أرشيف المدونة

هذا الصديق الأكبر هذا فاروق هذه الأمة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

فهذه روايات وضعها الرافضة الأوائل ليمرروا دينهم الباطل عبرها، ففكرت أنَّ عَرْضَها وتفنيدها سيكون نافعًا بمشيئة الله للمسلمين على شبكة الإنترنت! خصوصًا الإخوة المهتمون بالرد على الشيعة الرافضة.

لكن قبل عرض الروايات ينبغي أن أذكر أحد الأصول المهمة عند المسلمين، وهي أنه لا يوجد عالِمٌ مُسْلِمٌ واحد يقول إن جميع ما في كتب المسلمين صحيح! بل اتفق جميعُ علماءِ المسلمين أن الكتب فيها الصحيح والضعيف، وأنه لا تقوم الحجة عند علماء المسلمين في باب العقائد والتشريع والأحكام إلا بالروايات الصحيحة أو الحسنة!

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن أهمية الاسناد:

[وَعِلْمُ الْإِسْنَادِ وَالرِّوَايَةِ مِمَّا خَصَّ اللَّهُ بِهِ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَهُ سُلَّمًا إلَى الدِّرَايَةِ . فَأَهْلُ الْكِتَابِ لَا إسْنَادَ لَهُمْ يَأْثُرُونَ بِهِ الْمَنْقُولَاتِ ، وَهَكَذَا الْمُبْتَدِعُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَهْلُ الضَّلَالَاتِ ، وَإِنَّمَا الْإِسْنَادُ لِمَنْ أَعْظَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْمِنَّةَ ” أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ ، يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ وَالْمُعْوَجِّ وَالْقَوِيمِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْكُفَّارِ إنَّمَا عِنْدَهُمْ مَنْقُولَاتٌ يَأْثُرُونَهَا بِغَيْرِ إسْنَادٍ ، وَعَلَيْهَا مِنْ دِينِهِمْ الِاعْتِمَادُ ، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ فِيهَا الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ ، وَلَا الْحَالِي مِنْ الْعَاطِلِ].
مجموع الفتاوى ج1 ص9

• قال شيح الإسلام ابن تيمية:
[ وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا أَنَّا نَذْكُرُ قَاعِدَةً فَنَقُولُ: الْمَنْقُولَاتُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الصِّدْقِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْكَذِبِ، وَالْمَرْجِعُ فِي التَّمْيِيزِ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا إِلَى أَهْلِ عِلْمِ الْحَدِيثِ، كَمَا نَرْجِعُ إِلَى النُّحَاةِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ نَحْوِ الْعَرَبِ وَنَحْوِ غَيْرِ الْعَرَبِ، وَنَرْجِعُ إِلَى عُلَمَاءِ اللُّغَةِ فِيمَا هُوَ مِنَ اللُّغَةِ وَمَا لَيْسَ مِنَ اللُّغَةِ، وَكَذَلِكَ عُلَمَاءُ الشِّعْرِ وَالطِّبِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلِكُلِّ عِلْمٍ رِجَالٌ يُعْرَفُونَ بِهِ ]. منهاج السنة النبوية (7/ 34).

قال الإمام النووي:
[ قال الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ الله شرط مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه أن يكون الحديث متصل الاسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه سالما من الشذوذ والعلة قال وهذا حد الصحيح فكل حديث اجتمعت فيه هذه الشروط فهو صحيح بلا خلاف بين أهل الحديث ]. شرح النووي على مسلم ج1 ص34 ط قرطبة.

الرواية الأولى:

رواها الطبراني فقال: [ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَزِيرُ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، ثنا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ أَبِي سُخَيْلَةَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَعَنْ سَلْمَانَ، قَالا: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَقَالَ: ” إِنَّ هَذَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يُصافِحُنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا الصِّدِّيقُ الأَكْبَرُ، وَهَذَا فارُوقُ هَذِهِ الأُمَّةِ، يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَهَذَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمَالُ يَعْسُوبُ الظَّالِمِ “].

أولا: هذا السند ضعيف للعلل الآتية:

1. عمر بن سعيد البصري: ضعيف الحديث.

2. أبو سخيلة: مجهول العين والحال.

فهذه الرواية تخالف الشرطين الثاني والثالث من شروط صحة الرواية!

ثانيا: متن الرواية عليه عدة إشكالات:

  1. أول من أسلم هو أبو بكر الصديق وليس علي بن أبي طالب كما هو ثابت في صحيح مسلم.
  2. الصديق الأكبر هو أبو بكر الصديق بلا خلاف عند علماء المسلمين، وذلك لأنه الوحيد الذي لَقَّبَه الرسولُ صلى الله عليه وسلم بهذا اللقب الشريف. فكيف يقال إن عليًا هو الصديق الأكبر؟!
  3. لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم سمَّى علي بن أبي طالب الصديق الأكبر وفاروق هذه الأمة، لنقل الصحابة رضي الله عنهم ذلك وتداولوه بينهم. 

ثالثا: ليس لدينا مشكلة على الإطلاق أن نثبت هذه الأوصاف وهذه الألقاب لعلي بن أبي طالب عليه السلام والرضوان، وهو من هو، ولكن مشكلتنا هي حرمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم التقول عليه ما لم يقله. فلقد حذرنا عليه الصلاة والسلام قائلا: [ مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ]. رواه مسلم في صحيحه.

رابعا: إذا كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو أفضل رجل في الأمة الإسلامية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم – كما يقول المستدل بهذه الرواية وأمثالها – فلماذا نجد الروايات مستفيضة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بتفضيل أبي بكر وعمر وعلى رضي الله عنهما نفسه؟!

وإليك بعض هذه الروايات:

1. عَنْ وَهْبٍ السُّوَائِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ، فَقَالَ: مَنْ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟ فَقُلْتُ: أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: ” لَا خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَمَا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ “.
مسند أحمد ط الرسالة (2/ 201)

2. عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، سَمِعْتُ عَلِيًّا،، يَقُولُ: ” خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَلَوْ شِئْتُ لَحَدَّثْتُكُمْ بِالثَّالِثِ ]. مسند أحمد ط الرسالة (2/ 224).

3. عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: ” أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟ أَبُو بَكْرٍ، وَخَيْرُهَا بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ: عُمَرُ، ثُمَّ يَجْعَلُ اللهُ الْخَيْرَ حَيْثُ أَحَبَّ ]. مسند أحمد ط الرسالة (2/ 245).

4.  عن محمد بن علي بن أبي طالب قال: قلت لأبي: أيُّ الناس خيرٌ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟! قال: ثم عمر. قال: وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت؟! قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين. صحيح البخاري – حديث رقم: 3671. 

والحمد لله رب العالمين ،،،،

الإعلان

براءة جابر بن زيد من الأباضية – حلقة (1)

قناة مكافح الشبهات – أبو عمر الباحث

براءة جابر بن زيد من الأباضية- حلقة (1)

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصَّلَاةُ والسَّلَامُ على سيدنا رسول الله، وعلى آلِهِ وصحبه ومن والاه، وبعد:

فهذه دراسة كتبتُها من واقع ملاحظاتي وقراءتي في مُسْنَدِ الربيع بن الحبيب الفراهيدي الذي تعتبره الإباضيةُ أَهَمَّ كُتُبِ الحَدِيث النبوي !!

وسبب هذه الدراسة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: [ لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجْ النَّارَ ].([1])

وقال عليه الصلاة والسلام: [مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ].([2])

وهذا حديث في منتهى الخطورة، إذْ أَنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم جعل الْـمُتَقَوِّلَ عليه ما لم يَقُلْهُ في النار، لأنه في الحقيقة كَاذِبٌ على الله، لِأَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المبلغ عن الله، وكلامه وأفعاله وإقراره تشريع للعباد، والكاذِبُ عليه كاذِبٌ على الله في الحقيقة!

قال الإمام ابن حجر الْعَسْقلاني:

[ تَقْوِيلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ يَقْتَضِي الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّهُ إِثْبَاتُ حُكْمٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْإِيجَابِ أَوِ النَّدْبِ، وَكَذَا مُقَابِلُهُمَا وَهُوَ الْحَرَامُ وَالْمَكْرُوهُ ].([3])

فالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخطر الأمور، ولِذَا فَإِنَّ صيانةَ كلامه صلى الله عليه وسلم عن الكذب والوضع من أخص العبادات والقربات إلى الله سبحانه وتعالى.

ولهذا قررتُ عملَ دراسةٍ مختصرةٍ حول هذا الكتاب من خلال رُوَاتِهِ، وما قيل في هؤلاء الرواة ، سواء كانوا من الصحابة أو التابعين أو مَن جاء بعدهم، وما قاله بعضُ هؤلاءِ الرواةِ أنفسهم في الأباضية أو في أَسْلَافِهِم من أهل النهروان بشكلٍ عامٍ.

وأَوَدُّ أن أُوَضِّحَ المنهجَ الذي سأعتمده في ملاحظاتي في نقد هذا الكتاب، فسآتي بكلام مَنْ يخالفنا وَأَرُدُّ عليه كما تَعَوَّدْتُ مع قُرَّاء مدونتي وموقعي ومشاهدي قناتي الكرام.

وسأبدأ الكلام عن هذا الموضوع من الإمام أبي الشعثاء جابر بن زيد الأزدي رحمه الله.

يقول الأباضي بكير بن سعيد أعوشت:

[ يرجع المذهب الأباضي في نشأته وتأسيسه الى جابر بن زيد الذي أرسى قواعده الفقهية وأصوله. فهو إمامٌ مُتَحَدِّثٌ فَقِيهٌ، وتبحَّر بعمق في الفقه، وأمضى بقية حياته بين البصرة والمدينة بشكل جعله على صِلَةٍ بأكبر فقهاء المسلمين حينذاك. وقد رُوِيَ عن ابن عباس أنه قال للناس: اسألوا جابر بن زيد فلو سأله المشرق والمغرب لوسعهم علمه. وقد أصبح أعظم فقيه في البصرة وله أتباع عديدون كعبد الله بن أَبَاض ومرداس بن حدير وأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة].([4])

ولهذا حاول الأباضي علي الحجريُّ مُؤَلِّفُ كِتَابِ ” الإباضية ومنهجية البحث عند المؤرخين وأصحاب المقالات ” أن يُضَعِّفَ كُلَّ الرواياتِ التي تُوَضِّحُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ زَيد رحمه الله أَعْلَنَ بَرَاءَتَهُ من الأباضية، وأعمل المؤلفُ فيها مِعْوَلَ الهدم الأعمى ضَارِبًا بالقواعد المنهجية العلمية المعروفة عرضَ الحائط !!

فيقول رَادًّا على الدكتور محمد عبد الفتاح عليان:

.

وبعدما عَرَضْنا كَلَامِهِ كاملًا عن الرواية الأولى نبدأ بحول الله في البحث في كلامه وطريقة استدلاله، وَذِكْرِ ما أغفل ذِكْرَهُ عَمْدًا من نفس كتب علماء الجرح والتعديل التي استدلَّ بها !!

والسؤال الآن: هل يدري القارئ الكريم ما الكلام الذي حذفه الأباضي علي من ترجمة همام؟!

أولا: الكلام عن رواية هَمَّام بن يَحْيَى عن قتادة:

لقد ذكر لنا الأستاذُ الحَجَرِيُّ أَقْوَالًا تَذُمُّ هَمَّامَ بن يحيى، لكنَّه لم يَذْكُرْ لنا أَنَّ الرَّدَّ على هذه الأقوال مَوْجُودٌ في نفس الصفحات بين الفراغات التي وَضَعَ الأستاذ الحجري مَكَانَهَا هذه النقاطَ !! وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللهِ !!

وليس هذا فقط، بل إن الأقوالَ التي حَذَفَهَا الحجريُّ هي القولُ الْـمُعْتَمَدُ عند العلماء والأئمة في الْكَلَامِ عن همام بن يحيى الأزدي!! وسنذكر شيئًا من هذه الأقوالَ، ونبين الحقيقة لِقُرَّائِنَا الْكِرَام!

لكن قبل البدء أقول إِنَّ الأستاذ علي الحجري فعل فِعْلَتَهُ هَذِهِ، لِأَنَّهُ يَعْرِف يَقِينًا أنه لَا أَحَدَ مِن الأباضية المساكين من قُرَّائِهِ سَيُرَاجِع خَلْفَه هذه الأقوال!

قال ابنُ حَجَر الْعَسْقَلَانِيُّ:

[ قال عمر بن شبة عن عفان: كان يحيى بن سعيد يعترض على همام في كثير من حديثه، فلما قدم معاذ نظرنا في كتبه، فوجدناه يوافق هَمَّامًا في كثير مما كان يحيى ينكره ، فَـكَفَّ يحيى بَعْدُ عنه.

[ قال أحمد بن سنان عن يزيد بن هارون: كان هَمَّام قويًّا في الحديث.

وقال صالح بن أحمد عن أبيه: همام ثَبْتٌ في كُلِّ المشائخ.

وقال الأثرم عن أحمد: كان عبدالرحمن – بن مهدي – يَرْضَاه.

وقال أبو حاتم عن أحمد: سمعتُ ابن مهدي يقول همام عندي في الصدق مثل ابن أبي عروبة.

وقال ابن محرز عن أحمد: همام ثقة، وهو أثبت من أبان العطار في يحيى ابن أبي كثير.

وقال الدوري عن ابن معين: كان يحيى بن سعيد يروي عن أبان، ولا يروي عن همام، وهمام عندنا أفضل من أبان.

وقال الحسين بن الحسن الرازي عن ابن معين: ثقة صالح، وهو أَحَبُّ إليَّ في قتادة من حمَّاد بن سلمة.

وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: همام في قتادة أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ.

وقال عثمانُ الدارميُّ عن ابن معين مثله، وزاد قلت: همام أحب إليك في قتادة أو أبان؟ قال ما أقربهما، كلاهما ثقتان.

وقال ابنُ المديني لما ذكر أصحاب قتادة: كان هشام أرواهم عنه، وسعيد أعلمهم به، وشعبة أعلمهم بما سمع عن قتادة مما لم يسمع، قال: ولم يكن همام عندي بدون القوم فيه، ولم يكنْ لِيَحْيَى فيه رأيٌ، وكان ابنُ مهدي حَسَنَ الرأي فيه.

وقال ابن عَمَّـار: كان يحيى بنُ سعيد لا يعبأ بهمام ويقول: ألا تعجبوا من عبدالرحمن يقول: من فاته شعبة يسمع من همام.

وقال عمرو بن علي: كان يَحْيَى بنُ سعيد لا يُحَدِّثُ عن همام، وكان عبدالرحمن يحدث عنه.

قال: وسمعتُ ابراهيم بن عرعرة قال لِيَحْيَى: ثنا عفان ثنا همام، فقال له: اسكت ويحك.

قال عمرو بن علي: الأثبات من أصحاب قتادة: ابن أبي عروبة وهشام وشعبة وهمام.

وقال ابن المبارك: همام ثبت في قتادة.

وقال محمد بن المنهال الضرير: سمعت يزيد بن زُرَيْعٍ يقول: هَمَّام حِفْظُهُ رَدِيءٌ، وكتابه صالح.

وقال ابن سعد: كان ثِقَةً، ربما غَلِطَ في الحديث.

وقال ابنُ أبي حاتم: سُئِلَ أبو زرعة عنه فقال: لا بأس به.

قال: وَسُئِلَ أبي عن همام وأبان مَنْ تُقَدِّمُ منهما؟ قال: همام أَحَبُّ إلي ما حَدَّثَ من كِتَابِهِ، وإذا حَدَّثَ من حفظه فهما متقاربان في الحفظ والغلط.

قال: وسألتُ أبي عن همام فقال: ثِقَةٌ صَدُوق، في حفظه شيءٍ، وهو أحب إليِّ من حماد بن سلمة وأبان العَطَّار في قتادة.

وقال ابنُ عَدِيٍّ: أخبرني إسحاق بن يوسف أظنه عن عبدالله بن أحمد عن أبيه قال: شهد يحيى بن سعيد في حداثته شهادةً فلم يعدلْهُ هَمَّام، فنقم عليه.

قال ابنُ عَدِيٍّ: وهمام أَشْهَرُ وَأَصْدَقُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ له حديث منكر، وأحاديثه مستقيمة عن قتادة، وهو متقدم في يحيى ابن أبي كثير.

قال محمد بن مَحْبُوب: مات سنةَ ثلاثٍ وستين ومائة، وذكره ابن حِبَّان في الثقات وقال: مات سنة أربعٍ وستين. وقال الميموني عن أحمد عن سريج بن النعمان: قَدِمْتُ البَصْرَةَ سَنَةَ أربع أو خمس وستين، فقيل لي: مات همام منذ جمعة أو جمعتين.

قلت: وقال ابن أبي خيثمة: قال عبدالرحمن بن مهدي: ظَلَمَ يحيى بنُ سَعِيدٍ هَمَّامَ بْنَ يحيى، لم يكن له به عِلْمٌ ولا مُجَالَسَةٌ ].([5])

والمستنبَط من هذا الكلام وخلاصته أَنَّ الكلامَ في هَمَّام ليس له علاقة بروايته عن قتادة، بل هو ثِقَةٌ ثَبْتٌ في روايته عن قتادة، كما شَهِدَ بذلك كِبَارُ الْحُفَّاظِ والأئمة !! وهذا هو الكلام الذي يتعلق برواية براءة جابر بن زيد بن الأباضية، حيث أَنَّ الرواية من طريق همام عن قتادة.

فالذي يخصنا الآن في كلام العلماء والأئمة عن همام هو روايته عن قتادة، وهو ثقة ثَبْتٌ فيها كما تقدم !

فلماذا لم ينقل الأستاذ علي الحجري كلام الأئمة والعلماء في رواية همام عن قتادة ؟!

لذلك أقول إن الطريقة التي يتبعها الأباضيُّ عليّ الحجري وغيرُهُ ممن يحاولون تشويه الحقائق وتزوير الوقائع لم تَعُدْ مُجْدِيَةً في هذا الزمان، إِذْ يستطيعُ أيُّ شَخْصٍ أَنْ يحصل بضغطة زِرٍّ على الكتاب الذي ينقل عنه المدلس، ويكتشف بسهولة ما أخفاه الْـمُدَلِّسُ عن الناس !!

فأما إِنْكَارُ يَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان عليه، والذي ذكره الأباضيُّ نقلًا عن ميزان الاعتدال للذهبي ؛ فقد ذكر ابنُ حَجَرٍ في نفس الصفحة أَنَّ يَحْيَى بن سعيد الْقَطَّانَ تَرَاجَعَ عن ذلك!

[ قال عمر بن شبة عن عفان: كان يحيى بن سعيد يعترض على هَمَّام في كثيرٍ من حديثه، فلما قَدِمَ مُعَاذُ نَظَرْنَا في كُتُبِهِ فوجدناه يُوَافِقُ هَمَّامًا في كثيرٍ مما كان يَحْيَى يُنْكِرُهُ، فَكَفَّ يحيى بَعْدُ عَنْهُ ].

إذًا فيحيى بن سعيد القطان يراجع عن كلامه في همام والقدح فيه !

ولقد ذكرتُ تَرَاجُعَ يحيى بن سعيد القَطَّان عن الكلام في همام بن يحيى هنا لسببين:

الأول: أنَّ الأباضيَّ ذَكَرَ ذلك من ميزان الاعتدال لتضعيف الرواية الأولى. وسيأتيك بيانه من كلام الذهبي  !

الثاني: أَنَّ الأباضيَّ الحجري حينما أراد تضعيفَ روايةٍ أخرى في براءة جابر من الأباضية قال:

[ هذه الرواية لا تقوم بها حُجَّةٌ لأحد على الإباضية، وذلك لورودها من طريق همام بن يحيى بن دينار الأزدي الذي ضَعَّفَ حفظَه يحيى القطانُ وغيرُه من علماء الجرح والتعديل ].([6])

وقد قال الذهبي في السير:

[عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا الفَلاَّسُ، قَالَ: حَدَّثَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ بِحَدِيْثٍ، فَأَنْكَرَهُ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَقَالَ: لَمْ يَصْنَعِ ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ شَيْئاً. فَقَالَ عَفَّانُ – وَكَانَ حَاضِراً -: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فَسَكَتَ يَحْيَى، فَعَجِبْنَا مَنْ يَحْيَى، حَيْثُ يُحَدِّثُه ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيْدٍ، فَيُنْكِرُهُ، وَحَيْثُ حَدَّثَهُ عَفَّانُ عَنْ هَمَّامٍ، فَسَكَتَ.

قُلْتُ (الذهبي) : هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ يَحْيَى تَغَيَّرَ رَأْيُه بِأَخَرَةٍ فِي هَمَّامٍ، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى اتِّفَاقَهُمَا عَلَى حَدِيْثٍ اطْمَأَنَّ].([7])

كما أَنَّ الأباضيَّ علي الحجري لم يذكر لِقُرَّائِهِ أَنَّ الإمامينِ العظيمينِ البخاريَّ ومسلمًا قد رَوَيَا لهمام بن يحيى في صحيحهما، ولم يتكلمْ واحدٌ منهما فِيهِ بِشَيءٍ، وكذلك سائِرُ بقية أصحاب الكتب!

وقال الذهبي في تاريخ الإسلام:

[ أَمَّا هَمَّامٌ فَاحْتَجَّ بِهِ أَرْبَابُ الصِّحَاحِ بِلا نِزَاعٍ بَيْنَهُمْ ].([8])

قال ابن حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ:

[ همام بن يحيى الْبَصْرِيّ: أحد الْأَثْبَات .. وَقد اعْتَمدهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة، وَالله أعلم ].

وفجأةً صار هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ضَعِيفًا عند الأباضية !!

فحينما أراد الأباضيُّ علي الحجري تضعيفَ أبي هلال الراسبيِّ في روايته لبراءة جابر من الأباضية احتج الأباضي بأنَّ البخاري ذكر أبا هلال الراسبيَّ في كتاب الضعفاء ، لكن الأباضي لم يعتدَّ بتوثيق البخاري لهمام بن يحيى لأن توثيق البخاري لهمام يخالف هواه !

وقد ذَكَرَ ابنُ حَجَرٍ قولَ عبدِ الرحمنِ بنِ مَهْدِيِّ في أَنَّ يحيى بنَ سَعِيدٍ القَطَّان ظَلَمَ همامَ بْنَ يحيى في كلامه عنه وتضعيفه له، وَأَنَّ كلامَه فيه لم يَكُنْ عَنْ عِلْمٍ أَو مجالسة، فقال: [ظَلَمَ يحيى بنُ سَعِيدٍ هَمَّامَ بْنَ يحيى، لم يكن له به عِلْمٌ ولا مجالسة ].

يعني نفس الكتاب – تهذيب التهذيب – الذي استدلَّ منه الحجري للطعن في همام بن يحيى ، يحتوي على براءة همام بن يحيى من كلام يحيى بن سعيد القطان، ومع ذلك لَمْ يَسْتَحِ الأباضي علي الحجريُّ أنْ يحذفه أثناء نقله كلامَ ابنِ حَجَر العسقلاني! 

هذا منهج ميكافيللي بجدارة !!

ويكفي المنصفَ قولُ ابن عَدِيٍّ: [ وهمامٌ أَشْهَرُ وَأَصْدَقُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ له حديثٌ مُنْكَرٌ، وأحاديثُهُ مستقيمةٌ عن قتادة، وهو متقدم في يحيى بن أبي كثير ].([9])

وقول ابنُ عَدِيٍّ – بأنَّ أحاديث يَحْيَى مستقيمة عن قتادة – قَاطِعٌ في محل النزاع، وهو تصحيحٌ لِكُلِّ ما رواه هَمَّامُ بْنُ يحيى عن قتادة، ويدخل في ذلك روايتُهُ حول براءة جابر بن زيد من الإباضية !

المضحك أنَّ الأباضيَّ الحَجري تجاهلَ توثيقَ ابنِ معين لهمام بن يحيى ، مع أنه صَرَّحَ في كتابه بأنَّ يحيى بن معين من كِبَار علماء الجرح والتعديل، فقال: [ يحيى بن معين ، وهو من كبار علماء الجرح والتعديل ].([10])

فحينما احْتَاجَ الأباضيُّ لِقَولِ يَحْيَى بن مَعِين وَصَفَهُ بِأَنَّهُ من كِبَار علماء الجرح والتعديل، وحينمـا رأى أَنَّ قول يحيى بن معين لا يوافق هواه ولا يَخْدُمُ هدفه ولا يُسَايِرُ خطته لم يَذْكُرْهُ البتةَ !!

ويبقى هذا السؤالُ يُؤَرِّقُ الأباضية:

لماذا ترك الأباضيُّ عليُّ الحَجَري كلامَ يَحْيَى بنِ معين – مع وَصْفِهِ له بأنه من كِبَار علماء الجرح والتعديل – ، وكلامُ يحيى بن معين كلامٌ واضحٌ وصريح في توثيق روايات همام بن يحيى عن قتادة بن دعامة ؟!

قد ثبت للقارئِ الكريم أن يحيى بن معين وَثَّقَهُ وقال إنه ثقة في مروياته عن قتادة!

وَلِأَنَّ كَلَامَ العلماء المتكلمين في همام معتبرٌ عندنا، فهو محمولٌ على غير روايته عن قتادة ، إذْ وَثَّقُوهُ في روايته عن قتادة بإطلاق. مع اعتبار تَرَاجُعِ مَنْ تَرَاجَعَ عَنْ كلامِهِ فيه كَـ يحيى القطان!

ثم إِنَّ الذي رَوَى هذه الروايةَ عن همام بن يحيى رَجُلَانِ ثِقَتَانِ، وسماع عفان بن مسلم من همام ليس قَدِيمًـا، بل هو من الحديث الذي لا غُبَارَ عليه، فقد نَقَلَ الأباضيُّ ما نقله ابنُ حَجَر:

[ قال الحسن بن علي الحلواني : سمعت عَفَّانَ يقول: كان همام لا يكاد يرجع إلى كتابه ولا ينظر فيه، وكان يخالف فلا يرجع إلى كتابه، ثم رجع بعد فنظر في كتبه فقال: يا عفان كنا نخطئ كثيراً فنستغفر الله تعالى .. وهذا يقتضي أن حديث همام بآخره أَصَحُّ ممن سَمِعَ منه قديمًـا ]. أهـ

قلت ( أبو عمر) : بما أن عَفَّانَ نقل عن همام تَرَاجُعَهُ عن حديثه القديم، ونَقَلَ لنا عَفَّانُ قولَه هذا، فروايةُ عفان عن همام هي من آخر حديث همام الخالي من الخطأ بعد مراجعة كتابه !

إِذْ لا يتخيل عاقل أن عفان سيخبرنا بأن همام تراجع عن رواياتٍ أخطأ فيها ، ثم يرويها لنا دون بيان ذلك !

ثم يبقى السؤال: هل رواية براءة جابر بن زيد من الأباضية مما أخطأ فيه همام بن يحيى ؟!

أقول: لا، بل تابعه على هذه البراءةِ كثيرٌ من الحُفَّاظِ الثِّقَاتِ، كما سيأتي بيانُهُ إن شاء الله في حلقات قادمة !

لكن سأكرر قول ابن عدي: [ وهمامٌ أَشْهَرُ وَأَصْدَقُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ له حديثٌ مُنْكَرٌ، وأحاديثه مستقيمة عن قتادة، وهو متقدم في يَحيى بن أبي كثير ].([11])

فكما قلتُ سابقًا إِنَّ هذا الكلامَ قاطِعٌ في محلِّ النزاع، فابنُ عَدِيٍّ صَرَّحَ أنه لا يوجد لِهَمَّـام بن يحيى حديثٌ مُنْكَرٌ وَاحِدٌ، وَيُصَرِّحُ أيضا أَنَّ رواياته عن قتادة مستقيمة !!

وهذا يقتضي تصحيحَ كلِّ ما يرويه همامٌ عن قتادة ، ويشمل ذلك روايةَ براءةِ جابرٍ من الأباضية!

ثانيًا: الكلام عن رواية قتادة عن عَزْرَة:

طعن الأباضيُّ علي الحجري في قتادة بن دعامة السدوسي وحاول إسقاط روايته في براءة جابر من الأباضية بأنه مُدَلِّس من الطبقة الثالثة، وقد رَوَى روايتَه عن عَزْرَةَ بالعنعنة !!

وسأضع روايتينِ يرويهما قتادةُ بالعنعنة، وأرجو من الأباضية أنْ يحكموا عليهما بالضعف !

1. [ .. عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ يَقْنُتُ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ الآخِرِ يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ثُمَّ تَرَكَهُ وَلَمْ يَقْنُتْ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ ].([12])

2. [ .. عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «الْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءُ وَالْمَائِدَةُ وَالتَّوْبَةُ مَدَنِيَّاتٌ، وَالرَّعْدُ مَدَنِيَّةٌ إِلاَّ آيَةً وَاحِدَةً .. ].([13])

فهل هاتانِ الروايتانِ ضعيفتانِ عند الأباضية لِأَنَّ قَتَادَةَ لم يُصَرِّحْ فيهما بالسَّمَـاع ؟!

إذا حَكَمَ الأباضيةُ على هاتينِ الروايتينِ بالضَّعْفِ ؛ فَسَأَقْبَلُ منهم مؤقتًا تضعيفَهم لرواية قتادة في براءة جابر بن زيد من الأباضية ، وإذا صَحَّحَ الأباضيةُ هاتينِ الروايتينِ؛ فما وَجْهُ تَضْعِيفِهِم لرواية براءة جابر بن زيد من الأباضية بعنعنة قتادة ؟!

لن يجرؤ الأباضية أن يضعفوا هاتين الروايتينِ !!

فهاتانِ الروايتانِ نقلتُهُمَـا من كتاب مُسْنَدِ الربيع بن حبيب الذي تقدِّسُهُ الأباضية، وتعتبره أَصَحَّ من صحيحي البخاري ومسلم، ويحكمون بصحة جميع ما جاء فيه من مروايات !!!!

جاء في مقدمة هذا الكتاب قولُ شيخِهِمْ عبد الله بن حميد السالمي:

[ اعلمْ أن هذا المسند الشريف أصحُّ كُتُبِ الحديث روايةً وأعلاها سَنَدًا، وجميعُ رجالِهِ مشهورون بالعِلْم وَالوَرَع والضَّبْطِ والأمانة وَالْعَدَالَة والصِّيَانَة، كلهم أئمةٌ في الدين وقادةٌ للمهتدين، هذا حكم المتصل من أخباره، وأما المنقطع بإرسال أو بلاغ في حكم الصحيح لتثبُّتِ راويه ].([14])

فإذا كان قتادةُ ثِقَةً عند الأباضية ؛ فروايته في براءة جابر بن زيد من الأباضية رواية صحيحة.

وإذا كان قتادةُ عندهم مُدَلِّسًا فليحذفوا رواياته من مسندهم وليحكموا بخطأ شيخهم عبد الله السالمي!

وأمَّا رواية قتادةَ عن عَزْرَةَ عندنا فصحيحة، ولقد روى مسلمٌ لِقَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ في مَوْضِعَينِ:

قال الإمامُ مسلم: [ وحَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ وَاللَّفْظُ لِلْمِسْمَعِيِّ وَابْنِ الْمُثَنَّى، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَمْ يُفَرِّقِ الْمُصْعَبُ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، قَالَ سَعِيدٌ: فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: «فَرَّقَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ].([15])

قال الإمامُ مسلم: [ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ }. [السجدة: 21] قَالَ: «مَصَائِبُ الدُّنْيَا، وَالرُّومُ، وَالْبَطْشَةُ، أَوِ الدُّخَانُ» شُعْبَةُ الشَّاكُّ فِي الْبَطْشَةِ أَوِ الدُّخَانِ ].([16])

والخُلاصة أَنَّ الأستاذ علي الحجري أرادَ تضعيفَ كُلِّ رواياتِ براءةِ جابر بن زيد من الأباضية فقط لأنه أَبَاضِيٌّ، ولأن براءة جابر بن زيد من الأباضية تنسف مذهبهم البدعي نَسْفًا وتهدمه من أَسَاسِهِ، – إذْ أنهم يزعمون أن جابر رحمه الله هو الذي أسس هذا المنهج الغريب -، وليس سبب تضعيفه لهذه الروايات أن عِلْمَ الحديث الشريف يُقِرُّهُ أو يساعده في ذلك كما تبين للقارئ الكريم !!

وأيضًا نقول للأباضية: أعطونا عالِـمًـا من علماء الحديث أعلَّ روايةً لأنها من رواية همام بن يحيى بن دينار البصري عن قتادة !

ثم إن هذه الرواية لَيْسَتْ حَدِيثًا نبويًا لِيَتَعَنَّتَ الأستاذ الحجري فيها بهذه الطريقة الغريبة !

مع تسليمه بِصِحَّةِ مُسْنَدِ الربيع بن حبيب المجهول عند جميع علماء الجرح والتعديل الذين يستدل الحجري بكلامهم، وَكذلك جَهَالَةِ شيخِهِ مسلم بن أبي كريمة، أو تضعيف العلماء له !

فانظرْ أخي القارئ الكريم كيف يتساهَلُ الأباضيةُ في تصديق رواياتٍ منسوبةٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم في مسند الربيع – مع ضعفها وإرسالها وجهالة رواتها -، وكيف يتعنتون ويدلسون ويبترون كلام العلماء ليرفضوا كلامًا مَقْطُوعًا بثبوته عن رَجُلٍ من التابعين !!

مع أَنَّ العكس هو الصحيح، فالتَّسَاهُل قد يكون في كلامٍ مَنْسُوبٍ لأحد التابعين لِأَنَّ كلامه ليس تَشْرِيعًا، ويكون التشددُ والتدقيق في الكلام المنسوب للرسول صلى الله عليه وآله وسلم !!

الغريب والعجيب أَنَّ الأستاذ علي الحجري كان يقول في مقدمة كتابه:

[فلابد للجميع أن يحتكموا إلى الحَقِّ الذي يعترف بِسُلْطَانِهِ كُلُّ مُسْلِمٍ في إِثْبَاتِ ما هو ثَابِتٌ بالدليلِ القاطعِ، وإبطالِ ما هو باطلٌ بالحجة الواضحة البينة ].([17])

قلت: ما صدقتم ولا بررتم !

وإمعانًا في إفحام الأباضي علي الحجري أقول:

قال الإمام ابن أبي حاتم:

[وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أبو داود الطَّيَالسي، عَن هَمَّام ، عَنْ قَتادة، عَنْ عَزْرَة، عَن الشَّعْبي؛ قَالَ: أَخْبَرَنِي أسامةُ بْنُ زَيْدٍ: أَنَّهُ أفاضَ مِنْ عَرَفَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فلم تَرفَعْ راحِلَتُه يَدًا غَادِيَةً ، حَتَّى أَتَى المُزدَلِفَة؟. وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ هَمَّام، عَنْ قَتادة، عَنْ عَزْرَة، عَنِ الْحَسَنِ العُرَني ، عَنِ الفَضْل بْنِ عباس: أنه كان رَديفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى المُزدَلِفَة، ولم تَرْفَعْ راحِلَتُه يَدً غادِيَةً، حَتَّى رَمَى الجَمْرَةَ؟

قَالَ أَبِي: هَذَانِ الْحَدِيثَانِ خطأٌ؛ الشَّعْبيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أُسَامَةَ شَيْئًا فِيمَا أَعْلَمُ ].([18])

وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ هَمَّام، عَنْ قَتادة، عَنْ عَزْرَة، عَنِ الشَّعبي؛ أنَّ الفَضْلَ بْنَ عباس حدَّثه، وأن أسامةَ بْنَ زَيْدٍ حدَّثه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبةِ. هَلْ سَمِعَ الشَّعْبيُّ مِنْهُمَا ؟ فَقَالَ: لا يُحْتَمَلُ، ويَنْبَغي أَنْ يكونَ بينهُما رجلٌ آخَرُ، ولكنْ كَذَا حدَّث بِهِ هَمَّام، فَلا أَدْرِي مَا هَذَا الأَمْرُ؟! ].([19])

فهنا نرى الإمامَ الكبيَر أبا حاتم يُخَطِّئُ الروايتينِ وَيُعِلُّ الأولى بعدم سماع الشعبي من أسامة، فمن باب أولى ألا تكون الثانية صحيحة لأن الحسنَ الْعُرَنِيَّ لم يسمع من عبد الله بن عباس، فكيف يكون قد سمع من أخيه الفضل بن عباس، وهو الذي مات قبل ابن عباس بعشرات السنين!

والشاهد من هذا أَنَّ الإمام أبا حاتم الرازيَّ لم يجرؤ على إِعْلَالِ الرواية بسبب هَمَّام أو قتادة !!

لكنَّ صاحبَنا الأباضيَّ تَجَرَّأَ على فعلها هكذا بمنتهى الْبَسَاطَةِ، بلا ضَابِطٍ ولا رَابِطٍ، منتهكًا القواعد العلمية المنهجية بهذا الشكل الصارخ !!!!

وأنا – عن نفسي – لا أعرف أَحَدًا من الأئمة أَعَلَّ روايةً أتت من طريق همام بن يحيى عن قتادة عن عزرة على الإطلاق !

فإنَ رواياتِ هَمَّامِ بنِ يحيى عن قتادة، أو روايات قتادة عن عَزْرَةَ موجودةٌ في الصحيحينِ!!

ولم يتكلمْ فيها أَحَدٌ حسبما علمتُ وقرأتُ وبحثتُ ! وإليك شيئًا من هذا:

أولا: رواية همام عن قتادة رواية صحيحة معتبرة بلا خلاف عند العلماء.

1. قال الإمام البخاري: [ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: حَدَّثَتْنِي مُعَاذَةُ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ: أَتَجْزِي إِحْدَانَا صَلَاتَهَا إِذَا طَهُرَتْ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟!، كُنَّا نَحِيضُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَا يَأْمُرُنَا بِهِ أَوْ قَالَتْ فَلَا نَفْعَلُهُ ].([20])

2. قال الإمام مسلم: حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسِتَّ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَمِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ].([21])

ثانيًا: رواية قتادة عن عَزْرَةَ روايةٌ صحيحة معتبرة بِلَا خِلَاف عِنْدَ العلماء.

1. قال الإمام مسلم:

[ وحَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ وَاللَّفْظُ لِلْمِسْمَعِيِّ وَابْنِ الْمُثَنَّى قَالُوا: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَمْ يُفَرِّقِ الْمُصْعَبُ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، قَالَ سَعِيدٌ: فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: «فَرَّقَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ» ].([22])

2. قال الإمام الترمذي:

[ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الفَلاَّسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِالتَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالكَفَّيْنِ. حَدِيثُ عَمَّارٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ].([23])

فهل يجوز أن يقال: [ الرواية لا تقوم بها حُجَّةٌ، وذلك بسبب همام بن يحيى وقتادة بن دعامة ] ؟!!

قلتُ: ما فعله الأستاذ الأباضي علي الحجري عبارة عن جناية شرعية وسوأة فكرية وخيانة علمية وجريمة أخلاقية في حق الدِّينِ وَالْعِلْم والتَّارِيخ أَوَّلًا، ثُمَّ في حَقِّ جابر بن زيد ثانيًا، ثم في حق قُرَّائِهِ مِنَ الْأَبَاضِيَّةِ المساكين المخدوعين ثَالِثًا !!

فالله المستعان ، وهو حسبنا ونعم الوكيل !

وبناءً على ما سبق أقول إن الرواية الأولى في براءة جابر بن زيد من الأباضية روايةٌ صحيحةٌ ثابتةٌ، لا يطعن فيها عاقِلٌ فَضْلًا عن عَالِمٍ، فإِنَّ الطَّعْنَ في الرواياتِ الصحيحة بمثل ما فَعَلَه هذا الأباضيُّ من بَتْرِ النصوص وإخفائها ليس من فِعْلِ أهل العِلْم والفَضْلِ والتحقيق والشرف !

………………

فإلى دَيَّانِ يَومِ الدِّينِ نَمْضِي ** وَعِنْدَ اللهِ تَجْتَمِعُ الخُصُوم

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

صباح الخميس ، الثالث من ربيع الآخر لعام 1439 هجري

الموافق 21 من ديسمبر لعام 1017 ميلادي

مراجع البحث:

([1]) صحيح البخاري – حديث رقم 106.

([2]) صحيح البخاري – حديث رقم 109.

([3]) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ج1 ص350، ط دار طيبة – الرياض.

([4]) دراسات إسلامية في الأصول الإباضية ص18، ط مكتبة الضامري – السيب – سلطنة عمان.

([5]) تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ج6 ص666 ، 669، ط وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة – السعودية.

([6]) الإباضية ومنهجية البحث عند المؤرخين وأصحاب المقالات لعليّ الحجري ص55، ط مكتبة الجيل الواعد – مَسْقَط – سلطنة عمان.

([7]) سير أعلام النبلاء للذهبي ج7 ص299، ط مؤسسة الرسالة – بيروت.

([8]) تاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص533، ط دار الغرب الإسلامي- بيروت.

([9]) الكامل في ضعفاء الرجال ج8 ص447، ط دار الكتب العلمية – بيروت.

([10]) الإباضية ومنهجية البحث عند المؤرخين وأصحاب المقالات عليّ الحجري ص55، ط مكتبة الجيل الواعد – مَسْقَط – سلطنة عمان.

([11]) الكامل في ضعفاء الرجال ج8 ص447، ط دار الكتب العلمية – بيروت.

([12]) مسند الربيع بن حبيب الفراهيدي ص355 حديث رقم 909، ط مكتبة الاستقامة – سلطنة عمان. وهو كتاب منحول مختلق !

([13]) مسند الربيع بن حبيب الفراهيدي ص28 حديث رقم 17، ط مكتبة الاستقامة – سلطنة عمان.

([14]) مسند الربيع بن حبيب الفراهيدي ص3 ، ط مكتبة الاستقامة – سلطنة عمان.

([15]) صحيح مسلم – حديث رقم: 7 – (1493).

([16]) صحيح مسلم – حديث رقم: 42 – (2799).

([17]) الإباضية ومنهجية البحث عند المؤرخين وأصحاب المقالات عليّ الحجري ص19، ط مكتبة الجيل الواعد – مَسْقَط – سلطنة عمان.

([18]) العلل لابن أبي حاتم ج3 ص230 ، ط مطابع الحميضي – الرياض.

([19]) العلل لابن أبي حاتم ج3 ص197 ، ط مطابع الحميضي- الرياض.

([20]) صحيح البخاري – حديث رقم: 321.

([21]) صحيح مسلم – حديث رقم: 93 – (1116).

([22]) صحيح مسلم – حديث رقم: (1493).

([23]) سنن الترمذي ج1 ص210، حديث رقم: 144.

بقية الحلقات:

براءة جابر بن زيد من الأباضية – حلقة (2)

:

فرية غضب الله على أبي بكر بسبب فاطمة !

قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث

نسف افتراءات الشيعة الرافضة حول الصحابة الأطهار

فرية غضب الله على سيدنا أبي بكر الصديق بسبب السيدة فاطمة !

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

 

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

هذه سلسلة ردود علمية على شبهات الرافضة حول أصحاب رسولنا الكريم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

استدل أحد الرافضة بهذا الحديث من صحيح البخاري على غضب السيدة فاطمة رضي الله عنها من سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه !

 

وقال الرافضي أن الرواية لم يروها أحد من الصحابة إلا أبو بكر !

ثم وضع تحته رواية أن الرسول صلى اله عليه وسلم قال لفاطمة:” إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرَضَاكِ “

وبنى عليها فكرة أنه طالما أن السيدة فاطمة غضبت على أبي بكر فإنَّ الله غاضب عليه !

وقال الرافضي: (هل من المعقول ان رسول الله اخبر ابابكر وهو ليس له شان بهذا الحديث .،،وترك ابنته وهي صاحبه الامر وهي المشموله بهذا الحديث)

وذَكَرَ الرافضي الآية {وورث سليمان داود} مستدلاً بها على أن النبي سليمان ورث أباه النبي داود عليهما السلام.!

وللرد على هذه الأباطيل أقول:

أولاً: قولك؛ أن هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو بكر, قول باطل.

ولن أقول أنك كذاب, لأني على يقين أنك تابع مخدوع وليس أنك تعمدت الكذب.!

ففي صحيح مسلم برقم 49 – (1757) عن عمر الخطاب قال: …. أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة»، قالوا: نعم …}

هل تعلم مَن الذين قالوا نعم ؟

عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، والعباس بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.

عمر بن الخطاب سأل هؤلاء جميعاً؛ أتعلمون أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة».

فقالوا جميعاً نعم.!!

فكيف تقول أن هذا الحديث لم يروه إلا أبو بكر الصديق فقط ؟

ومع ذلك, فليس كل هؤلاء فقط هم الذين سمعوا الحديثَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهناك المزيد:

1- السيدة عائشة رضي الله عنها:

{ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ،

فَيَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ لَهُنَّ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ» }.

وهذا من صحيح مسلم برقم 51 – (1758).

2- أبو هريرة رضي الله عنه:

فعن أبي هريرة قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي شَيْئًا مِمَّا تَرَكْتُ، مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ “

وهذا من كتاب تركة النبي لحماد بن إسحاق برقم (57)- [58] و صحيح ابن خزيمة برقم 2488 .

وهناك آخرون من الصحابة سمعوا هذا الحديثَ من الرسول صلى الله عليه وسلم.

ثانياً: هذا الغضب من السيدة فاطمة لا يضر سيدنا أبا بكر الصديق في شيء:
أبو بكر الصديق في الجنة بنص القرآن الكريم وبنص كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

·         أما القرآن الكريم فقد قال ربنا تبارك وتعالى:

 (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى)سورة الليل من 17 إلى 21.

فهذه الآيات الكريمات تتحدث عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه.

قال الإمامان الجلالان المحلي والسيوطي:

 { وَهَذَا نَزَلَ فِي الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَمَّا اِشْتَرَى بِلَالًا الْمُعَذَّب عَلَى إِيمَانه وَأَعْتَقَهُ , فَقَالَ الْكُفَّار : إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَدٍ كَانَتْ لَهُ عِنْده فَنَزَلَتْ }. تفسير الجلالين.

أما من السنة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: { النبي في الجنة, وأبو بكر في الجنة ….}.

رواه أبو داود في سُننه بإسناد صحيح.
وأبو بكر الصديق اتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فهل إذا كنتَ مكانه ستخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن ترضي السيدة فاطمة رضي الله عنها ؟؟

ثالثاً: فساد قوله بأن السيدة فاطمة هي صاحبة الشأن في مسألة الإرث:

 تقول (هل من المعقول ان رسول الله اخبر ابابكر وهو ليس له شان بهذا الحديث .،،وترك ابنته وهي صاحبه الامر وهي المشموله بهذا الحديث)

بل أبو بكر الصديق رضي الله عنه مَعْنِيٌّ بهذا الحديث من الدرجة الأولى، لأن الحُكْمَ والمُلْكَ صارا إليه بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.

فهو الذي سيقسم المال بين الناس, وهو الذي سيحكم في أموال الناس وأعراضهم ودمائهم.
(إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا)(النساء)( 105 )

فالله عز وجل أنزل هذا الدين ليحكم بين الناس، أوليس الخليفة هو ولي الأمر المنوط بتنفيذ أحكام الله ؟
فكيف تدعي أنه ليس صاحب الشأن في هذا الأمر ؟؟؟؟؟؟؟؟

رابعاً: استدلال الرافضي بحديث ” إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرَضَاكِ “:

ثم وضعتَ لنا حديثاً وزعمت لنا أنه حديث صحيح !! ” إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرَضَاكِ “

وكأنَّ المسلمين يعيشون هكذا دون علوم يعلمون بها صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من سقيمه !!

أرجو أن تستيقظ مِن نومك وأن تُقَلِّلَ من الطعام قبل النوم حتى لا تحلم هذه الأحلام الباطلة, وتبني عليها هذه الأوهام القاحلة.

فلم تذكر لنا مَن الذي صَحَّحَ هذا الحديث من علماء الحديث ؟

فالحديث في سنده راوٍ ضعيفٌ, وهو الحسين بن زيد الهاشمي.

وقال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء.
وقال أبو حاتم الرازي: يعرف وينكر.

وقال عليُّ بن المديني: كان فيه ضعف ويُكتب حديثه.


أما الحديث الذي وضعه الرافضي أسفل الصورة من صحيح البخاري فهو حديث صحيح بلا شك !
{
عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي } برقم 3714 و 3767

وسبب ورود قول النبي صلى الله عليه وسلم{ فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي } أن عليا رضي الله عنه أراد أن يتزوج بنت أبي جهل على السيدة فاطمة فعن الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ أَمَّا بَعْدُ أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ }.


وهذا شرح الإمام النووي على صحيح مسلم ج16 ص3 ط قرطبة يقول:

{ نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين: إحداهما أن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة فيتأذى حينئذ النبي صلى الله عليه و سلم فيهلك من أذاه فنهي عن ذلك لكمال شفقته على علي وعلى فاطمة والثانية خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة…..}

فالكلام أصلاً كان موجهاً لعلي بن أبي طالب وليس لأبي بكر بالصديق رضي الله عنه.
ثم أن علياً بالفعل كان على خطأ حينما أراد أن يجمع بين بنت رسول الله وبنت عدو الله في بيت واحد.
أما أبو بكر فهو محق في مسألة ميراث النبي صلى الله عليه وسلم, فلست أتخيل أبداً أن رجلا يزعم محبته واتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم, ثم يخالفه في أمر صحيح صريح.

إذا كيف يقول النبي صلى الله عليه وسلم { لا نورث, ما تركناه صدقة } ثم يجرؤ أحد أصحابه على مخالفته.!!

كلا والله, ما كان لأبي بكر رضي الله عنه أن يخالف أمراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

خامساً: استدلالك بالآية الكريمة استدلال غير صحيح:

فالمفسرون متفقون على أن الميراث هنا ميراث النبوة والحكم وليس ميراث المال.!

قال الإمام ابن كثير:
{وقوله: { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ } أي: في المُلك والنبوة، وليس المراد وراثَةَ المال؛ إذ لو كان كذلك لم يخص سليمان وحده من بين سائر أولاد داود، فإنه قد كان لداود مائةُ امرأة. ولكن المراد بذلك وراثةُ الملك والنبوة؛ فإن الأنبياء لا تورث أموالهم، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة }.

ومما يدل أيضاً على صحة القول أن إرث النبوة هو الإرث المراد في الآية الكريمة {وورث سليمان داود} ما رواه المنذري في الترغيب والترهيب – وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1 / 19):

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه مر بسوق المدينة فوقف عليها فقال: يا أهل السوق ما أعجزكم قالوا: وما ذاك يا أبا هريرة ؟ قال: ذاك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَسَّمُ وأنتم ها هنا, ألا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه ؟ قالوا: وأين هو ؟ قال: في المسجد, فخرجوا سِراعاً، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا, فقال لهم: ما لكم ؟ فقالوا: يا أبا هريرة قد أتينا المسجد فدخلنا فيه فلم نر فيه شيئاً يُقَسَّمُ ! فقال لهم أبو هريرة: وما رأيتم في المسجد أحداً ؟ قالوا: بلى, رأينا قوماً يصلون، وقوما يقرؤون القرآن، وقوما يتذاكرون الحلال والحرام ! فقال لهم أبو هريرة: وَيْحَكُمْ, فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم }.

فهذا أبو هريرة رضي الله عنه فَسَّرَ ميراث النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ميراث العلم والدين والفقه وليس ميراث المال.

ولو كان المقصود في الآية هو ميراث المال، فلماذا ورث سليمان فقط أباه داود دون إخوته من أبناء داود ؟؟

سادساً: إقامة الحجة على المُدَّعِي من نفس الرواية:

ثم هذه الرواية تقول أن علياً رضي الله عنه اعترف بخطئه فيما فعل من امتناعه عن البيعة, وأقر لأبي بكر الصديق رضي الله عنه بأنه على الحق وبايعه, ولهذا عاد المسلمون إلى عليٍّ مرة أخرى.

ثم هذه الرواية من رواية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها, والرافضة أصلا لا يؤمنون أنها ام المؤمنين, ولا يقدرونها حق قدرها !

فلماذا يستدل الرافضة اليوم برواياتها ؟؟

وإذا قال الرافضي أنا لا أؤمن بالرواية وإنما أستدل بها لإقامة الحُجة عليكم يا معشر أهل السُنة, قلنا: أن آخر الرواية يقر فيه عليُّ بنُ أبي طالب رضي الله عنه ويعترف بأنه كان على خطأ في مسألة الميراث.

ولهذا نقول أننا معشر أهل السنة فهمنا الرواية فهماً صحيحاً متوافقا مع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

في حين أن غيرنا يأخذ من الرواية فقط ما يوافق هواه !!


سابعاً: حب أبي بكر الصديق لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ووصيته بهم:
لقد وصى أبو بكر الصديق رضي الله عنه بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسن معاملتهم جميعاً. فقد روى البخاري في صحيحه:
{عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ: ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ }. صحيح البخاري برقم 3713.

بل في نفس الرواية التي ذكرها البخاري والتي يستدل بها الرافضي على غضب السيدة فاطمة على أبي بكر رضي الله عنهما أن أبا بكر قال: { وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي }.

ثامناً: تعليق الرافضي على كلامي السابق, والرد عليه:

قال الرافضي: (لماذا ذهب الامام علي مع فاطمة عليهم السلام ايضا ؟ لامام علي لم يسمع بهذا الحديث)
ويقصد الرافضي إذا كان علي بن أبي طالب يعلم الحديث بالفعل فلماذا سار على ما سارت عليه السيدة فاطمة رضي الله عنهما ؟
وللرد على هذا السؤال أقول:
في المرة الأولى حينما وجدت السيدة فاطمة على سيدنا أبي بكر بسبب مسألة الميراث لم يكن علي بن أبي طالب يعلم بالحديث ولهذا سار علي على ما سارت عليه السيدة فاطمة, فلما سمع عليٌّ الحديث من أبي بكر الصديق أذعن عليٌّ له وصدقه على الفور فيما يقول.
وأما في المرة الثانية في المجلس الذي فيه عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، والعباس بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب كان عليّ رضي الله عنه يعلم الحديث فلما سأله عمر بن الخطاب عن الحديث قال علي أنه يعلمه.
وهذا نص الرواية { فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَالَا نَعَمْ }.
فعلي والعباس شهدا أنهما يعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {لا نورث, ما تركناه صدقة}.
وسؤالي للرافضي الجاهل: هل كذب علي بن أبي طالب على عمر بن الخطاب حينما سأله عمر عن حديث { لا نورث, ما تركناه صدقة } ؟
وفي هذا الحديث دليل على صدق أبي بكر وتصديق علي بن أبي طالب له لأن علياً حينما سُئل عن الحديث في مجلس عمر قال أنه يعلمه.
وهذه شهادة عزيزة أن علياً يُصَدَّقُ أبا بكر فيما ينقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وها قد صفعنا ذلك الرافضي هو وحاخاماته علماء الروافض.

ونكون بهذا قد نسفنا ما زعمه الرافضي ودمرناه تدميراً ،،

 

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

فرية قول ابن عمر عن جارية نافع: واهًا لريح فلانة !

قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث

نسف افتراءات د/عدنان إبراهيم حول الصحابة

فرية قول ابن عمر عن جارية نافع: واهًا لريح فلانة !

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

هذه سلسلة ردود علمية على شبهات عدنان إبراهيم حول أصحاب رسولنا الكريم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

ادَّعى عدنان إبراهيم في مَعْرضِ طعنه على عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ ابن عُمرَ أعتق جارية وأعطاها لنافع ثم إذا رأى ولد هذه الجارية اعتنقه وقال ” وَاهًا لريح فلانة ” ؟!!

وبالغ عدنان مستخدمًا لغةَ الجسد في أسوء معانيها لتصوير عبد الله بن عمر في صورة العاشق الولهان.!

واستدل بمـا رواه الإمام ابن سعد قال:

{ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ، فَلَمَّـا اشْتَدَّ عُجْبُهُ بِهَا أَعْتَقَهَا، وَزَوَّجَهَا مَوْلًى لَهُ “، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هُوَ نَافِعٌ، فَوَلَدَتْ غُلامًا، قَالَ نَافِعٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الصَّبِيَّ فَيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: ” وَاهًا لِرِيحِ فُلانَةَ “، يَعْنِي الْجَارِيَةَ الَّتِي أَعْتَقَ؟}.(1)

وللردِّ على هذه الفرية أقول:

أولاً: الرواية غير صحيحة:

أقول أن هذه الرواية لا تصح، فسندُها ضعيف.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً فقط، ويجب أن تنطبق عليه شروط خمس وهي:

1- اتصال السند.

2- عدالة الرواة.

3- ضبط الرواة.

4- انتفاء الشذوذ.

5- انتفاء العلة.

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح : { أَمَّا الْـحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ

الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا ، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)

علل الرواية:

العلة الأولى:عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ.

قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني:

{ صَدُوقٌ عَابِدٌ رُبَّمَـا وَهِمَ وَرُمِيَ بِالْإِرْجَاءِ }.(3)

قال الإمامُ ابنُ حِبَّان:

{ روى عن نافع أشياء لا يشك مَن الحديثُ صِناعَتُه إذا سَمِعَهَا أَنَّهَا مَوْضُوْعَةٌ، كَانَ يُحَدِّثُ بها توهمًا لا تعمدًا، ومن حَدَّثَ على الحسبان، وروى على التوهم حتى كَثُرَ ذلك منه سَقَطَ الاحتجاجُ به.

 وإنْ كان فَاضِلًا في نفسه…قال أبو حاتم: روى عبد العزيز عن نافع عن ابن عمر نسخة موضوعة لا يحل ذِكْرُهَا إلا على سبيل الاعتبار}.(4)

تنبيه:

روى الإمام البخاري في صحيحه لعبد العزيز متابعةً وليس على سبيل الاحتجاج به.

وقد ترك الإمام سفيان الثوري صلاة الجنازة عليه لبدعته وقوله في الإرجاء.

العلة الثانية:محمد بن يزيد بن خُنَيْس.

قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني:

{ مقبول }.(5)

وهذا يعني أنه يصلح في المتابعات وليس في الاحتجاج به.

وشيخنا الألباني في سلسلته الضعيفة كان يتحدث عن حديث موضوع, وكان له متابعة من طريق محمد بن يزيد بن خنيس فوصف متابعة ابن خنيس أنها متابعة واهية.

قال الشيخُ الألبانيُّ:

{ ثم إن الراوي عنه ابن خنيس ؛ قال الحافظ :”مقبول” ، قلت: فمثل هذه المتابعة الواهية لا تُعطي الحديث شيئاً من القوة ولا تُخرجُه عن كونه موضوعاً }.(6)

 وهكذا نرى أن الرواية لا تنهض ولا تقوم بها حجة على استدلال عدنان إبراهيم بها.

أفلا يتقي عدنان إبراهيم ربه في عِرض عبد الله بن عمر رضي الله عنه ؟

أبمثل هذه الروايات الضعيفة الواهية نتجرأ على عبد الله بن عمر ؟
إنا لله وإنا إليه راجعون !!

ثانياً: ابن عمر مِن أورع الصحابة وأتقاهم:

أقول أنَّ عبدَ الله بن عمر كَانَ مِنْ أورع وأتقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتعالوا إلى شيء مِنْ ورع وتقوى عبد الله بن عمر رضي الله عنه وعن أبيه:

عبد الله بن عمر أحد الذين أخبرنا الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز أنه رضي عنهم.

قال الإمام الذهبي:

{ أَسْلَمَ وَهُوَ صَغِيْرٌ، ثُمَّ هَاجَرَ مَعَ أَبِيْهِ لَمْ يَحْتَلِمْ … وَهُوَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ }.(7)
قال الإمام الذهبي:

{ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: إِنَّ مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسهِ عَنِ الدُّنْيَا عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ .

ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ مُتَوَافِرُوْنَ، وَمَا فِيْنَا شَابٌّ هُوَ أَمْلَكُ لِنَفْسِهِ مِنِ ابْنِ عُمَرَ.

 وَقَالَ ابْنُ الـمُسَيِّبِ: لَوْ شَهِدْتُ لأَحَدٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، لَشَهِدْتُ لابْنِ عُمَرَ. رَوَاهُ: ثِقَتَانِ، عَنْهُ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ الـمُسَيِّبِ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمَ مَاتَ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ.

وَعَنْ طَاوُوْسٍ: مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ }.(8)

وهذا يُبَيِّنُ لك ما كان عليه عبد الله بن عمر مِن ورع وتقوى وتعفف وتجرد وخشية لله رب العالمين.

ثالثاً: عدنان إبراهيم والصحابة:

ما الذي يريده عدنان إبراهيم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

ما فائدة طعنه في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

ما الخير الذي سيعود على الأمة الإسلامية من وراء هذا الطعن والغمز واللمز في الصحابة ؟

كم مِن شاب مُسلم بعيد عن طاعة الله سيهتدي بمثل هذا الكلام الساقط؟

كم مِن شابٍّ عاصٍ لله تبارك وتعالى سيتوب بسبب كلامك هذا ؟

وكم مِن مُلحد سيؤمن بالله والإسلام بعد كلامك هذا ؟

ما فائدةُ بَثِّ رواياتٍ مكذوبةٍ وضعيفةٍ بين الناس للقدح في أشرف الخلق بعد الرسل والأنبياء ؟

ما هذا الـخَطَل الذي لا يقبله عاقلٌ فضلًا عن عالمٍ وباحثٍ ؟؟

ثُمَّ مَن الذي قال أنَّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان مِن هذا النوع مِن الرِّجال الذي يفعل فعلة كهذه من أجل امرأة؟

خذ يا عدنان لتعرف هل كان ابن عمر وَلِعًا بالنساء كما تصوره لمشاهديك أم لا !!

قال الإمام الذهبي:

 {وَقَالَ نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:لَوْ تَرَكْنَا هَذَا البَابَ لِلنِّسَاءِ). قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدخْلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ }.(9)

الله أكبر الله أكبر !! ما هذا الاتِّبَاع الرائع !! ما هذه الطاعة الصافية !!

فانظر أيها القارئ الكريم إلى الاتباع المحمود العجيب لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم !

هذا هو العابد الزاهد المتبع مقتفي الأثر الشريف رضي الله عنه وعن أبيه.

العجيب أن عدنان أثناء عرض هذه الروايات الباطلة يقول أن عبد الله بن عمر كان تقيًا !!

عدنان حينما قال كلمة “واها لريح فلانة” أمسك كتابًا وَحَضَنَهُ وكأنَّ عبد الله بنَ عُمَر كان مُغْرَمًا بالمرأة.!

ثُمَّ لماذا يضع عدنان هذه التحابيش المنفرة على الرواية من كِيسِهِ، ولماذا يستخدم لغة الجسد هذا الاستخدام الفاحش؟ ولمصلحة من يتم الكلام عن صحابي جليل بهذه الطريقة المبتذلة ؟؟

ولغة الجسد هذه نعرفها ونعرف إلى ماذا يريد عدنان إبراهيم أن يوجه قلوب الناس وعقولهم.

رابعاً: ليس كل ما في الكتب صحيحًا:

أقول: ليس كُلُّ ما في كتب التاريخ أو السُّنة أو السيرة أو حتى التفسير صحيحاً، لأن علماءنا جزاهم الله عنا خيرًا كانوا يهتمون بجمع الروايات وتدوينها في الكتب حتى لا يضيع شيء منها.

ولم يقلْ واحدٌ مِنْ علماء التاريخ على الإطلاق أنَّ كُلَّ ما في كتابه صحيح. والأصل هو الإسناد.

يقول الدكتور إبراهيم العلي:

{ الإسنادُ لابد منه في كُلِّ أمر من أمور الدين, وعليه الاعتمادُ في الأحاديث النبوية وفي الأحكام الشرعية وفي المناقب والفضائل والمغازي والسير وغير ذلك من أمور الدين المتين والشرع المبين, فشيءٌ من هذه الأمور لا ينبغي عليه الاعتماد مالم يتأكد بالإسناد, لاسيما بعد القرون المشهود لها بالخير… وقد شدد سلفنا الصالح رضوان الله عليهم على ضرورة الإسناد, وأنه مطلوب في الدين, وأنه مِن خصائص أُمَّة الإسلام }.(10)

روى الإمام الطبراني:

{ عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا»}.(11)

والرواية صَحَّحَهَا العلامة الألباني في صحيح الجامع الصغير بمجموع طرقها.(12)

وَأخيراً أُذكِّرُكَ بقول الله تعالى:
 { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَـهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّـا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.(سورة البقرة آية 134).

إضافة مهمة للموضوع: بتاريخ 23-7-2013

وقفتُ اليوم على تحقيق كتاب مجموع رسائل ابن رجب لأبي مصعب، “طلعت بن فؤاد الحُلواني” جزاه الله خيرا ووجدته قال في الرواية نفس ما قلتُه في بحثي،
فقال:
{ في إسناده محمد بن يزيد بن خنيس المكي، قال الحافظ في “التقريب”: مقبول. أي حيث يتابع وإلا فهو ضعيف، ولم يتابعه أحد عَلَى ما وقفت عليه، وعبد العزيز بن أبي رواد: صدوق ربما وهم. فالإسناد ضعيف، والله أعلم }.
(13)
فالحمد لله رب العالمين

مراجع البحـث:

 (1)  الطبقات الكبرى للإمام محمد بن سعد ج4 ص156، ط مكتبة الخانجي – القاهرة، ت: د علي محمد عمر.

 (2)  علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ، دار الفكر – سوريا، ت: نور الدين عنتر.

 (3)  تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص298 ت4096، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.

 (4)  المجروحين من المحدثين للإمام ابن حبانج2 ص119، ط دار الصميعي الرياض، ت: الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي.

 (5)  تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص447 ت6396، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.

 (6)  سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ج7 ص322، ط دار المعارف الرياض.

 (7)  سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص204، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط.

 (8)  سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص212، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط.

 (9)  سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص213، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط.

(10) صحيح السيرة النبوية للدكتور إبراهيم العلي ص12، طبعة دار النفائس – الأردن.

(11) المعجم الكبير للإمام سليمان بن أحمد الطبراني ج2 ص96, ط مكتبة بن تيمية – القاهرة، ت: حمدي عبد المجيد السلفي.

(12) صحيح الجامع الصغير للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص155 ح545, ط المكتب الإسلامي – بيروت.

(13) مجموع رسائل ابن رجب للحافظ ابن رجب الحنبلي ج2 ص428, ط دار الفاروق الحديثة – القاهرة، ت:طلعت الحُلواني.

 

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

الرد على هذه الفرية مصورا

%d مدونون معجبون بهذه: