أرشيف المدونة
حول قول ابن عمر: لا يقولن أحدكم أخذت القرآنَ كله !
قناة مكافح الشبهات – أبو عمر الباحث
نسف أكاذيب النصارى حول القرآن الكريم
حول قول ابن عمر: لا يقولن أحدكم أخذت القرآنَ كله !
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آلِهِ وصحبه ومَن والاه، وبعد:
هذه سلسلة الردود العلمية على شبهات النصارى حول القرآن الكريم.
زعم هؤلاء أن القرآن الكريم ذهب منه الكثير، وهذا يدل على تحريفه !!
واستدلوا بما رواه أبو عبيد، قَالَ:
[ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ قَدْ أَخَذْتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ وَمَا يُدْرِيهِ مَا كُلَّهُ! قَدْ ذَهَبَ مِنْهُ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: قَدْ أَخَذْتُ مِنْهُ مَا ظَهْرَ مِنْهُ].(1)
وللرد على هذا الافتراء أقول:
أولا: الرواية صحيحة:
هذه الرواية صحيحة، ولا إشكال مُطلقًا فيها سَنَدًا ولا مَتْنًا.
فأما السند فصحيح متصل بين سعيد بن منصور وبين ابن عمر رضي الله عنهما.
وأما المتن فلا غبار عليه كما سيأتي.
ثانيا: الرواية ذكرها أبو عبيد تحت باب:
“بَابُ مَا رُفِعَ مِنَ الْقُرْآنِ بَعْدَ نُزُولِهِ وَلَمْ يُثْبَتُ فِي الْمَصَاحِفِ”.
إذًا بهذه الرواية وغيرها عَلِمْنَا أَنَّ هناك آياتٍ نَزَلَتْ على النبيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ نُسِخَتْ وَرَفَعَهَا اللهُ سبحانه، وهذا الحديث يدخل تحت هذا النَّسْخ باتفاق كُلِّ الْعُلَمَـاء بِلَا مخالف.
ولذلك لم يكتبها الصحابة في المصاحف، وأكرر مرة أخرى أنه لا يوجد مُخَالِفٌ في هذه المسألة.
فَإِذَا كان الإمام أبو عبيد روى هذه الرواية تحت هذا: { بَابُ مَا رُفِعَ مِنَ الْقُرْآنِ بَعْدَ نُزُولِهِ وَلَمْ يُثْبَتُ فِي الْمَصَاحِفِ } ؛ فلا ينبغي أن يخرج علينا جَاهِلٌ مُتَعَالِمٌ وَيَدَّعِي ضَيَاعَ شَيءٍ من القرآن الكريم مُسْتَدِلًّا بهذه الرواية.
وإليك باقي كلام العلماء الذي يوافق أبا عبيد في هذه المسألة.
قال الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ:
[ وَقَدْ أخرج ابن الضريس من حَدِيث بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ وَيَقُولُ إِنَّ مِنْهُ قُرْآنًا قَدْ رُفِعَ”، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَا يُعَارِضُ حَدِيثَ الْبَابِ، لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مِمَّا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ].(2)
قال الحافِظُ جَلَالُ الدِّينِ السِّيُوطِيُّ:
[ الضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا نُسِخَ تِلَاوَتُهُ دُونَ حُكْمِهِ .. وَأَمْثِلَةُ هَذَا الضَّرْبِ كَثِيرَةٌ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: قَدْ أَخَذْتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ وَمَا يُدْرِيهِ مَا كُلُّهُ قَدْ ذَهَبَ مِنْهُ قُرْآنٌ كَثِيرٌ وَلَكِنْ لِيَقُلْ قَدْ أَخَذْتُ مِنْهُ مَا ظَهَرَ].(3)
فالحافظ السيوطي ذَكَرَ لنا نوعًا من أنواع النسخ ، وضرب لنا المثال على هذا النوع بهذه الرواية.
قال الْعَلَّامَةُ الْأَلُوسِيُّ:
[ أجمعوا على عدم وقوع النقص فيما تواتر قرآنا كما هو موجود بين الدفتين اليوم، نعم أَسْقَطَ الصديق ما لم يتواتر وما نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ .. وعليه يُحْمَلُ ما رواه أبو عبيد عن ابن عمر قال: لا يقولن أحدكم أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر، والروايات في هذا الباب أكثر من أَنْ تُحْصَى إِلَّا أَنَّهَا محمولة على ما ذكرناه].(4)
أما محقق سنن سعيد بن منصور فقد وَضَّحَ المقصودَ من الرواية، فقال:
[ ” أخذت القرآن كله ” أي: كُلُّ ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم مما نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ وما اسْتَقَرَّ مَتْلُوًّا ، ” ذهب منه قرآن كثير ” أي: سقط منه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أُسْقِطَ في الجمعينِ الْـمُجْمَعِ عليهما بَعْدَه لِعَدَمِ استيفائه شروطَ ثُبُوتِ قرآنيته حَسْبَ الْعَرْضَةِ الأخيرة وشروطا أخرى غيرها ].(5)
ثالثًا: ابن عمر كان يؤمن باستحالة تغيير القرآن أو تحريفه:
أليس بحسب فهم النصارى للرواية التي نبحث فيها يكون عبد الله بن عمر مُؤْمِنًا بجواز التغيير والتبديل في القرآن الكريم ؟! فلماذا نجد عبد الله بن عمر يؤمن بخلاف ذلك ؟!
روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين:
[ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثنا أَبُو النُّعْمَانِ ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ ، ثنا أَيُّوبُ ، عَنْ نَافِعٍ ، قَالَ: أَطَالَ الْحَجَّاجُ الْخُطْبَةَ فَوَضَعَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ بَدَّلَ كِتَابَ اللَّهِ ، فَقَعَدَ ابْنُ عُمَرَ فَقَالَ: ” لَا يَسْتَطِيعُ ذَاكَ أَنْتَ وَلَا ابْنُ الزُّبَيْرِ { لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ } [يونس: 64] فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَقَدْ أُوتِيتَ عِلْمًا إِنْ نَفَعَكَ “، هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ ].(6)
والرواية توضح بجلاء تام أن ابن عمر كان يؤمن أنه لا أحد يستطيع تغيير القرآن وتبديله !!
رابعًا: النبي لم يَتْرُكْ إِلَّا القرآنَ الموجودَ بين أيدينا فقط:
النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك بعد وفاته إلا ما بين الدفتين أي ما بَيْنَ الجِلْدَتَيْنِ.
وهذا ما رواه البخاري عن أحد علماء الصحابة رضي الله عنهم وأحد علماء التابعين:
فقد روى البخاري في صحيحه:
[ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
فَقَالَ لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ: أَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ. قَالَ: وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَسَأَلْنَاهُ: فَقَالَ: مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ ].(7)
قال الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ:
[ وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ ذَهَبَ لِذَهَابِ حَمَلَتِهِ].(8)
قال بَدْرُ الدين الْعَينِيُّ:
[ وَقد ترْجم لهَذَا الْبَاب للرَّدّ على الروافض الَّذين ادّعوا أَن كثيرًا من الْقُرْآن ذَهَبَ لِذَهَابِ حَمَلَتِهِ وَأَن التَّنْصِيص على إِمَامَة عَليّ بن أبي طَالب واستحقاقه الْخلَافَة عِنْد مَوت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ثَابِتًا فِي الْقُرْآن ، وَأَن الصَّحَابَة كَتَمُوهُ ، وَهَذِه دَعْوَى بَاطِلَة مَرْدُودَة وحاشا الصَّحَابَة عَن ذَلِك. قَوْله: (إلاَّ مَا بَين الدفتين) أَي: الْقُرْآن].(9)
خامسًا: القرآن يستحيل أن يضيع منه شيء:
وقد وعد الله أمة نبيه أنه سيحفظ هذا الكتاب الكريم فلا يضيع منه شيء أبدا
{..وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ * تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}.(10)
فكتاب ربنا تبارك وتعالى باقٍ كما هو، لم يـُحرَّفْ وَلم يُبدِّلْ تحقيقًا وتصديقًا لموعود الله تبارك وتعالى بحفظه.
ولأجل ذلك وضع الله عز وجل في هذا الْكِتَابِ من الدلائل الباهرة ما يجعله مستحيل التحريف والتبديل. بل هو الكتاب الوحيد على وجه الأرض الذي يمكن كِتَابَتُهُ من الذاكرة والحِفْظ.
فلو فرضنا أن كل الكتب والمصاحف ضَاعَتْ وَانْدَثَرَتْ لِسَببٍ ما، فلنْ يستطيعَ أهلُ دِينٍ أو مِلَّةٍ أَو نِحْلَةٍ أَنْ يكتبوا كِتَابهم مرة أخرى إلا المسلمون فقط!!
فليس كتابُنا ككتب غيرنا من اليهود والنصارى.
سادسًا: من فمك أدينك أيها العبد الشرير:
على النصراني صاحب الشبهة أن يحاول حل المشاكل كتابه التي لا حلول لها
تقول نسخة الترجمة الرهبانية اليسوعية:
[إنَّ نُسَخَ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة, بل يُمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية، ولكن عددها كثيرٌ جدا على كل حال، هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو أو الألفاظ أو ترتيب الكلام، ولكن هناك فوراق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها … ومن الواضح أن ما أدخله النساخ من التبديل على مرّ القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر. فكان النص الذي وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مُثْقَلًا بمختلف ألوان التبديل ظهرت في عدد كبير من القراءات].(11)
يقول النصراني رياض يوسف داود:
[ كان الكِتَابُ يُنسخ نَسْخَ اليَدِ في بداية العصر المسيحي وكانوا ينسخون بأدوات كتابة بدائية عن نُسَخٍ منسوخةٍ، ولقد أدخل النُسّاخُ الكثيرَ من التبديل والتعديل على النصوص وتراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذي وصل آخر الأمر مثقلاً بألوان التبديل التي ظهرت في عدد كبير من القراءات، فما إن يصدر كتاب جديد حتى تنشر له نُسْخَاتٌ مشحونة بالأغلاط].(12)
فهل مَنْ كان هذا حال كِتَابُهُ يحق له أَنْ يتطاولَ بلا دَلِيلٍ وَلَا بَيِّنَةٍ وَلَا بُرْهَانٍ عَلَى أَشْرَفِ الْكُتُبِ وَأَحْكَمِهَا وَأَضْبَطِهَا وأوثقها ؟!
وبهذا يتبين لكل عاقل أن القرآن الكريم هو أوثق كتاب على وجه الأرض، وأن الذين يتهمون القرآن الكريم بالتحريف يعرفون أن كتابهم كتاب محرف مبدل، ولكنهم يريد إشغال المسلمين بهذه الشبهات والافتراءات لصرف الأنظار عن تحريف كتابهم الذي يسمونه بالكتاب المقدس!!
مراجع البحث:
(1) فضائل القرآن للإمام أبي عبيد القاسم بن سلام ص320 ، ط دار ابن كثير – دمشق – بيروت.
(2) فتح الباري للإمام ابن حجر العسقلاني ج11 ص253 ، ط دار طيبة ، ت: نظر محمد الفاريابي.
(3) الإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي ج4 ص1454 ، ط مجمع الملك فهد – السعودية ، ت: مركز الدراسات القرآنية. قوله: الضرب = النوع.
(4) تفسير روح المعاني للإمام الألوسي ج1 ص25 ، ط دار إحياء التراث العربي – بيروت.
(5) سنن سعيد بن منصور ج2 ص433 ط دار الصميعي – الرياض ، ت: الدكتور سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميد.
(6) المستدرك على الصحيحين للحاكم ح3360 ، ج2 ص403، ط دار الحرمين – القاهرة.
(7) صحيح البخاري ص1282 ح5019 ، ط دار بن كثير – بيروت.
(8) فتح الباري للإمام بن حجر العسقلاني ج11 ص251 ، ط دار طيبة – القاهرة ، ت: محمد نظر الفَاريابي.
(9) عمدة القاري للإمام بدر الدين العيني ج20 ص52 ، ط دار الكتب العلمية ، ت: عبد الله محمود محمد عمر.
(10) القرآن الكريم ،سورة فصلت ، الآيتان (41 ، 42) .
(11) مدخل إلى النقد الكتابي للمهندس رياض يوسف داود ص23 ط دار المشرق – بيروت.
(12) الترجمة الرهبانية اليسوعية – مقدمة العهد الجديد ص12 ، 13 ، ط دار المشرق – بيروت.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
صباح الأربعاء يوم 15 من جمادى الأول لعام 1439 هجريا
الموافق 10 يناير لعام 1018 ميلاديا
تحريف نَص رسالة تيموثاوس الأولى 3 – 16
قناة مكافح الشبهات – أبو عمر الباحث
سلسلة تحريف الكتاب المقدس
تحريف نَص رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس 3 – 16
الحمدُ لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:
هذه سلسلة تحريف الكتاب المقدس أَبُثُّهَا إلى كل قارئٍ وباحثٍ عن الحق أو باحثٍ في هذا المجال.
أبثُّ هذه السِّلْسِلَةَ تصديقًا لكتاب الله عز وجل الذي أخبرنا أنَّ اليهود والنصارى كانوا يـُحَرِّفُونَ كُتُبَهُمْ.
وللرد على علماء النصارى الذين يُضَلِّلون شعوبهم وأقوامهم، ويخفون عنهم الحقائق!
ليصدوهم عن الحق ويمنعوهم من اعتناق دين الإسلام العظيم!
واليوم موعدنا مع نَصٍّ جديد؛ تكلم فيها كثيرٌ من الباحثين بحثًا ودراسة وفندوه وأثبتوا تحريفه!
و هو نص رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس فصل 3 عدد16:
يقول الكاتب:
[ وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ ].
وحتى لا يَتَشَتَّتَ القارئُ الكريم، فسيكون كلامي في هذا الموضوع مُرَتَّبًا في نِقَاطٍ مُرَكَّزَةٍ ومحددة وبسيطة:
أولا: أهمية النص عند علماء النصارى:
تقول الموسوعة الأرثوذكسية لتفسير العهد الجديد:
[ الله ظهر في الجسد: تَجَسَّدَ الأقنومُ الثاني صَائِرًا في شِبْهِ النَّاسِ. وَهِيَ آيةٌ صَرِيحَةٌ في إِثْبَاتِ لَاهُوتِ الـمَسِيحِ ].(1)
وهنا تُصَرِّحُ الموسوعة الكنسية أنَّ هذا النَّصَّ يدلُّ على تَجَسُّدِ الأقنوم الثاني وهو أقنوم الابن حسب تعبيرهم, وأن هذا التجسد يدلُّ دلالةً صَريحةً على أُلوهية المسيح لأن الإله الابن متجسد في جسد المسيح.
يقول مَتَّى هِنَرِي:
[هو الله ظهر في الجسد: هذا يبرهن على أنه هو الله، الكلمة الأزلي، الذي صار جسدًا، وظهر في الجسد. عندنا أراد الله أن يظهر للإنسان سُرَّ أن يظهر بتجسد ابنه ].(2)
فاستدلَّ متى هنري بهذا النَّصِّ على أنَّ المسيحَ هو اللهُ الأزليُّ الذي صَارَ وَتَحَوَّلَ إلى جَسَدٍ !
يقول وليم ماكدونالد:
[ الله ظهر في الجسد: تشير إلى الرب يسوع، ولا سيما إلى تجسده ].(3)
وهذا أصرح نص يستدل به النصارى على عقيدة التجسد !
ثانيًا: الترجمات العربية تكشف الحقيقة:
أقول أنَّ أغلب الترجمات العربية تختلف مع ترجمة الفانديك الشهيرة في ترجمة هذا النص، فتذكره بلفظ { الذي }، وبدون كلمة { الله }.
تقول الترجمة العربية المشتركة:
[ ولا خِلافَ أنَّ سِرَ التَّقوى عَظيمٌ: الذي ظهَرَ في الجَسَدِ، وتَبَرَّرَ في الرُّوحِ، شاهدَتْهُ المَلائِكَةُ، كانَ بِشَارَةً للأُمَمِ، آمَنَ بِه العالَمُ وَرَفَعَهُ الله في المَجدِ ].(4)
ومثلها بالحرف ترجمة الأخبار السارة.
تقول الترجمة الرهبانية اليسوعية:
[ وَلَا خِلافَ أَنَّ سِرَّ التَّقْوى عَظيم: قد أُظهِرَ في الجَسَد، وأُعلِنَ بارًّا في الرُّوح وتَراءَى لِلمَلائِكَة وبُشِّرَ به عِندَ الوَثَنِيِّين وأُومِنَ بِه في العالَم ورُفِعَ في المَجْد ].(5)
ولا يفوتني أنْ أُنَبِّهَ أنَّ الترجمة الكاثوليكية تتطابق مع اليسوعية في ترجمة النص بلفظ: {الذي}.
تقول الترجمة البُولسية:
[ وإِنَّهُ لَعظيمٌ، ولا مِراءَ، سِرُّ التَّقْوَى، الَّذِي تَجَلَّى فِي الجَسَدِ، وشَهِدَ لهُ الرُّوحُ، وَشَاهَدَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، وبُشِّرَ بهِ في الأُممِ، وآمَنَ بهِ العالمُ وارْتَفعَ في مَجْد ].(6)
تقول ترجمة الآباءِ الدُّومِنِيكَان:
[ وَيَقِيْنًا عَظيمٌ هو سِرَ التَّقوى: الذي ظهَرَ في الجَسَدِ وتَبَرَّرَ في الرُّوحِ، وتراءى للمَلائِكَةِ، وَأُنْذِرَتْ به الأُمَم، وآمَنَ بِه العالَمُ وَرُفَعَ بالمَجدِ ].(7)
وهنا ترجمة قديمة جدًا منذ عام 1858 أيضا تترجم النص بلفظ: { الذي }.
تقول ترجمة وليم واطس بلندن:
[ وَيَقِيْنًا سِرَ تَّقوى عَظيمٌ، ذَلِكَ الَّذِي ظَهَرَ بالجَسَدِ، وتَبَرَّرَ بالرُّوحِ، وترايا للمَلايكَةِ… ].(8)
إذًا هذه الترجمات جميعها تحذف كلمة { الله } من النَّصِّ !
فما السبب الذي دَعَا مؤلفي هذه الترجمات لِكتابة النص بهذا الشكل؟!!
السبب هو اكتشافهم أن المخطوطاتِ الأقدم والأوثق لديهم لا تقول { الله } وإنما { الذي }.
كيف نتعرف بسهولة على كيفية وجود النص في المخطوطات؟؟
سنعرض كتابا يضع النصوص اليونانية وتحتها الترجمة العربية لكل كلمة يونانية.
وهو كتاب العهد الجديد: يوناني – عربي بين السطور. (9)
.
وهذه صورة من الكتاب تحوي النص المطلوب:
ولعلَّ القارئَ يلاحظ أنَّ الكلمة اليونانية المرادفة لكلمة { الذي } هي كلمة {}.
وتُكتب في المخطوطات هكذا: { }، وتُنْطَق { أُوْسْ} أو { هُوْسْ }.
وتتكون من حرفين: 1. حرف أُومِيكْرُون: {Ο}، 2. وحرف سِيجْمَـا: { ς }.
ومعناها { الذي }، كمـا ترجمها مؤلفا الكتاب السَّالِفِ الذِّكْر.
أما كلمة الله في اليونانية فتكتب هكذا: { θεοῦ }. وبالحروف الكبيرة هكذا: {}.
وتتكون من أربعة أحرف:
1. حرف ثيتا {θ}.
2. حرف إيبسلون {ε}.
3. حرف أُومِيكْرُون: {Ο}.
4. وحرف سِيجْمَـا: {ς}.
وتوجد كلمة: {} في المخطوطات مختصرة بهذا الشكل: {
}.
ويُسمَّى هذا بالاختصار المقدس: {Nomina Sacra }.
وبعد هذا الشرح المبسَّط لشكل هاتين الكلمتين في اللغة اليونانية، نستطيع أنْ نَذْهَبَ للمخطوطات القديمة المعتمَدة لِنَرَى ماذا تقول.
ثالثًا: المخطوطات:
يعتقد النَّصَارَى الأرثوذكس أنَّ أَهَمَّ المخطوطات المعتمدة للعهد الجديد أربع مخطوطات، وهي:
السِّيْنَائِيَّة والفَاتِيْكَانِيَّة والسَّكَنْدَرِيَّة والإِفْرَامِيَّة.
يقول بابا النصارى شنودة الثالث:
[يوجد كذلك في المتاحف نُسَخٌ للإنجيل ترجع إلى القرن الرابع. تمامًا كالإنجيل الَّذِي في أيدينا الآن، ونقصد بها النُّسخة السينائية، والنسخة الفاتيكانية، والنسخة الإفرامية، والنسخة السكندرية. وكل منها تحوي كل كتب العهد الجديد التي في أيدينا، بنفس النص بلا تغيير].(10)
يقول قاموس الكتاب المقدس:
[أما أهم النسخ الكاملة من العهد الجديد بجملته. فهي النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية وقد كُتِبَتَا في القرن الرابع، والنسخة الإسكندرانية وكُتبت في القرن الخامس].(11)
وسنعرض لحضراتكم صور هذه المخطوطات:
المخطوطة السينائية من القرن الرابع الميلادي ورمزها{ א }:
.
.
وها أنت ترى أيها القارئ الكريم أنَّ الكلمة مكتوبة في المخطوطة {}، وتعني {الذي}.
وحتى لا يحتج علينا بعضهم أن المخطوطة صُحِّحَتْ فيما بعد لوجود: {} أعلى كلمة الذي، أقول إن كبار علماء النقد النَّصِّيِّ كانوا يعلمون ذلك، ومع هذا أعطوا قراءة {الذي} حرف {Α}. وهو يعني عندهم أنَّ قراءة {الذي} هي القراءة الصحيحة الأصلية.
وأنَّه قد تم العبث بالمخطوطة كعادة النُّسَّاخ لإضافة كلمة {الله}؛ لتدل على التجسد !
فيقول محررو نسخة العهد الجديد اليونانية:
{ (A) The original reading of a manuscript }.
الترجمة:
[ (Α) “الذي” هي القراءة الأصلية للمخطوطة ].(12)
فالعلماء اعتمدوا القراءة الأصلية {الذي} ولم يعتمدوا هذا التصحيح.
أو بلفظ أَدَقٍّ نقول: لم يعتمدوا هذا التحريف الذي وقع في وقت متأخِّر!
والمفترض عند أي عاقل، أن يتم تصحيح المخطوطة الحديثة على حسب كلمات المخطوطة
القديمة، ولكنَّ العكسَ هو الصحيحُ الـمُتَّبَعُ عِند كَتَبَةِ ونُسَّاخِ مخطوطات العهد الجديد!!
فهم يعبثون في المخطوطات ويضيفون ويحذفون ما يحلو لهم لتوافق المخطوطاتُ معتقداتِهم!
مخطوطة تشندروف:
وهي نفسها المخطوطة السِّينَائِيَّة. ولكن لم يضع فيها الْعَالِم الكبير تشندورف هذا التصحيح.
ونجد فيها قراءة: { }وتعني {الذي}.
المخطوطة السكندرية من القرن الخامس الميلادي ورمزها{A}:
.
وهذه صورة تقريبية أكثر للكلمة:
وقبل أنْ يفرحَ أحدُ النصارى بالصورة ويظنَّ أنها تدلُّ على قراءة {} التي تعني {الله}.
نقول إنَّ علماء النقد النَّصِّيِّ تناولوا هذه المسألة بَحْثًا وتحقيقًا ودراسةً، ثم خرجوا لنا بهذه النتيجة: وهي أن كاتب المخطوطة كان يكتب {الذي} فَسَالَتْ منه نقطة من الـحِبْر داخل حرف الأوميكرون { Ο } فأصبح هكذا { θ}.
مع أنَّ الفرقَ واضحٌ بين حرف الثيتا { θ}، وبين حرف الأوميكرون { Ο } الذي سَالَ الحِبْر دَاخِلَهُ مِنْ كَاتِبِ المخطوطة.
صورة للتوضيح للنص محل النقاش:
صورة من كلمة {ثيؤس} الصحيحة مقتبسة من نفس المخطوطة الإسكندرانية.
وهذا الاقتباس لِنَصِّ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس 4 – 3:
{ مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَارِفِي الْحَقِّ }.
1Ti 4:3 κωλυοντων γαμειν απεχεσθαι βρωματων α ο θεος εκτισεν εις μεταληψιν μετα ευχαριστιας τοις πιστοις και επεγνωκοσιν την αληθειαν
والفارق واضح جدا بين الحرفين، كما اعترف بذلك موقع bible-researcher
طبعًا كل المخطوطات التي أتت بعد هذه المخطوطات ليستْ ذاتَ قِيمةٍ حقيقيةٍ عند العلماء مثل هذه المخطوطات القديمة التي يشهد علماءُ النقد النَّصِّيِّ بأهميتها وقوتها وهيمنة نصوصها.
لأنَّ هذه المخطوطات هي الأقْدَم والأدَقُّ في مخطوطات العهد الجديد.
يقول القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير:
[قام علماء النقد النصي العلمي بعمل مقارنات دقيقة لمخطوطات العهد الجديد، خاصةً المتأخرة منها، وحصروا الأجزاء الخالية تماما (بنسبة 100% ) من القراءات المتنوعة ووجدوا أنها تُـمَثِّلُ 8/7، كما حصروا الأجزاء التي يوجد لها قراءات متنوعة أولا، ثم قاموا بدراسة هذه الأجزاء التي لها قراءات متنوعة دراسة علمية دقيقة وقابلوها معًا وعملوا لها مقارنات حتى توصلوا لعدة نتائج هامة وحاسمة، وهي: المخطوطة الأقدم هي الأَصَحُّ والأَدَقُّ…].(13)
رابعا: علماء المسيحية يعترفون بتحريف النَّصِّ:
وأقصد بهؤلاء العلماء مُفَسِّرِي كِتَابِ النَّصَارَى:
قال الدكتور جِيمْس آَنِيس:
[وكلمة (الذي) عوض اسم الجلالة في صدر العبارة، بدليل ورودها في أقدم النسخ اليونانية (الثلاثية الحرب) وأضبطها وأقدم الترجمات كافة…ومما يرجح صحة قراءة (الذي) عدم ذكر اللاهوتيين القدماء هذه الآية مع الآيات الكثيرة التي أوردوها ليثبتوا لاهوت المسيح، وهم يردون على ضلالة آريوس.
أما سبب تبديل كلمة (الذي) بكلمة (الله) في النسخ اليونانية الحديثة، فهو ما بين اسم الجلالة (حيث كُتبت على صورتها المختصرة بحرفين فقط)، وكلمة (الذي) [О C] من المشابهة في صورة كتابتها، فليس بينهما فرق إلا في خط صغير؛ يقرب من النقطة التي تفرق بين الجيم والحاء في الكتابة العربية .. والرَّاجِحُ أنَّ النُّسَّاخَ زَادُوا ذلك الخطَّ الصغير ليوضحوا المعنى في بعض النسخ، فتحولت كلمة (الذي) إلى (الله)، ثم شاع استعماله في كل نسخ القرون المتوسطة؛ خلافاً للنسخ القديمة التي لم يُر فيها إلا كلمة (الذي) ].(14)
وهذا في الحقيقة كلام نفيس للغاية، صَرَّحَ فيه الدكتور جيمس بوقوع التحريف موضحًا المشكلة الموجودة في النَّصِّ وكيف تم تحريفُه والتلاعبُ فيه في مخطوطات العهد الجديد على أيدي النُّسَّاخ.
يقول التفسير الحديث للكتاب المقدس:
[والترجمة التي بين أيدينا تُقرأ (الله ظهر في الجسد) إلا أنَّ كُلَّ الكُتَّابِ المحدثين يرفضون هذه الترجمة، فيفضلون عنها (الذي ظهر في الجسد)، ومن الواضح أنَّ اسْمَ الموصول المذكَّر يشير إلى المسيح، الذي ليس ثمة شك في أنه ذُكِرَ في جزء مبكر من الترنيمة وحُذِفَ من الاقتباس].(15)
يقول الدكتور آدم كلارك:
]Though all this makes a very plain and consistent sense, yet we are perplexed by various readings on the first clause, Θεος εφανερωθη εν σαρκι, God was manifest in the flesh; for instead of Θεος, God, several MSS., versions, and fathers, have ὁς or ὁ, who or which. And this is generally referred to the word mystery; Great is the mystery of godliness, Which was manifest in the flesh [ .
الترجمة: على الرغم من أن كل هذا يعطي شعورًا ثابتًا وواضحًا جِدًا، ولكنْ نحن في حيرة من اختلاف القراءات في المقطع الأول من العدد، Θεος εφανερωθη εν σαρκι (الله ظهر في الجسد)؛ فبدلا من كلمة Θεος أي (الله)، يوجد في عدة مخطوطات وعدة نسخ وأقوال للآباء، يوجد ὁς أو ὁ (مَنْ) أو (الذي) بالعربية. وهذا يعود على كلمة “سر”، -ليصبح المعنى-، “عظيم هو سر التقوى، الذي ظهر في الجسد”.
]The insertion of, Θεος for ὁς, or ὁς for Θεος, may be easily accounted for. In ancient times the Greek was all written in capitals, for the common Greek character is comparatively of modern date. In these early times words of frequent recurrence were written contractedly, thus: for πατηρ, πρ; Θεος, θς; Κυριος, κς· Ιησους, ιης, etc. This is very frequent in the oldest MSS., and is continually recurring in the Codex Bexae, and Codex Alexandrinus .[
[إن إدراج Θεος بدلًا من ὁς، أو ὁς بدلا من
Θεος، من السهل تصور حدوثه. ففي العصور القديمة كانت حروف اليونانية جميعها تكتب بالحجم الكبير “Capitals”، مقارنة بالكتابة الحديثة للحروف الشائعة في اليونانية. في تلك الأوقات المبكرة الكلمات التي يعاد تكرارها دائما كانت تكتب بحروف مشبوكة. أمثال:
πατηρ, πρ; Θεος, θς; Κυριος, κς· Ιησους, ιης, إلخ..
هذا الأمر متكرر جداً في المخطوطات الأقدم. ويتكرر أيضا باستمرار في المخطوطتين السكندرية وبيزا].
If, therefore, the middle stroke of the Θ, in ΘΣ, happened to be faint, or obliterated, and the dash above not very apparent, both of which I have observed in ancient MSS., then ΘΣ, the contraction for Θεος, God, might be mistaken for ΟΣ, which or who; and vice versa. This appears to have been the case in the Codex Alexandrinus, in this passage. To me there is ample reason to believe that the Codex Alexandrinus originally read ΘΣ, God, in this place; but the stroke becoming faint by length of time and injudicious handling, of which the MS. in this place has had a large proportion, some person has supplied the place, most reprehensibly, with a thick black line.
This has destroyed the evidence of this MS., as now it can neither be quoted pro or con, though it is very likely that the person who supplied the ink line, did it from a conscientious conviction that ΘΣ was the original reading of this MS.
ولهذا السبب فإنه إذا حدث وكان الخط الذي في وسط الحرف Θ في كلمة Θς –التي هي اختصار لكلمة “الله”- غير واضح أو مطموس، وإذا كان الخط الأعلى غير واضح هو الآخر، -وكلا الأمرين قد لاحظتهما في المخطوطات القديمة- لذلك فمن الممكن أن يحدث الخطأ في كتابة Θς وتكتب Ος -والتي تعني (مَنْ) أو (الذي) ، أو العكس. ويبدو أن هذا كان الحال في المخطوطة السكندرية، في هذا المقطع. بالنسبة لي هناك سبب كافي للاعتقاد بأن القراءة الصحيحة في المخطوطات الاسكندرية هي Θς؛ و لكن الخط الأوسط في حرف Θ أصبح باهتا مع طول الزمن والمعالجات الطائشة التي حَازَتْ المخطوطة في هذا الموضع على نسبة عالية منها، شخص ما قام بإضافة خَطٍّ أسود سَمِيكٍ في هذا المكان، وهو أمر غاية في السوء وَتَصَرُّفٌ غيرُ مقبولًا.
هذا التصرف قام بتدمير دلالة المخطوطة، فبشكلها الحالي لا يمكن أن تستعمل لإثبات شيء أو نفيه، على الرغم من أن الشخص الذي قام بتزويد الحبر في الخط الأوسط لهذا الحرف كان مقتنعًا تمامًا أن القراءة الأصلية للمخطوطة هي Θς ].
يقول موقع bible-researcher:
( However, textual critics believe that the ink in the center of the Θ and the stroke above were added by a corrector in modern times. Reasons for this belief are the color of the ink, and the fact that a “dot” has been placed in the Θ instead of a line. Tregelles writes, “The ink in which this has been done in A is sufficiently modern and black to declare its recent application” (An Account of the Printed Text of the Greek New Testament, London, 1854 ). (17)
الترجمة:
[ النُّقَّادُ الكِتَابِيُّونَ يعتقدون أنَّ الحِبْرَ الموجودَ في منتصف حرف في مركز الـ Θ والشَّرْطَة الموجودة في الأعلى تم إضافتهم بواسطة مُصَحِّحٍ في عصر متأخر . الأسباب التي أَدَّتْ إلى هذا الإيمانِ هي لَوْنُ الْحِبْرِ وحقيقة وجود نقطة في منتصف الـ Θ بدلًا من الخط. العالم تريجيليس يقول : الحبر المستخدم في الحالة A حديث بعض الشيء وأكثر سواداً مما يُوضِّحُ استخدامَه الحديث ].( 17)
الخلاصة: أن هذا النص محرف، والمخطوطات القديمة تدل على قراءة الذي، وعليه فالنص ليس فيه أي دليل على عقيدة التجسد الباطلة التي اخترعها النصارى ونسبوها إلى الله. تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا.
إهداء واعتراف بالفضل:
أَهدي هذا العمل وغيره من الأعمال التي تتعلق بتحريف كتاب النصارى إلى الشيخ عرب، ولأخي الحبيب الغالي أبي المنتصر شاهين الملقب بالتاعب، فمنهما تعلمتُ هذا العلم!
وقد اقتبست كثيرًا في بحثي هذا من بحثه واقتبست بعض الصور منه، فجزاه اللهُ عني وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
كما لا أنسى أن أتوجه بالشكر للأخ الفاضل أبي حفص والأخ الفاضل أبي يحيى المسلم لمساعدتي في ترجمة بعض النصوص الإنجليزية.
مراجع البحـث:
(1)
الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد ج4 ص466، ط كنيسة مار مرقص بمصر الجديدة – القاهرة، إعداد كهنة وخدام الكنيسة.
(2) تفسير رسالتَي بولس الأول والثانية إلى تيموثاوس لمتى هنري ص37، ط مكتبة المحبة القبطية – القاهرة، تعريب القمص: مرقس داود.
(3) تفسير الكتاب المقدس للمؤمن للدكتور وليم ماكدونالد ج3 ص1212, ط دار الإخوة للنشر بشبرا – القاهرة، الطبعة العربية الثانية.
(4) الترجمة العربية المشتركة ص323، ط دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط باشتراك الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت.
(5) الترجمة الرهبانية اليسوعية – العهد الجديد ص663، ط دار المشرق – بيروت.
(6) الترجمة العربية البولسية – العهد الجديد ص844, ط منشورات المكتبة البولسية.
(7) ترجمة الآباء الدومنيكان بالعراق – العهد الجديد، ص448, ط جمعية الكتاب المقدس – لبنان.
(8) ترجمة وليم واطس لسنة 1858 بلندن المحروسة ص282 لمنفعة كنايس الشرقية.
(9) العهد الجديد – يوناني عربي بين السطور لبولس الفغالي وأنطوان عوكر ونعمة الله الخوري ويوسف فخري ص989، ط الجامعة الأنطونية.
(10) سنوات مع أسئلة الناس – أسئلة خاصة بالكتاب المقدس لبابا النصارى شنودة الثالث، ص105, مطبوع في مصر.
(11) قاموس الكتاب المقدس تأليف نخبة من المختصين واللاهوتيين ص764، ط دار مكتبة العائلة.
(12) The Greek New Testament, Fourth Revised Edition P718.
(13) الكتاب المقدس يتحدّى نقّاده والقائلين بتحريفه للقمص عبد المسيح بسيط أبو الخير ص508, طبيت مدارس الأحد.
(14) علم اللاهوت النظامي للقس جِيمس آَنِس ص185 ترجمة وتنقيح القس منيس عبد النور.
(15) التفسير الحديث للكتاب المقدس – الرسائل الرعوية ص104 للدكتور دونالد جوثري، ط الثقافة – القاهرة، ترجمة نكلس نسيم.
(16) تفسير الدكتور آدم كلارك Adam Clarke, LL.D., F.S.A., (1715-1832) .
(17) موقع بايبل ريسرشر bible-researcher. اضغط على الكلمة لدخول الصفحة المطلوبة.
حلقة مرئية لشرح البحث بطريقة مبسطة ميسورة
https://www.youtube.com/watch?v=9p8OqcUDkIE
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
هل سَخِرَ معاوية من السيدة أم أيمن ؟!
قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث
نسف شبهات عدنان إبراهيم حول الصحابي معاوية بن أبي سفيان y
هل سَخِرَ معاوية بن أبي سفيان من السيدة أم أيمن ؟!
لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات الدكتور عدنان إبراهيم حول الصحابة رضي الله عنهم.
تكلم د/ عدنان عن معاوية رضي الله عنه وقدح فيه قائلًا أن معاوية يسخر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد استدل بروايات لا تصح, وإليكم البيان:
استدلَّ بما ذكره الإمام الذهبي قال:
{ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيِّ، قَالَ: قَدِمَ أُسَامَةُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، وَأَلْطَفَهُ، فَمَدَّ رِجْلَهُ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ أَيْمَنَ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ظُنْبُوْبِ سَاقِهَا بِمَكَّةَ، كَأَنَّهُ ظُنْبُوْبُ نَعَامَةٍ خَرْجَاءَ.
فَقَالَ: فَعَلَ اللهُ بِكَ يَا مُعَاوِيَةُ، هِيَ وَاللهِ خَيْرٌ مِنْكَ!
قَالَ: يَقُوْل مُعَاوِيَة: اللَّهُمَّ غُفْراً.
الظُّنْبُوْبُ: هُوَ العَظْمُ الظَّاهِرُ. وَالخَرْجَاءُ: فِيْهَا بَيَاضٌ وَسَوَادٌ }.(1)
وللرد على هذا الافتراء أقول:
أولا: الرواية غير صحيحة:
فسندها تالف ساقط فيه علل تمنعنا من قبوله.
والمسلمون لا يقبلون في دينهم خبرًا حتى تنطبق عليه شروط قبول الرواية بقسميه الصحيح والحسن, وللصحيح شروط خمس وهي:
ü اتصال السند.
ü عدالة الرواة.
ü ضبط الرواة.
ü انتفاء الشذوذ.
ü انتفاء العلة.
قال أبو عمرو بن الصلاح :{ أَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا ، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)
علل الرواية:
العلة الأولى: أبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيُّ.
قال الإمام الذهبي:
{ الهيثم بن عدي الطائي أبو عبد الرحمن المنبجي ثم الكوفي
قال البخاري: ليس بثقة، كان يكذب.
قال يعقوب بن محمد: سكتوا عنه.
وروى عباس عن يحيى قال: ليس بثقة، كان يكذب.
وقال أبو داود: كذاب.
وقال النسائي و غيره: متروك الحديث }.(3)
العلة الثانية: الانقطاع.
فَعَلَى فَرْضِ أنَّ الهيثم هذا كان ثقة، فالرواية أيضا ضعيفة بسبب الانقطاع.
فالهيثم بن عدي مُتَوَفَّى سنة 207 هجرية، وكان عمره وقتها 93 عاما.
قال الإمام الذهبي: { تُوُفِّيَ بِفَمِ الصَلْحِ، فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً }.(4)
وهذا يعني أنه وُلِدَ سنة 114 من الهجرة، في حين أن معاوية رضي الله عنه تُوُفِّيَ سنة 60 هجرية.
وأسامة بن زيد رضي الله عنه تُوُفِّيَ سنة 54 هجرية.
ثانيا: كُتُبٌ أخرى تذكر الرواية:
هذه الرواية ذكرها الإمامُ الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء نَقْلًا عن كتاب تاريخ مدينة دمشق للإمام ابن عساكر.(5)
كما ذكرها البلاذري في كتابه أنساب الأشراف:
قال البلاذريُّ:
{ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَائِدٍ قَالَ، قَالَ مُعَاوِيَةُ لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: رَحِمَ الله أُمَّ أَيْمَنَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سَاقَيْهَا وَكَأَنَّهُمَا ظنبوبا نَعَامَةٍ خَرْجَاءَ، فَقَالَ: هِيَ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أُمِّكَ وَأَكْرَمُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ:
وَأَكْرَمَ أَيْضًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات: 13) }.(6)
علل الرواية:
العلة الأولى: عبد الله بن فائد، أبو اليقظان.
وهذا الرجل له ترجمة شائكة جِدًّا، مَفَادُهَا أنَّ هذا الرجل له أسماءٌ وكُنًى كثيرةٌ، منها اسمه هذا و(سُحَيم بن حفص)، و(عامر بن أبي محمد)، و(عامر بن حفص)، و(أبو إسحاق المالكي)، و(أبو اليقظان)، وغيرها من الأسماء !
وقصته هذه لخَّصها الإمام الخطيب البغدادي !
قال الإمام الخطيب البغدادي:
{ …قال لي أبو الحسن المدائني أبو اليقظان هو سحيم بن حفص وسحيم لقب وها عامر بن حفص وكان لحفص ابن يقال له محمد وكان أكبر ولده ولم يكن به وكان حفص أسود يعرف بالأسود وقال لي أبو اليقظان سمتني أمي خمسة عشر يوما عبد الله فإذا قلت: حدثنا أبو اليقظان فهو أبو اليقظان فإذا قلت: سحيم بن حفص وعامر بن حفص وعامر بن أبي محمد وعامر بن الأسود وسحيم بن الأسود وعبد الله بن فائد وأبو إسحاق المالكي فهو أبو اليقظان}.(7)
وهو رجل مجهول الحال، لا يوجد مَنْ وَثَّقَهُ مِنْ عُلماءِ الجرح والتعديل. ورواية مجهول الحال لا يُحتجُّ بها عند العلماء.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:
{ الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ }.(8)
العلة الثانية: الانقطاع.
فعبد الله بن فائد أو سحيم بن حفص هذا لم يُدركْ أسامة بن زيد أو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم.
قال ياقوتُ الحمويُّ:
{ سُحَيْم بن حفص، أبو اليقظان، الراوية، الأخباريُّ…تُوُفِّيَ سنة تسعين ومائة }.(9)
فلو فرضنا أنه عاش 120 سنة، فهو أيضًا لَمْ يُدْرِكْ أَحَدَهُمَا أو كليهما. فالرواية منقطعة.
العلة الثالثة: البلاذري لَمْ يوثقه أحد من العلماء..
أقول أنَّ البلاذريَّ مُؤلِّفَ الكتاب لَمْ يُوَثِّقْهُ واحدٌ من علماء الجرح والتعديل.
وهذه النقطة تكلمنا عنها في الرد على فرية نبوءة النبي r بموت معاوية على غير الإسلام.
ثالثا: طالما أنَّ الرواية ضعيفة؛ فلماذا ذكرها العلماء ؟
الرافضة وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ وسار على دربهم بسبب جهلهم بكتب أهل السُّنَّة والجماعة يسألون دائما هذا السؤال بعد أن ننسف لهم افتراءاتهم عن الصحابة، ويقولون: طالما أن الرواية ضعيفة, فلماذا يرويها الإمام ابن عساكر في تاريخه أو يذكرها الذهبي في سيره ؟؟
وهذا نفس السؤال الذي يسأله أتْبِاعُ عدنان إبراهيم بعد نسف الروايات مَحلَ استدلالهم !
وللرد على هذا السؤال أقول:
علماؤنا مثل الإمامِ ابنِ عساكر وغيره من المؤرخين كالطبري وابن الأثير والذهبي وابن كثير حينما صنفوا كتبهم هذه لم يشترطوا الصِّحَّةَ في كُلِّ ما ينقلونه !
بل كان هدفهم الوحيد هو جمع وتدوين كل ما قيل في الحقبة التاريخية الخطيرة.
وأما المتأخرون منهم فكان هدفهم سرد ما قيل عن كل شخص أو عن كل حقبة زمنية بغض النظر عن صحة الرواية وضعفها.
رابعًا: الرواية تخالِف الصحيحَ الثابتَ:
ادَّعَى عدنان إبراهيم في استدلاله بهذه الرواية أن معاوية لم يكن يوقِّر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم/ وسنعرض شيئا من أقوال علماء وثقات هذه الأمة عن أخلاق معاوية !
قال الإمامُ ابنُ كثير:
{ قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْظَمَ حِلْمًـا، وَلَا أَكْثَرَ سُؤْدُدًا، وَلَا أَبَعْدَ أَنَاةً، وَلَا أَلْيَنَ مَخْرَجًا، وَلَا أَرْحَبَ بَاعًا بِالْمَعْرُوفِ مِنْ مُعَاوِيَةَ }.(10)
وقبيصة بن جابر الأسديُّ من سادة ونبلاء التابعين, وكان رحمه الله كوفيًّا !
وهذا كلام الإمام الذهبي نفسه في معاوية رضي الله عنه، والذهبي هو صاحب الكتاب الذي ينقل منه عدنان إبراهيم !
قال الإمام الذهبي:
{ وَمُعَاوِيَةُ: مِنْ خِيَارِ المُلُوْكِ الَّذِيْنَ غَلَبَ عَدْلُهُم عَلَى ظُلْمِهِم، وَمَا هُوَ بِبَرِيْءٍ مِنَ الهَنَاتِ – وَاللهُ يَعْفُو عَنْهُ }.(11)
قال الإمام الذهبي:
{ حَسْبُكَ بِمَنْ يُؤَمِّرُهُ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ عَلَى إِقْلِيْمٍ ـ وَهُوَ ثَغْرٌ ـ فَيَضْبِطُهُ، وَيَقُوْمُ بِهِ أَتَمَّ قِيَامٍ، وَيُرْضِي النَّاسَ بِسَخَائِهِ وَحِلْمِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ تَأَلَّمَ مَرَّةً مِنْهُ، وَكَذَلِكَ فَلْيَكُنِ المَلِكُ. وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ – صلى الله عليه وآله وسلم – خَيْرًا مِنْهُ بِكَثِيْرٍ، وَأَفْضَلَ، وَأَصْلَحَ، فَهَذَا الرَّجُلُ سَادَ وَسَاسَ العَالَمَ بِكَمَالِ عَقْلِهِ، وَفَرْطِ حِلْمِهِ، وَسَعَةِ نَفْسِهِ، وَقُوَّةِ دَهَائِهِ وَرَأْيِهِ}.(12)
روى الإمام أبو بكر الخلَّالُ:
{ قال أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُكْتِبُ: كُنَّا عِنْدَ الْأَعْمَشِ، فَذَكَرُوا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَدْلَهُ، فَقَالَ الْأَعْمَشُ: فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكْتُمْ مُعَاوِيَةَ؟ قَالُوا: فِي حِلْمِهِ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، بَلْ فِي عَدْلِهِ }.(13)
خامساً: من فمك أُدينك:
عدنان إبراهيم له مقطع على موقع اليوتيوب يفتري فيه على صحيح الإمام البخاري، في محاولة يائسة لصد الناس عن هذا الكتاب العظيم، فقال أثناء كلامه أنَّ الإمامَ الذهبيَّ هو الحافظُ المؤرِّخُ العلَّامَةُ العظيمُ، العليمُ بالرِّجال !!
فلماذا ترك عدنانُ إبراهيم قولَ الإمام الذهبي في معاوية رضي الله عنه ؟!
هل عدنان إبراهيم أعلمُ بالرجال من الإمام الذهبيِّ ؟
ومدحُ معاوية رضي الله عنه لم يرد فقط عن الإمام الذهبي، وإنما عن كثير من علماء هذه الأمة !
روى الإمام ابن عساكر:
{ عن أبي الأشهب قال: قيل للحسن البصري: «يا أبا سعيد، إن هاهنا قوماً يشتمون أو يلعنون معاوية و ابن الزبير». فقال: «على أولئك الذين يلعنون، لعنة الله» }.(14)
والخلاصة أن هذه الروايات التي يذكرها عدنان مجرد أكاذيب وخرافات يريد عدنان حشرها في عقول أتباعه.
مراجع البحـث:
(1) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج2 ص507, ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.
(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11، ط دار الفكر المعاصر – لبنان، دار الفكر – سوريا، ت: نور الدين عنتر.
(3) ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام الذهبي ج7 ص111، ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: مجموعة من المحققين.
(4) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج10 ص104, ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.
(5) تاريخ مدينة دمشق للإمام ابن عساكر ج8 ص82 ، ط دار الفكر – بيروت. ت: محب الدين أبو سعيد العمروي.
(6) أنساب الأشراف للبلاذري ج5 ص40 ، ط دار الفكر – بيروت, ت: د/سُهِيل ذكَّار(شيعي) ، د/رياض زركلي .
(7) موضح أوهام الجمع والتفريق للإمام الخطيب البغدادي ج2 ص326, ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: أبي الفداء عبد الله القاضي.
(8) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111، ط دار الفكر المعاصر – لبنان، دار الفكر – سوريا، ت: نور الدين عنتر.
(9) معجم الأدباء لياقوتُ الحموي ج3، ص1342, طبعة دار الغرب الإسلامي – بيروت، ت: د/ إحسان عباس.
(10) البداية والنهاية للإمام عماد الدين بن كثير ج8 ص138 طبعة دار هجر – الجيزة، ت: د/ عبد الله بن عبد المحسن التركي.
(11) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص159, طبعة مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.
(12) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص133, طلعة مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.
(13) السُّنَّة للإمام أبي بكر الخلَّال ج2، ص437, طبعة دار الراية – الرياض، ت: د/ عطيّة الزهراني.
(14) تاريخ مدينة دمشق للإمام ابن عساكر ج59 ص206، طبعة دار الفكر – بيروت. ت: محب الدين أبو سعيد العمروي.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
الرد مصورًا على هذه الفرية
حديث الغدير, وأحلام العصافير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن واله, وبعد:
كان هذا نقاش بيني وبين أحد الشيعة الرافضة, فطرح شبهة فأجبته عنها، ثم رأيتُ أنْ أنشرها لتعم الفائدة، ولعلَّ أَحَدًا من الباحثين عن الحقيقة من الشيعة يستفيد بها.
يقول: الرافضي:
فأقول وبالله التوفيق:
أولا: هذه الرواية بهذا اللفظ لا تصح، لأنها من طريق علي بن زيد بن جدعان، وهو راوٍ شيعي ضعيف! وهذا سندها في مسند الإمام أحمد يقول: [حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا: الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين، فصلى الظهر، وأخذ بيد علي رضي الله عنه، فقال: ” ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ” قالوا: بلى، قال: ” ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ ” قالوا: بلى، قال: فأخذ بيد علي، فقال: ” من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ” قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: ” له هنيئا يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن، ومؤمنة ]. فالرواية بهذا اللفظ ضعيفة!
وأما اللفظ الصحيح فهو: [مَنْ كنتُ مولاه، فعلي مولاه].
أما هذه الزيادة الضعيفة: [اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه]، فقد جاء في مسند الإمام أحمد أيضا ما يبطلها، فروى عن قال: [حدثنا عبد الله، حدثني حجاج ابن الشاعر، حدثنا شبابة، حدثني نعيم بن حكيم، حدثني أبو مريم، ورجل من جلساء علي، عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم: ” من كنت مولاه فعلي مولاه ” قال: فَزَادَ النَّاسُ بَعْدُ: ” والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه].
ثانيا: على فرض صحة الرواية التي ذكرتها فليس من حقك أن تفْصِلَها عن منهج أمة كاملة.
بمعنى أنه من الممكن أن يأخذ شخص ما أي حديث ويفهمه كما يحلو له, لكن الصواب أن تنظر كيف تعامل المحيطون بالنبي صلى الله عليه وسلم مع هذا الحديث ومع غيره.
فعلى سبيل المثال لقد حَثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه على مبايعة أبي بكر بالخلافة ونص عليه نصا صريحا صحيحا لا مطعن فيه.
ففي صحيحي البخاري ومسلم والفظ له عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: [ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي مَرَضِهِ: ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ، أَبَاكِ، وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ ]. صحيح مسلم 11 – (2387)
ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام: [ وَيَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ ] ؟؟
قال الإمام أبو محمد بن حزم:
[ فَإِنَّ الْخَبَرَ قَدْ جَاءَ مِنَ الطُّرُقِ الثَّابِتَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ لِعَائِشَةَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: ” لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبْعَثَ إِلَى أَبِيكِ وَأَخِيكِ، وَأَكْتُبَ كِتَابًا وَأَعْهَدَ عَهْدًا، لِكَيْلَا يَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَحَقُّ، أَوْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» وَرُوِيَ: «وَيَأْبَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلا أَبَا بَكْرٍ». وَرُوِيَ أَيْضًا: «وَيَأْبَى اللَّهُ وَالنَّبِيُّونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» ” قَالَ: ” فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ عَلَى اسْتِخْلَافِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَبَا بَكْرٍ عَلَى وِلَايَةِ الْأُمَّةِ ” بَعْدَهُ ]. الفِصَل في الملل والأهواء والنحل ج4 ص88 ط الخانجي – القاهرة.
فلو كان حديث الغدير فيه نص على استخلاف علي بن أبي طالب لكان المعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخلف رجلين في وقت واحد, وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك.
ثالثا: نجد عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه لا يدَّعي لنفسه أنه كان أحقَ بالخلافة قط في وجود أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولا بعدهما.
ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم نَصَ على خلافة عليٍّ لوجدنا عليًا قام ليتكلم بهذا. إذا ليس من حق علي أن يكتم شيئا كهذا, وإلا فسيكون علي قد كتم الأمر النبوي الشريف.
والله سبحانه وتعالى يقول:
{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }.(البقرة 159 )
وتكون أنت بهذا قد اتهمتَ عليًّا رضي الله عنه أنه ملعون لأنه كَتَمَ هذا الوحيَ النبوي الشريف.
رابعا: الثابتُ عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه بالأسانيد الصحيحة أنه بايع أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، كما في صحيح البخاري:
[ وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وِجْهَةٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ ].
وقد بايع عليُّ بن أبي طالب أبا بكر الصديق طائعا مختارا، ففي صحيح مسلم تقول الرواية:
[ ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ مِنْ حَقِّ أَبِي بَكْرٍ وَذَكَرَ فَضِيلَتَهُ وَسَابِقَتَهُ ، ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا : أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ فَكَانَ النَّاسُ قَرِيبًا إِلَى عَلِيٍّ حِينَ قَارَبَ الْأَمْرَ الْمَعْرُوفَ ].
فما معنى قوله: [ ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ ].
!!هل كلمة فبايعه معناها أنه لم يبايعه مثلا ؟!!
وفي هذا الرواية أن عليا هو الذي طلب مبايعة أبي بكر وسعى إليها حتى بايعه.
وفي هذه الحالة تكون أنت يا رافضي قد فهمتَ الأمر النبوي وتتهم علي بن أبي طالب أنه عجز عن فهمه.
لاحظ أن أدلتي من نفس الكتب التي تستدل بها علينا.
وهناك بيعتانِ لعلي بن أبي طالب بايع فيهما لأبي بكر الصديق, وليست بيعة واحدة.
ورواية البخاري كانت البيعة الثانية بعد مشكلة ميراث فدك.
فقد روى الإمام البيهقي في سننه الكبرى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
[ أن زَيْد بْن ثَابِتٍ أَخَذَ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: هَذَا صَاحِبُكُمْ فَبَايَعُوهُ , ثُمَّ انْطَلَقُوا , فَلَمَّا قَعَدَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَسَأَلَ عَنْهُ , فَقَامَ نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَتَوْا بِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَتَنَهُ , أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ فبايعه , ثُمَّ لَمْ يَرَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَسَأَلَ عَنْهُ , حَتَّى جَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: ابْنَ عَمَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَحَوَارِيَّهُ , أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهُ فَبَايَعَاهُ ].
السنن الكبرى للبيهقي ج8 ص246 ط دار الكتب العلمية – بيروت.
وهذه هي البيعة الأولى
خامسا: لو كان أبو بكر وعمر وعثمان اغتصبوا الخلافة من علي كما تزعم الرافضة لما وجدنا عليا قد تواتر عنه أنه يمدحهم ويثني عليهم ويفضلهم على نفسه.
روى الإمام أحمدُ في مُسنده:
[ قَالَ عَلِيُّ بن أبي طالب: ” يَا أَبَا جُحَيْفَةَ، أَلا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟ ” قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: وَلَمْ أَكُنْ أَرَى أَنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْهُ، قَالَ: ” أَفْضَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ، عُمَرُ، وَبَعْدَهُمَا آخَرُ ثَالِثٌ وَلَمْ يُسَمِّهِ ].
مسند أحمد ط الرسالة (2/ 201). إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وروى الإمام أحمد في مسنده:
[عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَلَوْ شِئْتُ لَحَدَّثْتُكُمْ بِالثَّالِثِ].
مسند أحمد ط الرسالة (2/ 224). وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وخذ مني هذه الصاعقة التي تنسف دين الرفض نسفا
محمد بن علي بن أبي طالب سأل أباه عليا عن خير هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فبماذا أجابه عليٌّ ؟؟
إليك الرواية:
روى الإمام البخاري في صحيحه:
[ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ قُلْتُ ثُمَّ أَنْتَ قَالَ مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ].
صحيح البخاري حديث رقم 3671
والحنفية هذه هي أم محمد, وأبوه هو علي بن أبي طالب.
سادسا: الـ 110 صحابي الذين رووا هذه الرواية التي تستدل بها كما تقول يا رافضي, هل فهموا منها ما فهمته أنت والشيعة الرافضة ؟؟
هل منهم أحد قال حديث الغدير يدل على استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم لـ علي بن أبي طالب بالخلافة ؟؟
سابعا: حديث الغدير ليس فيه حُجة على ما تقول لأن الموالاة لها عدة معانٍ في اللغة العربية, فمنها النُصرة, والمحبة, والتأييد, والمتابعة, والمبايعة, فكيف حملتها يا عبقري على معنى المبايعة والاستخلاف فقط دون المعاني الاخرى ؟؟
ما هو دليلك ؟
فعلى سبيل المثال الله سبحانه وتعالى يقول: { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا }.
وقال سبحانه: { بل الله مولاكم وهو خير الناصرين }.
بماذا ستفسر قوله: {مولى} وقوله: {مولاكم} ؟؟
ويقول سبحانه لأهل النار: { مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير }.
بماذا ستفسر قوله {هي مولاكم } حسب تفسيرك لمعنى ” الولاية ” ؟؟
ولو قلنا أن الحديث معناه أن عليا هو الخليفة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم لكان هذا يعني أن عليا اليوم ليس مولى لكل مسلم ومسلمة لأنك فسرتَ الولاية بمعنى الخلافة والرئاسة، وقد انتهت رئاسته وخلافته رضي الله عنه.
فهذا الحديث بهذا المعنى لم يُطبَّقْ إلا مدةَ خلافة علي فقط ثم انتهى أثره.
أما نحن فنقول أن الولاية هنا بمعنى المحبة والنُصْرة وهي باقية في قلوب المسلمين تجاه علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى أن تقوم الساعة، وهنا يتبين للعقلاء والنبهاء تفوُّق أهل السنة والجماعة على الشيعة الرافضة.
ثامنا:
1. الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما تولّى الخلافة لمدة أشهر بعد أبيه, فهل قال الحسنُ للناس إن أباه عليًا كان أحقَّ بالخلافة من أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين ؟.؟
وهل صدر من الحسن ما يدل على أنه كان مبغضًا لهؤلاء الخلفاء الراشدين المهديين الثلاثة؟!
2. الحسين بن علي رضي الله عنهما, كان عظيم الشأن عند الصحابة ومع ذلك لم يقل الحسينُ لواحد من الصحابة إنَّ أبي عليًا هو الأحق بالخلافة أو أنا أو الحسن.
تاسعا:
قول الله سبحانه تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة حينما كان بعرفة ، فعن عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ أَيُّ آيَةٍ؟! قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا}، قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ ]. رواه البخاري في صحيحه ، حديث رقم 45 .وحجة الوداع كانت في السنة العاشرة من الهجرة.
ومن المعلوم أن يوم عرفات هو يوم العاشر من ذي الحجة.
وأما حديث الغدير فكان في يوم الثامن عشر من ذي الحجة، من نفس العام الذي حَجَّ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم حَجَّتَهُ الوحيدة !
وهذا معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث بعد اكتمال الدين بثمانية أيام أو تسعة!
فلو كانت إمامة علي رضي الله عنه أصلًا من أصول الدين كما يزعم الشيعة الرافضة لكان على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغها قبل نزول آية اكتمال الدين !!
عاشرا: روح الود والمحبة والإخاء كانت تسود هذا المجتمع الفريد, وخصوصا بين أبي بكر وعمر وعثمان وبين علي والحسن والحسين, فلم يكن بينهم تلك الضغائن والأحقاد التي يروج لها الرافضة !
وإليك هذا المثال:
روى البخاري في صحيحه: عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: [صَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَصْرَ ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي فَرَأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَقَالَ: بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ لَا شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ ]. صحيح البخاري ـ حديث رقم 3542.
أي فداه أبي ، إنه يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يشبه عليًا !
حادي عشر: الرواية التي يستدل بها الرافضي حُجة عليه وتثبت كذبه على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأن فيها [ قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: ” له هنيئا يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن، ومؤمنة ]. فالرواية تقول إن عمر لقيه بعد ذلك! فلماذا يزعم الرافضي أن عمر رضي الله عنه كان حاضرًا ؟!
ثاني عشر: ليس في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: [مَنْ كنتُ مولاه، فعلي مولاه]. ولكن هذا أكاذيب الرافضة على الصحيحين كما اعتدنا منهم!!
———–
تمت بحمد الله
أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه