أرشيف المدونة

فرية عراة يركبون رسول الله !

قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث

نسف أكاذيب النصارى حول أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم

فرية عراة يركبون رسول الله !

حلقة مصورة للرد على هذه الشبهة:

 

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى حول أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم

كتب أحد النصارى أن عراة ركبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم !

واستدل بالرواية التالية:

قال الإمام أحمد في مسنده

[ حَدَّثَنَا عَارِمٌ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: قَالَ أَبِي: حَدَّثَنِي أَبُو تَمِيمَةَ، عَنْ عَمْرٍو – لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ: الْبِكَالِيَّ يُحَدِّثُهُ عَمْرٌو – عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ – قَالَ عَمْرٌو إِنَّ عَبْدَ اللهِ -، قَالَ: اسْتَتبْعَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى أَتَيْتُ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَخَطَّ لِي خِطَّةً، فَقَالَ لِي: ” كُنْ بَيْنَ ظَهْرَيْ هَذِهِ لَا تَخْرُجْ مِنْهَا، فَإِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ هَلَكْتَ ” . قَالَ: فَكُنْتُ فِيهَا، قَالَ: فَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَذَفَةً ، أَوْ أَبْعَدَ شَيْئًا، أَوْ كَمَا قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ هَنِينًا كَأَنَّهُمْ الزُّطُّ (قَالَ عَفَّانُ: أَوْ كَمَا قَالَ عَفَّانُ: إِنْ شَاءَ اللهُ) : لَيْسَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ، وَلَا أَرَى سَوْآتِهِمْ، طِوَالًا، قَلِيلٌ لَحْمُهُمْ ، قَالَ: فَأَتَوْا، فَجَعَلُوا يَرْكَبُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ: وَجَعَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ . قَالَ: وَجَعَلُوا يَأْتُونِي فَيُخَيِّلُونَ، أَوْ يَمِيلُونَ حَوْلِي، وَيَعْتَرِضُونَ لِي . قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَأُرْعِبْتُ مِنْهُمْ رُعْبًا شَدِيدًا . قَالَ: فَجَلَسْتُ، أَوْ كَمَا قَالَ . قَالَ: فَلَمَّا انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ جَعَلُوا يَذْهَبُونَ، أَوْ كَمَا قَالَ . قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ ثَقِيلًا وَجِعًا، أَوْ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ وَجِعًا، مِمَّا رَكِبُوهُ . قَالَ: ” إِنِّي لَأَجِدُنِي ثَقِيلًا “، أَوْ كَمَا قَالَ . فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي . أَوْ كَمَا قَالَ . قَالَ : ثُمَّ إِنَّ هَنِين أَتَوْا، عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ طِوَالٌ . أَوْ كَمَا قَالَ، وَقَدْ أَغْفَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَأُرْعِبْتُ مِنْهُمْ أَشَدَّ مِمَّا أُرْعِبْتُ الْمَرَّةَ الْأُولَى – قَالَ عَارِمٌ فِي حَدِيثِهِ -: قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَقَدْ أُعْطِيَ هَذَا الْعَبْدُ خَيْرًا، أَوْ كَمَا قَالُوا: إِنَّ عَيْنَيْهِ نَائِمَتَانِ، أَوْ قَالَ : عَيْنَهُ، أَوْ كَمَا قَالُوا: وَقَلْبَهُ يَقْظَانُ، ثُمَّ قَالَ: – قَالَ عَارِمٌ وَعَفَّانُ -: قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَلُمَّ فَلْنَضْرِبْ لَهُ مَثَلًا، أَوْ كَمَا قَالُوا . قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا وَنُؤَوِّلُ نَحْنُ، أَوْ نَضْرِبُ نَحْنُ وَتُؤَوِّلُونَ أَنْتُمْ . فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَثَلُهُ كَمَثَلِ سَيِّدٍ ابْتَنَى بُنْيَانًا حَصِينًا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى النَّاسِ بِطَعَامٍ، أَوْ كَمَا قَالَ . فَمَنْ لَمْ يَأْتِ طَعَامَهُ، أَوْ قَالَ: لَمْ يَتْبَعْهُ، عَذَّبَهُ عَذَابًا شَدِيدًا، أَوْ كَمَا قَالُوا . قَالَ الْآخَرُونَ: أَمَّا السَّيِّدُ: فَهُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَأَمَّا الْبُنْيَانُ: فَهُوَ الْإِسْلَامُ، وَالطَّعَامُ: الْجَنَّةُ وَهُوَ الدَّاعِي، فَمَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ فِي الْجَنَّةِ . – قَالَ عَارِمٌ فِي حَدِيثِهِ -: أَوْ كَمَا قَالُوا، وَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْهُ عُذِّبَ، أَوْ كَمَا قَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ، فَقَالَ: ” مَا رَأَيْتَ يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ ؟ ” فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: رَأَيْتُ كَذَا وَكَذَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَا خَفِيَ عَلَيَّ مِمَّا قَالُوا شَيْءٌ “، قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” هُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ – أَوْ قَالَ – هُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ كَمَا شَاءَ الله ].(1)

ومحل استدلاله هو قوله:

فَجَعَلُوا يَرْكَبُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وإليكم الرد على هذا صاحب العقل المغيّب :

أولا: هذه الرواية لا تصح من جهة الإسناد:

فسند الرواية يقول:

[ حَدَّثَنِى أَبُو تَمِيمَةَ عَنْ عَمْرٍو – لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ الْبِكَالِىَّ – يُحَدِّثُهُ عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ… ].

وعمرو البِكالي لم يسمعْ من عبد الله ابن مسعود فيكون الحديث منقطعًا.

قال البخاري: [ ولا يُعرف لعمرو سماعٌ من ابن مسعود ].(2)

ثانيا: العلماء يقولون بضعف الرواية:

1- فقد قال البخاري بعد ذكره لنفس الرواية: ولا يُعْرَف لعمرو سَمَاعٌ من ابن مسعود.(3)

وهذا تضعيفٌ من البخاري للرواية لأنَّ عدم سماع عمرو البكالي من ابن مسعود يعني الانقطاع ، والانقطاع علّة تقدح في سند الرواية.

وقد يقال إن بعضَ العلماءِ يقولون أن عمرو البكالي له صُحبة وهذا لا يضر في الانقطاع.

فأقول: لا؛ لأننا في الحالة لا نعرف يقيناً هل نقل عمرو البكالي هذه الرواية عن ابن مسعود بواسطة صحابي آخر أم بواسطة تابعي.

فإن كان بينهما صحابي فجهالة الصحابي لا تضر لأن الصحابة كلهم عدول .

وإن كان بينهما تابعي فجهالة التابعي تُضَعِّفُ الرواية لأن التابعين ليسوا كلهم عدولاً.

وطالما لم نعرف هل الواسطة صحابي أم تابعي فالرواية باقية على ضعفها حتى نعرف ونتبين.

2- قال ابن كثير: رواه الإمام أحمد، بهذا الإسناد، وقال: [ وفيه غرابة شديدة ].(4)

3- وضعّف الروايةَ محققو مسند الإمام أحمد فقالوا: [ إسناده ضعيف ].(5)

4- كما حكم عليها مُحَقِّقُ كتابِ التاريخ الأوسط للبخاري بالضعف فقال: [ إسناده ضعيف بما أعلّه البخاري به ].(6)

ثالثا: مما يدل أيضا على ضعف الرواية أن ابن مسعود نفسه قال إنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن.

نعم، ثبت عن الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة لقائه بالجن، فروى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: فَقَالَ عَلْقَمَةُ، أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ. فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ. قَالَ: فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ. قَالَ: فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ. فَقَالَ: «أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ» قَالَ: فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ. صحيح مسلم برقم 150 – (450).

وثبت في صحيح مسلم عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ ]. صحيح مسلم برقم 152 – (450).

فإذا كان ابن مسعود يقول إنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، فكيف يحكي لنا قصة لم يشاهدها؟! وعليه فالرواية لا تصح سندًا ولا متنًا كما تقدم!

رابعا: الرواية على فرض صحتها ليس فيها ما يقدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ليس في متن الحديث ما يقدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلا

فليس في هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم تعرّى مطلقاً أو فعل ما ذهبت إليه عقول النصارى المريضة.

قال الطبري في تفسيره:

[واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله: كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ؛فقال بعضهم عَنى بذلك الجن أنهم كادوا يركبون رسول الله لما سمعوا القرآن].(7)

إذا فالعلماء عندما يذكرون هذه الرواية يتحدثون عن الجن وليس عن الإنس.

ومعنى يركبون مذكور في الرواية التي رواها البيهقي في دلائل النبوة:  

[ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «انْطَلَقْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ حَتَّى إِذَا أَتَى الْحَجُونَ، فَخَطَّ عَلَيَّ خَطًّا ثُمَّ تَقَدَّمَ إليهم فَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ ..].(8)

وبالجمع بين الروايات تبيّن لنا معنى قوله [يركبون]، أي يزدحمون على الرسول صلى الله عليه وسلم ويقتربون منه. وهذا المعنى ذكره محققو مسند الإمام أحمد في هامش الرواية، قالوا: [يركبون، أي: يزحمونه ويقربون منه].(9)

ثم إن الحديث عن الجن كما جاء في الروايات الأخرى وليس عن بشر مثلنا.

ذكر أن هؤلاء الجن ليس لهم أعضاء تناسلية بدليل قوله (وَلَا أرَى سَوْآتِهِمْ) فإن كان هؤلاء ليس لهم سوءة فكيف استطاعوا أن يفعلوا ما ذهبت إليه عقول النصارى؟!

وهل حينما يقال إن فلاناً ركب البحر يعني هذا أن فلاناً هذا فعل بالبحر الفاحشة ؟!

ولكن يبدو أن النصارى ومن يسير على دربهم من العلمانيين ومدعي التنوير لا يفهمون من كلمة “يركب” إلا الجنس والشذوذ !
وربما يعود سبب هذا التفكير الجنسي لما في كتابهم من جنس ودعارة وشذوذ وحكايات غرامية وزنا للأنبياء والمحارم ووصف صارخ فاضح لأعضاء الأنوثة عند النساء وأعضاء الذكورة عند الرجال !

وعلى مذهب النصارى في فهم كلمة “يركب” أن كل من قيل عنه أنه ركبه الهَمُّ – الحزن -فيكون الهَمُّ قد فعل به الفاحشة !!

ومَن رَكِبَهُ الدَّيْنُ – أي يكون مديوناً – يكون الدَّيْنُ قد فعل به الفاحشة !!

وعلى هذا فَقِسْ ، فعقول النصارى تلتهب من الذكاء والعلم والأدب.!

ولعلّك لا تستغرب عزيزي القارئ من هذه التخريفات التي ملئت عقول النصارى عندما تعلم أن كتابهم يأمرهم بعدم تشغيل عقولهم.

فيقول كاتب سفر الأمثال 3 : 5: [توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد.]

ثم إن اللواط مُحَرَّم في الإسلام  العظيم

قال الذهبي في كتاب الكبائر:

[ واللواط أفحش من الزنا وأقبح ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” اقتلوا الفاعل و المفعول بهوعنه صلى الله عليه وسلم قال: “لعن الله من عمل عمل قوم لوط” . قال ابن عباس رضي الله عنهما يُنظر أعلى بناء في القرية فيُلقى منه ثم يتبع بالحجارة كما فُعل بقوم لوط .
وأجمع المسلمون على أن التلوط من الكبائر التي حرم الله تعالى ].(10)

خامسا: من فمك أدينك أيها النصراني الشرير:

إذا أصرّ النصارى على هذا التفكير الشاذ المختل المريض فعليهم أن يُفسِّروا هذه النصوص أيضا بنفس هذه العقلية المريضة:

يقول كاتب سفر التثنية 33 / 26:

[ليس مثل الله يا يشورون.يركب السماء في معونتك والغمام في عظمته]

فهل الإله عندهم ركب السماء أي فعل بها الفاحشة بحسب نفس هذه العقلية المريضة؟؟

يقول كاتب سفر الملوك الثاني 4 / 34 عن النبي إليشع:

[ثم صعد واضطجع فوق الصبي ووضع فمه على فمه وعينيه على عينيه ويديه على يديه وتمدّد عليه فسخن جسد الولد.!]

فيا تُرى ما تفسير النصارى لهذين النصّين عِلْماً بأن النصَّ الأخير يُصرِّح أن إليشع ركب فوق الصبي واضطجع فوقه؟

مراجع البحث:

(1) مسند أحمد بن حنبل ج6 ص332 ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: شعيب الأرناؤوط وآخرون.

(2) التاريخ الكبير للبخاري ج2 ص200 ط دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد – الدكن.

(3) التاريخ الأوسط للبخاري ج2 ص1072 ط دار الرشد  ، ت: د/تيسير ابن سعد أبو حيمد.

(4) تفسير ابن كثير ج7 ص293 ط دار طيبة – الرياض ، السعودية. ت: سامي بن محمد السلامة.

(5) مسند أحمد ج6 ص334 ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: شعيب الأرناؤوط وآخرون.

(6) التاريخ الأوسط للبخاري ج2 ص1072 ط دار الرشد ، ت: د/تيسير ابن سعد أبو حيمد.

(7) تفسير الإمام الطبري ج23 ص66 ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: أحمد محمد شاكر.

(8) دلائل النبوة للبيهقي ج2 ص232 ط دار الكتب العلمية – بيروت.

(9) مسند أحمد بن حنبل ج6 ص337.

(10) كتاب الكبائر للإمام الذهبي ص81 ط دار ابن كثير دمشق – بيروت ، ت: محيى الدين مستو.

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

شبهة أمر النبي بتحريق بيت سويلم اليهودي

قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث

نسف أكاذيب النصارى والشيعة الروافض حول أخلاق الرسول الكريم

شبهة أمر النبي بتحريق بيت سويلم اليهودي

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى حول رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قالوا كيف تقولون عن نبيكم أنه رسولُ الرحمة وكتب السيرة عندكم تقول أنه حرّق بيت سويلم اليهودي على من فيه؟!!

واستدلوا بما رواه بن هشام في السيرة النبوية قال:

حَدَّثَنِي الثِّقَةُ عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ نَاسًا مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ سُوَيْلِمٍ الْيَهُودِيِّ، وَكَانَ بَيْتُهُ عِنْد جاسوم ، يثبّطون النَّاسَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَبَعَثَ إلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بَيْتَ سُوَيْلِمٍ ، فَفَعَلَ طَلْحَةُ. فَاقْتَحَمَ الضَّحَّاكُ بْنُ خَلِيفَةَ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ ، فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهُ ، وَاقْتَحَمَ أَصْحَابُهُ، فَأَفْلَتُوا.(1)

وللرد على هذا الافتراء أقول:

أولا: الرواية ضعيفة جدا:

هذه الرواية لا تصح ولا تقوم بها الحُجة لأن في سندها انقطاعاً وجهالةً.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحا حتى تنطبق عليه شروط خمس وهي:

1- اتصال السند.

2- عدالة الرواة.

3- ضبط الرواة.

4- انتفاء الشذوذ.

5- انتفاء العلة.

قال أبو عمرو بن الصلاح: أَمَّا الْحَدِيثُ الصّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الّذِي يَتّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذّاً ، وَلا مُعَلّلاً.(2)

علل الرواية:

العلة الأولى: ابن هشام قال: حدثني الثقة.

فمن هو هذا الثقة ؟ هل نعرفه لنصدّقَ خبرَه ؟

كلا هذه جهالة عين وحال لا نقبلها ، ولو تنازلنا وقلنا أن ابن هشام وثّق شيخه المجهول هذا فشيخ هذا المجهول أيضا مجهول .

قال أبو عمرو بن الصلاح:

الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا ، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ .(3)

قال ابْنُ كَثِيرٍ:

فَأَمّا الْمُبْهَمُ الَّذِي لَمْ يُسَمّ ، أَوْ من سُمِّيَ وَلَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهُ فهذا ممن لا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ.(4)

العلة الثانية: مُحَمّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ.

قال بن حجر العسقلاني:

محمد بن طلحة بن عبد الرحمن: صدوق يُخطئ .(5)

ثانيا: تضعيف المحققين للرواية:

قام عدد من محققي كتب السيرة النبوية بالتنبيه على ضعف هذه الرواية بسبب العلل المذكورة أعلاه:

  • قال الشيخ علوي عبد القادر السقّاف:

حادثة إحراق بيت سويلم اليهودي على المنافقين – ضعيف.

رواها ابن هشام في (السيرة) بإسناد فيه مجهولان.(6)

  • قال الدكتور أكرم ضياء العمري:

رواه بن هشام بإسناد منقطع ، فهو ضعيف.(7)

  • وقال مؤلفو موسوعة نضرة النعيم:

رواه بن هشام في السيرة بإسناد منقطع.(8)

إسناد آخر للرواية:

قال بن أبي عاصم:

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أَنَّ عُوَيْمَ بْنَ سَاعِدَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ بُعِثُوا إِلَى الْمُنَافِقِينَ فِي بَيْتِ سُوَيْلَمٍ: «أَطِيعُونِي وَأَحْرِقُوهُمْ بِالنَّارِ كَمَا أَمْرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَمِمَّا أَسْنَدَ.(9)

وهذا إسناد ضعيف فيه علل

العلة الأولى: يعقوب بن محمد بن كاسب.

  • قال بن حجر العسقلاني:

يعقوب بن حميد بن كاسب: صدوق ربما وهم.(10)

  • وقال الذهبي:

يعقوب بن حميد بن كاسب: تفرّد بأشياء وله مناكير.(11)

العلة الثانية: محمد بن طلحة بن عبد الرحمن.

وقد تقدمت ترجمته

العلة الثالثة: مُحَمّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ.

لم يوثّقه إلا ابن حبان فقط والمحققون من علماء الحديث لا يعتمدون توثيق ابن حبان.

قال بن حجر العسقلاني:

وهذا الذي ذهب إليه بن حبان من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة إلى أن يتبين جرحه مذهب عجيب والجمهور على خلافه.(12)

قال الألباني:

القاعدة الخامسة: عدم الاعتماد على توثيق بن حبان.(13)

ثالثا: السنة الصحيحة تنفي القصة:

لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن التحريق بالنار.

فقد روى البخاري في صحيحه:

عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَرّقَ قَوْمًا فَبَلَغَ ابْنَ عَبّاسٍ فَقَالَ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ لِأَنَّ النّبِيَ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللّهِ.(14)

بل لقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما علم أن بعض أصحابه أحرق النمل !

فقد روى أبو داود في سننه:

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم فِى سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا فَجَاءَتِ الْحُمَّرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرُشُ فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ « مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا ؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا ».

وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ « مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ ». قُلْنَا نَحْنُ. قَالَ « إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِى أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلاَّ رَبُّ النَّارِ».(15)

فَصَلِّ اللهم وسلمْ وباركْ على نهر الرحمة وينبوع الحنان فداه أبي وأمي صلى الله عليه وسلم.

ما هذه الرحمة العجيبة التي جعلها الله في قلب هذا الرسول الكريم !!

حتى النمل كان له نصيب من رحمته !!

فهل بعد هذه الرحمة التي تنساب ناعمة متدفقة من بين ثنايا شفتيه الشريفتين يُتَّهّمُ هذا الرحيمُ الشفوقُ الرؤوف الرفيقُ الـحَنُونُ بهذه التهم الفارغة ؟

قليل من العقل والإنصاف يا سادة !

رابعاً: من فمك أدينك:

ألم تنظروا إلى ما في كتبكم يا قوم من إرهاب وإجرام في حق الإنسانية ؟

{هانذا آمر يقول الرب: وأردَّهم إلى هذه المدينة فيحاربونها ويأخذونها ويحرقونها بالنار وأجعل مدن يهوذا خربة بلا ساكن} إرمياء 34-22

كتابهم يقول أن ربهم أمر بحرق مدينة كاملة !!

ثم يهاجمون نبي الرحمة والرأفة صلى الله عليه وسلم ويتهمونه بالإرهاب بحديث ساقط الإسناد ومتنه يخالف صحيحَ السنةِ.

{ويكون عند أخذكم المدينة أنكم تضرمون المدينة بالنار.كقول الرب تفعلون.انظروا.قد أوصيتكم} يشوع 8-8

وسوف يكون على قريبا إن شاء الله أبحاث كثيرة نحاول فيها جاهدين حصر الأعداد الهائلة التي تم حرقها بأمر من هذا الرب المزعوم .

مراجع البحـث:

(1) السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص157 ، ط دار الكتاب العربي- بيروت ، ت: عمر عبد السلام تَدْمُرِي .

(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ودار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر .

(3) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ودار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر .

(4) الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث للإمام ابن كثير ص92 ، تأليف أحمد شاكر ، ط دار الكتب العلمية – بيروت .

(5) تقريب التهذيب للإمام بن حجر العسقلاني ، ص420 ، ط الرسالة – بيروت ، ت: عادل مرشد .

(6) تخريج أحاديث وآثار كتاب في ظلال القرآن للشيخ علوي السقّاف ص273 ، ص274 ، ط دار الهجرة – الرياض .

(7) السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية للدكتور أكرم ضياء العمري ص619 ، ط مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية .

(8) موسوعة نضرة النعيم ج1 ص389 ، ط دار الوسيلة جدة ، إشراف صالح بن عبد الله بن حميد ، عبد الرحمن بن محمد بن مَلُّوح .

(9) الآحاد والمثاني للإمام ابن أبي عاصم ج4 ص4 ط دار الراية – الرياض ، ت: د. باسم فيصل أحمد الجوابرة .

(10) تقريب التهذيب للإمام بن حجر العسقلاني ص537 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: عادل مرشد .

(11) تذكرة الحفاظ للإمام الذهبي ج2 ص40 ، دار الكتب العلمية بيروت – لبنان ، ت: زكريا عميرات .

(12) لسان الميزان للإمام بن حجر العسقلاني ج1 ص208 ط مكتب المطبوعات الإسلامية دار البشائر الإسلامية بيروت .

(13) تمام المنة في التعليق على فقه السنة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص20 ، ط دار الراية – الرياض .

(14) صحيح البُخاري للإمام محمد بن إسماعيل البُخاري ص743 ح3017 ، ط دار بن كثير – بيروت .

(15) سنن أبي داود للإمام أبي داود السجستاني ج4 ص309 ، ط دار الرسالة العالمية ، ت: الشيخ شعيب الأرناؤوط .

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

فرية قتل كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وتعذيبه

قناة مكافح الشبهات – أبو عمر الباحث

نسف أكاذيب النصارى والشيعة الروافض حول الرسول الكريم

صلى الله عليه وسلم

فرية قتل كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى حول رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قالوا كيف تقولون عن نبيكم أنه رسولُ الرحمة وكتب التاريخ عندكم تقول أنه عذّب كنانةَ بنَ الربيع بن أبي الحقيق ثم قتله ؟!!

واستدلوا بما رواه الإمام الطبري في تاريخه قال:

{ حَدَّثَنَا ابْنُ حميد ، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وَأُتِيَ رَسُولُ الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِكِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ – وَكَانَ عِنْدَهُ كَنْزُ بَنِي النَّضِيرِ – فَسَأَلَهُ فَجَحَدَ أَنْ يكون يعلم مكانه، فأتى رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ برجل من يهود، فقال لرسول الله: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ كِنَانَةَ يُطِيفُ بِهَذِهِ الْخَرِبَةِ كُلَّ غَدَاةٍ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِكِنَانَةَ: أَرَأَيْتَ إِنْ وجدناه عندك ، أأقتلك؟ قال: نعم ، فأمر رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِالْخَرِبَةِ فَحُفِرَتْ، فَأُخْرِجَ مِنْهَا بَعْضُ كَنْزِهِمْ، ثُمَّ سَأَلَهُ مَا بَقِيَ، فَأَبَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ، فَأَمَرَ به رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، فَقَالَ: عَذِّبْهُ حَتَّى تَسْتَأْصِلَ مَا عِنْدَهُ، فَكَانَ الزُّبَيْرُ يَقْدَحُ بِزَنْدِهِ فِي صَدْرِهِ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ دَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ بِأَخِيهِ مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَحَاصَرَ رَسُولُ الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَهْلَ خَيْبَرَ فِي حِصْنَيْهِمُ، الْوَطِيحَ وَالسَّلالِمَ، حَتَّى إِذَا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ سَأَلُوهُ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ وَيَحْقِنَ لَهُمْ دِمَاءَهُمْ، فَفَعَلَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ حَازَ الأَمْوَالَ كُلَّهَا: الشِّقَّ وَنَطَاةَ وَالْكَتِيبَةَ، وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ إِلا مَا كَانَ مِنْ ذَيْنِكَ الْحِصْنَيْنِ }.(1)

وللرد على هذا الافتراء أقول:

أولا: الرواية غير صحيحة:

هذه الرواية لا تصح ولا تقوم بها الحُجة لأن في سندها راوياً متروكَ الحديثِ وهو محمد بن حميد الرازي و أيضا في سندها انقطاع.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً حتى تنطبق عليه شروط قبول الرواية بقسميه الصحيح والحسن, ويجب أن تنطبق على الصحيح خمسة شروط وهي:

1- اتصال السند.

2- عدالة الرواة.

3- ضبط الرواة.

4- انتفاء الشذوذ.

5- انتفاء العلة.

قال  الإمام أبو عمرو بن الصلاح:

{ أَمَّا الْحَدِيثُ الصّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الّذِي يَتّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذّاً ، وَلا مُعَلّلاً }.(2)

ولو نظرنا في هذا السند الذي رُويت من خلاله هذه الرواية لوجدناه مخالفا للشرطين الأول والثاني وهما:

1- اتصال السند.

2- عدالة الرواة.

فأما اتصال السند فغير متوفر لوجود الانقطاع بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين محمد بن إسحاق.

وكذلك عدالة الرواة أيضا غير متوفرة في محمد بن حميد الرازي لأنه مُتّهَمٌ بالكذب.

وعليه فالرواية غير صحيحة ولا يُحتج بها علينا.

1- فأما محمد بن حميد الرازي:

فقال عنه الإمام الذهبي في السير:

· وَهُوَ مَعَ إِمَامَتِهِ مُنْكَرُ الحَدِيْثِ ، صَاحِبُ عَجَائِبَ.(3)

· وَأَمَّا البُخَارِيُّ ، فَقَالَ: فِي حَدِيْثِهِ نَظَرٌ.

وقد يَحتج أحدُهم علينا ويقول أن الإمام أحمد بن حنبل أثنى على محمد بن حميد الرازي !

أقول ذكر الإمام الذهبي رداً لطيفاً على هذه المسألة فقال:

{ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ: قُلْتُ لاِبْنِ خُزَيْمَةَ:

لَوْ حَدَّثَ الأُسْتَاذُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ ، فَإِنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ قَدْ أَحسَنَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ.

قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ ، وَلَوْ عَرَفَه كَمَا عَرَفْنَاهُ ، لَمَا أَثْنَى عَلَيْهِ أَصْلاً. أهـ

وأقول أن أعلمَ الناسِ بالرجل هم أهل بلده ، ولقد قال أهل بلده عنه أنه كذاب }.(4)

قال الإمام ابن حبان:

{ قال أبو زُرعة الرازي ومحمد بن مسلم ابن وَارَة: صح عندنا أنه يكذب }.(5)

2- أما ابن إسحاق:

فأما ابن اسحاق فلم يدركِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وحديثه عنه مُعْضَل.

و الحديث المعضل أشدُّ ضعفاً من المرسل.!

والحديث المعضل هو ما سقط من إسناده راويان على التوالي.

فابن إسحاق تُوفي سنة 150 من الهجرة وكان مولده سنة 80 من الهجرة

وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تُوفيَ في السنة الحادية عشرة من الهجرة

وهذا يعني أن هنا انقطاعاً ما يقرب من 70 سنة بين وفان النبي صلى الله عليه وسلم وبين ولادة محمد بن إسحاق.!

والانقطاع في السند عِلَّة تمنعنا من قبول الرواية .

ثانيا: محقق الكتاب حَكَمَ على الرواية بالضعف:

أقول أن الرجوع في كل علم من العلوم وكل فن من الفنون إلى علمائه وجهابذته .

وإذا عُدنا إليهم للحكم على هذه الرواية نجدهم يحكمون عليها بالضعف.

قال الشيخ محمد صبحي حسن حلاق:

{ إسناده إلى ابن إسحاق ضعيف ، وقد ذكره ابنُ إسحاق بلاغاً }.(6)

إسناد آخر للرواية:

قال الإمام ابن سعد في الطبقات:

أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَاضِي الْكُوفَةِ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا ظَهْرَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم عَلَى خَيْبَرَ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ لَيْسَ لَهُمْ بَيْضَاءُ وَلَا صَفْرَاءُ، فَأُتِيَ بِكِنَانَةِ وَالرَّبِيعِ، وَكَانَ كِنَانَةُ زَوْجَ صَفِيَّةَ، وَالرَّبِيعُ أَخُوهُ وَابْنُ عَمِّهِ، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «أَيْنَ آنِيَتُكُمَا الَّتِي كُنْتُمَا تُعِيرَانِهَا أَهْلَ مَكَّةَ؟» قَالا: هَرَبْنَا فَلَمْ تَزَلْ تَضَعُنَا أَرْضٌ وَتَرْفَعُنَا أُخْرَى، فَذَهَبْنَا فَأَنْفَقْنَا كُلَّ شَيْءٍ، فَقَالَ لَهُمَا: «إِنَّكُمَا إِنْ كَتَمْتُمَانِي شَيْئًا فَاطَّلَعْتُ عَلَيْهِ اسْتَحْلَلْتُ بِهِ دِمَاءَكُمَا، وَذَرَارِيَّكُمَا» ، فَقَالا: نَعَمْ، فَدَعَا رَجُلا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: «اذْهَبْ إِلَى قَرَاحِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ ائْتِ النَّخْلَ فَانْظُرْ نَخْلَةً عَنْ يَمِينِكَ أَوْ عَنْ يَسَارِكَ فَانْظُرْ نَخْلَةً مَرْفُوعَةً فَأْتِنِي بِمَا فِيهَا» . قَالَ: فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُ بِالْآنِيَةِ وَالْأَمْوَالِ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا وَسَبَى أَهْلَيْهِمَا وَأَرْسَلَ رَجُلًا فَجَاءَ بِصَفِيَّةَ فَمَرَّ بِهَا عَلَى مَصْرَعِهِمَا ، فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «لِمَ فَعَلْتَ؟» فَقَالَ: أَحْبَبْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أَغِيظَهَا. قَالَ: فَدَفَعَهَا إِلَى بِلالٍ وَإِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَكَانَتْ عِنْدَهُ “.(7)

وهذا إسناد ضعيف لضعف مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيِّ.

قال عنه الإمام ابن حجر العسقلاني:

{ صدوق سيء الحفظ جدا }.(8)

ثالثا: الرواية تخالف صحيح السُنة:

هذه الرواية تخالف الصحيح من سيرة وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فهو الذي نهى نهيا شديدا عن التعذيب والمُثْلَة.

روى الإمام مسلم في صحيحه:

{ بُرَيْدَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِى خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ « اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَ لاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمْثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا» }. (9)

ورى الإمام أحمد في مسنده:

{ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: « مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً، إِلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ» }.(10)

روى الإمام أبو داود في سننه:

{ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ

« إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِى عَلَيْهِ مَا لاَ يُعْطِى عَلَى الْعُنْفِ» }. (11)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

{ فَأَمَّا التَّمْثِيلُ فِي الْقَتْلِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْقِصَاصِ وَقَدْ {قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً إلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ وَنَهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ، حَتَّى الْكُفَّارُ إذَا قَتَلْنَاهُمْ فَإِنَّا لَا نُمَثِّلُ بِهِمْ بَعْدَ الْقَتْلِ وَلَا نَجْدَعُ آذَانَهُمْ وَأُنُوفَهُمْ وَلَا نَبْقُرُ بُطُونَهُمْ إلَّا أنْ يَكُونُوا فَعَلُوا ذَلِكَ بِنَا فَنَفْعَلُ بِهِمْ مِثْلَ مَا فَعَلُوا } . وَالتَّرْكُ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ }.(12)

فلو خالف الرسول صلى الله عليه وسلم ما يأمر الناس به لأنكروا عليه وخالفوه.

بل لأنكر عليه المشركون أنفسهم فعله هذا وهم الذين كانوا يصفونه دائما بأنه كان رحيما رفيقا. (13)

رابعا: قتل كنانة بن الربيع كان قِصاصاً:

أقول أيضا على فرض صحة الرواية فالرواية تقول أن قتل كنانة بن الربيع كان قِصاصاً لأنه قتل محمود بن مسلمة فقُتل به .

وهكذا يتبين لنا كذب هذه الفرية بالحُجة والدليل والبرهان.

مراجع البحـث:

 (1) تاريخ الرسل والملوك للإمام الطبري ج3 ص14 ، ط دار المعارف – القاهرة ، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم.

 (2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ودار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عتر.

 (3) سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ج11 ص503 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: شعيب الأرناؤوط.

 (4) سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ج11 ص504 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: شعيب الأرناؤوط .

 (5) المجروحين للإمام ابن حبان ج2 ص321 ، ط دار الصميعي الرياض ، ت: حمدي عبد المجيد السلفي.

 (6) ضعيف تاريخ الطبري د/محمد صبحي حسن حلاق ج7 ص186 ، ط دار بن كثير – دمشق – بيروت.

 (7) الطبقات الكبرى للإمام بن سعد ج2 ص106 ، ط مكتبة الخانجي – القاهرة، ت: د/ علي محمد عمر.

 (8) تقريب التهذيب للإمام بن حجر العسقلاني ، ص427 ، ط الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.

 (9) صحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجاج ص828 ح3/1731 ، ط دار طيبة – الرياض، ت: نظر محمد الفَاريابي.

(10) مسند أحمد للإمام أحمد بن حنبل ج33 ص91 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: شعيب الأرناؤوط.

(11) سنن أبي داود للإمام أبي داود السجستاني ج7 ص185 ، ط دار الرسالة العالمية، ت: شعيب الأرناؤوط.

(12) مجموع فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية ج28 ص314، ط خادم الحرمين الشريفين، ت: عبد الرحمن محمد قاسم.

(13) صحيح البُخاري للإمام محمد بن إسماعيل البُخاري ص159 ح631 ، ط دار بن كثير – بيروت .

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه