أرشيف المدونة

هذا الصديق الأكبر هذا فاروق هذه الأمة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

فهذه روايات وضعها الرافضة الأوائل ليمرروا دينهم الباطل عبرها، ففكرت أنَّ عَرْضَها وتفنيدها سيكون نافعًا بمشيئة الله للمسلمين على شبكة الإنترنت! خصوصًا الإخوة المهتمون بالرد على الشيعة الرافضة.

لكن قبل عرض الروايات ينبغي أن أذكر أحد الأصول المهمة عند المسلمين، وهي أنه لا يوجد عالِمٌ مُسْلِمٌ واحد يقول إن جميع ما في كتب المسلمين صحيح! بل اتفق جميعُ علماءِ المسلمين أن الكتب فيها الصحيح والضعيف، وأنه لا تقوم الحجة عند علماء المسلمين في باب العقائد والتشريع والأحكام إلا بالروايات الصحيحة أو الحسنة!

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن أهمية الاسناد:

[وَعِلْمُ الْإِسْنَادِ وَالرِّوَايَةِ مِمَّا خَصَّ اللَّهُ بِهِ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَهُ سُلَّمًا إلَى الدِّرَايَةِ . فَأَهْلُ الْكِتَابِ لَا إسْنَادَ لَهُمْ يَأْثُرُونَ بِهِ الْمَنْقُولَاتِ ، وَهَكَذَا الْمُبْتَدِعُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَهْلُ الضَّلَالَاتِ ، وَإِنَّمَا الْإِسْنَادُ لِمَنْ أَعْظَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْمِنَّةَ ” أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ ، يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ وَالْمُعْوَجِّ وَالْقَوِيمِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْكُفَّارِ إنَّمَا عِنْدَهُمْ مَنْقُولَاتٌ يَأْثُرُونَهَا بِغَيْرِ إسْنَادٍ ، وَعَلَيْهَا مِنْ دِينِهِمْ الِاعْتِمَادُ ، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ فِيهَا الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ ، وَلَا الْحَالِي مِنْ الْعَاطِلِ].
مجموع الفتاوى ج1 ص9

• قال شيح الإسلام ابن تيمية:
[ وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا أَنَّا نَذْكُرُ قَاعِدَةً فَنَقُولُ: الْمَنْقُولَاتُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الصِّدْقِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْكَذِبِ، وَالْمَرْجِعُ فِي التَّمْيِيزِ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا إِلَى أَهْلِ عِلْمِ الْحَدِيثِ، كَمَا نَرْجِعُ إِلَى النُّحَاةِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ نَحْوِ الْعَرَبِ وَنَحْوِ غَيْرِ الْعَرَبِ، وَنَرْجِعُ إِلَى عُلَمَاءِ اللُّغَةِ فِيمَا هُوَ مِنَ اللُّغَةِ وَمَا لَيْسَ مِنَ اللُّغَةِ، وَكَذَلِكَ عُلَمَاءُ الشِّعْرِ وَالطِّبِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلِكُلِّ عِلْمٍ رِجَالٌ يُعْرَفُونَ بِهِ ]. منهاج السنة النبوية (7/ 34).

قال الإمام النووي:
[ قال الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ الله شرط مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه أن يكون الحديث متصل الاسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه سالما من الشذوذ والعلة قال وهذا حد الصحيح فكل حديث اجتمعت فيه هذه الشروط فهو صحيح بلا خلاف بين أهل الحديث ]. شرح النووي على مسلم ج1 ص34 ط قرطبة.

الرواية الأولى:

رواها الطبراني فقال: [ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَزِيرُ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، ثنا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ أَبِي سُخَيْلَةَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَعَنْ سَلْمَانَ، قَالا: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَقَالَ: ” إِنَّ هَذَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يُصافِحُنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا الصِّدِّيقُ الأَكْبَرُ، وَهَذَا فارُوقُ هَذِهِ الأُمَّةِ، يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَهَذَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمَالُ يَعْسُوبُ الظَّالِمِ “].

أولا: هذا السند ضعيف للعلل الآتية:

1. عمر بن سعيد البصري: ضعيف الحديث.

2. أبو سخيلة: مجهول العين والحال.

فهذه الرواية تخالف الشرطين الثاني والثالث من شروط صحة الرواية!

ثانيا: متن الرواية عليه عدة إشكالات:

  1. أول من أسلم هو أبو بكر الصديق وليس علي بن أبي طالب كما هو ثابت في صحيح مسلم.
  2. الصديق الأكبر هو أبو بكر الصديق بلا خلاف عند علماء المسلمين، وذلك لأنه الوحيد الذي لَقَّبَه الرسولُ صلى الله عليه وسلم بهذا اللقب الشريف. فكيف يقال إن عليًا هو الصديق الأكبر؟!
  3. لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم سمَّى علي بن أبي طالب الصديق الأكبر وفاروق هذه الأمة، لنقل الصحابة رضي الله عنهم ذلك وتداولوه بينهم. 

ثالثا: ليس لدينا مشكلة على الإطلاق أن نثبت هذه الأوصاف وهذه الألقاب لعلي بن أبي طالب عليه السلام والرضوان، وهو من هو، ولكن مشكلتنا هي حرمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم التقول عليه ما لم يقله. فلقد حذرنا عليه الصلاة والسلام قائلا: [ مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ]. رواه مسلم في صحيحه.

رابعا: إذا كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو أفضل رجل في الأمة الإسلامية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم – كما يقول المستدل بهذه الرواية وأمثالها – فلماذا نجد الروايات مستفيضة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بتفضيل أبي بكر وعمر وعلى رضي الله عنهما نفسه؟!

وإليك بعض هذه الروايات:

1. عَنْ وَهْبٍ السُّوَائِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ، فَقَالَ: مَنْ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟ فَقُلْتُ: أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: ” لَا خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَمَا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ “.
مسند أحمد ط الرسالة (2/ 201)

2. عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، سَمِعْتُ عَلِيًّا،، يَقُولُ: ” خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَلَوْ شِئْتُ لَحَدَّثْتُكُمْ بِالثَّالِثِ ]. مسند أحمد ط الرسالة (2/ 224).

3. عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: ” أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟ أَبُو بَكْرٍ، وَخَيْرُهَا بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ: عُمَرُ، ثُمَّ يَجْعَلُ اللهُ الْخَيْرَ حَيْثُ أَحَبَّ ]. مسند أحمد ط الرسالة (2/ 245).

4.  عن محمد بن علي بن أبي طالب قال: قلت لأبي: أيُّ الناس خيرٌ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟! قال: ثم عمر. قال: وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت؟! قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين. صحيح البخاري – حديث رقم: 3671. 

والحمد لله رب العالمين ،،،،

الإعلان

فرية طعن الحسن البصري في معاوية !

قناة مكافح الشبهات – أبو عمر الباحث

سلسلة الدليل والبرهان في تبرئة معاوية بن أبي سفيان

فرية طعن الحسن البصري في معاوية بن أبي سفيان !

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

 هذه سلسلة ردود علمية على شبهات الرافضة حول أمير المؤمنين الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.

ادَّعى أحد الرافضة من محبي وعُشَّاق عدنان إبراهيم أنَّ التابعي الجليلَ الحسنَ البصريَّ وصف سيدنا معاوية بن أبي سفيان بصفات يتنقص منه فيها.!

واستدل بما رواه الإمامُ الطبري في تاريخه:

قَالَ الإمامُ الطبري:

[قَالَ أَبُو مخنف: عن الصقعب بن زهير، عن الْحَسَن، قَالَ: أربع خصال كن فِي مُعَاوِيَة، لو لَمْ يَكُنْ فِيهِ منهن إلا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه عَلَى هَذِهِ الأمة بالسفهاء حَتَّى ابتزَّها أمرها بغير مشورة مِنْهُمْ وفيهم بقايا الصحابة وذو الفضيلة، واستخلافه ابنه بعده سكيراً خميراً، يلبس الحرير ويضرب بالطنابير، وادعاؤه زياداً، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش، وللعاهر الحجر، وقتله حُجراً، ويلاً لَهُ من حُجر! مرتين..].(1)

وللرد على هذا الافتراء أقول:

أولاً: الرواية  غير صحيحة:

فسندُها منقطع، وفيه راوٍ شيعي رافضي خبيث.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً اجتمعت فيه شروط قبول الرواية فقط، بقسميه الصحيح والحسن، ويجب أن تنطبق على الصحيح شروط خمس وهي:

1- اتصال السند.

2- عدالة الرواة.

3- ضبط الرواة.

4- انتفاء الشذوذ.

5- انتفاء العلة.

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:

[أَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا، وَلا مُعَلَّلًا].(2)

علل الرواية:

العلة الأولى: لوط بن يحيى، أبو مخنف.

قال الإمام شمس الدين الذهبي:

[لوط بن يحيى، أبو مخنف، أخباري تَالِفٌ، لا يُوثَقُ بِهِ.

تركه أبو حاتم وغيره.

وقال الدارقطني: ضعيف.

وقال ابن معين: ليس بثقة.

وقال مَرَّةً: ليس بشيء.

وقال ابنُ عَدِيٍّ: شيعي محترق، صاحب أخبارهم. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ].(3)

الْعِلَّة الثانية: الصَّقْعَبُ بنُ زُهَير لم يسمع من الحسن البصري.

بحثت في كتب التراجم والرجال فلم أجد سماعاً للصقعب بن زهير من الحسن البصري, وهذا يعني أن الرواية منقطعة، وهذا يقدح في الشرط الأول من شروط قبول الرواية وهو اتصال السند.

وعليه فالرواية مِنْ حَيث السند، ضعيفة بسبب هاتين العِلَّتَينِ، ولا تقوم بها حجة على الإطلاق.

ثانياً: تضعيف المحققين للرواية:

لقدْ حَكَمَ مُحققا تاريخ الطَّبري على هذه الرواية بالضعف الشديد.

قال محققا تاريخ الطبري:

[ إسنادُه تَالِفٌ، وفي مَتْنِهِ نَكَارَةٌ ].(4)

ثالثاً: الرواية تحتوي مغالطات تاريخية فظيعة:

يحتوي متنُ هذه الرواية الباطلة على عدد من المغالطات التاريخية، ومنها

فأمَّا قولُه: [ انتزاؤه عَلَى هَذِهِ الأمة بالسفهاء حَتَّى ابتزَّها أَمْرَهَا بغير مَشُورةٍ مِنْهُمْ، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة ] فقولٌ غير صحيح! بل إِنَّ الصحابةَ وذوي الفضيلة هم الذين بايعوا معاوية رضي الله عنه بالخلافة وعلى رأسهم الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن أبيه.

وأمَّا قولُه: [ واستخلافه ابنه بعده سكيراً خميراً، يلبس الحرير ويضرب بالطنابير ]. فغير صحيح.

فلم يَثْبُتْ عن يزيد مطلقاً أنه شَرِبَ الخمرَ أو سَكِرَ.

فهذه شهادة محمد بن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه وعن أبيه.!

قال الإمام ابن كثير:

[ عَنْ نَافِعٍ قال: مَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وَأَصْحَابُهُ إِلَى مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ، فَأَرَادُوهُ عَلَى خَلْعِ يَزِيدَ،

 فَأَبَى، وَقَالَ ابْنُ مُطِيعٍ: إِنَّ يَزِيدَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَيَتْرُكُ الصَّلاةَ، وَيَتَعَدَّى حُكْمَ الْكِتَابِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِنْهُ مَا تَذْكُرُونَ، وَقَدْ أَقَمْتُ عِنْدَهُ، فَرَأَيْتُهُ مُوَاظِبًا لِلصَّلاةِ، مُتَحَرِيًّا لِلْخَيْرِ، يَسْأَلُ عَنِ الْفِقْهِ,مُلَازِمًا لِلسُّنَّةِ…].(5)

الله أكبر الله أكبر, فهذه شهادةٌ عزيزةٌ جداً في مكانها وزمانها.

وأما قولُه: [وادعاؤه زياداً، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش، وللعاهر الحجر].

فأقول: أولاً, لو افترضنا أن الحديث ينطبق على نفس الحالة التي كانت عليه مسألة معاوية في ادعاء زياد، فهل بلغ معاويةَ هذا الحديثُ ولم يعمل به ؟ هل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

ثم ثانياً، حديث [ الولد للفراش, وللعاهر الحجر ]، يقال عن المرأة المتزوجة التي زنت وأتت بولد فَيُنْسَبُ الولد إلى الفراش، أما غير المتزوجة كـ “سمية” فتطبيق الحديث عليها غير صحيح.

بمعنى أن الحديث يقول أنه  إذا زَنَت امرأةٌ متزوجةٌ وأتت بولد، فَإِنَّ الوَلَدَ يُنْسَبُ للفراش أي إلى الزوج، لأنه لا يستطيع أحدٌ أنْ يضمن أن هذه النطفة – التي جاء منها الولد على الخصوص – كانت نطفةَ الشخص الزاني.

فكيف يكون الحال إذا كانت هذه المرأةُ غيرَ متزوجة أصلاً وليس لها فراشٌ شَرْعِيٌ تُوْطَأ عليه؟

وعليه نقول أن معاوية لم يخالف سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما قَولُه: [ وقتله حُجراً، وَيْلاً لَهُ من حُجر! مرتين ].

فهذا بين معاوية وبين ربه تبارك وتعالى, إن كان معاوية قتل حُجر بن عدي ظُلْمًا فالله يحاسبه على ذلك, وإنْ كان معاوية مُتَأَوِّلاً في ذلك ويرى أنه فعل صواباً, فأيضاً حسابه عند ربه.

ولقد قبلت منه السيدة عائشة نفس هذه الكلمة وسكتت.

فلو قال الحسن البصري ذلك لقدح قوله هذا في علمه وفي نفسه, ولست أظن أن الحسن البصري رحمه الله يقول مثل هذه الأكاذيب التي لا تخرج إلا من أفواه الروافض الدنسة.!

 رايعاً: الرواية تخالف الصحيح الثابت عن الحسن البصري:

روى الإمامُ ابنُ عساكر:

[عن قتادة قلت: يا أبا سعيد إنا ناسا يشهدون على معاوية وذويه أنهم في النار فقال لعنهم الله وما يدريهم أنهم في النار].(6)

روى الإمامُ ابنُ عساكر:

[عن أبي الأشهب، قال: قيل للحسن: يا أبا سعيد، إن ههنا قوما يَشتمون -أو يلعنون – معاوية وابن الزبير ! فقال: على أولئك الذين يَلعَنونَ لعنةُ الله].(7) 

فهاتان الروايتان ثابتتان عن الإمام الحسن البصري رحمه الله, وتخالفان هذه الرواية الساقطة التي رواها الكذاب أبو مخنف لوط بن يحيى.!

خامساً: أتباع عدنان إبراهيم يخالفون وصية الرسول:

أقول أنَّ مُتَّبِعِي عدنان إبراهيم خَالَفوا وصيةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.!

روى الإمام البخاري في صحيحه:

[عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ ].(8)

فهذا التابع مثل شيخه الضال عدنان إبراهيم, دَائِمُ السَّبِّ والتطاول على الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.!

ألم ينظر تابع عدنان إبراهيم فيما يقول قبل أن يقوله ؟ ألم يكن يعلم أن عليه أن يتحقق من صحة السند قبل أن يقول ما قال؟ ألم يزعم شيخه عدنان أنه سيحاكم الأسانيد إلى علم الجرح والتعديل؟ ألا يعلم عدنان إبراهيم تلاميذه وأتباعه أن هناك أحاديث ضعيفة وأخرى موضوعة ؟ ألا ينبغي أن يتفكر هؤلاء قليلاً فيما ينقلونه من روايات مسيئة للصحب الكرام قبل نقلها ؟

كيف يطعن في أحد الصحابة مستدلين برواية ساقطة الإسناد والمتن مثل هذه ؟

أترى أيها القارئ الكريم عدنان وأتباعه رَاعوا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه؟

لقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم وجود الصحابة في الأمة دليل على خيريتها.

روى الإمام ابن أبي شيبة في مصنفه:

[عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ تَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَآنِي وَصَاحَبَنِي, وَاللهِ لاَ تَزَالُونَ بِخَيْرٍ, مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي, وَصَاحَبَ مَنْ صَاحَبَنِي, وَاللهِ لاَ تَزَالُونَ بِخَيْرٍ, مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي, وَصَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَنِي].(9)

فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم وجود الصحابة الكرام علامة للخيرية في هذه الأمة بنص قوله: [لاَ تَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَآنِي وَصَاحَبَنِي].

فهل كان معاوية من الصحابة أم لا ؟

ويجيبنا عن هذا السؤال حبر الأمة وترجمان القرآن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:

روى الإمام البخاري:

[ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ أَوْتَرَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِرَكْعَةٍ وَعِنْدَهُ مَوْلًى لِابْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّهُ قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ].(10)

فعبد الله بن عباس يقول أن معاوية صحب رسول الله صلى اله عله وسلم.

فمن نصدق ؟؟ عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن أم عدنان إبراهيم وأتباعه ؟

فاللهَ اللهَ في الصحابة ، واتقوا الله في أنفسكم، واعلموا أنكم بين يدي ربكم موقوفون ، وهو سَائِلُكُم عما تقولون، فَأَعِدُّوا للسؤال جواباً.

وإلى ديان يوم الدين نمضي ** وعند الله تجتمع الخصوم.

 

مراجع البحـث:

 (1)  تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج5 ص279، ط دار المعارف – مصر، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم.

 (2)  علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11، ط دار الفكر المعاصر – لبنان،  دار الفكر – سوريا، ت: نور الدين عنتر.

 (3)  ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج5 ص508 ، ط دار الكتب العلمية – بيروت.

 (4)  ضعيف تاريخ الإمام الطبري ج9 ص108، ط دار ابن كثير – بيروت، ت: محمد بن طاهر البرزنجي، محمد صبحي حسن حلاق.

 (5)  البداية والنهاية للإمام عماد الدين بن كثير ج11 ص653، ط دار هجر –  الجيزة, ت: عبد الله بن عبد المحسن التركي.

 (6)  تاريخ مدينة دمشق للإمام ابن عساكر ج59 ص206 ط دار الفكر- بيروت، ت: علي شيري.

 (7)  تاريخ مدينة دمشق للإمام ابن عساكر ج59 ص206 ط دار الفكر- بيروت، ت: علي شيري.

 (8)  صحيح البخاري للإمام محمد ابن إسماعيل البخاري ص903 ح3673 ، ط دار بن كثير –  بيروت.

 (9)  مصنف بن أبي شيبة للإمام أبي بكر بن أبي شيبة ج17 ص309 ط دار القبلة- جدة، مؤسسة علوم القرآن – دمشق، ت: محمد عوامة.

(10) صحيح البخاري للإمام محمد ابن إسماعيل البخاري ص923 ح3764 ، ط دار بن كثير –  بيروت.

 

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

القرآن ألف ألف حرف

قناة مكافح الشبهات – أبو عمر الباحث

نسف أكاذيب النصارى حول القرآن الكريم

شبهة القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى حول عصمة القرآن الكريم.

قالوا كيف تقولون أن كتابكم محفوظ من التحريف وعندكم رواية تقول أنه ضاع منه الكثير؟

واستدلوا بما رواه رواه الطبراني في معجمه الأوسط:

{ حدثنا محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني حدثني أبي عن جدي آدم بن أبي إياس ثنا حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف فمن قرأه صابرا محتسبا كان له بكل حرف زوجة من الحور العين : لا يُروى هذا الحديث عن عمر رضي الله عنه إلا بهذا الإسناد تفرد به حفص بن ميسرة}.(1)

وللرد على هذا الافتراء أقول:

أولاً: الرواية غير صحيحة:

فالسندُ فيه راوٍ ضعيف جداً.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً فقط ، ويجب أن تنطبق عليه شروط خمس وهي:

1- اتصال السند.

2- عدالة الرواة.

3- ضبط الرواة.

4- انتفاء الشذوذ.

5- انتفاء العلة.

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:

{ أَمَّا الْحَدِيثُ الصّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذّاً ، وَلا مُعَلّلاً}.(2)

علة الرواية: محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس

فهذه الرجل تكلم فيه العلماء وَضَعَّفُوه.

قال الإمام الذهبي في ميزان الاعتدال:

{ تفرد بخبر باطل ثم ساق الذهبي هذه الرواية الباطلة }.(3)

قال السيوطي في الإتقان بعد ذِكْرِ الرواية :

{رجاله ثقات إلا شيخ الطبراني محمد بن عبيد بن آدم أبي إياس تكلم فيه الذهبي لهذا الحديث}.(4)

وذكر الإمام ابن حجر العسقلاني كلام الذهبي:

{ تَفَرَّدَ بخبر باطل } وساق نفس الرواية محل الشبهة.(5)

قال الشيخ الألباني:

{ قلت : لوائح الوضع على حديثه ظاهرة ، فمثله لا يحتاج إلى كلام ينقل في تجريحه بأكثر مما أشار إليه الحافظ الذهبي ثم العسقلاني ؛ من روايته لمثل هذا الحديث وتفرده به }.(6)

وقال الألباني:

{ حديث موضوع }.(7)

وقال المتقي الهندي:

{ قال أبو نصر: غريب الإسناد والمتن وفيه زيادة على ما بين اللوحين ويمكن حمله على ما نسخ منه تلاوة مع المثبت بين اللوحين اليوم }.(8)

ثانياً: على فرض صحة الرواية فهي لا تقدح في القرآن:

أقول: لو صَحَّتْ هذه الروايةُ فستكون مندرجةً تحت باب الناسخ والمنسوخ.

وقد نَبَّهَ على ذلك الحافظ السيوطي في الإتقان فقال:

{ وقد حُمِلَ ذلك على ما نُسِخَ رَسْمُهُ من القرآن أيضاً }.(9)

وقال المتقي الهندي:

{ ويمكن حمله على ما نسخ منه تلاوة مع المثبت بين اللوحين اليوم }.(10)

مراجع البحـث:

(1) المعجم الأوسط للإمام الطبراني ج6 ص361 ح6616 ط دار الحرمين – القاهرة ، ت:طارق عوض الله.

(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ، دار الفكر – سوريا .

(3) ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج6 ص251 ط دار الكتب العلمية – بيروت.

(4) الإتقان في علوم القرآن جلال الدين السيوطي ج2 ص456 تحقيق مركز الدراسات القرآنية بالسعودية .

(5) لسان الميزان للإمام ابن حجر العسقلاني ج7 ص334 ط دار المطبوعات الإسلامية .

(6) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للشيخ ناصر الدين الألباني ج9 ص70 ، 71 ط دار المعارف – الرياض.

(7) ضعيف الجامع الصغير للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص603 ح4133 ط المكتب الإسلامي – بيروت .

(8) كنز العمال للإمام المتقي الهندي ج1 ص541 ط مؤسسة الرسالة – بيروت.

(9) الإتقان في علوم القرآن للإمام جلال الدين السيوطي ج2 ص457 تحقيق مركز الدراسات القرآنية السعودية .

(10) كنز العمال للإمام المتقي الهندي ج1 ص541 ط مؤسسة الرسالة – بيروت.

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

للرد مصوراً على هذه الشبهة

%d مدونون معجبون بهذه: