أرشيف المدونة

فرية قول السيدة عائشة “واوجعاه” !

قناة مكافح الشبهات – أبو عمر الباحث

نسف أكاذيب النصارى والروافضحول الصحابة الكرام

شبهة قول السيدة عائشة “واوجعاه” !

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

 هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى والرافضة حول أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.

قالت الرَّوَافِضُ المجوسُ أعداءُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ أمَّ المؤمنين عائشةَ رضي اللهُ عنها كانت تتكلم كلاما فاحشا أمام الناس !!

واستدلوا بما ذَكَرَهُ الثعلبيُّ في تفسيره قال:

[وأخبرني الحسين بن محمد، حَدَّثنا موسى بن محمد، حَدَّثنا الحسن بن علوية، حَدَّثنا إسماعيل بن عيسى، حَدَّثنا المسيب بن شريك: إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا(، قال: هُنَّ عَجَائِزُ الدنيا أَنْشَأَهُنَّ الله عزَّ وجلَّ خَلْقًا جَدِيدًا كُلَمَّا أَتَاهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَجَدُوهُنَّ أَبْكَارًا، فَلَمَّـا سَمِعَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ: وَاوَجَعَا ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ هُنَاكَ وَجَعٌ }.(1)

وللرد على هذا الافتراء أقول:

أولًا: الرواية غير صحيحة:

فالسندُ فيه رجل متروك الحديث، وآخر مجهول، ثم انقطاع.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً تجتمع فيه شروط قبول الرواية بقسميه الصحيح والحسن، ويجب أن ينطبق على الصحيح شروط خمس وهي:

اتصال السند.

عدالة الرواة.

ضبط الرواة.

انتفاء الشذوذ.

انتفاء العلة.

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:

[ أَمَّا الْحَدِيثُ الصّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا ، وَلا مُعَلَّلًا ].(2)

علل الرواية:

العِلَّة الأولى: الْـمُسَيَّبُ بن شَرِيْك متروك الحديث.

قال الإمامُ الذهبيُّ:

[ المسيب بن شريك أبو سعيد التميمي الشَّقَرِي الكوفي عن الأعمش.

قال أحمد: تَرَكَ الناسُ حديثه.

 وقال البخاري: سكتوا عنه.

 وقال مُسْلِم وجماعة: متروك.

 وقال الدارقطني ضعيف ].(3)

العلة الثانية: موسى بن محمد مجهول الحال.

فموسى بن محمد هذا لم أجد له ترجمة في كتب العلماء، ونحن لا نعرف حاله من الثقة والضبط والإتقان. ورواية الـمجهول عندنا مردودة غيرُ مقبولة.

قال الإمام أبو عمرو ابنُ الصلاح:

[ الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَـاهِيرِ ].(4)


قال الإمام ابْنُ كَثِيرٍ:

[ فَأَمَّا الْـمُبْهَمُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ ، أَوْ مَنْ سُمِّيَ وَلَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهُ فَهَذَا مِمَّنْ لا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ ].(5)

العلة الثالثة: الانقطاع.

فالمسيب بن شريك هذا لم يُدرك الرسولَ صلى الله عليه وسلم، ولا السَّيِّدَةَ عائشةَ رضي الله عنها.

قال الإِمَامُ البُخَارِيُّ:

[ ويُقال: مات مسيب بن شريك أبو سعيد التميميسنة ست وثمانين ومِئَة ].(6)

فلو فرضنا أنَّ المسيب عاش 100 سنة، فيكون قد وُلِدَ سنة 86 من الهجرة.

والسيدة عائشة تُوُفِّيَتْ سنة 58 من الهجرة كم قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية.(7)

فيكون بين وفاة السيدة عائشة رضي الله عنها وبين مولد المسيب 28 سنة ! وبلا شَكٍّ أنَّ المسيب هذا لم يبدأ في سماع العلم وحضور المجلس أول ما وُلِدَ مباشرة.

سنقدر أنه بدأ بطلب العلم وسماع الأحاديث وعمره 15 سنة، فيكون الانقطاع 43 سنة !

وبهذه العلل الثلاثة نقول: أن الرواية سَاقِطَةُ الإِسْنَاد لا يـُحْتَجُّ بِهَا.

ثانيًا: كتب أخرى تذكر الرواية:

لا يفوتني أَنْ أنبِّه أنَّ الرواية محل بحثنا، ذَكَرَهَا القرطبيُّ في تفسيره.(8)

كما ذكرها ابنُ عادل في اللباب في علوم الكتاب.(9)

وذكرها كذلك البغوي في تفسيره.(10)

وكلهم يذكرونها بلا إسناد !

ثالثًا: موقفنا من تفسير الثعلبي:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

[ فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ الثَّعْلَبِيَّ يَرْوِي طَائِفَةً مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَاتِ، كَالْحَدِيثِ الَّذِي يَرْوِيهِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ فِي فَضْلِ تِلْكَ السُّورَةِ، وَكَأَمْثَالِ ذَلِكَ. وَلِهَذَا يَقُولُونَ: هُوَ كَحَاطِبِ لَيْلٍ ].(11)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

[ والثَّعْلَبِيُّ هُوَ فِي نَفْسِهِ كَانَ فِيهِ خَيْرٌ وَدِينٌ وَكَانَ حَاطِبَ لَيْلٍ يَنْقُلُ مَا وُجِدَ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ مِنْ صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ وَمَوْضُوعٍ …وَالْمَوْضُوعَاتُ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ كَثِيرَةٌ ].(12)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

[ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ الَّذِي رَوَاهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ هُوَ مِنَ الْمَوْضُوعِ، وَسَنُبَيِّنُ أَدِلَّةً يُعْرَفُ بِهَا أَنَّهُ مَوْضُوعٌ، وَلَيْسَ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ].(13)

رابعًا: قبس من حياء أم المؤمنين عائشة:

أقولَّ أنَّ أمَّ المؤمنين السيدة عائشةَ كَانتْ رمزًا وآيةً وعلامةً في الطُّهْر والعَفَافِ والنَّقَاءِ والحياء، رَضِيَ الله عنها وأرضاها.

 روى الإِمَامُ أحمدُ في مسنده:

[ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي، فَأَضَعُ ثَوْبِي، وَأَقُولُ  إِنَّمَـا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّـا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ، فَوَاللهِ مَا دَخَلْتُهُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي، حَيَاءً مِنْ عُمَرَ ].(14)

قلت: رَضِيَ اللهُ عنكِ يا أماه، وَلَعَنَ اللهُ من يَسُبُّكِ.


خامسًا: من فمك أُدينك:

ألمْ ينظر هذا النصراني وهذا الرافضي إلى ما في كتبهم ؟ ألمْ يَرَوا حجمَ التحريفات والتخريفات والنصوص الجنسية التي في كتبهم ؟ وهل مَنْ كان بيتُه من زجاج يَقْذِفُ النَّاسَ بالحجارة ؟

 يقول كتاب النصارى (ترجمة الحياة):

 [ غَيْرَ أَنَّ أُهُولِيبَةَ تَفَوَّقَتْ فِي زِنَاهَافَأَقْبَلَ إِلَيْهَا أَبْنَاءُ بَابِلَ وَعَاشَرُوهَا فِي مَضْجَعِ الْحُبِّ وَنَجَّسُوهَا بِزِنَاهُمْ. وَبَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ بِهِمْ كَرِهَتْهُمْ. وَإِذْ وَاظَبَتْ عَلَى زِنَاهَا عَلاَنِيَةً، وَتَبَاهَتْ بِعَرْضِ عُرْيِهَا، كَرِهْتُهَا كَمَـا كَرِهْتُ أُخْتَهَا. وَمَعَ ذَلِكَ أَكْثَرَتْ مِنْ فُحْشِهَا، ذَاكِرَةً أَيَّامَ حَدَاثَتِهَا حَيْثُ زَنَتْ فِي دِيَارِ مِصْرَ. فَأُوْلِعَتْ بِعُشَّاقِهَا هُنَاكَ، الَّذِينَ عَوْرَتُهُمْ كَعَوْرَ ةِ الْحَمِيرِ وَمَنِيُّهُمْ كَمَنِيِّ الْخَيْلِ. وَتُقْتِ إِلَى فُجُورِ حَدَاثَتِكِ حِينَ كَانَ الْمِصْرِيُّونَ يُدَاعِبُونَ تَرَائِبَ عِذْرَتِكِ طَمَعاً فِي نَهْدِ حَدَاثَتِكِ ].(15)

ما هذا يا عِبادَ الله ؟ هل هذا كلامُ الله ؟؟ وهل يتكلم الله عن حجم عورة الرجال ؟؟ هذا الفُحْشُ جَعَلَ الأبَ متى المسكين يقول تصريحا خطيرا عن النصوص القبيحة.

يقول الأب متى المسكين:

 [ وَسَوْفَ يُصْدَمُ الْقَارِئُ الـمُتَحَفِّظُ بِاسْتِخْدَامِ اللُّغَةِ الْقَبِيْحَةِ الْفَاحِشَةِ فِي أَحَطِّ مَعْنَاهَا وَصُوَرِهَا فِي مُخَاطَبَةِ أَهْلِ إِسْرَائِيْل  }. ويقول: { أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ إِصْحَاحًا يَفْتَتِحُ بِهِمْ حِزْقِيَالُ نُبُوَّتَهُ عَلَيْهِمْ فِيْهَا كُلُّ وَسَاخَةِ الزِّنَا وَفَحْشَاءِ الْإِنْسَانِ ].(16)

وإذا كان الرافضي يستنكر هذا القول على السيدة عائشة رضي الله عنه، ويعتبره من فحش القول، فماذا عساه أن يقول في هذا السيل الهادر من الكلام الفاحش البذيء من كتبهم المعتمدة ؟!

 روى المجلسي في بحار الأنوار:

[ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاءت امرأة شنيعة إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو على المنبر وقد قتل أباها وأخاها، فقالت: هذا قاتل الاحبة فنظر إليها فقال لها: يا سلفع يا جريئة يا بذية يا مذكرة ، يا التي لا تحيض كما تحيض النساء، يا التي على هنها شئ بين مدلى قال: فمضت وتبعها عمرو بن حريث لعنه الله – وكان عثمانيا – فقال لها: أيتها المرأة ما يزال يُسمعنا ابنُ أبي طالب العجائب، فما ندري حَقَّهَا مِنْ بَاطِلِهَا، وهذه داري فادخلي فإنَّ لي أمهاتِ أولاد حتى ينظرن حقا أَمْ باطلا، وَأَهَبُ لَكِ شَيْئًا، قال: فَدَخَلَتْ، فَأَمَرَ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ فَنَظَرْنَ، فإذا شَيْءٌ على ركبها مُدَلَّى، فقالت: يا ويلها اطَّلَعَ منها عليُّ بنُ أبي طَالِبٍ عليه السلام على شيء لم يَطَّلِعْ عليه إلا أمي أو قابلتي، قال: فوهب لها عمرو بن حريث لعنه الله شيئا ].(17)

فما رأي الرافضي في هذه الأخلاق التي تذكرها أصح كتبهم عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه ؟

 

مراجع البحـث:

 (1)  الجامع لأحكام القرآن للإمام أبي عبد الله القرطبي ج20 ص199، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عبد الله التركي.

 (2)  علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ،  دار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عتر.

 (3)  ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج6 ص430 ط دار الكتب العلمية – بيروت.

 (4)  علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ودار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر.

 (5)  الباعث الحثيث اختصار علوم شرح الحديث للإمام ابن كثير ص92 ، تأليف أحمد شاكر ، ط دار الكتب العلمية – بيروت.

 (6)  التاريخ الأوسط للإمام محمد بن إسماعيل البخاري ج4 ص769، ط دار الرشد – الرياض، ت: تيسير بن سعد.

 (7) البداية والنهاية للإمام عماد الدين بن كثير ج11 ص336 ط دار هَجَر – الجيزة، ت: عبد الله بن عبد المحسن التركي.

 (8)  الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي ج20 ص199، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عبد الله بن عبد المحسن التركي.

 (9)  اللباب في علوم الكتاب للإمام ابن عادل الدمشقي  ج20ص401، ط دار الكتب العلمية – بيروت ، ت: نخبة من المحققين.

(10) معالم التنزيل للإمام أبي محمد البغوي ج8 ص14، ط دار طيبة – الرياض، ت: محمد النمر، عثمان جمعة، سليمان الحرش.

(11) منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج7 ص12، ط جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

(12) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ج13 ص354، ط مجمع الملك فهد – المدينة, ت: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم.

(13) منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج7 ص34، ط جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

(14) مُسْنَدُ الإمام أحمد بن حنبل ج42 ص441، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون. وسنده صحيح.

(15) كتاب النصارى – ترجمة الحياة – العهد القديم – سفر حزقيال فصل 23، الأعداد من 11 إلى 21 .

(16) كتاب النبوة والأنبياء في العهد القديم للأب متى المسكين ص226، 227.

(17) بحار الأنوار للشيعي الرافضي محمد باقر المجلسي  ج41 ص293، ط دار إحياء التراث العربي- بيروت.

 

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

الإعلان

فرية أمر السيدة عائشة بقتل عثمان بن حُنيف!

قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث

نسف افتراءات د/ عدنان إبراهيم حول الصحابة

فرية أمر السيدة عائشة بقتل عثمان بن حُنيف!

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

هذه سلسلة ردود علمية على شبهات عدنان إبراهيم حول أصحاب رسولنا الكريم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

ادَّعى عدنان إبراهيم في مقطع له منشور على اليوتيوب أنَّ أُمَّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها, أَمَرَتْ بقتل الصحابيِّ الجليل عثمان بن حنيف رضي الله عنه وأنه لما قٌتل نتفوا لحيته وجفون عينيه!

وعند البحث عن مصدر هذه الفرية نجدها في تاريخ الطبري.

 روى الإمام الطبري قال:

{ حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا أبو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: لَـمَّـا أَخَذُوا عُثْمَـانَ بْنَ حُنَيْفٍ أَرْسَلُوا أَبَانَ بْنَ عُثْمَـانَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْتَشِيرُونَهَا فِي أَمْرِهِ، قَالَتِ: اقْتُلُوهُ، فَقَالَتْ لَهَا امْرَأَةٌ: نَشَدْتُكِ بِاللَّهِ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُثْمَـانَ وَصُحْبَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَتْ: رُدُّوا أَبَانًا، فَرَدُّوهُ، فَقَالَتِ: احْبِسُوهُ وَلا تَقْتُلُوهُ، قَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تَدْعِينَنِي لِهَذَا لَمْ أَرْجِعْ، فَقَالَ لَهُمْ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ: اضْرُبُوهُ وَانْتِفُوا شَعْرَ لِحْيَتِهِ، فَضَرَبُوهُ أَرْبَعِينَ سَوْطًا، وَنَتَفُوا شَعْرَ لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ وَحَاجِبَيْهِ وَأَشْفَارِ عَيْنَيْهِ وَحَبَسُوهُ ؟}.(1)

وللردِّ على هذه الفرية أقول:

أولاً: الرواية غير صحيحة:

أقول أن هذه الرواية لا تصح فسندُها فيه راوٍ كذاب.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً بقسميه الصحيح والحسن فقط ، ويجب أن تنطبق على الحديث الصحيح شروط خمس وهي:

1-   اتصال السند.

2-   عدالة الرواة.

3-   ضبط الرواة.

4-   انتفاء الشذوذ.

5-   انتفاء العلة.

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح : {أَمَّا الْـحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)

والرواية تُخالف الشَّرْطَ الثاني وهو عدالة الرواة.

علة الرواية: أبو مخنف لُوْط بْنُ يَحْيَى كذاب.

قال الإمام شمس الدين الذهبي:

{ لوط بن يحيى، أبو مخنف، أخباري تَالِفٌ، لا يُوثَقُ بِهِ.

تركه أبو حاتم وغيره.

وقال الدارقطني: ضعيف.

وقال ابن معين: ليس بثقة.

وقال مَرَّةً: ليس بشيء.

وقال ابن عدي: شيعي محترق، صاحب أخبارهم.

تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ }.(3)

ثانياً: محققو تاريخ الطبري يُضَعِّفُون الرواية:

أقول: لقد حكم محققو تاريخ الرسل والملوك للإمام الطبري على الرواية بالضعف

قال محققو تاريخ الطبري:

{ إسناده تالف، فهو من طريق الهالك أبي مخنف، ولم ترد في رواية صحيحة أن أصحاب الجمل أمروا بقتل والي البصرة عثمـان بن حنيف، والرواية التي قبل هذه وهي تكملة الرواية (952) من طريق شعيب عن سيف تذكر أنهم نتفوا شعر وجهه وأنَّ عائشة أمرت بإطلاق سراحه( ان خلوا سبيله فليذهب حيث شاء ولا تحبسوه) وإسناده ضعيف جدًا، فكلا الإسنادين كما ترى لا يمكن الاحتجاج بهمـا، وعلى هذه الأخبار الواهية المختلفة اعتمد المستشرق الألماني (بروكلمان) في كتابه تاريخ الشعوب الإسلامية، فقال عن أصحاب الجمل أنهم قتلوا والي البصرة، وعلمـًا بأن هاتين الروايتين على ضعفهمـا لم تذكر أنهم قتلوه، بل عذبوه ثم أطلقوا سراحه، ولا يصح }.(4)

والآن، ماذا يريد عدنان إبراهيم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

ثالثاً: تعظيم الصحابة واجب على الأمة:

أقول أنَّ تعظيمَ أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم واجب شرعي على هذه الأمة.

روى الإمامُ مسلم:

{  عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ الْعِشَاءَ قَالَ فَجَلَسْنَا، فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «مَا زِلْتُمْ هَاهُنَا؟» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ قُلْنَا: نَجْلِسُ حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَكَ الْعِشَاءَ، قَالَ «أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ» قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَـاءِ، وَكَانَ كَثِيرًا مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَـاءِ، فَقَالَ: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَـاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَـاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ }.(5)

الله أكبر الله أكبر ! وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي أي أمن وأمان وحِفاظٌ لأمَّتي.

أفلا يحملنا هذا على تعظيمهم وتبجيلهم، وقد جعلهم اللهُ جلَّ جلاله أَمْنًا وأَمَانًا لهذه الأمة ؟

ولقد حذرنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الخوض في أعراض أصحابه، ونهانا عن سَبِّهِم.

روى الإمام البخاريُّ:

{ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ}.(6)

فمن امتثل أمر نبيه أفلح، وَمَنْ تَنَكَّبَهُ ضَلَّ سعيه في الدنيا والآخرة.

{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } سورة النور 63.

وهذه شهادة عبد الله بن مسعود في أصحاب نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم.

روى الإمام أحمد:

{ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: ” إِنَّ اللهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَـا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ }.(7)

فهل امتثل عدنان إبراهيم وأتباعه هذا النهي النبوي, أما أنهم أعموا أبصارهم عنه وتأوَّلُوه على غير تأويله ؟

وكيف يجيب الواحد منهم ربه جلَّ في عُلاه إذا سأله يوم القيامة عن هذا الحديث ؟

 

مراجع البحـث:

 (1)  تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج4 ص468، ط دار المعارف – القاهرة، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم.

 (2)  علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ، دار الفكر – سوريا، ت: نور الدين عنتر.

 (3)  ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج5 ص508، ط دار الكتب العلمية – بيروت.

 (4)  ضعيف تاريخ الطبري للشيخين محمد طاهر البرزنجي ومحمد صبحي حسن حلاق ج8 ص662، ط دار بن كثير – دمشق.

 (5)  صحيح مسلم للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج ج2 ص1177 ح207 (2531)، ط دار طيبة – الرياض، ت: نظر محمد الفاريابي.

 (6)  صحيح البخاري للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ص903 ح3673، ط دار ابن كثير – بيروت.

 (7)  مسند أحمد للإمام أحمد بن حنبل ج6 ص84، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.

 

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

فرية قول ابن عمر عن جارية نافع: واهًا لريح فلانة !

قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث

نسف افتراءات د/عدنان إبراهيم حول الصحابة

فرية قول ابن عمر عن جارية نافع: واهًا لريح فلانة !

لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد:

هذه سلسلة ردود علمية على شبهات عدنان إبراهيم حول أصحاب رسولنا الكريم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

ادَّعى عدنان إبراهيم في مَعْرضِ طعنه على عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ ابن عُمرَ أعتق جارية وأعطاها لنافع ثم إذا رأى ولد هذه الجارية اعتنقه وقال ” وَاهًا لريح فلانة ” ؟!!

وبالغ عدنان مستخدمًا لغةَ الجسد في أسوء معانيها لتصوير عبد الله بن عمر في صورة العاشق الولهان.!

واستدل بمـا رواه الإمام ابن سعد قال:

{ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ، فَلَمَّـا اشْتَدَّ عُجْبُهُ بِهَا أَعْتَقَهَا، وَزَوَّجَهَا مَوْلًى لَهُ “، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هُوَ نَافِعٌ، فَوَلَدَتْ غُلامًا، قَالَ نَافِعٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الصَّبِيَّ فَيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: ” وَاهًا لِرِيحِ فُلانَةَ “، يَعْنِي الْجَارِيَةَ الَّتِي أَعْتَقَ؟}.(1)

وللردِّ على هذه الفرية أقول:

أولاً: الرواية غير صحيحة:

أقول أن هذه الرواية لا تصح، فسندُها ضعيف.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً فقط، ويجب أن تنطبق عليه شروط خمس وهي:

1- اتصال السند.

2- عدالة الرواة.

3- ضبط الرواة.

4- انتفاء الشذوذ.

5- انتفاء العلة.

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح : { أَمَّا الْـحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ

الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا ، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)

علل الرواية:

العلة الأولى:عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ.

قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني:

{ صَدُوقٌ عَابِدٌ رُبَّمَـا وَهِمَ وَرُمِيَ بِالْإِرْجَاءِ }.(3)

قال الإمامُ ابنُ حِبَّان:

{ روى عن نافع أشياء لا يشك مَن الحديثُ صِناعَتُه إذا سَمِعَهَا أَنَّهَا مَوْضُوْعَةٌ، كَانَ يُحَدِّثُ بها توهمًا لا تعمدًا، ومن حَدَّثَ على الحسبان، وروى على التوهم حتى كَثُرَ ذلك منه سَقَطَ الاحتجاجُ به.

 وإنْ كان فَاضِلًا في نفسه…قال أبو حاتم: روى عبد العزيز عن نافع عن ابن عمر نسخة موضوعة لا يحل ذِكْرُهَا إلا على سبيل الاعتبار}.(4)

تنبيه:

روى الإمام البخاري في صحيحه لعبد العزيز متابعةً وليس على سبيل الاحتجاج به.

وقد ترك الإمام سفيان الثوري صلاة الجنازة عليه لبدعته وقوله في الإرجاء.

العلة الثانية:محمد بن يزيد بن خُنَيْس.

قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني:

{ مقبول }.(5)

وهذا يعني أنه يصلح في المتابعات وليس في الاحتجاج به.

وشيخنا الألباني في سلسلته الضعيفة كان يتحدث عن حديث موضوع, وكان له متابعة من طريق محمد بن يزيد بن خنيس فوصف متابعة ابن خنيس أنها متابعة واهية.

قال الشيخُ الألبانيُّ:

{ ثم إن الراوي عنه ابن خنيس ؛ قال الحافظ :”مقبول” ، قلت: فمثل هذه المتابعة الواهية لا تُعطي الحديث شيئاً من القوة ولا تُخرجُه عن كونه موضوعاً }.(6)

 وهكذا نرى أن الرواية لا تنهض ولا تقوم بها حجة على استدلال عدنان إبراهيم بها.

أفلا يتقي عدنان إبراهيم ربه في عِرض عبد الله بن عمر رضي الله عنه ؟

أبمثل هذه الروايات الضعيفة الواهية نتجرأ على عبد الله بن عمر ؟
إنا لله وإنا إليه راجعون !!

ثانياً: ابن عمر مِن أورع الصحابة وأتقاهم:

أقول أنَّ عبدَ الله بن عمر كَانَ مِنْ أورع وأتقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتعالوا إلى شيء مِنْ ورع وتقوى عبد الله بن عمر رضي الله عنه وعن أبيه:

عبد الله بن عمر أحد الذين أخبرنا الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز أنه رضي عنهم.

قال الإمام الذهبي:

{ أَسْلَمَ وَهُوَ صَغِيْرٌ، ثُمَّ هَاجَرَ مَعَ أَبِيْهِ لَمْ يَحْتَلِمْ … وَهُوَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ }.(7)
قال الإمام الذهبي:

{ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: إِنَّ مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسهِ عَنِ الدُّنْيَا عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ .

ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ مُتَوَافِرُوْنَ، وَمَا فِيْنَا شَابٌّ هُوَ أَمْلَكُ لِنَفْسِهِ مِنِ ابْنِ عُمَرَ.

 وَقَالَ ابْنُ الـمُسَيِّبِ: لَوْ شَهِدْتُ لأَحَدٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، لَشَهِدْتُ لابْنِ عُمَرَ. رَوَاهُ: ثِقَتَانِ، عَنْهُ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ الـمُسَيِّبِ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمَ مَاتَ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ.

وَعَنْ طَاوُوْسٍ: مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ }.(8)

وهذا يُبَيِّنُ لك ما كان عليه عبد الله بن عمر مِن ورع وتقوى وتعفف وتجرد وخشية لله رب العالمين.

ثالثاً: عدنان إبراهيم والصحابة:

ما الذي يريده عدنان إبراهيم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

ما فائدة طعنه في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

ما الخير الذي سيعود على الأمة الإسلامية من وراء هذا الطعن والغمز واللمز في الصحابة ؟

كم مِن شاب مُسلم بعيد عن طاعة الله سيهتدي بمثل هذا الكلام الساقط؟

كم مِن شابٍّ عاصٍ لله تبارك وتعالى سيتوب بسبب كلامك هذا ؟

وكم مِن مُلحد سيؤمن بالله والإسلام بعد كلامك هذا ؟

ما فائدةُ بَثِّ رواياتٍ مكذوبةٍ وضعيفةٍ بين الناس للقدح في أشرف الخلق بعد الرسل والأنبياء ؟

ما هذا الـخَطَل الذي لا يقبله عاقلٌ فضلًا عن عالمٍ وباحثٍ ؟؟

ثُمَّ مَن الذي قال أنَّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان مِن هذا النوع مِن الرِّجال الذي يفعل فعلة كهذه من أجل امرأة؟

خذ يا عدنان لتعرف هل كان ابن عمر وَلِعًا بالنساء كما تصوره لمشاهديك أم لا !!

قال الإمام الذهبي:

 {وَقَالَ نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:لَوْ تَرَكْنَا هَذَا البَابَ لِلنِّسَاءِ). قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدخْلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ }.(9)

الله أكبر الله أكبر !! ما هذا الاتِّبَاع الرائع !! ما هذه الطاعة الصافية !!

فانظر أيها القارئ الكريم إلى الاتباع المحمود العجيب لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم !

هذا هو العابد الزاهد المتبع مقتفي الأثر الشريف رضي الله عنه وعن أبيه.

العجيب أن عدنان أثناء عرض هذه الروايات الباطلة يقول أن عبد الله بن عمر كان تقيًا !!

عدنان حينما قال كلمة “واها لريح فلانة” أمسك كتابًا وَحَضَنَهُ وكأنَّ عبد الله بنَ عُمَر كان مُغْرَمًا بالمرأة.!

ثُمَّ لماذا يضع عدنان هذه التحابيش المنفرة على الرواية من كِيسِهِ، ولماذا يستخدم لغة الجسد هذا الاستخدام الفاحش؟ ولمصلحة من يتم الكلام عن صحابي جليل بهذه الطريقة المبتذلة ؟؟

ولغة الجسد هذه نعرفها ونعرف إلى ماذا يريد عدنان إبراهيم أن يوجه قلوب الناس وعقولهم.

رابعاً: ليس كل ما في الكتب صحيحًا:

أقول: ليس كُلُّ ما في كتب التاريخ أو السُّنة أو السيرة أو حتى التفسير صحيحاً، لأن علماءنا جزاهم الله عنا خيرًا كانوا يهتمون بجمع الروايات وتدوينها في الكتب حتى لا يضيع شيء منها.

ولم يقلْ واحدٌ مِنْ علماء التاريخ على الإطلاق أنَّ كُلَّ ما في كتابه صحيح. والأصل هو الإسناد.

يقول الدكتور إبراهيم العلي:

{ الإسنادُ لابد منه في كُلِّ أمر من أمور الدين, وعليه الاعتمادُ في الأحاديث النبوية وفي الأحكام الشرعية وفي المناقب والفضائل والمغازي والسير وغير ذلك من أمور الدين المتين والشرع المبين, فشيءٌ من هذه الأمور لا ينبغي عليه الاعتماد مالم يتأكد بالإسناد, لاسيما بعد القرون المشهود لها بالخير… وقد شدد سلفنا الصالح رضوان الله عليهم على ضرورة الإسناد, وأنه مطلوب في الدين, وأنه مِن خصائص أُمَّة الإسلام }.(10)

روى الإمام الطبراني:

{ عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا»}.(11)

والرواية صَحَّحَهَا العلامة الألباني في صحيح الجامع الصغير بمجموع طرقها.(12)

وَأخيراً أُذكِّرُكَ بقول الله تعالى:
 { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَـهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّـا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.(سورة البقرة آية 134).

إضافة مهمة للموضوع: بتاريخ 23-7-2013

وقفتُ اليوم على تحقيق كتاب مجموع رسائل ابن رجب لأبي مصعب، “طلعت بن فؤاد الحُلواني” جزاه الله خيرا ووجدته قال في الرواية نفس ما قلتُه في بحثي،
فقال:
{ في إسناده محمد بن يزيد بن خنيس المكي، قال الحافظ في “التقريب”: مقبول. أي حيث يتابع وإلا فهو ضعيف، ولم يتابعه أحد عَلَى ما وقفت عليه، وعبد العزيز بن أبي رواد: صدوق ربما وهم. فالإسناد ضعيف، والله أعلم }.
(13)
فالحمد لله رب العالمين

مراجع البحـث:

 (1)  الطبقات الكبرى للإمام محمد بن سعد ج4 ص156، ط مكتبة الخانجي – القاهرة، ت: د علي محمد عمر.

 (2)  علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ، دار الفكر – سوريا، ت: نور الدين عنتر.

 (3)  تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص298 ت4096، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.

 (4)  المجروحين من المحدثين للإمام ابن حبانج2 ص119، ط دار الصميعي الرياض، ت: الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي.

 (5)  تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص447 ت6396، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.

 (6)  سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ج7 ص322، ط دار المعارف الرياض.

 (7)  سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص204، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط.

 (8)  سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص212، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط.

 (9)  سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص213، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط.

(10) صحيح السيرة النبوية للدكتور إبراهيم العلي ص12، طبعة دار النفائس – الأردن.

(11) المعجم الكبير للإمام سليمان بن أحمد الطبراني ج2 ص96, ط مكتبة بن تيمية – القاهرة، ت: حمدي عبد المجيد السلفي.

(12) صحيح الجامع الصغير للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص155 ح545, ط المكتب الإسلامي – بيروت.

(13) مجموع رسائل ابن رجب للحافظ ابن رجب الحنبلي ج2 ص428, ط دار الفاروق الحديثة – القاهرة، ت:طلعت الحُلواني.

 

تمت بحمد الله

كتبه أبو عمر الباحث

غفر الله له ولوالديه

الرد على هذه الفرية مصورا

%d مدونون معجبون بهذه: