البخاري ـ حديث رقم 3542.

أي فداه أبي ، إنه يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يشبه عليًا !

حادي عشر: الرواية التي يستدل بها الرافضي حُجة عليه وتثبت كذبه على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأن فيها [ قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: ” له هنيئا يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن، ومؤمنة ]. فالرواية تقول إن عمر لقيه بعد ذلك! فلماذا يزعم الرافضي أن عمر رضي الله عنه كان حاضرًا ؟!

ثاني عشر: ليس في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: [مَنْ كنتُ مولاه، فعلي مولاه]. ولكن هذا أكاذيب الرافضة على الصحيحين كما اعتدنا منهم!!

———–

تمت بحمد الله

أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

شبهة قراءة “وقضى ربك” أم “ووصى ربك”!

قناة مكافح الشبهات – أبو عمر الباحث

نسف أكاذيب النصارى حول القرآن الكريم

شبهة رواية “ووصى ربك” التصاق الواو  بالصاء “وقضى ربك”

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

 هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى حول عصمة القرآن الكريم.

قالوا كيف تقولون أن كتابكم محفوظ من التغيير وعندكم رواية تقول أن الآية (23) من سورة الإسراء تَغَيَّرتْ مِنْ {وَوَصَّى رَبُّكَ} إِلَى {وَقَضَى رَبُّكَ}؟!

 واستدلوا بمـا رواه الطبري في تفسيرهقَالَ:

{ حَدَّثَنِي الْـحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، أَنَّهُ قَرَأَهَا:{وَوَصَّى رَبُّكَ} وَقَالَ: إِنَّهُمْ أَلْصَقُوا الْوَاوَ بِالصَّادِ فَصَارَتْ قَافًا }.(1)

وللرد على هذا الافتراء أقول:

أولاً: الرواية غير صحيحة:

فالسندُ فيه راوٍ مُدَلِّس وراوٍ آخر ضعيف واهي الحديث.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً تجتمع فيه شروط قبول الرواية بقسميه الصحيح والحسن، ويجب أن تنطبق على الحديث الصحيح شروط خمس وهي:

 (1)  اتصال السند.

 (2)  عدالة الرواة.

 (3)  ضبط الرواة.

 (4)  انتفاء الشذوذ.

 (5)  انتفاء العلة.

قال الإمام أبو عمرو بنُ الصلاح: { أَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)

علل الرواية:

العِلَّة الأولى:هُشَيْم ابْنُ بَشِير مُدَلِّس وقد عَنْعَنَ الحديث.

فهذا الراوي رغم أنه كان ثِقَةً ثَبْتاً في الحفظ إلا أَنَّهُ كان يُدَلِّسُ بلفظة (عن).

قال الإمام الذَّهَبِيُّ.

{ هُشَيْم ابْنُ بَشِير…كَانَ رَأْساً فِي الحِفْظِ، إِلاَّ أَنَّهُ صَاحِبُ تَدْلِيسٍ كَثِيْرٍ، قَدْ عُرِفَ بِذَلِكَ}.(3)

فما هو معنى التدليس في سند الحديث ؟

قال الإمامُ صَلَاحُ الدِّينِ العَلَائِيُّ:

{ يَرْوِي الرَّاوِي عَنْ شَيْخِهِ حَدِيْثاً لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ بِلَفْظِ (عَنْ) أَوْ (قَالَ) أَوْ (ذَكَرَ) وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُوْهِمُ الاتِّصَالَ وَلَا يُصَرِّحُ بِحَدَّثَنَا وَلَا أَخْبَرَنَا وَلَا سَمِعْتُ }.(4)

فما حكم رواية الـمُدَلِّس ؟

رواية المدلس لا يقبلها علماءُ الحديث إلا إذا  صَرَّحَ فيها بالسمـاع من شيخه بألفاظ صريحة.

قال الإمامُ أبو عمرو بن الصلاح:

 { والـمُدَلِّسُ لَا يُحْتَجُّ مِنْ حَدِيْثِهِ إِلَّا بِمَـا قَالَ فِيهِ حَدَّثَنَا أَوْ غَيره مِنَ الْأَلْفَاظِ الْـمُبَيِّنَةِ لِسَمَـاعِهِ }.(5)

  العلة الثانية: أبو إسحاق الكوفي عبد الله بْنُ مَيْسَرَة ضعيف الحديث.

قال الإمام الذهبي:

{ عبد الله بن ميسرة أبو ليلى، وهو أبو إسحاق وأبو جرير وأبو عبد الجليل, كَنَّاهُ بهذه الأربعة هُشَيمٌ يُدَلِّسُهُ:

ضَعَّفَهُ ابنُ مَعِينٍ.

وقال مَرَّةً: ليس بثقة.

وقال مَرَّةً: ليس بشيء.

وقال البخاريُ: ذَاهِبُ الحديث.

وقال النسائي: ليس بثقة }.(6)

إذاً، فأبو إسحاق الكوفي هذا ضعيفُ الحديث, ومن قبله تدليس هُشَيم بن بشير.

فهاتانِ عِلَّتَانِ, إذا وُجِدَتْ عِلَّةٌ واحدةٌ منهمـا لرفضنا الروايةَ بسببها, فَكَيْفَ بهما معاً ؟!

وبالتالي فالرواية ضعيفة  وغير مقبولة.

ثانياً: كتب أخرى تذكر الرواية:

قال الإمام البوصيريُّ:

{ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ : حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَـا ، قَالَ : أَنْزَلَ اللَّهُ , عَزَّ وَجَلَّ , هَذَا الْـحَرْفَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : {وَوَصَّى رَبُّكَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ}, فَلُصِقَتْ إِحْدَى الْوَاوَيْنِ بِالأُخْرَى، فَقَرَأَ لَنَا { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ } وَلَوْ نَزَلَتْ عَلَى الْقَضَاءِ مَا أَشْرَكَ بِهِ أَحَدٌ فَكَانَ مَيْمُونُ يَقُولُ: إِنَّ عَلَى تَفْسِيرِهِ لَنُورًا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا }.(7)

وطبعاً البُوصَيري ليس هو مَنْ يروي عن أحمد بن منيع, وإنما نَقَلَ البُوصيري هذه الرواية مِنْ مُسند

أحمد بن منيع، وهذا سَنَدٌ سَاقِط تَالِف, وَيَكْفِينَا ما قاله عنه صاحبُ الكتاب نفسه وهو البُوصَيرِيُّ.

قال الإمام البُوَصيرِيُّ:

{ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ }.(7)

والفرات بن السائب كما قال عنه الإمامُ البُوصَيري.

قال الإمام الذَّهَبِيُّ: { فُرات بن السائب، أبو سليمان:

قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.

وقال ابْنُ مَعِينٍ: ليس بشيء.

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ وغيره: متروك.

وقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: قريب من محمد بن زياد الطحان، في ميمون، يُتَّهَم بِمَـا يُتَّهَم به ذَاكَ }.(8)

فَهَلْ مِثْلُ هذا الشخص المتروك الـمُتَّهَم، تُقبل منه رواية عند عاقل من العقلاء ؟

سند آخر:

قال الإمام سعيدُ بنُ منصور:

{ نا سفيان, عن عبد الملك بن أعين، عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس، أنه قال: (ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه)، يقول: التزقت الواو بالصاد، وأنتم تقرؤونها: { وَقَضَى رَبُّكَ } }.(9)

عِلَّة الرواية: عبد الملك بن أعين.

قال الإمام أبو الـحَجَّاجِ الـمِزِّيُّ:

{ قال محمد بن المثنى: ما سمعت عبد الرحمن بن مهدي يحدث عن سفيان عن عبد الملك بن أعين، وكان يُحدِّث فيما أخبرت عنه ثم أمسك.

وقال الحميدي عن سفيان: حدثنا عبد الملك بن أعين، شيعي كان عندنا رافضي صاحب رأي.

وقال محمد بن عباد المكي عن سفيان حدثنا: عبد الملك بن أعين وكان رافضياً.

 وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين: ليس بشيء.

وقال أبو عبيد الأجرِّي عن أبي داود حدثنا حامد قال حدثنا سفيان قال: هم ثلاثة إخوة عبد الملك بن أعين وزرارة بن أعين وحمران بن أعين، روافض كلهم, أخبثهم قولاً عبد الملك.

وقال أبو حاتم: هو من عتق الشيعة، محله الصدق، صالح الحديث، يُكتب حديثه.

وذكره بن حبان في كتاب الثقات وقال: كان يتشيع }.(10)

وعبدُ الملك بنُ أَعْيَن ذَكَرَهُ البخاريُّ في كتابه الضعفاء وقال:

{ عبد الملك بن أعين, كان شيعياً…يُحْتَمَل في الحديث }.(11)

واحتماله في الحديث لا يعني احتماله إذا انفرد, بل انفراده غير مُحْتَمَل، وخصوصاً في روايةٍ كهذه، وإنما يُحْتَمَل في وجود متابع قويٍّ فقط، بدليل ذِكْرِ الإمام البُخاري له في كتاب الضعفاء.

وإنما ذكرتُ هذا الكلام حتى لا يقولنَّ قائل: كيف تُضَعِّفُون عبدُ الملكِ بنُ أعين وقد رَوَى له البخاريُّ في صحيحه.

فأقول أنَّ الإمامَ البخاريَّ إنما رَوَى له مقروناً بغيره, وليس احتجاجاً به.

فقد أثبتنا الآن أنَّ البخاريَّ نفسه يُضَعِّفُهُ, ولا يحتج به. فكيف نحتج به في رواية كهذه ؟

هذا وقد ذَكَرَهُ الإمامُ ابنُ الجوزي في كتابه الضعفاء والمتروكين.(12)

كما ذَكَرَهُ الإمامُ الذهبي في كتابه الـمُغْنِي في الضعفاء.(13)

كذا ذَكَرَهُ الإمامُ العُقَيلي في كتابه الضعفاء.(14)

ثالثاً: رواية قراءة ابن مسعود:

لا يفوتني أنْ أنبِّه أنَّ الإمامَ الطبرانيَّ في كتابه “المعجم الكبير” ذَكَرَ رواية أخرى بلفظٍ آخر فقال:

{ حَدَّثَنَا الْـحُسَيْنُ ابْنُ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى الْحِمَّـانِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، يَقْرَأُ: “وَوَصَّى رَبُّكَ أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ” }.(15)

وأقول أنَّ هذه الرواية في حالة صِحَّتِهَا لَيسَ فيها شيءٌ على الإطلاق إِذْ أنَّ هذه القراءةَ ستكون مُجَرَّدَ قراءةٍ مَنْسُوخَةٍ مع القِرَاءَاتِ التي نُسِخَتْ قبل العَرْضَةِ الأخيرة.

وأرجو أن تُلاحظ عزيزي القارئ الكريم أن الرواية تتكلم عن قراءة ابن مسعود وليس مصحفاً مكتوباً كالرواية الباطلة الأولى التي تتحدث عنْ أنَّ التغيير وقع في المكتوب وليس المقروء.

ثم نقول أن هذه الرواية في حالة صحتها أيضا فهي قراءة شاذة عن القراءة الـمُجْمَعِ عليها مِنْ كُلِّ المسلمين في شَتَّى بِقَاعِ الأرض.

ولكن سند هذه الرواية لا يصح، ففي سَنَدِهَا عِدَّةُ عِلَل.!

علل الرواية:

العِلَّة الأولى:يحيى الحِمَّـانيمنكر الحديث.

قال الإمام الذهبي: { يحيى بن عبد الحميد الـحِمَّـانِيُّ حافظٌ منكر الحديث.

وقَدْ وَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ وغَيرُه.

وقال أحمدُ ابنُ حنبل: كان يَكْذِبُ جِهَاراً.

وقال النَّسَائِيُّ: ضعيف }.(16)

العِلَّة الثانية:الأعمش لم يُدْرِكْ الصحابيَّ عبدَ اللهِ ابنَ مسعود.

فَسَيِّدُنا عَبْدُ الله ابْنُ مسعود رضي الله عنه تُوُفِّيَ عام 32 من الهجرة النبوية.

قال الإمام الذهبي:

{تُوُفِّيَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ}.(17)

أمَّا الإمام سُلَيمـانُ بنُ مهران الأعمش فَوُلِدَ عام 61 من الهجرة النبوية.

قال الإمام الذهبي:

{ وُلدَ بِقَرْيَةِ أُمِّهِ مِنْ أَعْمَـالِ طَبَرِسْتَانَ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ}.(18)

وهذا انقطاعٌ طويلُ بينهما يصل لـ 21 عاماً, مما يجعلنا نحكم على الرواية بالضعف لهاتين العِلَّتينِ.

سند آخر لرواية قراءة ابن مسعود:

قال الإمام الطبريُّ:

{ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ]وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ[ قال: أمر ألا تعبدوا إلا إياه، وفي حرف ابن مسعود: (وَصَّى رَبُّكَ ألا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ) }.(19)

وهذا السَّنَدُ صحيحٌ إلى قَتَادة بن دعامة, ولكن قتادة نفسه لم يدرك عبد الله بن مسعود.

فَسَيِّدُنا عَبْدُ الله ابْنُ مسعود رضي الله عنه تُوُفِّيَ عام 32 من الهجرة النبوية، انظر هامش رقم (17).

وأما قتادة بن دعامة السدوسي فقد وُلِدَ سنة 60 من الهجرة.

قال الإمام الذهبيُّ:

{ قَتَادَةُ بنُ دِعَامَةَ بنِ قَتَادَةَ…مَوْلِدُه: فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ }.(20)

فبينهما انقطاع حوالي 28 سنة بين مولد قتادة ووفاة عبد الله بن مسعود.

هذا إذا كان قتادة يقصد بكلامه بحرف ابن مسعود أي القراءة.

فهو قطعاً لم يسمع منه, ويضاف إلى هذا أنَّ قتادةَ مُدَلِّسٌ مشهور بالتدليس.

وبلا شك أن هذا الكلام بَلَغَ قتادةَ عن شخص آخر عن ابن مسعود, وهذا يعني انقطاعاً في السند بين قتادة وبين ابن مسعود, فيكون السند بهذا ضعيفاً.

وإما أن يكون قتادة يقصد بالحرف أي الحرف المكتوب في مصحف ابن مسعود, فلنا على ذلك ردود.

أولاً: أنَّ القراءة المنقولة بالسند الصحيح المتصل المتواتر عن عبد الله بن مسعود وعن كل الصحابة هي قراءة ]وَقَضَى رَبُّكَ[ وليس {وَوَصَّى رَبُّكَ}.

ثانياً: إجماع الأمة الإسلامية على قراءة ]وَقَضَى رَبُّكَ[. فتكون قراءة { وَوَصَّى رَبُّكَ } قراءة شاذة.

ثالثاً: الرسم العثماني الذي أجمعت عليه الامة الإسلامية على قراءة ]وَقَضَى رَبُّكَ[ وليس {وَوَصَّى رَبُّكَ}.

رابعاً: عندنا في دين الإسلام العظيم شروط ثلاثة لقبول القراءة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

1)     اتصال السند.

2)     موافقة الرَّسْم العُثمـاني وَلَوِ احتمالاً.

3)     موافقة وَجْهٍ من أَوْجُهِ النَّحْو.

قال الإمامُ ابنُ الـجَزَرِيِّ:

{ كُلُّ قِرَاءَةٍ وَافَقَتِ الْعَرَبِيَّةَ وَلَوْ بِوَجْهٍ، وَوَافَقَتْ أَحَدَ الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَـانِيَّةِ وَلَوِ احْتِمَـالًا وَصَحَّ سَنَدُهَا، فَهِيَ الْقِرَاءَةُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي لَا يَجُوزُ رَدُّهَا وَلَا يَحِلُّ إِنْكَارُهَا، بَلْ هِيَ مِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ وَوَجَبَ عَلَى النَّاسِ قَبُولُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ عَنِ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ، أَمْ عَنِ الْعَشْرَةِ، أَمْ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْـمَقْبُولِينَ، وَمَتَى اخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ أُطْلِقَ عَلَيْهَا ضَعِيفَةٌ أَوْ شَاذَّةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ…هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَئِمَّةِ التَّحْقِيقِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ}.(21)

وهذه الرواية لا نَعْلَمُ لها سَنَداً صحيحاً مُتَّصِلاً ، كما أنَّها مُخَالِفَةٌ للرَّسْمِ العُثْمَـانِي الـمُجْمَعِ عليه على مَدَارِ التاريخ الإسلامي. وكل ما خالف هذه الشروط الثلاثة لا عبرة به, ولا قيمة له.

رابعاً: في حالة صحة رواية قتادة:

أقول أنه في حالة صِحَّةِ الرواية عن قتادة, ولو ثبت بالفعل أن عبد الله بن مسعود كان يقرأ الآية هكذا, فنستطيع أن نقول أن هذه القراءة مِن مَنْسُوخ التلاوة, وأنَّ هذا كان حَرْفاً أَقْرَأَهُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه, ثم نُسِخَ مع ما نُسِخَتْ تلاوته.

وإنما قلت هذا, لأنَّ الصحابي عبد الله بن مسعود حَضَرَ العَرْضَةَ الأخيرة التي عَارَضَ فيها جبريلُ القرآنَ الكريمَ مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, و العَرْضَةُ الأخيرة هي القرآنُ الموجودُ اليومَ بين أيدينا  بإجماع علماء الأمة الإسلامية، قديماً وحديثاً, سلفاً وخلفاً, لا أعلم في هذا مخالفاً.

روى الإمامُ البخاري في صحيحه:

{ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَـا, فَقَالَ لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ: أَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ:مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ, قَالَ: وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَسَأَلْنَاهُ: فَقَالَ: مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ}.(22)

فهذه شهادة عزيزة غالية على حفظ القرآن الكريم على ما هو عليه بعد العرضة الأخيرة.

تنبيه:

استدل بَعْضُهُمْ بأنَّ الإمامَ ابْنَ حَجَر العسقلاني جَوَّدَ سَنَدَ رواية سعيد بن منصور في سننه رَدًّا على الزمخشري في إنكاره للرواية، فقال: { أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْهُ }.!

 وَلَكِنْ مِمَّا يُؤْسَفُ له أنَّ النصراني الذي اعتاد على التَّدْلِيسِ والْكَذِبِ تَأَسِّياً ببولس، حَذَفَ بَقِيَّةَ تعليقِ الإمامِ ابنِ حجر العسقلاني على الرواية وإليك كلام الإمام ابن حجر العسقلاني كاملاً:

قال الإمام ابن حجر العسقلاني:

{ وَقد جَاءَ عَن ابن عَبَّاسٍ نَحْوُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهُ تَعَالَى: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاه } قَالَ: {وَوَصَّى}. الْتَزَقَتِ الْوَاوُ فِي الصَّادِ. أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْهُ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا الْـمُعْتَمَدُ، لَكِنَّ تَكْذِيبَ الْمَنْقُولِ بَعْدَ صِحَّتِهِ لَيْسَ مِنْ دَأْبِ أَهْلِ التَّحْصِيلِ فَلْيُنْظَرْ فِي تَأْوِيلِهِ بِمَـا يَلِيقُ بِهِ }.(23)

أقول: ولكن هذا الكلام المنقول عن ابن عباس لم يَصِحَّ سنداً حتى نَنْظُرَ في تأويله بما يليق.

ثم إن الإمام ابن حجر العسقلاني قال:{ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا الْـمُعْتَمَدُ }. وهذا يعني أنه يرى السندَ جيداً ولكنه لا يُصَحِّحُ المتن على ظاهره, بدليل أنه لم يعتمده, بل قال أنَّ غيرَه هو المعتمد, فتنبه.!

ثم إنَّ الإمامَ ابنَ حَجَر قال: { فَلْيُنْظَرْ فِي تَأْوِيلِهِ بِمَـا يَلِيقُ بِهِ }. وهذا يعني أن لا نأخذ هذا المتن على

ظاهره لأن ظاهره يخالف ما أجمعت عليه أمة الإسلام العظيم منذ زمن الصحابة إلى يومنا هذا.

وقد بَيَّنَّا مِن قبل أن عبد الملك بن أعين راو القصة، وضعه البخاري نفسه في كتابه الضعفاء.!

فكيف يكونُ السندُ جيداً كما قال الإمامُ ابنُ حَجَر العَسْقَلَاني ؟!

أقول: أنه رُوِيَتْ بَعْضُ الروايات بأنَّ هذه الآية في مصحف أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه كانت مكتوبة هكذا: “وَوَصَّى رَبُّكَ أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ”.

ولا توجد رواية واحدة صحيحة في الروايات التي تقول أنها كانت {ووصى} الواو التزقت بالصاد فأصبحت {وَقَضَى}.

أكرر كلامي بأنَّ كل الروايات التي تقول بهذا القول ليست بصحيحة، مع مخالفتها لإجماع الأمة الإسلامية.

سند رواية قراءة أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ:

قال الإمام الطبريُّ:

{ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، قَالَ: ثنا نُصَيْرُ ابْنُ أَبِي الأَشْعَثِ، قَالَ: ثني ابْنُ حَبِيبِ ابْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَعْطَانِي  ابْنُ  عَبَّاسٍ  مُصْحَفًا، فَقَالَ: هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قال أبو كريب: قال يحيى: رأيت المصحف عند نصير فيه: {ووصى ربك} يعني: وقضى ربك}.(24)

قلتُ: وهذا سند ضعيف بسبب يَحْيَى بْنِ عِيسَى الرَّمْلِيِّ.

قال الإمام أبو حاتم بنُ حبان:

{ يحيى بن عيسى بن محمد التميمي الرملي…وَكَانَ مِمَّنْ سَاءَ حِفْظُهُ وَكَثُرَ وَهْمُهُ حَتَّى جَعَلَ يُخَالِفُ الْأَثْبَاتَ فِيمَـا يروى عن الثقات ; فَلَمَّـا كَثُرَ ذلك في روايته بَطَلَ الاحْتِجَاجُ به.

أخبرنا محمد بن زياد الزيادي قال: حدثنا ابن أبى شيبة: سمعت يحيى بن معين – وذكر له يحيى بن عيسى الرملي – فقال: كان ضعيفا.

سمعت محمد بن محمود: سمعت الدارمي: قلت ليحيى بن معين: فيحيى بن عيسى الرملي تعرفه ؟ قال: نعم ما هو بشيء}.(25)

ونقول كمـا قلنا مِنْ قبل أنَّ الروايةَ تعني أنَّ الآيةَ بالفعل أقرأها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

 له بهذا الشَّكْلِ وَلَكِنَّ ذلك نُسِخَ مَعَ مَا نُسِخَتْ تلاوتُه في العرضة الأخيرة.

تنبيه:

يستدل بَعْضُ مَنْ لا عِلْمَ لَهُ من جُهَّالِ النَّصَارَى بأنَّ كلمة وَوَصَّى هي الصحيحة لأن كلمة وقضى تعني الحتم والإلزام. مستدلين برواية ابن عباس وقوله فيها: { وَلَوْ نَزَلَتْ عَلَى الْقَضَاءِ مَا أَشْرَكَ بِهِ أَحَدٌ }.!

بمعنى أن الآية إذا كانت {وَقَضَى} فهذا يعني أنه أمر نافذ على الجميع, ليس للبشر يَدٌ في مخالفته. وعليه فلن يكون في الأرض مشرك واحد لأن الله قضى بعدم الشرك.

وهذا من أعجب ما سمعت من جهال النصارى والمنصرين.

أولاً: لقد بينا أن الرواية في سندها “الفُرات بن السائب” وهو متروك الحديث.

ثانياً: معنى القَضَاءِ في الآية هو أمر الله بعدم الوقوع في الشرك.

قال الإمام ابن منظور:

{ وقوله تعالى وقَضَى ربُّك أَن لا تعبدوا إِلاَّ إِياه أَي: أَمَرَ رَبُّكَ وَحَتَمَ وهو أَمر قاطع حَتْمٌ }.(26)

ثالثاً: هؤلاء الجهلة لا يفرقون بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية.

فأما الإرادة الشَّرعية: هو ما يحبه الله لعباده من الـهُدَى والإيمان فأمرهم به وحثهم عليه. وهي التي يحاسب الله عليها عباده بحسب امتثالهم لها أو إعراضهم عنها. ومنها قوله تعالى { وَاللَّهُ يُرِيْدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُم }. ومع ذلك فكثير من أهل الأرض لا يتوبون, فَدَلَّ ذلك على أنها إرادة شرعية.

وأما الإرادة الكونية: فهي قَدَرُ الله النَّافِذُ على خلقه سواءً أحبه الله أو أبغضه, ولا مجال ولا سبيل لأحد أن يخالفها أو يعارضها, ومنها قوله تعالى: { إِنَّمَـا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون }. وإذا أراد الله تعالى أن يفعل شيئاً فمن ذا الذي يستطيع أن يخالفه أو يعارضه ؟!

فأراد هؤلاء الجُهَّالُ أنْ يَحْمِلُوا معنى الآيةَ على أنَّ الله قضى ألا يشرك به أحد, وهذا أمر نافذ لن يخالفه أحد, في حين أنها إرادة شرعية وليست كونية, بمعنى أن الله أمر بذلك وأراده شرعًا.

فمن استجاب له أثابه الله, ومن خَالَفَه عاقبه الله، مثل “شرب الخمر” فقد حرمه الله، ومع ذلك نرى الناس يشربونه, ومنهم مسلمون !!

خامساً: نقولات مهمة لبعض العلمـاء:
ذكر كثيرٌ مِن العلماء أنَّ المرويَّ باستفاضةٍ عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وغيرهما هو قراءة {
وَقَضَى}.

قال الإمام أبو حيان الأندلسي:

{ وفي مصحف ابن مسعود وأصحابه وابن عباس وابن جبير والنخعي وميمون بن مهران من التوصية . وقرأ بعضُهم : وأوصى من الإيصاء ، وينبغي أن يحمل ذلك على التفسير, لأنها قراءة مخالفة لسواد المصحف والمتواتر هو {وَقُضِىَ} وهو المستفيض عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهم في أسانيد القراء السبعة {وَقُضِىَ} هنا قال ابن عباس والحسن وقتادة: بمعنى أمر }.(27)

سادساً: الإجماع على قراءة {وَقَضَى}:

قال الإمام ابن الجوزي:

{ قوله تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ } روى ابنُ أبي طلحة عن ابن عباس قال : أمَر ربك . ونقل عنه الضحاك أنه قال : إِنما هي «ووصى ربك» فالتصقت إِحدى الواوين ب «الصاد» ، وكذلك قرأ أُبيُّ بن كعب ، وأبو المتوكل ، وسعيد بن جبير : «ووصى» ، وهذا على خلاف ما انعقد عليه الإِجماع، فلا يُلْتَفَتُ إِليه }.(28)

فهذا إجماع أمتنا الإسلامية العظيمة على قراءة { وقضى ربك }.

 

سابعاً: من فمك أُدينك:

ألمْ ينظر هذا النصراني إلى ما في كتبه ؟ ألمْ يَرَ حَجْمَ التحريفات والتخريفات التي شَوَّهَتْ كتابه ؟

 ألا يستحي هذا النصراني من نفسه، وهو يُؤمن بكتاب أصابته جميعُ أنواعِ التحريفِ والتزييفِ، ثُمَّ يأتي ليتهجم بلا وعي على  أَصَحِّ كِتًابٍ عَلَى وجه الأرض ؟!

سأضرب مثالاً واحداً بسيطاً على التحريف في كتاب النصارى من العهد الجديد.

ومن أراد المزيد فليرجع إلى سلسلة تحريف الكتاب المقدس على قناة مكافح الشبهات.

جاء في كتاب النصارى يوحنا 9:

{ 35فَسَمِعَ يَسُوعُ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ خَارِجاً، فَوَجَدَهُ وَقَالَ لَهُ: «أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللَّهِ؟» 36أَجَابَ ذَاكَ وَقَالَ: «مَنْ هُوَ يَا سَيِّدُ لأُومِنَ بِهِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «قَدْ رَأَيْتَهُ، وَالَّذِي يَتَكَلَّمُ مَعَكَ هُوَ هُوَ!». 38فَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ!». وَسَجَدَ لَهُ }.(29)

وهذه الجملة  { أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللَّهِ} هي محل بحثنا الآن.

جدير بالذكر أن هذه الترجمة العربية التي نقلت منها هذه الفقرات هي ترجمة الفانديك البيروتية.

ولكن من يتصفح بقية الترجمات يجد شيئاً عجيباً.!

تقول الترجمة الرهبانية اليسوعية:

{ فسَمِعَ يسوع أَنَّهم طَردوه. فلَقِيَه وقالَ له: «أَتُؤمِنُ أَنتَ بِابنِ الإِنسان ؟» }.(30)

تقول الترجمة العربية المشتركة:

{ فسَمِعَ يسوع أَنَّهم طَردوه. فقال له عِنْدَمَا لَقِيَه: «أَتُؤمِنُ أَنتَ بِابنِ الإِنسان ؟» }.(31)

تقول الترجمة البولسية:

{ وسَمعَ يَسوعُ أَنَّهم طَرَدوهُ، فَلَقِيَهُ وقالَ لَهُ: «أَتُؤْمِنُ بابْنِ البَشر» }.(32)

تقول الترجمة العربية المبسطة:

{ 35 وَسَمِعَ يَسُوعُ أنَّهُمْ طَرَدُوا الرَّجُلَ، فَوَجَدَهُ وَقالَ لَهُ: « أتُؤْمِنُ بابْنِ الإ نسانِ؟ »}.(33)

فما الذي حدث ولماذا تغيرت كلمة (ابن الله) إلى (ابن الإنسان) ؟

والواقع أن العكس هو الصحيح, أي أن النص كان يقول (ابن الإنسان) وتم تحريفه في مخطوطات العهد الجديد التي ترجموا منها ترجمة الفانديك إلى (ابن الله).

ولكن بالرجوع إلى المخطوطات القديمة المكتشفة مؤخراً, وجد العلماء أنَّ النص يقول (ابن الإنسان) وليس (ابن الله).!

فكان النص في المخطوطات القديمة هكذا وهذا اقتبسته من نُسخة نستل ألاند بعد ترجيحه له:

Ἤκουσεν Ἰησοῦς ὅτι ἐξέβαλον αὐτὸν ἔξω, καὶ εὑρὼν αὐτὸν εἶπεν, Σὺ πιστεύεις εἰς τὸν υἱὸν τοῦ ἀνθρώπου;

ثم بعد التحريف صار النَّصُّ هكذا:

ηκουσεν ο ιησους οτι εξεβαλον αυτον εξω και ευρων αυτον ειπεν αυτω συ πιστευεις εις τον υιον του θεου

والفرق ظاهر بين النصين فكلمة {θεου} تعني {الله} بينما كلمة {ἀνθρώπου} تعني {إنسان}.

وجاء في كتاب “العهد الجديد يوناني عربي بين السطور” لـ بولس الفغالي وأنطوان عوكر .(34)

تكبير

يقول الأب متى المسكين:

{ كان يظنه أولاً أنه نبي، ولكن لما عَلِمَ أن الواقف أمامه والذي يرى وجهه ويتكلم معه هُوَ هُوَ ابن الله,صاحب الملكوت، والحامل لمفاتيح باب الحياة خَرَّ أمامه ساجداً }.(35)

وهذا النص من النصوص التي تَمَّ تحريفُها من أجل تدعيم عقيدة لاهوتية.

تقول دائرة المعارف الكتابیة:

{ وقد حدثت أحيانا بعض الإضافات لتدعيم فكر لاهوتي كما حدث في إضافة عبارة (والذين يشهدون في السماء هم ثلاثة) 1يو5-7 حيث أن هذه العبارة لا توجد في أي مخطوطة يونانية ترجع إلى ما قبل القرن الخامس عشر ولعل هذه العبارة جاءت أصلا في تعليق هامشي في مخطوطة لاتينية وليس كإضافة مقصودة إلى نص الكتاب المقدس ثم أدخلها أحد النساخ في صلب النص }.(36)

ولستُ هنا بصدد التفصيل في تحريف هذا النص فإنَّ لذلك بَحْثاً مُفَصَّلاً بمشيئة الله على القناة والمدونة.

تقول الترجمة الرهبانية اليسوعية:

 { إنَّ نُسَخَ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة بل يُمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية ولكن عددها كثيرٌ جداً على كل حال، هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو أو الألفاظ أو ترتيب الكلام، ولكن هناك فوراق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها.

واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير ، فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت ،  وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التي تحول دون أن تتصف أي نسخة كانت – مهما بُذل فيها من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذي أخذت عنه ، يُضاف إلى ذلك أن بَعْضَ النُّسَّاخِ حاولوا أحياناً ، عن حُسْنِ نية أن يُصَوِّبُوا ما جاء في مِثَالِهم وبَدَا لهم أنه يحتوي أخطاء واضحة أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي ، وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد أن تكون كلها خطأ ، ثم يمكن أن يضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد في أثناء إقامة شعائر العبادة أدَّى أحيانا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ .

ومن الواضح أن ما أدخله النساخ من التبديل على مَرِّ القرون تراكم بعضُه على بعضِه الآَخَر . فكان النَّصُّ الذي وصل آخرَ الأمرِ إلى عهد الطباعة مُثْقَلاً بمختلف ألوان التبديل ، ظهرت في عدد كبير من القراءات }.(37)

 

مراجع البحـث:

 (1)  جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام محمد ابن جرير الطبري ج14 ص543، ط دار هجر – الجيزة، ت: د/عبد الله التركي.

 (2)  علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11، ط دار الفكر المعاصر – لبنان، دار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر.

 (3)  سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج8 ص289، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط.

 (4)  جامع التحصيل في أحكام المراسيل للإمام صلاح الدين العلائي ص96، ط عالم الكتب – بيروت، ت: حمدي عبد المجيد السلفي.

 (5)  صيانة صحيح مسلم للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص227، ط دار الغرب الإسلامي – بيروت، ت: موفق عبد الله عبد القادر.

 (6)  ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج4 ص210، ط دار الكتب العلمية – بيروت.

 (7)  إتحاف الخيرة المهرة للإمام شهاب الدين البُوصَيْرِيَّج6 ص229، ط دار الوطن – الرياض، ت: ياسر بن إبراهيم (أبو تميم).

 (8)  ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج5 ص412، ط دار الكتب العلمية – بيروت.

 (9)  سنن الإمام سعيد بن منصور  ج6 ص88، ط دار الصميعي – الرياض، ت: د/ سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حُمَيـِّد.

(10) تهذيب الكمال للإمام أبي الحجاج المِزّي ج15 ص256، ط مؤسسة الرسالة  بيروت، ت: د/ بشَّار عَوَّاد معروف.

(11) الضعفاء الصغير للإمام محمد بن إسماعيل البُخاريص76، ط دار المعرفة – بيروت ، ت: محمود إبراهيم زايد.

(12) الضعفاء والمتروكين للإمام أبي الفرج بن الجوزي ج2 ص148، ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: عبد الله القاضي.

(13)  المغني في الضعفاء للإمام شمس الدين الذهبي ج2 ص8، ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: حازم القاضي (أبو زهراء).

(14) الضعفاء للإمام أبي جعفر العقيلي ج3 ص791، ط دار الصميعي – الرياض، ت: حمدي بن عبد المجيد السلفي.

(15) المعجم الكبير للإمام سليمان بن أحمد الطبراني ج9 ص149، ط مكتبة ابن تيمية – القاهرة، ت: حمدي بن عبد المجيد السلفي.

(16) المغني في الضعفاء للإمام شمس الدين الذهبي ج2 ص522، ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: حازم القاضي (أبو زهراء)..

(17) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج1 ص462، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط.

(18) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج6 ص227، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط.

(19) جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام محمد ابن جرير الطبري ج14 ص542، ط دار هجر – الجيزة، ت: د/عبد الله التركي.

(20) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج5 ص270، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط..

(21) النشر في القراءات العشر للإمام محمد ابن الجزري ج1 ص9 ط دار الكتب العلمية – بيروت ، ت: الشيخ علي محمد الضَّبَّاع .

(22) صحيح البخاري للإمام أبي عبد الله محمد ابن إسماعيل البخاري ص1282 ح5019 ،  ط دار ابن كثير – بيروت.

(23) فتح الباري شرح صحيح البخاري للإمام ابن حجر العسقلاني ج10 ص256، ط طيبة – الرياض، ت: نظر محمد الفاريابي.

(24) جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام محمد ابن جرير الطبري ج14 ص542، ط دار هجر – الجيزة، ت: د/عبد الله التركي.

(25) المجروحين من المحدثين للإمام أبي حاتم بن حِبان ج2 ص479، ط دار الصميعي الرياض، ت: حمدي بن عبد المجيد السلفي.

(26) لسان العرب للإمام محمد بن منظور ج5 ، ص3665، ط دار المعارف – القاهرة.

(27) تفسير البحر المحيط للإمام أبي حيان الأندلسي ج6 ص23، ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: مجموعة من المحققين.

(28) زاد المسير في علم التفسير للإمام أبي الفرج بن الجوزي ج5 ص22، ط المكتب الإسلامي –  بيروت.

(29) كتاب النصارى – ترجمة الفانديك – إنجيل يوحنا – الفصل 9 الأعداد من 35 إلى 38 ، ط دار الكتاب المقدس –  القاهرة.

(30) كتاب النصارى – الترجمة اليسوعية –  إنجيل يوحنا –  فصل 9 عدد 35، ص320 ، ط دار المشرق – بيروت ، لبنان.

(31) كتاب النصارى – الترجمة العربية المشتركة – إنجيل يوحنا –  فصل 9 عدد 35، ص159 ، ط دار الكتاب المقدس –  القاهرة.

(32) كتاب النصارى – الترجمة البُولسية –  إنجيل يوحنا –  فصل 9 عدد 35، ص444 ، ط منشورات المكتبة البُولسية – بيروت.

(33) كتاب النصارى – الترجمة العربية المبسطة –  إنجيل يوحنا –  فصل 9 عدد 35، ص1125 ، ط  دار الكتاب المقدس –  القاهرة.

(34) العهد الجديد يوناني عربي بين السطور ص491، للأب بولس الفغالي، أنطوان عوكر، وغيرهما ط مؤسسة دَكَّاش – بيروت.

(35) تفسير إنجيل يوحنا دراسة وشرح للأب متى المسكين ج1 ص601، ط دير أنبا مقار.

(36) دائرة المعارف الكتابية ج3 ص295، ط دار الثقافة القاهرة، تأليف نخبة من علمـاء اللَّاهوت.

(37) الترجمة الرهبانية اليسوعية ص12 ، ص13، مقدمة العهد الجديد، ط دار المشرق – بيروت.

 

 

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

شبهة قول النبي "أما ابن عمي فهتك عِرضي"

قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث

نسف أكاذيب النصارى حول الرسول الكريم

شبهة قول النبي “أما ابن عمي فهتك عرضي

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

 هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى حول أخلاق رسولنا الكريم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

ادَّعى النصارى أنَّ أبا سفيانَ بن حِرب كان قد فَعَلَ برسول الله صلى الله عليه وسلم  كذا وكذا.! وإني لأستحي مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ أكتبَ عنه ما قاله هؤلاء الأنجاس الأرجاس عليهم لعائن الله تتراً متتابعة إلى يوم القيامة !!

 واستدلوا بما رواه الإمام الحاكم قال:

{ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَـا قَالَ: مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ عَامَ الْفَتْحِ حَتَّى نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَسَبَّعَتْ سُلَيْمٌ وَأَلَّفَتْ مُزَيْنَةُ وَفِي كُلِّ الْقَبَائِلِ عَدَدٌ وَإِسْلَامٌ وَأَوْعَبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، فَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَقَدْ عَمِيَتِ الْأَخْبَارُ عَلَى قُرَيْشٍ ، فَلَا يَأْتِيَهُمْ خَبَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَدْرُونَ مَا هُوَ صَانِعٌ ، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانُ بْنُ الْحَارِثِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّـةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَدْ لَقِيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَنِيَّةَ الْعِقَابِ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، فَالْتَمَسَا الدُّخُولَ عَلَيْهِ ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنُ عَمِّكَ ، وَابْنُ عَمَّتِكَ ، وَصِهْرُكِ ، فَقَالَ: ” لَا حَاجَةَ لِي فِيهِمَـا ، أَمَّا ابْنُ عَمِّي فَهَتَكَ عِرْضِي ، وَأَمَّا ابْنُ عَمَّتِي وَصِهْرِي فَهُوَ الَّذِي ، قَالَ لِي بِمَكَّةَ مَا قَالَ ” فَلَمَّـا خَرَجَ الْخَبَرُ إِلَيْهِمـَا بِذَلِكَ وَمَعَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ ابْنٌ لَهُ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَيَأَذْنَنَّ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ لَآخُذَنَّ بِيَدِ ابْنِي هَذَا ، ثُمَّ لَنَذْهَبَنَّ فِي الْأَرْضِ حَتَّى نَمُوتَ عَطَشًا أَوْ جُوعًا ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهُمَـا فَدَخَلَا عَلَيْهِ فَأَنْشَدَهُ أَبُو سُفْيَانَ قَوْلَهُ فِي إِسْلَامِهِ، وَاعْتِذَارِهِ مِمَّا كَانَ مَضَى فِيهِ ، فَقَالَ:

لَعَمْرُكَ إِنِّي يَوْمَ أَحْمِلُ رَايَةً … لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللَّاتِ خَيْلَ مُحَمَّدِ

لَكَا لِمُدْلِجِ الْحَيْرَانُ أَظْلَمَ لَيْلَةً … فَهَذَا أَوَانُ الْحَقِّ أَهْدِي وَأَهْتَدِي

فَقُلْ لِثَقِيفٍ لَا أُرِيدُ قِتَالَكُمْ … وَقُلْ لِثَقِيفٍ تِلْكَ عِنْدِي فَاوْعَدِي

هَدَانِي هَادٍ غَيْرَ نَفْسِي وَدَلَّنِي … إِلَى اللَّهِ مَنْ طَرَدْتُ كُلَّ مَطْرَدِ

أَفِرُّ سَرِيعًا جَاهِدًا عَنْ مُحَمَّدٍ … وَأَدَّعِي وَلَوْ لَمْ أَنْتَسِبْ لِمُحَمَّدِ

هُمْ عُصْبَةُ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِهَواهُمْ … وَإِنْ كَانَ ذَا رَأْيٍ يُلِمْ وَيُفَنَّدِ

أُرِيدُ لِأَرِضِيَهُمْ وَلَسْتُ بِلَافِظٍ … مَعَ الْقَوْمِ مَا لَمْ أُهْدَ فِي كُلِّ مَقْعَدِ

فَمَا كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِي نَالَ عَامِرًا … وَلَا كَلَّ عَنْ خَيْرٍ لِسَانِي وَلَا يَدِي

قَبَائِلُ جَاءَتْ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ … تَوَابِعُ جَاءَتْ مِنْ سِهَامٍ وَسُرْدَدِ

وَإِنَّ الَّذِي أَخَرَجْتُمْ وَشَتَمْتُمْ سَيَسْعَى … لَكُمْ سَعْيَ امْرِئٍ غَيْرِ قَعْدَدِ

قَالَ: فَلَمَّا أَنْشَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِلَى اللَّهِ مَنْ طُرِدْتُ كُلَّ مَطْرَدِ ، ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِهِ ، فَقَالَ: ” أَنْتَ طَرَدْتَنِي كُلَّ مَطْرَدِ ” ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ” مَاتَتْ أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْوَاءِ ، وَهِيَ تَزُورُ خَوَالَهَا مِنْ بَنِي النَّجَّارِ }.(1)

وللرد على هذه الفرية أقول:

أولاً: الرواية صحيحة:

فليس لأحدٍ أن يطعنَ فيها بسبب أنه يجهل معناها الصحيح أو لأنَّ النصارى يريدون الطعن بها في سيدنا وحبيب قلوبنا صلى الله عليه وسلم, فالرواية صحيحة لا مَطْعَنَ فيها.

قال الشيخ الألباني:

{ فالحديث صحيح بهذه الطرق والشواهد}.(2)

ثانياً: المعنى الصحيح للرواية مِن كتب اللغة:

من المعلوم لكل ذي عقل أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم كان عربياً، وكان ينطق بالعربية، فإذا ما أراد شخصٌ ما أن يفهم كلامه عليه الصلاة والسلام، فعليه أن يرجع للغة العرب حتى يَفهمَ كلامَ النبي صلى الله عليه وسلم فَهماً صحيحاً، ولا يُخَرِّف هذا التخريف الذي قاله المفتري.

محل استدلال النصارى من الرواية هو قوله { أَمَّا ابْنُ عَمِّي فَهَتَكَ عِرْضِي }.

فما هو معنى “هَتْك العِرْض” في لغة العرب؟

قال الإمام ابن منظور:

{ وعِرْضُ الرجلِ حَسبَهُ وقيل نفْسه وقيل خَلِيقَته المحمودة وقيل ما يُمْدح به ويُذَمُّ، وفي الحديث إِن أَعْراضَكم عليكم حَرامٌ كحُرْمةِ يومكم هذا، قال ابن الأَثير: هو جمع العِرْض المذكور على اختلاف القول فيه، قال حسان: فإِنَّ أَبي ووالِدَه وعِرْضِي لِعِرْض مُحَمَّدٍ مِنْكُم وِقَاءُ، قال ابن الأَثير: هذا خاصّ للنفس يقال أَكْرَمْت عنه عِرْضِي أَي صُنْتُ عنه نَفْسي وفلان نَقِيُّ العِرْض أَي بَرِيءٌ من أَن يُشْتَم أَو يُعابَ، والجمع أَعْراضٌ وعَرَضَ عِرْضَه يَعْرِضُه واعتَرَضَه إِذا وقع فيه وانتَقَصَه وشَتَمه أَو قاتَله أَو ساواه في الحسَب، أَنشد ابن الأَعرابي وقَوْماً آخَرِينَ تَعَرَّضُوا لي ولا أَجْني من الناسِ اعتِراضا أَي لا أَجْتَني شَتْماً منهم، ويقال لا تُعْرِضْ عِرْضَ فلان أَي لا تَذْكُرْه بسوء }.(3)

وحتى لا يَدَّعِيَ أحدٌ أنه لا يعرف كيف يبحث في كتاب مثل لسان العرب لابن منظور، ولا من أين يحصل عليه، فنستطيع أن نُسَهِّلَ عليه الأمرَ جداً بأن نذكرَ له كتاباً سيجده فِي بيته وَفِي كُلِّ بيتٍ تقريباً وهو كتاب المعجم الوجيز.

قال محررو المعجم الوجيز:

{ العِرْضُ: ما يُمْدَح وَيُذَمُّ مِنَ الْإِنْسَانِ، سَوَاءً كَانَ فِي نَفْسِهِ، أَوْ سَلَفِهِ، أَوْ مَنْ يَلْزَمُهُ أَمْرُه }.(4)

وهذه صورة للقارئ الكريم من كتاب المعجم الوجيز:

clip_image004

كذلك جاء في لسان العرب معنى كلمة انتهاك العِرض.

قال الإمام ابنُ مَنْظُور:

{ والنَّهْك: المبالغة في كل شيء، والنَّاهِك والنَّهِيكُ: المبالغ في جميع الأَشياء. الأَصمعي: النَّهْك: أَن تبالغ في العمل فإِن شَتَمْتَ وبالغتَ في شَتْم العِرْض قيل: انْتَهَكَ عِرْضَه }.(5)

قال الإمامُ الزَّبِيدِيُّ:

{ ومن المَجازِ : نَهَكَ عِرضَه : بالَغَ في شَتْمِه }.(6)

{ وانْتَهَكَ عِرضَه : بالَغَ في شَتْمِه عن الأَصْمَعِي }.(7)

إذاً فقوله صلى الله عليه وسلم (أما ابن عمي فَهَتَكَ عِرْضِي) تعني خاض في عِرضِي وتكلم فيَّ.

والمعنى الحاصل مِن هذه الرواية أنَّ أبا سُفيانَ رضي الله عنه قبل إسلامه قام بهجاء الرسول صلى الله عليه وسلم, وأطلق لسانه فيه.

وليس فيها أبداً هذا المعنى القبيح الذي فهمه جُهَّالُ النصارى الذين لا يعرفون شيئاً في اللغة العربية، وهذا المعنى لا يفهمه إلا من مُسِخَ عَقْلُه, وانقلب فِكْرُه, وَسَلَّمَ إلى غيره مفاتيح رأسه.

ثالثاً: فَهْمُ عُلماءِ الإسلام للرواية:

قال الإمام الحاكم بعد ذكره للرواية:

{ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَرْضَعَتْهُمَا حَلِيمَةُ،

 وَابْنُ عَمِّهِ ، ثُمَّ عَامَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُعَامَلَاتٍ قَبِيحَةٍ، وَهَجَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ حَتَّى أَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَصِيدَتِهِ الَّتِي ، يَقُولُ فِيهَا:

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ … وَعِنْدَ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ}.(8)

وعليه فقد فَسَّرَ الإمامُ الحاكمُ الروايةَ بعد أنْ ذَكَرَهَا بأنها تعني أن أبا سفيان قبل إسلامه هجا النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم في عِرضه.

قال الإمام ابن سعد:

{ وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ شَاعِرًا، فَكَانَ يَهْجُو أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَكَانَ مُبَاعِدًا لِلْإِسْلَامِ شَدِيدًا عَلَى مَنْ دَخَلَ فِيهِ، وَكَانَ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلم مِنَ الرَّضَاعَةِ أَرْضَعَتْهُ حَلِيمَةُ أَيَّامًا، وَكَانَ يَأْلَفُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَكَانَ لَهُ تِرْبًا، فَلَمَّـا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَادَاهُ وَهَجَاهُ وَهَجَا أَصْحَابَهُ، فَمَكَثَ عِشْرِينَ سَنَةً عَدُوًّا لِرَسُولِ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلم، وَلَا تَخَلَّفَ عَنْ مَوْضِعٍ تَسِيرُ فِيهِ قُرَيْشٌ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم}.(9)

قال الإمام أبو عمر بن عبد البر:

{ وَكَانَ أَبُو سُفْيَان بْن الحارث بْن عبد المطلب من الشعراء المطبوعين، وَكَانَ سبق له هجاء فِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإياه عَارَضَ حسانُ بنُ ثابت بقوله:

أَلَا أَبْـلِـغْ أَبَا سُفْيَانَ عَـنِّي … مُـغَلْغَلةً فَقَدْ بَرَحَ الخفاءُ

هَجَوْتَ مُحَمَّداً فَأَجَبْتُ عَنْهُ … وَعِنْدَ اللهِ في ذَاكَ الْـجَزاءُ

وقد ذكرنا الأبياتَ فِي باب حسان. والشعر محفوظ. ثم أسلم فحسن إسلامه فيقال: إنه مَا رفع رأسه إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حياءً منه}.(10)

قال الإمام ابن الأثير:

{وَرُوِيَ أنَّ الذين كانوا يهجون رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مشركي قريش: أَبُو سفيان بْن الحارث بْن عبد المطلب، وعبد اللَّه بْن الزبعري، وعمرو بْن العاص، وضرار بْن الخطاب}.(11)

قال الإمام ابن حجر العسقلاني:

{ وكان أبو سفيان مِـمَّنْ يُؤْذِي النَّبِيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وَيَهْجُوهُ ويؤذي المسلمين، وإلى ذلك أشار حسان بن ثابت في قصيدته المشهورة:

هَجَوْتَ مُـحَمَّداً فَأَجَبْتُ عَنْهُ … وعند اللَّه في ذاك الجزاءُ }.(12)

قال الإمام ابن تيمية:

{ ومن ذلك أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب : قصته في هجائه النبي صلى الله عليه و سلم و في إعراض النبي صلى الله عليه و سلم عنه لما جاءه مسلما مشهورة مستفيضة … أهدر – النبيُّ صلى الله عليه وسلم – دَمَ أبي سفيان بن الحارث دون غيره من صناديد المشركين الذين كانوا أشد تأثيرا في الجهاد باليد و المال وهو قادم إلى مكة لا يريد أن يسفك دماء أهلها بل يستعطفهم على الإسلام، ولم يكن لذلك سبب يختص بأبي سفيان إلا الهجاء، ثم جاء مسلماً، وهو يعرض عنه هذا الإعراض، وكان من شأنه أن يتألف الأباعد على الإسلام فكيف بعشيرته الأقربين؟ كلُّ ذلك بسبب هَتْكِهِ عِرْضَهُ كما هو مُفَسَّرٌ في الحديث }.(13)

رابعاً: الأنبياء معصومون من هذه النقائص:

اتفقت الأمة الإسلامية على عصمة أنبياء الله ورسله من الوقوع في مثل هذه القاذورات والتي لا توجد إلا في كتاب النصارى، فالإسلام العظيم ينزه أنبياء الله جميعاً عن مثل هذه النقائص.

قال الإمام ابن تيمية:

{ إن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر : هو قول أكثر علماء الإسلام ، وجميع الطوائف … وهو أيضاً قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء ، بل لم يُنقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول }.(14)

فبهذا يقرر علماءُ الأمةِ القولَ بعصمةِ الأنبياءِ مِن الكبائرِ والفواحش.

ولا شَكَّ ولا رَيْبَ أنَّ هذا الفعلَ الذي يتخيله النصارى يُعَدُّ من النقائص التي تُلْحِقُ بالإنسان العارَ والشنارَ, فلذلك نزَّه اللهُ أنبياءَه ورسلَه من الوقوع في مثلها.

خامساً: هذا الفعل لم يكن إطلاقاً عند العرب:

أقولُ أنَّ هذا الفعل المشين القبيح لم يكنْ معروفاً عند العرب, وإنما كان فاشياً في غيرهم من الأمم مثل الروم النصارى.

قال الإمام ابن كثير:

{ وَأَمَّا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا فَقَدْ كَانَ صَيِّنًا فِي نَفْسِهِ، حَازِمًا فِي رَأْيِهِ، يُقَالُ: إِنَّهُ لَا تُعْرَفُ لَهُ صَبْوَةٌ. وَمِنْ جُمْلَةِ مَحَاسِنِهِ مَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ قَصَّ عَلَيْنَا قِصَّةَ قَوْمِ لُوطٍ فِي كِتَابِهِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ ذَكَرًا يَأْتِي ذَكَرًا كَمَا تُؤْتَى النِّسَاءُ }.(15)

فهذا دليل قاطع على عدم وجود هذا الفعل القبيح في العرب قبل وبعد النبوة, فالوليد بن عبد الملك يقول أنه لولا أنَّ الله عز وجل قَصَّ علينا قصة قوم لوط في القرآن الكريم، أنه ما يتخيل إطلاقاً أن ذَكَراً يأتي ذَكَراً كما تؤتى النساء, فهو لم يسمع عن هذا الفعل في قومه مطلقاً.!

سادساً: فَهْمُ النصارى للرواية لا يستقيم عقلاً:

أقول أنَّ فَهْمَ النصارى السقيم العقيم للرواية لا يستقيم والعقل البشري السليم الصحيح.

لأن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال الكلمة هكذا ولم يخجل منها، ومعلومٌ أنَّ أي إنسانٍ فُعِلَ به هذا

الفعل يخجل من الإفصاح عن ذلك أمام الناس، إذْ أنَّ الأمر مَنْقَصَةٌ وليس بمفخرة ليقولها الإنسان على الملأ هكذا أمام الناس.

سابعاً: تحريم النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الفعل:

إذَا علمتَ أيها القارئ الكريم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن فِعْلِ قوم لُوطٍ وَجَعَلَ له عقوبةً قاسيةً.

روى الإمام أبو داود في سننه قال:

{ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ }.(16)

هذا ما جاء بكتبنا في معنى هذه الرواية, فماذا قال النصارى في كتبهم بخصوص هذا الأمر ؟

ففي كتاب النصارى أفعالٌ يشيب لـها الولدان ومع ذلك ينسبها النصارى إلى الأنبياء والمرسلين.!!

يقول كاتب سفر صموئيل الثاني:

{قَدْ تَضَايَقْتُ عَلَيْكَ يَا أَخِي يُونَاثَانُ, كُنْتَ حُلْواً لِي جِدّاً مَحَبَّتُكَ لِي أَعْجَبُ مِنْ مَحَبَّةِ النِّسَاءِ}.(17)

وحتى لا يتهمني أحد بسوء النية فلننظر ما قالت ترجمة الحياة:
{ وَمَحَبَّتُكَ لِي كَانَتْ مَحَبَّةً عَجِيبَةً، أَرْوَعَ مِنْ مَحَبَّةِ النِّسَاءِ }.(18)

يقول القمص تادرس يعقوب ملطي:

{ محبة النساء لرجالهن عجيبة، إذ يتركن بيوت آبائهن وأهلهن ويلتصقن برجالهن، إنْ مَرِضُوا يخدمنهن…أما حُبُّ يوناثان فكان أعذب وأحلى… كَانَ بِحَقِ حُلْوًا في حُبِّه! أيُّ شيءٍ أعذب من الحب الأخوي الخالص الذي لا يطلب ما لنفسه بل ما لصديقه! }.(19)

فترك النصارى نصوصَ كتابهم الجنسية التي تَنُصُّ صراحةً على الزنا والدعارة والفجور والتي يُلْصِقُهَا كتابهم المحرَّفُ بأنبياء الله وراحوا يستدلون برواية ثم يحرِّفون معناها ليقدحوا في رسولنا الطاهر المطهر الذي فاضت طهارته على العالمين، وإنما حرَّف النصارى معنى الرواية لتتوافق مع ما تربَّى عليه النصارى في كتابهم من روايات وقصص عن الجنس والزنا والدعارة المقدسة.

 

مراجع البحـث:

 (1) المستدرك على الصحيحين للإمام الحاكم النيسابوريج3 ص48 ط دار الحرمين – القاهرة، ت: مقبل بن هادي الوادعي.

 (2) سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ج7 ص1030 ط مكتبة المعارف – الرياض.

 (3) لسان العرب للإمام أبي الفضل جمال الدين ابن منظور ج4 ص2887 ، ط دار المعارف – القاهرة .

 (4) المعجم الوجيز من إصدار مجمع اللغة العربية ص414 ط وزارة التربية والتعليم – مصر.

 (5) لسان العرب للإمام أبي الفضل جمال الدين ابن منظور ج6 ص4561 ، ط دار المعارف – القاهرة.

 (6) تاج العروس من جواهر القاموس للإمام الزَّبيدي ج27 ص378 ط وزارة الإرشاد والأنباء – الكويت، ت: عبد الستار أحمد فرَّاج.

 (7) تاج العروس من جواهر القاموس للإمام الزَّبيدي ج27 ص381 ط وزارة الإرشاد والأنباء – الكويت، ت: عبد الستار أحمد فرَّاج.

 (8) المستدرك على الصحيحين للإمام الحاكم النيسابوريج3 ص50 ط دار الحرمين – القاهرة، ت: مقبل بن هادي الوادعي.

 (9) الطبقات الكبرى للإمام محمد ابن سعد الزُّهْرِيّ ج4 ص46 ط مكتبة الخانجي- القاهرة، ت: د/علي محمد عمر.

(10) الاستيعاب في معرفة الأصحاب للإمام أبي عمر بن عبد البر ج4 ص1674 ط دار الجيل – بيروت، ت: علي محمد البجاوي.

(11) أسد الغابة في معرفة الصحابة للإمام  أبي الحسن ابن الأثير ج2 ص6 ط دار الكتب العلمية – بيروت.

(12) الإصابة في تمييز الصحابة للإمام ابن حجر العسقلاني ج12 ص304 ط مركز هجر- الجيزة، ت: د/عبد الله بن عبد المحسن التركي.

(13)  الصارم المسلول على شاتم الرسول للإمام ابن تيمية ج2 ص268 ط رمادي – الدَّمَّام، ت: محمد عمر الحلواني، محمد كبير شودري.

(14) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص319 ط خادم الحرمين الشريفين – السعودية، ت: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم.

(15) البداية والنهاية للإمام عماد الدين ابن كثير ج12 ص403 ط دار هجر- الجيزة، ت: د/ عبد الله بن عبد المحسن التركي.

(16) سنن أبي داود للإمام أبي داود السجستاني ص802 ح4462 ط دار المعارف – بيروت، ت: مشهور بن حسن آل سلمان.

(17) كتاب النصارى – ترجمة الفانديك – العهد القديم –  سفر صموئيل الثاني فصل 1 فقرة 26 ص362 ط دار الكتاب المقدس – القاهرة.

(18) كتاب النصارى – ترجمة الحياة – العهد القديم –  سفر صموئيل الثاني فصل 1 فقرة 26 ص398 ط جي سي سنتر- القاهرة.

(19) تفسير سفر صموئيل الثاني للقمص تادرس يعقوب ملطي ص14 ط مركز الدلتا – الاسكندرية.

 

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه