أرشيف المدونة
هل كان ابنُ تيمية يبغض عليَّ بن أبي طالب؟
قناة مكافح الشبهات – أبو عمر الباحث
مفتي الإباضية أحمد الخليلي في ميزان البحث العلمي
هل كان ابنُ تيمية يحقِد على عليِّ بن أبي طالب؟! حلقة (11)!
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آلِهِ وصحبه ومَن والاه، وبعد:
فهذا الجزءُ الحادي العَشَر مِنْ سِلْسِلَةِ الردودِ الْعِلْمِيَّةِ عَلَى شُبُهَات وافتراءات مُفْتِي الإباضية الشيخ أحمد الخليلي هدانا الله وإياه ، وبيانِ مَنْهَجِهِ المُخَالِفِ لِكِتَابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، بل وحَتَّى مخالفاته لمنهج محققي الإباضية!
وَفيه تَفْنِـيد شبهاته حَوْلَ الإمام الكبير والشيخ الجليل ابن تيمية رحمه الله.
يقول الخليلي في كِتَابِهِ الاسْتِبْدَاد:
[ومع تقادم العهد، بقي ابن تيمية ـ مع محاولته طي ما في نفسه عن الناس- تنفلت منه عبارات، تشي عما يعتمل بين حناياه من الحقد على أبي السبطين – كرم الله وجهه، حتى أنه شبهه بفرعون، حيث قال: «ثم يقال لهؤلاء الرافضة: لو قالت لكم النواصب: علي قد استحل دماء المسلمين ، وقاتلهم بغير أمر الله ورسوله على رياسته، وقد قال النبي لي : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» وقال: «ولا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» فيكون عليٌّ كافرًا لذلك؛ لم تكن حجتكم أقوى من حجتهم، لأن الأحاديث التي احتجوا بها صحيحة، وأيضا فيقولون: قتل النفوس فساد، فمن قتل النفوس على طاعته كان مريدا للعلو في الأرض والفساد، وهذا حال فرعون، والله تعالى يقول”تِلْكَ الدَّارُ الآَخِرَةُ نجَعَلَها لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ ولا فَسَادًا وَالْعاَقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ” فمن أراد العلو في الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الآخرة].(1)
قلت:
لو أردنا أن نَضرِبَ مِثالًا وَاضِحًا صريحًا على الخِيَانَة العِلْمِيَّـة والتدليس وانعدام الفهم والتخبُّطِ لما وجدنا أفضل من كلام الخليلي السابق كمثال صريح على ذلك ! ولعلَّ هذا من أعراض الشيخوخةِ !
فقد حَكَوْا أنَّ طالِبًا من طُلَّاب أبي الحسن الإشبيلي سأله قائلًا: يا أستاذ، ما الكَمَوْج؟!
فقال له أبو الحسن : وأين رأيتَ هذه اللفظة؟!
قال: في قول امرئ القيس: ولَيلٍ كَمَوجْ البَحْرِ أَرْخَى سُدُولَهُ .
فقال له أبو الحسن : الكموج : دويبة من دواب البر، تحمل الكتب ولا تعلم ما فيها .أهـ
فالخليلي اعتبر كلام ابن تيمية هذا حِقْدًا يعتمل بين حناياه على علي بن أبي طالب رضي الله عنه!!
مع أن ابن تيمية لم يُرِدْ مَا فَهِمَه مُفتي الأباضية على الإطلاق!
وغالب ظني أن الخليلي نقل هذه الشبهات المضحكة من صفحات الرَّافِضَة على الإنترنت، فهذه السَّخَافَاتُ لا تخرج إلا من عند الرافضة!
وشيخ الإسلام ابن تيمية ليس مَسئولًا عَمَّنْ يَقرأ كلامَه ولا يفهمه!
المهم أن الخليلي وصف كلام ابن تيمية بما قال ، لكنَّ الخليليَّ لم يعتبرْ شَتْمَ عُلَمَاءِ الأباضيةِ الصَّرِيحَ لعليِّ بن أبي طالب وتكفيرَهُم له حِقْدًا يَعْتَمِلُ بين حناياهم! وهاك شيئا من أقوالهم
أولا:
سَبُّ وشَتْمُ علماءِ الأباضية لعلي بن أبي طالب وتكفيرهم له:
يقول إمامُ الأباضية أبو سَعِيد الكُدَمِي:
[ وقد أظهرت الحُجَّةُ عليَّ بنَ أبي طالب بالنكير بمفارقتهم له (أهل النهروان)، واعتزالهم عنه ، ومحاربتهم له ، إذْ أراد حربَهم على ذلك ، وبالواحِدة من ذلك تقوم عليه الحُجَّةُ ، ولو كان مُحِقًّا
واحتمل حقه وباطله ، فإنكار الحُجَّة عليه مُزِيلٌ لِعُذْرِهِ ، مُوجِبٌ لِضَلَالِهِ وكُفْرِهِ ].(2)
وأبو سعيد الكُدَمِيُّ هذا يلقبه الخليليُّ مُفْتِي الأباضية بأنه إمامُ المذهب بلا منازع !!
فالكُدَمِيُّ هذا يتهم أميرَ المؤمنين علي بن أبي طالب بالضلال والكفر، ومع ذلك لم ير الخليلي حَنَايَا كُدَمِيِّهِ تعتمل على حِقْدٍ أو ما شابه ، لكنه فقط فهم كلام ابن تيمية بالمقلوب ثم قال ما قال!
ويقول كتاب السير والجوابات:
[ وكذلك عليٌّ أَمَرَهُ الله بقتالهم فلا يحل له ترك ذلك ولا تحريمه منهم حتى يفيئوا إلى أمر الله، ولا يحكم أحدًا منهم ولا فيهم بعد أن فرّق الله بينه وبينهم. فهذا دليل على كُفْر عليٍّ وضلاله، وصواب أهل النهروان وعدلهم ].(3)
أما شيخُ الأباضية محمد بن إبراهيم الكنديُّ فيعلن براءته من عليٍّ قَائِلًا:
[ وَبَرِئْنَا بَعْدِ النَّبِيِّ ﷺ من أهل القبلة الذين هم من أهل القبلة عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة والزبير ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري وجميع من رضي بحكومة الحكمين، وترك حكم الله إلى حكومة عبد الملك بن مروان وعبيد الله بن زياد والحجاج بن يوسف وأبي جعفر والمهدي وهارون وعبد الله بن هارون، وأتباعهم وأشياعهم ومَنْ تَوَلَّاهُم على كُفْرِهِمْ وَجَورِهِمْ من أهل الْبِدَعِ وَأَصْحَابِ الهوى.
قال أبو عبد الله محمد بن محبوب: نوافِقُهم على هذا، والبراءة ممن سَمَّـاه].(4)
إذا فعلماءُ الأباضية يتبرؤون من عليِّ بن أبي طالب، ويتهمونه بالجَور والضلال والكفر.
بالإضافة إلى أن إِمَامَ مَذْهَبِهِم أبا سَعِيدٍ الْكُدَمِيَّ وَصَفَ سِيرَةَ عَلِيِّ بْنِ أبي طالبٍ بالقبيحة!! (5)
لكن كل هذه الشتائم وهذا السِّبَاب والتكفير من علماء الأباضية لم يجعل الخليليَّ يرى ما يعتمل بين حناياهم من غِلٍّ وَضَغَائِنَ وَأَحْقَادٍ على عليِّ بن أبي طالب، لكنه اتَّهَمَ شَيخَ الإسلامِ بِذَلِكَ!!
ثانيًا:
من الذي قال إن شيخ الإسلام كان يحقِد على عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه؟!
هذا كَذِبٌ صريح مُتَعَمَّدٌ، وكتب ابن تيمية تزخر بِعَكْسِ ذلك تمامًا !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
[ فَضْلُ عَلِيٍّ وَوِلَايَتُهُ لِلَّهِ وَعُلُوُّ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ مَعْلُومٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ أَفَادَتْنَا الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ، لَا يُحْتَاجُ مَعَهَا إِلَى كَذِبٍ وَلَا إِلَى مَا لَا يُعْلَمُ صِدْقُهُ].(6)
ومعنى قوله “العلم اليقيني” أي العِلْم القَطْعِيُّ الذي ليس فيه ذَرَّةٌ من الشك !
فإذا كان ابن تيمية يقول إن ثبوت فضل علي بن أبي طالب وولايته ومنزلته العالية مقطوعٌ بصحته، وليس فيه مجالٌ للشَّكِّ، فكيف يكون قائل هذا عن عليِّ بن أبي طالب حاقدًا عليه ؟!
وقال أيضًا:
[وَأَمَّا كَوْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرِهِ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ فَهُوَ وَصْفٌ ثَابِتٌ لَعَلِيٍّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، وَبَعْدَ مَمَاتِ عَلِيٍّ، فَعَلِيٌّ الْيَوْمَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ].(7)
وهناك يقرر ابنُ تيمية أن مولاة علي بن أبي طالب وهو حُبُّ المؤمنين له وَصْفٌ ثَبَتَ لِعَلِيِّ بن أبي طالب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد مماته، ثم يقرر ابنُ تيمية أن عليًا رضي الله عنه اليوم هو مولى لِكُلِّ مؤمنٍ.
والسؤال الآن: هل ابن تيمية يعتبر نفسه مؤمنًا أم لا ؟!
مُؤَكَّدٌ أَنَّ كلَّ شَخْصٍ يعتقد في نفسه الإيمان، وابن تيمية يقول إن عليًا اليوم مولًى لكل المؤمنين، فهذا يعني أن ابنَ تيمية يَتَوَلَّى عليَّ بن أبي طالب وَيُـحِبُّه وينصره !
قال شيخ الإسلام أيضًا مُؤَكِّدًا على هذا المعنى:
[وَلَا رَيْبَ أَنَّ مُوَالَاةَ عَلِيٍّ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ ، كَمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ مُوَلَاةُ أَمْثَالِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ].(8)
إذًا فابنُ تيميَّة يرى وُجُوبَ مُوَلَاةِ عليِّ بن أبي طالب، والمولاةُ تتضمَّنُ المحبة، كما قال ابن تيمية:
[ فَإِنَّ الْوَلَايَةَ ضِدُّ الْعَدَاوَةِ، والْوَلَايَةُ تَتَضَمَّنُ الْمَحَبَّةَ وَالْمُوَافَقَةَ، والْعَدَاوَةُ تَتَضَمَّنُ الْبُغْضَ وَالْمُخَالَفَةَ].(9)
بل قَرَّرَ ابنُ تيمية أنَّ الْـمَحَبَّةَ هي أَصْلُ الوَلَايَةِ، فقال:
[ وَالْوَلَايَةُ ضِدُّ الْعَدَاوَةِ، وَأَصْلُ الْوِلَايَةِ الْمَحَبَّةُ وَالْقُرْبُ، وَأَصْلُ الْعَدَاوَةِ الْبُغْضُ وَالْبُعْدُ].(10)
فكيف يكون ابنُ تيمية موالِيًا لعليِّ بنْ أبي طالبٍ مُحِبًّا له، وهو يحقد عليه كما زعم الخليلي ؟!
هل يستقيم هذا التفكِيرُ في عقل الخليلي، إذا كان ذلك كذلك فإنه لا يستقيم عند العقلاء!
وقال ابنُ تيمية أيضًا:
[وَأَمَّا عَلِيٌّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ مِمَّنْ يُحِبُّ اللهَ وَيُحِبُّهُ اللَهُ ].(11)
وهنا يقرِّرُ ابنُ تيمية بما لا يدع مَجَالًا للشَّكِّ أَبَدًا أنَّ عليَّ بنَ أبي طالب رجل يُحِبُ اللهَ وَيُحِبُّهُ اللهُ!
فكيف يقرر أن عَلِيًّا يحب اللهَ ويحبه اللهُ، ثم يبغضه ويحقد عليه كما يزعم الخليليُ زُورًا وكذبًا؟!
وأرجو أن يُلَاحِظَ القارئُ الكريم أننا ننقل هذا الكلامَ من نفس الكتاب الذي يستدل منه الخليلي بفهمه الأعوج في فريته على شيخ الإسلام ابن تيمية !
ولو ظللنا ننقل كلامَ ابنِ تيميّة عن محبته وموالاته لعليِّ بن أبي طالب لما انتهينا!
وأختمُ هذا الْوَجْهَ بنقل ابن تيمية اعتقادَ أَهْلِ السُّنَّةِ في مَحَبَّةِ وَمُوَالَاةِ عَلِيِّ بن أبي طالب، فيقول:
[ وَأَمَّا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يُحِبُّونَهُ وَيَتَوَلَّوْنَهُ، وَيَشْهَدُونَ بِأَنَّهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ ].(12)
إذا بحسب ما نقلناه فابنُ تيمية أبعدُ الناس عن فرية الحقد على عليِّ بن أبي طالب.
وبهذا يثبت للقارئ الكريم أنَّ قول الخليلي عن ابن تيمية محضُ افْتِرَاءٍ وَكَذِبٍ رَخِيصٍ !
ثالثًا:
زَعْمُ الخليليِّ أن ابْنَ تيميّة شَبَّهَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ بفرعون زَعْمٌ باطل مُضْحِكٌ !!
وأقلُّ ما يُقال في هذا الكلامُ إنَّهُ كَذِبٌ صريح ممجوج مفضوح!
ونحن هنا مضطرون لنقل كلام ابن تيمية مَرَّةً أخرى، وبيان منهجه في كتاب “منهاج السنة النبوية” حَتَّى يَتَّضِحَ للقارئ حقيقةُ الأمر!
/ قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية:
[ثُمَّ يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةِ: لَوْ قَالَتْ لَكُمُ النَّوَاصِبُ: عَلِيٌّ قَدِ اسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ: وَقَاتَلَهُمْ بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَى رِيَاسَتِهِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» “. وَقَالَ: ” «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» ” . فَيَكُونُ عَلِيٌّ كَافِرًا لِذَلِكَ – لَمْ تَكُنْ حُجَّتُكُمْ أَقْوَى مِنْ حُجَّتِهِمْ ; لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا صَحِيحَةٌ.
وَأَيْضًا فَيَقُولُونَ: قَتْلُ النُّفُوسِ فَسَادٌ، فَمَنْ قَتَلَ النُّفُوسَ عَلَى طَاعَتِهِ كَانَ مُرِيدًا لِلْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادِ. وَهَذَا حَالُ فِرْعَوْنَ. وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} سُورَةُ الْقَصَصِ فَمَنْ أَرَادَ الْعُلُوَّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادَ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فِي الْآخِرَةِ].
وبحسب الكلمات التي وضعتُ تحتها خَطًّا ؛ فشيخ الإسلام لم يقل إن هذا هو قوله الذي يعتقده في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل يقول للرافضة لو أَلْزَمَكُمُ النَّوَاصِبُ بِكَذَا وكذا ؛ فلن تستطيعوا أن تجيبوا عليهم، لِأَنَّ قَاعِدَتَكُمُ التي تنطلقون منها لمهاجمة معاوية قاعدة باطلة، وفي حَالِ أَخْذِكُمْ بِهَذِهِ القاعدة فسيتمكَّنُ النواصِبُ من الطعن بها على عليِّ بن أبي طالب أيضًا.
ولكي نفهم الموضوع ببساطة وسهولة علينا أنْ نَعُودَ لِكَلَامِ الرافضي الحِلِّيِّ الذي كان شيخُ الإسلام ابن تيمية يرد عليه في هذه المسألة، قال ابن تيمية:
[ قالَ الرَّافِضِيُّ: ” وَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْفَذَهُ أَبُو بَكْرٍ لِقِتَالِ أَهْلِ الْيَمَـامَةِ قَتَلَ مِنْهُمْ أَلْفًا وَمِائَتَيْ نَفَرٍ.(13) مَعَ تَظَاهُرِهِمْ بِالْإِسْلَامِ، وَقَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ صَبْرًا وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَعَرَّسَ بِامْرَأَتِهِ، وَسَمَّوْا بَنِي حَنِيفَةَ أَهْلَ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الزَّكَاةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوا إِمَامَتَهُ، وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ.
حَتَّى أَنْكَرَ عُمَرُ عَلَيْهِ، فَسَمَّوْا مَانِعَ الزَّكَاةِ مُرْتَدًّا، وَلَمْ يُسَمُّوا مَنِ اسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَمُحَارَبَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُرْتَدًّا، مَعَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ حَرْبُكَ حَرْبِي، وَسِلْمُكَ سِلْمِي حَرْبُكَ، وَمُحَارِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَافِرٌ بِالْإِجْمَاعِ»].
وهناك يطعن الرافضيُّ الحليُّ في أبي بكر الصديق لأنه أرسلَ خالدَ بنَ الوليدِ لِقِتَال أهل اليمامة، وَلَمْ يَذْكُر الرافضيُّ أنَّ أَبَا بَكْرٍ إنما قاتلهم لأنه ارتدوا عن الإسلام وآمنوا بمسيلمة الكذَّاب.
إذًا فالرافضي ظلم أبا بكر حينما لم يذكر سبب قتاله لهم، فابن تيمية عامل الرافضي بنفس قاعدته حينما قال له: [لَوْ قَالَتْ لَكُمُ النَّوَاصِبُ: عَلِيٌّ قَدِ اسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ: وَقَاتَلَهُمْ بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَى رِيَاسَتِهِ]. وقال ابن تيمية للرافضي: [ وَأَيْضًا فَيَقُولُونَ: قَتْلُ النُّفُوسِ فَسَادٌ، فَمَنْ قَتَلَ النُّفُوسَ عَلَى طَاعَتِهِ كَانَ مُرِيدًا لِلْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادِ. وَهَذَا حَالُ فِرْعَوْنَ ].
فابن تيميَّـة يقول للرافضي: إذا كان أبو بكر عندك ظَالِـمًـا قاتِلًا للمسلمين ؛ فعلى قاعدتك يكون علي بن أبي طالب أيضًا مِثْلَه!
وهذا يسمى في باب المناظرات بـ إلزام الخصم بكلامه وقواعده.
ولم يكن ابن تيمية يريد الانتقاص من علي بن أبي طالب عليه السلام على الإطلاق، لأنه صرح في مواضع كثيره بمحبته وموالاته، ودافع عنه ضد الخوارج من أهل النهروان وغيرهم !!
رابعًا:
وهذا بيانٌ لمنهج شيخ الإسلام ابنِ تيميَّةَ في هذا الكتاب:
ملخص منهج وطريقة شيخ الإسلام في كتابه “منهاج السنة النبوية” في هذا الباب – كما وضحت الأن – أنه يريد أن يقول للرافضة ما معناه أنكم إذا طعنتم في خلافة أبي بكر وعمر بشيء فإن القاعدة التي تنطلقون منها يستطيع أن ينطلق منها النواصب فيطعنوا في علي بن أبي طالب.
فإذا نفيتم عن أبي بكر وعمر فَضِيلَةً من الفضائل وقلتُم إنها لا تثبت عنهما، لكان ذلك إنكارًا منكم لِفَضْلِ عليِّ بن أبي طالب أيضًا، فَإِنَّ الطَّرِيقَةَ التي ثبتت بها فَضَائِلُ عليٍّ بن أبي طالب هي نفسُ الطريقة التي ثَبَتَتْ بها فَضَائِلُ أبي بكر وعمر، فإنْ أَنْكَرْتُمْ فَضَائِلَ أبي بكر وعمر لَزِمَكُمْ أَنْ تُنْكِرُوا فَضَائِلَ عليٍّ بن أبي طالب أيضًا.
ويقول أيضًا للرافضة: إذا طعنتم في أبي بكر وعمر بشيءٍ ما، وَثَبَتَ عن عليِّ بن أبي طالب نَفْسُ هذا الشيء، فإنكم بِطَعْنِكُم في أبي بكر وعمر طعنتم أيضا في علي بن أبي طالب لاتفاقهم على نفس الفعل !
وهذا مثال واضح لمنهج ابن تيمية في كتابه منهاج السُّنَّة عن النصارى والرافضة، فيقول:
[ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ الْمَسِيحَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَلَا يَغْلُونَ فِيهِ غُلُوَّ النَّصَارَى، وَلَا يَجْفُونَ جَفَاءَ الْيَهُودِ. وَالنَّصَارَى تَدَّعِي فِيهِ الْإِلَهِيَّةَ، وَتُرِيدُ أَنْ تُفَضِّلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى، بَلْ تُفَضِّلَ الْحَوَارِيِّينَ عَلَى هَؤُلَاءِ الرُّسُلِ، كَمَا تُرِيدُ الرَّوَافِضُ أَنْ تُفَضِّلَ مَنْ قَاتَلَ مَعَ عَلِيٍّ كَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَالْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ، عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَالْمُسْلِمُ إِذَا نَاظَرَ النَّصْرَانِيَّ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ فِي عِيسَى إِلَّا الْحَقَّ، لَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ جَهْلَ النَّصْرَانِيِّ وَأَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُ، فَقَدِّرِ الْمُنَاظَرَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَهُودِيِّ; فَإِنَّ النَّصْرَانِيَّ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُجِيبَ عَنْ شُبْهَةِ الْيَهُودِيِّ إِلَّا بِمَا يُجِيبُ بِهِ الْمُسْلِمُ ; فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا كَانَ مُنْقَطِعًا مَعَ الْيَهُودِيِّ، فَإِنَّهُ إِذَا أُمِرَ بِالْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ قَدَحَ فِي نُبُوَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا إِلَّا قَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ فِي الْمَسِيحِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْبَيِّنَاتِ لِمُحَمَّدٍ أَعْظَمُ مِنَ الْبَيِّنَاتِ لِلْمَسِيحِ، وَبُعْدَ أَمْرِ مُحَمَّدٍ عَنِ الشُّبْهَةِ أَعْظَمُ مِنْ بُعْدِ الْمَسِيحِ عَنْ الشُّبْهَةِ، فَإِنَّ جَازَ الْقَدْحُ فِيمَا دَلِيلُهُ أَعْظَمُ وَشُبْهَتُهُ أَبْعَدُ عَنِ الْحَقِّ، فَالْقَدْحُ فِيمَا دُونَهُ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الْقَدْحُ فِي الْمَسِيحِ بَاطِلًا، فَالْقَدْحُ فِي مُحَمَّدٍ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، فَإِنَّهُ إِذَا بَطَلَتِ الشُّبْهَةُ الْقَوِيَّةُ، فَالضَّعِيفَةُ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، وَإِذَا ثَبَتَتِ الْحُجَّةُ الَّتِي غَيْرُهَا أَقْوَى مِنْهَا فَالْقَوِيَّةُ أَوْلَى بِالثَّبَاتِ].(14)
وهذا سياقُ كلامِ ابنِ تيميةَ الذي اجتزأ الخليليُ منه للتشنيع عليه:
وقال ابنُ تيمية وهو يردُّ على الرافضيِّ ابنِ المطهّر الحِلِّيِّ:
[قَالَ الرَّافِضِيُّ: سَمَّوْا (الصحابة) مَانِعَ الزَّكَاةِ مُرْتَدًّا، وَلَمْ يُسَمُّوا مَنِ اسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَمُحَارَبَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُرْتَدًّا، مَعَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ حَرْبُكَ حَرْبِي، وَسِلْمُكَ سِلْمِي حَرْبُكَ، وَمُحَارِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَافِرٌ بِالْإِجْمَاعِ].
إذًا فهذا الرافضي يريد أن يقول لأهل السُّنَّة: كيف تُسَمُّونَ مانعي الزكاة مرتدين، ولم تُسمُّوا معاويةَ مرتدًا مع أن معاوية حَارَبَ المسلمين ، وحارب عليَّ بن أبي طالب في معركة صفين ، ومع ذلك لم يسموا معاوية مرتدًا، مع أنهم سمعوا النَّصَّ الذي قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعلي بن
أبي طالب: “يَا عَلِيُّ حَرْبُكَ حَرْبِي، وَسِلْمُكَ سِلْمِي حَرْبُكَ”].
وابن تيمية رَدَّ على هذا الرافضيِّ بما يُعْجِزُهُ ويقطع حُجَّتَهُ!
فكان مِنْ جواب ابن تيمية عليه – بعدما بَيَّنَ له كَذِبَ الروايةِ وغَلَطَهُ في الاستدلال بها وأوضح سوء فَهْمِه للنصوص – أنه قال ما معناه للرافضي: بحسب هذه الطريقة في الاستدلال؛ إذا قام النواصب بتوجيه نفس الاتهام لكم عن شخص علي بن أبي طالب لما استطعتم أن تردوا عليهم، لِأَنَّ القواعد الباطلة التي ينطلق منها الرافضي تدين عليَّ بن أبي طالب، فلو قالت النواصب للرافضة: أنتم تنكرون على معاوية استحلاله لدماء المسلمين كما تقولون فعليُّ بن أبي طالب أيضا اسْتَحَلَّ قِتَالَ المسلمين على خِلَافِتِهِ، إذْ لا يوجد نصٌّ قرآنيٌّ ولا حديثٌ نبويٌّ يأمر فيه النبيُ صلى الله عليه وسلم عليًّا بِقِتَال أهل الجمل وصِفِّين، فاتِّهَامُكُم لمعاوية يُعَدُّ اتهامًا لعليِّ بن أبي طالبٍ أيضًا سَيْرًا على نفس قاعدتكم.
قال ابن تيمية: [فمن أراد العلو في الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الآخرة].
فهل ابن تيمية يصف عليَّ بنَ أبي طالبٍ بشيء من هذا أَصْلًا ؟!
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية:
[ وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ آخِرَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ].(15)
فكيف يصف شيخ الإسلام أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه بأنه آخر الخلفاء الراشدين المهديين وهو يشبهه في نفس الوقت بفرعون ؟! هل يجتمع هذان القولان في ذهن رجل عاقل سليم؟!
فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه
خامسًا:
نحن كمسلمين لا نرضى أَنْ يُسَبَّ أميرُ المؤمنين عليُّ بنُ أبي طالبٍ عليه السلام والرضوان.
وهو أفضل عندنا من ابن تيمية وأمثاله من العلماء بلا خلاف أو جِدَال!!
ولكننا في ذات الوقت نقول: إذا كان الخليلي يرى أن ابن تيمية نال من عليِّ بن أبي طالب ، فلماذا يسمح الخليلي بطباعة الكتب التي تسب علي بن أبي طالب وتنال منه وتحقد عليه؟!!!
فهذا إمام الأباضية أبو سعيد الْكُدَمِيُّ يقول:
[ ثم إن علي بن أبي طالب استخلف على الناس ، فنقض عهد الله ، وحكم في الدار غير حكم كتاب الله ، وقتل المسلمين ، وسار بالجور في أهل رعيته ، فعلى هذا الذي قد صحت منه سعادة علي بن أبي طالب ، أن يتولى لله علي بن أبي طالب ، على سفكه لدماء المسلمين ، وعلى تحكيمه في الدماء غيرَ حُكْمِ كِتَاب الله ، وسيرته القبيحة ، ولا يحل له الشك في ولايته ، وعليه أن يبرأ لله من باطله ، ومن سفك دمه إن قدر على ذلك].(16)
فهل كانت سيرة علي بن أبي طالب قبيحة ؟! وإذا كان الجواب بالنفي؛ فلماذا يتم طباعة الكتب التي تحتوي سب علي بن أبي طالب وشتمه ؟!
ويقول شيخ الأباضية سالم السيابي:
[كان علي بن أبي طالب من علماء الصحابة و عبادها ، إلا أنَّ حبه الخلافة أوقعه في ما وقع فيه من بلائها، فلم يهتدي لسياستها، فإنَّه لما مات النبي صلى الله عليه و سلم و آله ما كان يرى لها غيره، وكان المسلمون لا يرونه لها، فلما تولاها أبو بكر تَبَرَّمَ وَدَخَلَ في نفسه ما دخل من التأثير، حتى إذا اسْتَخْلَفَ أبو بكر عُمَرَ بن الخطاب بَقِيَ في نَفْسِ عَلِيٍّ أنها فَلْتَةٌ وسترجع إليه، فكان الأمر على خِلَاف ما ظَنَّ ، فزاد تَبَرُّمُهُ وتَشَكِّيهِ].(17)
وفي النهاية أنصح الخليليَّ مفتي الأباضيةِ بهذه النصيحة:
/ يقول الأباضيُّ ناصر المسقري:
[ إنَّ التسرعَ والاندفاعَ في إصدار الأحكام دون رَوِيَّةٍ دون تَحَرٍّ للحقيقة ولا صَبْرٍ في الْبَحْثِ عنها، بل الاكتفاءُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ يُوقِعُ في أَخْطَاءٍ كَثِيرَةٍ ! والاكتفاء ببادئ الرأي سِمَةُ الْعَامَّةِ وَالدَّهْمَاءِ الذين تحركهم الْعَوَاطِفُ الآنِيَّةُ وتوجههم الانفعالاتُ غيرُ الواعية وتتحكمُ بهم الغوغائيةُ ويشغلهم عادةً أصحابُ المصالح والأهواء. ولذلك نجد أن أكثر الأفكار المسيطرة عليهم التي تتحكم بها تعميمات باطلة ومبادئ لا تعتمد على حق، وعقائد لا تستند إلى براهين ولا أدلة كافية للإقناع، بل عواطف لا قيمة لها في ميزان الفكر السليم ولا في ميزان الواقع التجريبي ].(18)
/ يقول الأباضيُّ علي الحجري في مقدمة كتابه:
[فَعَلَى الْكُتَّاب الذين لا يَرْضَونَ إلا بإثارة أَخْبَارِ تِلْكَ الْفِتَنِ في أوساط الأجيال المسلمة أَنْ يفهموا مسئولياتِهم ويتحققوا من صِحَّة الْأَخْبَار التي يبنون عليها أحكامهم].(19)
وقد قيل:
فَدَعْ عَنْكَ الْكِتَابَةَ لَسْتَ مِنْهَا **** وَلَوْ لَطَّخْتَ وَجْهَكَ بِالْـمِدَادِ
….
فإلى دَيَّان يوم الدين نمضي ** وعند الله تجتمع الخصوم.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
………
صباح الأربعاء يوم 23 من ربيع الثاني لعام 1439 هجريا
الموافق 10 يناير لعام 1018 ميلاديا
حديث الغدير, وأحلام العصافير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن واله, وبعد:
كان هذا نقاش بيني وبين أحد الشيعة الرافضة, فطرح شبهة فأجبته عنها، ثم رأيتُ أنْ أنشرها لتعم الفائدة، ولعلَّ أَحَدًا من الباحثين عن الحقيقة من الشيعة يستفيد بها.
يقول: الرافضي:
فأقول وبالله التوفيق:
أولا: هذه الرواية بهذا اللفظ لا تصح، لأنها من طريق علي بن زيد بن جدعان، وهو راوٍ شيعي ضعيف! وهذا سندها في مسند الإمام أحمد يقول: [حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا: الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين، فصلى الظهر، وأخذ بيد علي رضي الله عنه، فقال: ” ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ” قالوا: بلى، قال: ” ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ ” قالوا: بلى، قال: فأخذ بيد علي، فقال: ” من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ” قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: ” له هنيئا يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن، ومؤمنة ]. فالرواية بهذا اللفظ ضعيفة!
وأما اللفظ الصحيح فهو: [مَنْ كنتُ مولاه، فعلي مولاه].
أما هذه الزيادة الضعيفة: [اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه]، فقد جاء في مسند الإمام أحمد أيضا ما يبطلها، فروى عن قال: [حدثنا عبد الله، حدثني حجاج ابن الشاعر، حدثنا شبابة، حدثني نعيم بن حكيم، حدثني أبو مريم، ورجل من جلساء علي، عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم: ” من كنت مولاه فعلي مولاه ” قال: فَزَادَ النَّاسُ بَعْدُ: ” والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه].
ثانيا: على فرض صحة الرواية التي ذكرتها فليس من حقك أن تفْصِلَها عن منهج أمة كاملة.
بمعنى أنه من الممكن أن يأخذ شخص ما أي حديث ويفهمه كما يحلو له, لكن الصواب أن تنظر كيف تعامل المحيطون بالنبي صلى الله عليه وسلم مع هذا الحديث ومع غيره.
فعلى سبيل المثال لقد حَثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه على مبايعة أبي بكر بالخلافة ونص عليه نصا صريحا صحيحا لا مطعن فيه.
ففي صحيحي البخاري ومسلم والفظ له عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: [ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي مَرَضِهِ: ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ، أَبَاكِ، وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ ]. صحيح مسلم 11 – (2387)
ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام: [ وَيَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ ] ؟؟
قال الإمام أبو محمد بن حزم:
[ فَإِنَّ الْخَبَرَ قَدْ جَاءَ مِنَ الطُّرُقِ الثَّابِتَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ لِعَائِشَةَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: ” لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبْعَثَ إِلَى أَبِيكِ وَأَخِيكِ، وَأَكْتُبَ كِتَابًا وَأَعْهَدَ عَهْدًا، لِكَيْلَا يَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَحَقُّ، أَوْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» وَرُوِيَ: «وَيَأْبَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلا أَبَا بَكْرٍ». وَرُوِيَ أَيْضًا: «وَيَأْبَى اللَّهُ وَالنَّبِيُّونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» ” قَالَ: ” فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ عَلَى اسْتِخْلَافِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَبَا بَكْرٍ عَلَى وِلَايَةِ الْأُمَّةِ ” بَعْدَهُ ]. الفِصَل في الملل والأهواء والنحل ج4 ص88 ط الخانجي – القاهرة.
فلو كان حديث الغدير فيه نص على استخلاف علي بن أبي طالب لكان المعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخلف رجلين في وقت واحد, وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك.
ثالثا: نجد عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه لا يدَّعي لنفسه أنه كان أحقَ بالخلافة قط في وجود أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولا بعدهما.
ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم نَصَ على خلافة عليٍّ لوجدنا عليًا قام ليتكلم بهذا. إذا ليس من حق علي أن يكتم شيئا كهذا, وإلا فسيكون علي قد كتم الأمر النبوي الشريف.
والله سبحانه وتعالى يقول:
{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }.(البقرة 159 )
وتكون أنت بهذا قد اتهمتَ عليًّا رضي الله عنه أنه ملعون لأنه كَتَمَ هذا الوحيَ النبوي الشريف.
رابعا: الثابتُ عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه بالأسانيد الصحيحة أنه بايع أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، كما في صحيح البخاري:
[ وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وِجْهَةٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ ].
وقد بايع عليُّ بن أبي طالب أبا بكر الصديق طائعا مختارا، ففي صحيح مسلم تقول الرواية:
[ ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ مِنْ حَقِّ أَبِي بَكْرٍ وَذَكَرَ فَضِيلَتَهُ وَسَابِقَتَهُ ، ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا : أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ فَكَانَ النَّاسُ قَرِيبًا إِلَى عَلِيٍّ حِينَ قَارَبَ الْأَمْرَ الْمَعْرُوفَ ].
فما معنى قوله: [ ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ ].
!!هل كلمة فبايعه معناها أنه لم يبايعه مثلا ؟!!
وفي هذا الرواية أن عليا هو الذي طلب مبايعة أبي بكر وسعى إليها حتى بايعه.
وفي هذه الحالة تكون أنت يا رافضي قد فهمتَ الأمر النبوي وتتهم علي بن أبي طالب أنه عجز عن فهمه.
لاحظ أن أدلتي من نفس الكتب التي تستدل بها علينا.
وهناك بيعتانِ لعلي بن أبي طالب بايع فيهما لأبي بكر الصديق, وليست بيعة واحدة.
ورواية البخاري كانت البيعة الثانية بعد مشكلة ميراث فدك.
فقد روى الإمام البيهقي في سننه الكبرى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
[ أن زَيْد بْن ثَابِتٍ أَخَذَ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: هَذَا صَاحِبُكُمْ فَبَايَعُوهُ , ثُمَّ انْطَلَقُوا , فَلَمَّا قَعَدَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَسَأَلَ عَنْهُ , فَقَامَ نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَتَوْا بِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَتَنَهُ , أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ فبايعه , ثُمَّ لَمْ يَرَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَسَأَلَ عَنْهُ , حَتَّى جَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: ابْنَ عَمَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَحَوَارِيَّهُ , أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهُ فَبَايَعَاهُ ].
السنن الكبرى للبيهقي ج8 ص246 ط دار الكتب العلمية – بيروت.
وهذه هي البيعة الأولى
خامسا: لو كان أبو بكر وعمر وعثمان اغتصبوا الخلافة من علي كما تزعم الرافضة لما وجدنا عليا قد تواتر عنه أنه يمدحهم ويثني عليهم ويفضلهم على نفسه.
روى الإمام أحمدُ في مُسنده:
[ قَالَ عَلِيُّ بن أبي طالب: ” يَا أَبَا جُحَيْفَةَ، أَلا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟ ” قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: وَلَمْ أَكُنْ أَرَى أَنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْهُ، قَالَ: ” أَفْضَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ، عُمَرُ، وَبَعْدَهُمَا آخَرُ ثَالِثٌ وَلَمْ يُسَمِّهِ ].
مسند أحمد ط الرسالة (2/ 201). إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وروى الإمام أحمد في مسنده:
[عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَلَوْ شِئْتُ لَحَدَّثْتُكُمْ بِالثَّالِثِ].
مسند أحمد ط الرسالة (2/ 224). وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وخذ مني هذه الصاعقة التي تنسف دين الرفض نسفا
محمد بن علي بن أبي طالب سأل أباه عليا عن خير هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فبماذا أجابه عليٌّ ؟؟
إليك الرواية:
روى الإمام البخاري في صحيحه:
[ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ قُلْتُ ثُمَّ أَنْتَ قَالَ مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ].
صحيح البخاري حديث رقم 3671
والحنفية هذه هي أم محمد, وأبوه هو علي بن أبي طالب.
سادسا: الـ 110 صحابي الذين رووا هذه الرواية التي تستدل بها كما تقول يا رافضي, هل فهموا منها ما فهمته أنت والشيعة الرافضة ؟؟
هل منهم أحد قال حديث الغدير يدل على استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم لـ علي بن أبي طالب بالخلافة ؟؟
سابعا: حديث الغدير ليس فيه حُجة على ما تقول لأن الموالاة لها عدة معانٍ في اللغة العربية, فمنها النُصرة, والمحبة, والتأييد, والمتابعة, والمبايعة, فكيف حملتها يا عبقري على معنى المبايعة والاستخلاف فقط دون المعاني الاخرى ؟؟
ما هو دليلك ؟
فعلى سبيل المثال الله سبحانه وتعالى يقول: { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا }.
وقال سبحانه: { بل الله مولاكم وهو خير الناصرين }.
بماذا ستفسر قوله: {مولى} وقوله: {مولاكم} ؟؟
ويقول سبحانه لأهل النار: { مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير }.
بماذا ستفسر قوله {هي مولاكم } حسب تفسيرك لمعنى ” الولاية ” ؟؟
ولو قلنا أن الحديث معناه أن عليا هو الخليفة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم لكان هذا يعني أن عليا اليوم ليس مولى لكل مسلم ومسلمة لأنك فسرتَ الولاية بمعنى الخلافة والرئاسة، وقد انتهت رئاسته وخلافته رضي الله عنه.
فهذا الحديث بهذا المعنى لم يُطبَّقْ إلا مدةَ خلافة علي فقط ثم انتهى أثره.
أما نحن فنقول أن الولاية هنا بمعنى المحبة والنُصْرة وهي باقية في قلوب المسلمين تجاه علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى أن تقوم الساعة، وهنا يتبين للعقلاء والنبهاء تفوُّق أهل السنة والجماعة على الشيعة الرافضة.
ثامنا:
1. الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما تولّى الخلافة لمدة أشهر بعد أبيه, فهل قال الحسنُ للناس إن أباه عليًا كان أحقَّ بالخلافة من أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين ؟.؟
وهل صدر من الحسن ما يدل على أنه كان مبغضًا لهؤلاء الخلفاء الراشدين المهديين الثلاثة؟!
2. الحسين بن علي رضي الله عنهما, كان عظيم الشأن عند الصحابة ومع ذلك لم يقل الحسينُ لواحد من الصحابة إنَّ أبي عليًا هو الأحق بالخلافة أو أنا أو الحسن.
تاسعا:
قول الله سبحانه تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة حينما كان بعرفة ، فعن عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ أَيُّ آيَةٍ؟! قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا}، قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ ]. رواه البخاري في صحيحه ، حديث رقم 45 .وحجة الوداع كانت في السنة العاشرة من الهجرة.
ومن المعلوم أن يوم عرفات هو يوم العاشر من ذي الحجة.
وأما حديث الغدير فكان في يوم الثامن عشر من ذي الحجة، من نفس العام الذي حَجَّ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم حَجَّتَهُ الوحيدة !
وهذا معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث بعد اكتمال الدين بثمانية أيام أو تسعة!
فلو كانت إمامة علي رضي الله عنه أصلًا من أصول الدين كما يزعم الشيعة الرافضة لكان على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغها قبل نزول آية اكتمال الدين !!
عاشرا: روح الود والمحبة والإخاء كانت تسود هذا المجتمع الفريد, وخصوصا بين أبي بكر وعمر وعثمان وبين علي والحسن والحسين, فلم يكن بينهم تلك الضغائن والأحقاد التي يروج لها الرافضة !
وإليك هذا المثال:
روى البخاري في صحيحه: عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: [صَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَصْرَ ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي فَرَأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَقَالَ: بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ لَا شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ ]. صحيح البخاري ـ حديث رقم 3542.
أي فداه أبي ، إنه يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يشبه عليًا !
حادي عشر: الرواية التي يستدل بها الرافضي حُجة عليه وتثبت كذبه على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأن فيها [ قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: ” له هنيئا يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن، ومؤمنة ]. فالرواية تقول إن عمر لقيه بعد ذلك! فلماذا يزعم الرافضي أن عمر رضي الله عنه كان حاضرًا ؟!
ثاني عشر: ليس في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: [مَنْ كنتُ مولاه، فعلي مولاه]. ولكن هذا أكاذيب الرافضة على الصحيحين كما اعتدنا منهم!!
———–
تمت بحمد الله
أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
فرية قول السيدة عائشة “واوجعاه” !
قناة مكافح الشبهات – أبو عمر الباحث
نسف أكاذيب النصارى والروافضحول الصحابة الكرام
شبهة قول السيدة عائشة “واوجعاه” !
لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى والرافضة حول أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.
قالت الرَّوَافِضُ المجوسُ أعداءُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ أمَّ المؤمنين عائشةَ رضي اللهُ عنها كانت تتكلم كلاما فاحشا أمام الناس !!
واستدلوا بما ذَكَرَهُ الثعلبيُّ في تفسيره قال:
[وأخبرني الحسين بن محمد، حَدَّثنا موسى بن محمد، حَدَّثنا الحسن بن علوية، حَدَّثنا إسماعيل بن عيسى، حَدَّثنا المسيب بن شريك: إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا(، قال: هُنَّ عَجَائِزُ الدنيا أَنْشَأَهُنَّ الله عزَّ وجلَّ خَلْقًا جَدِيدًا كُلَمَّا أَتَاهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَجَدُوهُنَّ أَبْكَارًا، فَلَمَّـا سَمِعَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ: وَاوَجَعَا ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ هُنَاكَ وَجَعٌ }.(1)
وللرد على هذا الافتراء أقول:
أولًا: الرواية غير صحيحة:
فالسندُ فيه رجل متروك الحديث، وآخر مجهول، ثم انقطاع.
والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً تجتمع فيه شروط قبول الرواية بقسميه الصحيح والحسن، ويجب أن ينطبق على الصحيح شروط خمس وهي:
اتصال السند.
عدالة الرواة.
ضبط الرواة.
انتفاء الشذوذ.
انتفاء العلة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:
[ أَمَّا الْحَدِيثُ الصّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا ، وَلا مُعَلَّلًا ].(2)
علل الرواية:
العِلَّة الأولى: الْـمُسَيَّبُ بن شَرِيْك متروك الحديث.
قال الإمامُ الذهبيُّ:
[ المسيب بن شريك أبو سعيد التميمي الشَّقَرِي الكوفي عن الأعمش.
قال أحمد: تَرَكَ الناسُ حديثه.
وقال البخاري: سكتوا عنه.
وقال مُسْلِم وجماعة: متروك.
وقال الدارقطني ضعيف ].(3)
العلة الثانية: موسى بن محمد مجهول الحال.
فموسى بن محمد هذا لم أجد له ترجمة في كتب العلماء، ونحن لا نعرف حاله من الثقة والضبط والإتقان. ورواية الـمجهول عندنا مردودة غيرُ مقبولة.
قال الإمام أبو عمرو ابنُ الصلاح:
[ الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَـاهِيرِ ].(4)
قال الإمام ابْنُ كَثِيرٍ:
[ فَأَمَّا الْـمُبْهَمُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ ، أَوْ مَنْ سُمِّيَ وَلَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهُ فَهَذَا مِمَّنْ لا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ ].(5)
العلة الثالثة: الانقطاع.
فالمسيب بن شريك هذا لم يُدرك الرسولَ صلى الله عليه وسلم، ولا السَّيِّدَةَ عائشةَ رضي الله عنها.
قال الإِمَامُ البُخَارِيُّ:
[ ويُقال: مات مسيب بن شريك أبو سعيد التميميسنة ست وثمانين ومِئَة ].(6)
فلو فرضنا أنَّ المسيب عاش 100 سنة، فيكون قد وُلِدَ سنة 86 من الهجرة.
والسيدة عائشة تُوُفِّيَتْ سنة 58 من الهجرة كم قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية.(7)
فيكون بين وفاة السيدة عائشة رضي الله عنها وبين مولد المسيب 28 سنة ! وبلا شَكٍّ أنَّ المسيب هذا لم يبدأ في سماع العلم وحضور المجلس أول ما وُلِدَ مباشرة.
سنقدر أنه بدأ بطلب العلم وسماع الأحاديث وعمره 15 سنة، فيكون الانقطاع 43 سنة !
وبهذه العلل الثلاثة نقول: أن الرواية سَاقِطَةُ الإِسْنَاد لا يـُحْتَجُّ بِهَا.
ثانيًا: كتب أخرى تذكر الرواية:
لا يفوتني أَنْ أنبِّه أنَّ الرواية محل بحثنا، ذَكَرَهَا القرطبيُّ في تفسيره.(8)
كما ذكرها ابنُ عادل في اللباب في علوم الكتاب.(9)
وذكرها كذلك البغوي في تفسيره.(10)
وكلهم يذكرونها بلا إسناد !
ثالثًا: موقفنا من تفسير الثعلبي:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
[ فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ الثَّعْلَبِيَّ يَرْوِي طَائِفَةً مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَاتِ، كَالْحَدِيثِ الَّذِي يَرْوِيهِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ فِي فَضْلِ تِلْكَ السُّورَةِ، وَكَأَمْثَالِ ذَلِكَ. وَلِهَذَا يَقُولُونَ: هُوَ كَحَاطِبِ لَيْلٍ ].(11)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
[ والثَّعْلَبِيُّ هُوَ فِي نَفْسِهِ كَانَ فِيهِ خَيْرٌ وَدِينٌ وَكَانَ حَاطِبَ لَيْلٍ يَنْقُلُ مَا وُجِدَ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ مِنْ صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ وَمَوْضُوعٍ …وَالْمَوْضُوعَاتُ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ كَثِيرَةٌ ].(12)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
[ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ الَّذِي رَوَاهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ هُوَ مِنَ الْمَوْضُوعِ، وَسَنُبَيِّنُ أَدِلَّةً يُعْرَفُ بِهَا أَنَّهُ مَوْضُوعٌ، وَلَيْسَ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ].(13)
رابعًا: قبس من حياء أم المؤمنين عائشة:
أقولَّ أنَّ أمَّ المؤمنين السيدة عائشةَ كَانتْ رمزًا وآيةً وعلامةً في الطُّهْر والعَفَافِ والنَّقَاءِ والحياء، رَضِيَ الله عنها وأرضاها.
روى الإِمَامُ أحمدُ في مسنده:
[ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي، فَأَضَعُ ثَوْبِي، وَأَقُولُ إِنَّمَـا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّـا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ، فَوَاللهِ مَا دَخَلْتُهُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي، حَيَاءً مِنْ عُمَرَ ].(14)
قلت: رَضِيَ اللهُ عنكِ يا أماه، وَلَعَنَ اللهُ من يَسُبُّكِ.
خامسًا: من فمك أُدينك:
ألمْ ينظر هذا النصراني وهذا الرافضي إلى ما في كتبهم ؟ ألمْ يَرَوا حجمَ التحريفات والتخريفات والنصوص الجنسية التي في كتبهم ؟ وهل مَنْ كان بيتُه من زجاج يَقْذِفُ النَّاسَ بالحجارة ؟
يقول كتاب النصارى (ترجمة الحياة):
[ غَيْرَ أَنَّ أُهُولِيبَةَ تَفَوَّقَتْ فِي زِنَاهَا…فَأَقْبَلَ إِلَيْهَا أَبْنَاءُ بَابِلَ وَعَاشَرُوهَا فِي مَضْجَعِ الْحُبِّ وَنَجَّسُوهَا بِزِنَاهُمْ. وَبَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ بِهِمْ كَرِهَتْهُمْ. وَإِذْ وَاظَبَتْ عَلَى زِنَاهَا عَلاَنِيَةً، وَتَبَاهَتْ بِعَرْضِ عُرْيِهَا، كَرِهْتُهَا كَمَـا كَرِهْتُ أُخْتَهَا. وَمَعَ ذَلِكَ أَكْثَرَتْ مِنْ فُحْشِهَا، ذَاكِرَةً أَيَّامَ حَدَاثَتِهَا حَيْثُ زَنَتْ فِي دِيَارِ مِصْرَ. فَأُوْلِعَتْ بِعُشَّاقِهَا هُنَاكَ، الَّذِينَ عَوْرَتُهُمْ كَعَوْرَ ةِ الْحَمِيرِ وَمَنِيُّهُمْ كَمَنِيِّ الْخَيْلِ. وَتُقْتِ إِلَى فُجُورِ حَدَاثَتِكِ حِينَ كَانَ الْمِصْرِيُّونَ يُدَاعِبُونَ تَرَائِبَ عِذْرَتِكِ طَمَعاً فِي نَهْدِ حَدَاثَتِكِ ].(15)
ما هذا يا عِبادَ الله ؟ هل هذا كلامُ الله ؟؟ وهل يتكلم الله عن حجم عورة الرجال ؟؟ هذا الفُحْشُ جَعَلَ الأبَ متى المسكين يقول تصريحا خطيرا عن النصوص القبيحة.
يقول الأب متى المسكين:
[ وَسَوْفَ يُصْدَمُ الْقَارِئُ الـمُتَحَفِّظُ بِاسْتِخْدَامِ اللُّغَةِ الْقَبِيْحَةِ الْفَاحِشَةِ فِي أَحَطِّ مَعْنَاهَا وَصُوَرِهَا فِي مُخَاطَبَةِ أَهْلِ إِسْرَائِيْل }. ويقول: { أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ إِصْحَاحًا يَفْتَتِحُ بِهِمْ حِزْقِيَالُ نُبُوَّتَهُ عَلَيْهِمْ فِيْهَا كُلُّ وَسَاخَةِ الزِّنَا وَفَحْشَاءِ الْإِنْسَانِ ].(16)
وإذا كان الرافضي يستنكر هذا القول على السيدة عائشة رضي الله عنه، ويعتبره من فحش القول، فماذا عساه أن يقول في هذا السيل الهادر من الكلام الفاحش البذيء من كتبهم المعتمدة ؟!
روى المجلسي في بحار الأنوار:
[ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاءت امرأة شنيعة إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو على المنبر وقد قتل أباها وأخاها، فقالت: هذا قاتل الاحبة فنظر إليها فقال لها: يا سلفع يا جريئة يا بذية يا مذكرة ، يا التي لا تحيض كما تحيض النساء، يا التي على هنها شئ بين مدلى قال: فمضت وتبعها عمرو بن حريث لعنه الله – وكان عثمانيا – فقال لها: أيتها المرأة ما يزال يُسمعنا ابنُ أبي طالب العجائب، فما ندري حَقَّهَا مِنْ بَاطِلِهَا، وهذه داري فادخلي فإنَّ لي أمهاتِ أولاد حتى ينظرن حقا أَمْ باطلا، وَأَهَبُ لَكِ شَيْئًا، قال: فَدَخَلَتْ، فَأَمَرَ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ فَنَظَرْنَ، فإذا شَيْءٌ على ركبها مُدَلَّى، فقالت: يا ويلها اطَّلَعَ منها عليُّ بنُ أبي طَالِبٍ عليه السلام على شيء لم يَطَّلِعْ عليه إلا أمي أو قابلتي، قال: فوهب لها عمرو بن حريث لعنه الله شيئا ].(17)
فما رأي الرافضي في هذه الأخلاق التي تذكرها أصح كتبهم عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه ؟
مراجع البحـث:
(1) الجامع لأحكام القرآن للإمام أبي عبد الله القرطبي ج20 ص199، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عبد الله التركي.
(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ، دار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عتر.
(3) ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج6 ص430 ط دار الكتب العلمية – بيروت.
(4) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ودار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر.
(5) الباعث الحثيث اختصار علوم شرح الحديث للإمام ابن كثير ص92 ، تأليف أحمد شاكر ، ط دار الكتب العلمية – بيروت.
(6) التاريخ الأوسط للإمام محمد بن إسماعيل البخاري ج4 ص769، ط دار الرشد – الرياض، ت: تيسير بن سعد.
(7) البداية والنهاية للإمام عماد الدين بن كثير ج11 ص336 ط دار هَجَر – الجيزة، ت: عبد الله بن عبد المحسن التركي.
(8) الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي ج20 ص199، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عبد الله بن عبد المحسن التركي.
(9) اللباب في علوم الكتاب للإمام ابن عادل الدمشقي ج20ص401، ط دار الكتب العلمية – بيروت ، ت: نخبة من المحققين.
(10) معالم التنزيل للإمام أبي محمد البغوي ج8 ص14، ط دار طيبة – الرياض، ت: محمد النمر، عثمان جمعة، سليمان الحرش.
(11) منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج7 ص12، ط جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
(12) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ج13 ص354، ط مجمع الملك فهد – المدينة, ت: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم.
(13) منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج7 ص34، ط جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
(14) مُسْنَدُ الإمام أحمد بن حنبل ج42 ص441، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون. وسنده صحيح.
(15) كتاب النصارى – ترجمة الحياة – العهد القديم – سفر حزقيال فصل 23، الأعداد من 11 إلى 21 .
(16) كتاب النبوة والأنبياء في العهد القديم للأب متى المسكين ص226، 227.
(17) بحار الأنوار للشيعي الرافضي محمد باقر المجلسي ج41 ص293، ط دار إحياء التراث العربي- بيروت.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه