أرشيف المدونة
هل سَخِرَ معاوية من السيدة أم أيمن ؟!
قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث
نسف شبهات عدنان إبراهيم حول الصحابي معاوية بن أبي سفيان y
هل سَخِرَ معاوية بن أبي سفيان من السيدة أم أيمن ؟!
لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات الدكتور عدنان إبراهيم حول الصحابة رضي الله عنهم.
تكلم د/ عدنان عن معاوية رضي الله عنه وقدح فيه قائلًا أن معاوية يسخر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد استدل بروايات لا تصح, وإليكم البيان:
استدلَّ بما ذكره الإمام الذهبي قال:
{ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيِّ، قَالَ: قَدِمَ أُسَامَةُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، وَأَلْطَفَهُ، فَمَدَّ رِجْلَهُ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ أَيْمَنَ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ظُنْبُوْبِ سَاقِهَا بِمَكَّةَ، كَأَنَّهُ ظُنْبُوْبُ نَعَامَةٍ خَرْجَاءَ.
فَقَالَ: فَعَلَ اللهُ بِكَ يَا مُعَاوِيَةُ، هِيَ وَاللهِ خَيْرٌ مِنْكَ!
قَالَ: يَقُوْل مُعَاوِيَة: اللَّهُمَّ غُفْراً.
الظُّنْبُوْبُ: هُوَ العَظْمُ الظَّاهِرُ. وَالخَرْجَاءُ: فِيْهَا بَيَاضٌ وَسَوَادٌ }.(1)
وللرد على هذا الافتراء أقول:
أولا: الرواية غير صحيحة:
فسندها تالف ساقط فيه علل تمنعنا من قبوله.
والمسلمون لا يقبلون في دينهم خبرًا حتى تنطبق عليه شروط قبول الرواية بقسميه الصحيح والحسن, وللصحيح شروط خمس وهي:
ü اتصال السند.
ü عدالة الرواة.
ü ضبط الرواة.
ü انتفاء الشذوذ.
ü انتفاء العلة.
قال أبو عمرو بن الصلاح :{ أَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا ، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)
علل الرواية:
العلة الأولى: أبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيُّ.
قال الإمام الذهبي:
{ الهيثم بن عدي الطائي أبو عبد الرحمن المنبجي ثم الكوفي
قال البخاري: ليس بثقة، كان يكذب.
قال يعقوب بن محمد: سكتوا عنه.
وروى عباس عن يحيى قال: ليس بثقة، كان يكذب.
وقال أبو داود: كذاب.
وقال النسائي و غيره: متروك الحديث }.(3)
العلة الثانية: الانقطاع.
فَعَلَى فَرْضِ أنَّ الهيثم هذا كان ثقة، فالرواية أيضا ضعيفة بسبب الانقطاع.
فالهيثم بن عدي مُتَوَفَّى سنة 207 هجرية، وكان عمره وقتها 93 عاما.
قال الإمام الذهبي: { تُوُفِّيَ بِفَمِ الصَلْحِ، فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً }.(4)
وهذا يعني أنه وُلِدَ سنة 114 من الهجرة، في حين أن معاوية رضي الله عنه تُوُفِّيَ سنة 60 هجرية.
وأسامة بن زيد رضي الله عنه تُوُفِّيَ سنة 54 هجرية.
ثانيا: كُتُبٌ أخرى تذكر الرواية:
هذه الرواية ذكرها الإمامُ الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء نَقْلًا عن كتاب تاريخ مدينة دمشق للإمام ابن عساكر.(5)
كما ذكرها البلاذري في كتابه أنساب الأشراف:
قال البلاذريُّ:
{ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَائِدٍ قَالَ، قَالَ مُعَاوِيَةُ لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: رَحِمَ الله أُمَّ أَيْمَنَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سَاقَيْهَا وَكَأَنَّهُمَا ظنبوبا نَعَامَةٍ خَرْجَاءَ، فَقَالَ: هِيَ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أُمِّكَ وَأَكْرَمُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ:
وَأَكْرَمَ أَيْضًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات: 13) }.(6)
علل الرواية:
العلة الأولى: عبد الله بن فائد، أبو اليقظان.
وهذا الرجل له ترجمة شائكة جِدًّا، مَفَادُهَا أنَّ هذا الرجل له أسماءٌ وكُنًى كثيرةٌ، منها اسمه هذا و(سُحَيم بن حفص)، و(عامر بن أبي محمد)، و(عامر بن حفص)، و(أبو إسحاق المالكي)، و(أبو اليقظان)، وغيرها من الأسماء !
وقصته هذه لخَّصها الإمام الخطيب البغدادي !
قال الإمام الخطيب البغدادي:
{ …قال لي أبو الحسن المدائني أبو اليقظان هو سحيم بن حفص وسحيم لقب وها عامر بن حفص وكان لحفص ابن يقال له محمد وكان أكبر ولده ولم يكن به وكان حفص أسود يعرف بالأسود وقال لي أبو اليقظان سمتني أمي خمسة عشر يوما عبد الله فإذا قلت: حدثنا أبو اليقظان فهو أبو اليقظان فإذا قلت: سحيم بن حفص وعامر بن حفص وعامر بن أبي محمد وعامر بن الأسود وسحيم بن الأسود وعبد الله بن فائد وأبو إسحاق المالكي فهو أبو اليقظان}.(7)
وهو رجل مجهول الحال، لا يوجد مَنْ وَثَّقَهُ مِنْ عُلماءِ الجرح والتعديل. ورواية مجهول الحال لا يُحتجُّ بها عند العلماء.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:
{ الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ }.(8)
العلة الثانية: الانقطاع.
فعبد الله بن فائد أو سحيم بن حفص هذا لم يُدركْ أسامة بن زيد أو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم.
قال ياقوتُ الحمويُّ:
{ سُحَيْم بن حفص، أبو اليقظان، الراوية، الأخباريُّ…تُوُفِّيَ سنة تسعين ومائة }.(9)
فلو فرضنا أنه عاش 120 سنة، فهو أيضًا لَمْ يُدْرِكْ أَحَدَهُمَا أو كليهما. فالرواية منقطعة.
العلة الثالثة: البلاذري لَمْ يوثقه أحد من العلماء..
أقول أنَّ البلاذريَّ مُؤلِّفَ الكتاب لَمْ يُوَثِّقْهُ واحدٌ من علماء الجرح والتعديل.
وهذه النقطة تكلمنا عنها في الرد على فرية نبوءة النبي r بموت معاوية على غير الإسلام.
ثالثا: طالما أنَّ الرواية ضعيفة؛ فلماذا ذكرها العلماء ؟
الرافضة وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ وسار على دربهم بسبب جهلهم بكتب أهل السُّنَّة والجماعة يسألون دائما هذا السؤال بعد أن ننسف لهم افتراءاتهم عن الصحابة، ويقولون: طالما أن الرواية ضعيفة, فلماذا يرويها الإمام ابن عساكر في تاريخه أو يذكرها الذهبي في سيره ؟؟
وهذا نفس السؤال الذي يسأله أتْبِاعُ عدنان إبراهيم بعد نسف الروايات مَحلَ استدلالهم !
وللرد على هذا السؤال أقول:
علماؤنا مثل الإمامِ ابنِ عساكر وغيره من المؤرخين كالطبري وابن الأثير والذهبي وابن كثير حينما صنفوا كتبهم هذه لم يشترطوا الصِّحَّةَ في كُلِّ ما ينقلونه !
بل كان هدفهم الوحيد هو جمع وتدوين كل ما قيل في الحقبة التاريخية الخطيرة.
وأما المتأخرون منهم فكان هدفهم سرد ما قيل عن كل شخص أو عن كل حقبة زمنية بغض النظر عن صحة الرواية وضعفها.
رابعًا: الرواية تخالِف الصحيحَ الثابتَ:
ادَّعَى عدنان إبراهيم في استدلاله بهذه الرواية أن معاوية لم يكن يوقِّر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم/ وسنعرض شيئا من أقوال علماء وثقات هذه الأمة عن أخلاق معاوية !
قال الإمامُ ابنُ كثير:
{ قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْظَمَ حِلْمًـا، وَلَا أَكْثَرَ سُؤْدُدًا، وَلَا أَبَعْدَ أَنَاةً، وَلَا أَلْيَنَ مَخْرَجًا، وَلَا أَرْحَبَ بَاعًا بِالْمَعْرُوفِ مِنْ مُعَاوِيَةَ }.(10)
وقبيصة بن جابر الأسديُّ من سادة ونبلاء التابعين, وكان رحمه الله كوفيًّا !
وهذا كلام الإمام الذهبي نفسه في معاوية رضي الله عنه، والذهبي هو صاحب الكتاب الذي ينقل منه عدنان إبراهيم !
قال الإمام الذهبي:
{ وَمُعَاوِيَةُ: مِنْ خِيَارِ المُلُوْكِ الَّذِيْنَ غَلَبَ عَدْلُهُم عَلَى ظُلْمِهِم، وَمَا هُوَ بِبَرِيْءٍ مِنَ الهَنَاتِ – وَاللهُ يَعْفُو عَنْهُ }.(11)
قال الإمام الذهبي:
{ حَسْبُكَ بِمَنْ يُؤَمِّرُهُ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ عَلَى إِقْلِيْمٍ ـ وَهُوَ ثَغْرٌ ـ فَيَضْبِطُهُ، وَيَقُوْمُ بِهِ أَتَمَّ قِيَامٍ، وَيُرْضِي النَّاسَ بِسَخَائِهِ وَحِلْمِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ تَأَلَّمَ مَرَّةً مِنْهُ، وَكَذَلِكَ فَلْيَكُنِ المَلِكُ. وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ – صلى الله عليه وآله وسلم – خَيْرًا مِنْهُ بِكَثِيْرٍ، وَأَفْضَلَ، وَأَصْلَحَ، فَهَذَا الرَّجُلُ سَادَ وَسَاسَ العَالَمَ بِكَمَالِ عَقْلِهِ، وَفَرْطِ حِلْمِهِ، وَسَعَةِ نَفْسِهِ، وَقُوَّةِ دَهَائِهِ وَرَأْيِهِ}.(12)
روى الإمام أبو بكر الخلَّالُ:
{ قال أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُكْتِبُ: كُنَّا عِنْدَ الْأَعْمَشِ، فَذَكَرُوا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَدْلَهُ، فَقَالَ الْأَعْمَشُ: فَكَيْفَ لَوْ أَدْرَكْتُمْ مُعَاوِيَةَ؟ قَالُوا: فِي حِلْمِهِ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، بَلْ فِي عَدْلِهِ }.(13)
خامساً: من فمك أُدينك:
عدنان إبراهيم له مقطع على موقع اليوتيوب يفتري فيه على صحيح الإمام البخاري، في محاولة يائسة لصد الناس عن هذا الكتاب العظيم، فقال أثناء كلامه أنَّ الإمامَ الذهبيَّ هو الحافظُ المؤرِّخُ العلَّامَةُ العظيمُ، العليمُ بالرِّجال !!
فلماذا ترك عدنانُ إبراهيم قولَ الإمام الذهبي في معاوية رضي الله عنه ؟!
هل عدنان إبراهيم أعلمُ بالرجال من الإمام الذهبيِّ ؟
ومدحُ معاوية رضي الله عنه لم يرد فقط عن الإمام الذهبي، وإنما عن كثير من علماء هذه الأمة !
روى الإمام ابن عساكر:
{ عن أبي الأشهب قال: قيل للحسن البصري: «يا أبا سعيد، إن هاهنا قوماً يشتمون أو يلعنون معاوية و ابن الزبير». فقال: «على أولئك الذين يلعنون، لعنة الله» }.(14)
والخلاصة أن هذه الروايات التي يذكرها عدنان مجرد أكاذيب وخرافات يريد عدنان حشرها في عقول أتباعه.
مراجع البحـث:
(1) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج2 ص507, ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.
(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11، ط دار الفكر المعاصر – لبنان، دار الفكر – سوريا، ت: نور الدين عنتر.
(3) ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام الذهبي ج7 ص111، ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: مجموعة من المحققين.
(4) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج10 ص104, ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.
(5) تاريخ مدينة دمشق للإمام ابن عساكر ج8 ص82 ، ط دار الفكر – بيروت. ت: محب الدين أبو سعيد العمروي.
(6) أنساب الأشراف للبلاذري ج5 ص40 ، ط دار الفكر – بيروت, ت: د/سُهِيل ذكَّار(شيعي) ، د/رياض زركلي .
(7) موضح أوهام الجمع والتفريق للإمام الخطيب البغدادي ج2 ص326, ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: أبي الفداء عبد الله القاضي.
(8) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111، ط دار الفكر المعاصر – لبنان، دار الفكر – سوريا، ت: نور الدين عنتر.
(9) معجم الأدباء لياقوتُ الحموي ج3، ص1342, طبعة دار الغرب الإسلامي – بيروت، ت: د/ إحسان عباس.
(10) البداية والنهاية للإمام عماد الدين بن كثير ج8 ص138 طبعة دار هجر – الجيزة، ت: د/ عبد الله بن عبد المحسن التركي.
(11) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص159, طبعة مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.
(12) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص133, طلعة مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط وآخرون.
(13) السُّنَّة للإمام أبي بكر الخلَّال ج2، ص437, طبعة دار الراية – الرياض، ت: د/ عطيّة الزهراني.
(14) تاريخ مدينة دمشق للإمام ابن عساكر ج59 ص206، طبعة دار الفكر – بيروت. ت: محب الدين أبو سعيد العمروي.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
الرد مصورًا على هذه الفرية
حديث الغدير, وأحلام العصافير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن واله, وبعد:
كان هذا نقاش بيني وبين أحد الشيعة الرافضة, فطرح شبهة فأجبته عنها، ثم رأيتُ أنْ أنشرها لتعم الفائدة، ولعلَّ أَحَدًا من الباحثين عن الحقيقة من الشيعة يستفيد بها.
يقول: الرافضي:
فأقول وبالله التوفيق:
أولا: هذه الرواية بهذا اللفظ لا تصح، لأنها من طريق علي بن زيد بن جدعان، وهو راوٍ شيعي ضعيف! وهذا سندها في مسند الإمام أحمد يقول: [حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا: الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين، فصلى الظهر، وأخذ بيد علي رضي الله عنه، فقال: ” ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ” قالوا: بلى، قال: ” ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ ” قالوا: بلى، قال: فأخذ بيد علي، فقال: ” من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ” قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: ” له هنيئا يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن، ومؤمنة ]. فالرواية بهذا اللفظ ضعيفة!
وأما اللفظ الصحيح فهو: [مَنْ كنتُ مولاه، فعلي مولاه].
أما هذه الزيادة الضعيفة: [اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه]، فقد جاء في مسند الإمام أحمد أيضا ما يبطلها، فروى عن قال: [حدثنا عبد الله، حدثني حجاج ابن الشاعر، حدثنا شبابة، حدثني نعيم بن حكيم، حدثني أبو مريم، ورجل من جلساء علي، عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم: ” من كنت مولاه فعلي مولاه ” قال: فَزَادَ النَّاسُ بَعْدُ: ” والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه].
ثانيا: على فرض صحة الرواية التي ذكرتها فليس من حقك أن تفْصِلَها عن منهج أمة كاملة.
بمعنى أنه من الممكن أن يأخذ شخص ما أي حديث ويفهمه كما يحلو له, لكن الصواب أن تنظر كيف تعامل المحيطون بالنبي صلى الله عليه وسلم مع هذا الحديث ومع غيره.
فعلى سبيل المثال لقد حَثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه على مبايعة أبي بكر بالخلافة ونص عليه نصا صريحا صحيحا لا مطعن فيه.
ففي صحيحي البخاري ومسلم والفظ له عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: [ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي مَرَضِهِ: ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ، أَبَاكِ، وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ ]. صحيح مسلم 11 – (2387)
ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام: [ وَيَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ ] ؟؟
قال الإمام أبو محمد بن حزم:
[ فَإِنَّ الْخَبَرَ قَدْ جَاءَ مِنَ الطُّرُقِ الثَّابِتَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ لِعَائِشَةَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: ” لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبْعَثَ إِلَى أَبِيكِ وَأَخِيكِ، وَأَكْتُبَ كِتَابًا وَأَعْهَدَ عَهْدًا، لِكَيْلَا يَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَحَقُّ، أَوْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» وَرُوِيَ: «وَيَأْبَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلا أَبَا بَكْرٍ». وَرُوِيَ أَيْضًا: «وَيَأْبَى اللَّهُ وَالنَّبِيُّونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» ” قَالَ: ” فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ عَلَى اسْتِخْلَافِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَبَا بَكْرٍ عَلَى وِلَايَةِ الْأُمَّةِ ” بَعْدَهُ ]. الفِصَل في الملل والأهواء والنحل ج4 ص88 ط الخانجي – القاهرة.
فلو كان حديث الغدير فيه نص على استخلاف علي بن أبي طالب لكان المعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخلف رجلين في وقت واحد, وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك.
ثالثا: نجد عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه لا يدَّعي لنفسه أنه كان أحقَ بالخلافة قط في وجود أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولا بعدهما.
ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم نَصَ على خلافة عليٍّ لوجدنا عليًا قام ليتكلم بهذا. إذا ليس من حق علي أن يكتم شيئا كهذا, وإلا فسيكون علي قد كتم الأمر النبوي الشريف.
والله سبحانه وتعالى يقول:
{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }.(البقرة 159 )
وتكون أنت بهذا قد اتهمتَ عليًّا رضي الله عنه أنه ملعون لأنه كَتَمَ هذا الوحيَ النبوي الشريف.
رابعا: الثابتُ عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه بالأسانيد الصحيحة أنه بايع أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، كما في صحيح البخاري:
[ وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وِجْهَةٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ ].
وقد بايع عليُّ بن أبي طالب أبا بكر الصديق طائعا مختارا، ففي صحيح مسلم تقول الرواية:
[ ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ مِنْ حَقِّ أَبِي بَكْرٍ وَذَكَرَ فَضِيلَتَهُ وَسَابِقَتَهُ ، ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا : أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ فَكَانَ النَّاسُ قَرِيبًا إِلَى عَلِيٍّ حِينَ قَارَبَ الْأَمْرَ الْمَعْرُوفَ ].
فما معنى قوله: [ ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ ].
!!هل كلمة فبايعه معناها أنه لم يبايعه مثلا ؟!!
وفي هذا الرواية أن عليا هو الذي طلب مبايعة أبي بكر وسعى إليها حتى بايعه.
وفي هذه الحالة تكون أنت يا رافضي قد فهمتَ الأمر النبوي وتتهم علي بن أبي طالب أنه عجز عن فهمه.
لاحظ أن أدلتي من نفس الكتب التي تستدل بها علينا.
وهناك بيعتانِ لعلي بن أبي طالب بايع فيهما لأبي بكر الصديق, وليست بيعة واحدة.
ورواية البخاري كانت البيعة الثانية بعد مشكلة ميراث فدك.
فقد روى الإمام البيهقي في سننه الكبرى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
[ أن زَيْد بْن ثَابِتٍ أَخَذَ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: هَذَا صَاحِبُكُمْ فَبَايَعُوهُ , ثُمَّ انْطَلَقُوا , فَلَمَّا قَعَدَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَسَأَلَ عَنْهُ , فَقَامَ نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَتَوْا بِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَتَنَهُ , أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ فبايعه , ثُمَّ لَمْ يَرَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَسَأَلَ عَنْهُ , حَتَّى جَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: ابْنَ عَمَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَحَوَارِيَّهُ , أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهُ فَبَايَعَاهُ ].
السنن الكبرى للبيهقي ج8 ص246 ط دار الكتب العلمية – بيروت.
وهذه هي البيعة الأولى
خامسا: لو كان أبو بكر وعمر وعثمان اغتصبوا الخلافة من علي كما تزعم الرافضة لما وجدنا عليا قد تواتر عنه أنه يمدحهم ويثني عليهم ويفضلهم على نفسه.
روى الإمام أحمدُ في مُسنده:
[ قَالَ عَلِيُّ بن أبي طالب: ” يَا أَبَا جُحَيْفَةَ، أَلا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟ ” قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: وَلَمْ أَكُنْ أَرَى أَنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْهُ، قَالَ: ” أَفْضَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ، عُمَرُ، وَبَعْدَهُمَا آخَرُ ثَالِثٌ وَلَمْ يُسَمِّهِ ].
مسند أحمد ط الرسالة (2/ 201). إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وروى الإمام أحمد في مسنده:
[عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَلَوْ شِئْتُ لَحَدَّثْتُكُمْ بِالثَّالِثِ].
مسند أحمد ط الرسالة (2/ 224). وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وخذ مني هذه الصاعقة التي تنسف دين الرفض نسفا
محمد بن علي بن أبي طالب سأل أباه عليا عن خير هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فبماذا أجابه عليٌّ ؟؟
إليك الرواية:
روى الإمام البخاري في صحيحه:
[ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ قُلْتُ ثُمَّ أَنْتَ قَالَ مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ].
صحيح البخاري حديث رقم 3671
والحنفية هذه هي أم محمد, وأبوه هو علي بن أبي طالب.
سادسا: الـ 110 صحابي الذين رووا هذه الرواية التي تستدل بها كما تقول يا رافضي, هل فهموا منها ما فهمته أنت والشيعة الرافضة ؟؟
هل منهم أحد قال حديث الغدير يدل على استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم لـ علي بن أبي طالب بالخلافة ؟؟
سابعا: حديث الغدير ليس فيه حُجة على ما تقول لأن الموالاة لها عدة معانٍ في اللغة العربية, فمنها النُصرة, والمحبة, والتأييد, والمتابعة, والمبايعة, فكيف حملتها يا عبقري على معنى المبايعة والاستخلاف فقط دون المعاني الاخرى ؟؟
ما هو دليلك ؟
فعلى سبيل المثال الله سبحانه وتعالى يقول: { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا }.
وقال سبحانه: { بل الله مولاكم وهو خير الناصرين }.
بماذا ستفسر قوله: {مولى} وقوله: {مولاكم} ؟؟
ويقول سبحانه لأهل النار: { مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير }.
بماذا ستفسر قوله {هي مولاكم } حسب تفسيرك لمعنى ” الولاية ” ؟؟
ولو قلنا أن الحديث معناه أن عليا هو الخليفة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم لكان هذا يعني أن عليا اليوم ليس مولى لكل مسلم ومسلمة لأنك فسرتَ الولاية بمعنى الخلافة والرئاسة، وقد انتهت رئاسته وخلافته رضي الله عنه.
فهذا الحديث بهذا المعنى لم يُطبَّقْ إلا مدةَ خلافة علي فقط ثم انتهى أثره.
أما نحن فنقول أن الولاية هنا بمعنى المحبة والنُصْرة وهي باقية في قلوب المسلمين تجاه علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى أن تقوم الساعة، وهنا يتبين للعقلاء والنبهاء تفوُّق أهل السنة والجماعة على الشيعة الرافضة.
ثامنا:
1. الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما تولّى الخلافة لمدة أشهر بعد أبيه, فهل قال الحسنُ للناس إن أباه عليًا كان أحقَّ بالخلافة من أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين ؟.؟
وهل صدر من الحسن ما يدل على أنه كان مبغضًا لهؤلاء الخلفاء الراشدين المهديين الثلاثة؟!
2. الحسين بن علي رضي الله عنهما, كان عظيم الشأن عند الصحابة ومع ذلك لم يقل الحسينُ لواحد من الصحابة إنَّ أبي عليًا هو الأحق بالخلافة أو أنا أو الحسن.
تاسعا:
قول الله سبحانه تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة حينما كان بعرفة ، فعن عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ أَيُّ آيَةٍ؟! قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا}، قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ ]. رواه البخاري في صحيحه ، حديث رقم 45 .وحجة الوداع كانت في السنة العاشرة من الهجرة.
ومن المعلوم أن يوم عرفات هو يوم العاشر من ذي الحجة.
وأما حديث الغدير فكان في يوم الثامن عشر من ذي الحجة، من نفس العام الذي حَجَّ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم حَجَّتَهُ الوحيدة !
وهذا معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث بعد اكتمال الدين بثمانية أيام أو تسعة!
فلو كانت إمامة علي رضي الله عنه أصلًا من أصول الدين كما يزعم الشيعة الرافضة لكان على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغها قبل نزول آية اكتمال الدين !!
عاشرا: روح الود والمحبة والإخاء كانت تسود هذا المجتمع الفريد, وخصوصا بين أبي بكر وعمر وعثمان وبين علي والحسن والحسين, فلم يكن بينهم تلك الضغائن والأحقاد التي يروج لها الرافضة !
وإليك هذا المثال:
روى البخاري في صحيحه: عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: [صَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَصْرَ ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي فَرَأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَقَالَ: بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ لَا شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ ]. صحيح البخاري ـ حديث رقم 3542.
أي فداه أبي ، إنه يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يشبه عليًا !
حادي عشر: الرواية التي يستدل بها الرافضي حُجة عليه وتثبت كذبه على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأن فيها [ قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: ” له هنيئا يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن، ومؤمنة ]. فالرواية تقول إن عمر لقيه بعد ذلك! فلماذا يزعم الرافضي أن عمر رضي الله عنه كان حاضرًا ؟!
ثاني عشر: ليس في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: [مَنْ كنتُ مولاه، فعلي مولاه]. ولكن هذا أكاذيب الرافضة على الصحيحين كما اعتدنا منهم!!
———–
تمت بحمد الله
أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
فرية ضرب عثمان بن عفان لعمار بن ياسر!
قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث
نسف افتراءات عدنان إبراهيم حول الصحابة الكرام
فرية ضرب عثمان بن عفان لعمار بن ياسر!
لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات الدكتور عدنان إبراهيم حول أصحاب رسولنا الكريم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
ادَّعى الدكتور عدنان أنَّ عثمان بن عفان رضي الله عنه ضرب عمار بن ياسر رضي الله عنه بقدمه في مَحَاشِّه (عورته) حتى كان عمار لا يحتبس بولُه !!
واستدل بما رواه ابن شَبَّةَ قال:
[ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفُضَيْلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: دَعَا عُثْمَـانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ وَفِيهِمْ عَمَّـارٌ، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكُمْ، أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُؤْثِرُ قُرَيْشًا عَلَى سَائِرِ النَّاسِ وَيُؤْثِرُ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: ” لَوْ أَنَّ مَفَاتِيحَ الْجَنَّةِ فِي يَدِي لأَعْطَيْتُهَا بَنِي أُمَيَّةَ حَتَّى يَدْخُلُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ، وَاللَّهِ لأُعْطِيَنَّهُمْ وَلأَسْتَعْمِلَنَّهُمْ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ مَنْ رَغِمَ “. فَقَالَ عَمَّـارٌ: عَلَى رَغْمِ أَنْفِي؟ ” قَالَ: عَلَى رَغْمِ أَنْفِكَ “. قَالَ: ” وَأَنْفِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ ” فَغَضِبَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَوَثَبَ إِلَيْهِ فَوَطِئَهُ وَطْأً شَدِيدًا، فَأَجْفَلَهُ النَّاسُ عَنْهُ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ: ” أَيَا أَخَابِثَ خَلْقِ اللَّهِ أَغْضَبْتُمُونِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى أُرَانِي قَدْ أَهْلَكْتُهُ وَهَلَكْتُ “، فَبَعَثَ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، فَقَالَ: مَا كَانَ نَوَالِي إِذْ قَالَ لِي مَا قَالَ إِلا أَنْ أَقُولَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ، وَمَا كَانَ لِي عَلَى قَسْرِهِ مِنْ سَبِيلٍ، اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَخَيِّرَاهُ بَيْنَ ثَلاثٍ، بَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ أَرْشًا أَوْ يَعْفُوَ. فَقَالَ: ” وَاللَّهِ لا أَقْبَلُ مِنْهَا وَاحِدَةً حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ فَأَشْكُوَهُ إِلَيْهِ “. فَأَتَوْا عُثْمَـانَ. فَقَالَ: سَأُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ، كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ آخِذًا بِيَدِي بِالْبَطْحَاءِ فَأَتَى عَلَى أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَعَلَيْهِ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ، فَقَالَ أَبُوهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكُلَّ الدَّهْرِ هَكَذَا؟ قَالَ: قَالَ: ” اصْبِرْ يَاسِرُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لآلِ يَاسِرٍ ” وَقَدْ فَعَلْتُ ].(1)
وللردِّ على هذه الفرية أقول:
أولاً: الرواية غير صحيحة:
فسندُها فيه انقطاع.
والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا رواية تنطبق عليها شروط قبول الرواية بقسميها الصحيح والحسن فقط ، ويجب أن تنطبق الصحيح عليه شروط خمس وهي:
1- اتصال السند.
2- عدالة الرواة.
3- ضبط الرواة.
4- انتفاء الشذوذ.
5- انتفاء العلة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:
[ أَمَّا الْحَدِيثُ الصّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذَّاً ، وَلا مُعَلَّلاً ].(2)
والرواية تخالف الشرط الأول وهو اتصالُ السَّند.
علة الرواية: الانقطاع بين عثمان بن عفان وسالم بن الجعد.
قال الإمامُ أبو زُرْعَة العراقي:
[ سالم بن أبي الجعد: حديثه عن عمر وعثمان وعليٍّ مُرسل ].(3)
قال الإمام الـْمِزِّيُّ:
[ ولا يصح لسالم سَمَـاعٌ مِنْ عَلِيٍّ وإنما يَرْوِي عن محمد بن الحنفية ].(4)
قال الإمام ابن حجر العسقلاني:
[ سالم بن أبي الجعد: ثقة, وكان يرسل كثيرًا ].(5)
فإذا كان سالم بن أبي الجعد أصلا لم يسمع من عليِّ بن أبي طالبٍ الذي عاش سنوات بعد عثمان, فهل يكون قد سَمِعَ من عثمان بن عفان نفسه ؟!
فهذه روايةٌ مرسلة, و ومعلوم أن الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف.
قال الإمام مسلم:
[ وَالْـمُرْسَلُ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي أَصْلِ قَوْلِنَا، وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ ].(6)
قال الإمام صلاح الدين العلائي:
[ قال الإمام ابنُ أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زُرعة يقولان: لا يـُحْتَجُّ بالمراسيل، ولا تقوم الحُجة إلا بالأسانيد الصحاح المتصلة ].(7)
فلا يجوز لعدنان إبراهيم أن يحتج بمثل هذه الروايات ليقدح في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: كتب أخرى تذكر الرواية:
حينما كان يتحدث عدنان إبراهيم عن قصة ضرب عثمان لعمار الزائفة الباطلة قال أن في كتاب أنساب الأشراف للبلاذري أن عثمان أمر عبيده فمدوا يديه (عمار) وكان ضعيفًا، كبيرا في السِّنِّ فضربه في محاشه, في المكان الحساس برجليه وكان في الْـخُفَّيْنِ ووطئه وطأً شديدًا، فكان بعد ذلك لا يحتبس بولُه. وأصيب بفتق وأغمى عليه, ضرب شديد هذا ! لماذا ؟؟ وطئه وطأً شديدًا.
وهذا الكلام وجدت بعضًا منه في أنساب الأشراف للبلاذري بالفعل.
قال الْبَلَاذُرِيُّ:
[ ويقال إِن المقداد بْن عَمْرو وعمار بْن ياسر وطلحة والزبير فِي عدة مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتبوا كتابًا عددوا فِيهِ أحداث عُثْمَـان وَخَوَّفُوهُ رَبَّهُ وأعلموه أنهم مواثبوه إِن لَمْ يقلع، فأخذ عمار الكتاب وأتاه بِهِ، فقرأ صدرًا منه فَقَالَ لَهُ عُثْمَـان: أعلي تقدم من بينهم؟ فَقَالَ عمار: لأني أنصحُهم لَك، فَقَالَ: كذبت يا ابن سُميَّة، فقال: أنا والله ابْن سمية وابن ياسر، فأمر غلمـانا لَهُ فمدوا بيديه ورجليه ثُمَّ ضربه عُثْمَـان برجليه وَهِيَ فِي الخفين عَلَى مذاكيره فأصابه الفتق، وَكَانَ ضعيفًا كبيرًا فَغُشِيَ عَلَيْهِ ].(8)
وهذا والله شيء عجيب.
البلاذري يقول: [ يُقَال ] !!
ومع ذلك يبني عليها عدنان إبراهيم كلامه وكأنَّها أمور مُسَلَّمَة !!
أين التحقيق والبحث العلمي والروايات الصحيحة التي يزعم عدنان إبراهيم أنه يأتي بها ؟
أفبمثل هذه الروايات الساقطة سندًا ومتنًا يُقْدَحُ في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وهل لمجرد أنَّ هذه الروايات موجودة في الكتب فيحق لنا أنْ نأخذ منها دون تحقيق أو تمحيص ؟!
كلام منقول في كتاب قيل في أوله: يقال أنه حدث كذا وكذا، نصدقه وكأنَّه مِنَ الْـمُسَلَّمَـات ؟؟
أي منهج هذا ؟ وأي دين هذا ؟ !!
قال الإمامُ ابنُ خَلْدُون:
[ وكثيرا ما وقع للمؤرِّخين والمفسِّرين وأئمَّة النَّقل من المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيها على مجرَّد النّقل غثًّا أو سَمِيْنًا ولم يعرضوها على أصولها ولا قاسوها بأشباهها ولا سَبَرُوهَا بمعيار الحكمة والوقوف على طبائع الكائنات وتحكيم النَّظر والبصيرة في الأخبار فضلَّوا عن الحق وتاهوا في بيداء الوهم والغلط، ولا سِيَّمـَا في إحصاء الأعداد من الأموال والعساكر إذا عرضت في الحكايات إذْ هي مظنَّة الكذب ومطيَّة الهذر ولا بدَّ مِنْ رَدِّهَا إلى الأصول وعرضها على القواعد ].(9)
فأين عدنان إبراهيم مما يقرره علمـاء الأمة سلفًا وخلفًا مِنْ قواعد وشروط وضوابط نقل الخبر والروايات ؟!
رابعاً: العلماء يحكمون على هذه القصة بالبطلان:
قال الإمامُ القاضي أبو بكر بن العربي:
[ قاصمة:
قالوا مُعْتَدِينَ، متعلقين برواية كذابين: جاء عثمان في ولايته بمظالم ومناكير، منها: ضربه لعمار حتى فتق أمعاءه. ولابن مسعود حتى كسر أضلاعه، ومنعه عطاءه. وابتدع في جمع القرآن وتأليفه، وفي حرق المصاحف….
عاصمة:
هذا كله باطل سندًا ومتنًا، أما قولهم: “جاء عثمان بمظالم ومناكير” فباطل, وأما ضربه لعمار وابن مسعود ومنعه عطاءه فزور، وضربه لعمار إفك مثله، ولو فتق أمعاءه ما عاش أبدًا ].(10).
خامساً: نظرات في متن الرواية:
ما الذي فعله عمار في هذه الرواية الباطلة المكذوبة ليقوم عليه عثمان مُكَشِّرًا عن أنيابه ويضربه ضربة شديدة مثل هذه ؟
لمجرد أنه قال له أني أنصحك، وحينما يقول عثمان لعمار يابن سمية ويرد عمار أنه ابن ياسر وسمية يقوم عليه عثمان ليضربه هكذا ؟؟
ما هذا الـخَطَل والـخَبَل الذي لا يقبله عاقلٌ فضلًا عن عالمٍ وباحثٍ ؟؟
ثُمَّ مَن الذي قال أن عثمـان رضي الله عنه كان مِن هذا النوع مِن الرِّجال الذي يُخرجه الغضب عن وعيه ويجعله يتصرف كالمخابيل والمجانين ؟!!
ثم أين هذه الحِدة والغضبة التي يدعيها عدنان إبراهيم في معرض حديثه عن مقتل عثمان حينما أتى عدنان برواية يطعن بها في طلحة بن عبيد الله وأنه ممن حرض على عثمان وقَتْلِهِ ؟!
وقتها قال عدنان لا يمكنك أن تقرأ سيرة عثمان إلا وتبكي !!
فأين البكاء في هذا الموقف يا عدنان ؟ هل ترى أن ضرب عثمان لعمار بهذه الطريقة شيء مبكي ويجعلنا نحب عثمان متأثرين بمواقفه المبكية ؟!
قد يكون شيئا بالفعل مبكيا ولكنه البكاء من كثرة الضحك على هذه الروايات المكذوبة الباطلة.!
ثُمَّ إن عدنان وضع بعض التحابيش على الرواية من كِيسِهِ!
فزاد عليها أن عمار بن ياسر بعدها لم يكن يحتبس بولُه ! فأين هذا الكلام في كتاب أنساب الأشراف أو في تاريخ المدينة ؟؟
وللرد على فكرة غضب عثمان غير الشعوري ونسفها تماما تعالوا لنرى ماذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.
روى الإمام أحمد بن حنبل قال:
[ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللهِ عُمَرُ وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَـانُ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ].(11)
سادساً: من أين نأخذ التاريخ الصحيح ؟
يقول الدكتور إبراهيم العلي:
[ الإسنادُ لابد منه في كُلِّ أمر من أمور الدين, وعليه الاعتمادُ في الأحاديث النبوية وفي الأحكام الشرعية وفي المناقب والفضائل والمغازي والسير وغير ذلك من أمور الدين المتين والشرع المبين, فشيءٌ من هذه الأمور لا ينبغي عليه الاعتماد مالم يتأكد بالإسناد, لاسيما بعد القرون المشهود لها بالخير… وقد شدد سلفنا الصالح رضوان الله عليهم على ضرورة الإسناد, وأنه مطلوب في الدين, وأنه مِن خصائص أُمَّة الإسلام ].(12)
واستدل الدكتور إبراهيم العلي بكلام الراسخين من أهل العلم على أهمية الإسناد ومكانته.
روى الإمام مسلم في صحيحه قال:
[ عَنْ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْـمُبَارَكِ، يَقُولُ: «الْإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، وَلَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ» ].(13)
فما بالُك إذا كان هذا الخوض في أعراض خير الناس بعد الرسل والأنبياء ؟
فما فائدة الخوض بهذه الطريقة في أعراض الصحابة رضي الله عنهم، وماذا ستستفيد الأمة الإسلامية من هذا الكلام ؟عدنان إبراهيم الذي يرى نفسه عالما من علماء الإسلامية لا يكل ولا يمل من الطعن في الصحابة والتعريض بهم في محاضراته !
ألا يسع عدنان إبراهيم أن يسكتَ عنهم لَعَلَّ الله أن يجمعه معهم في الفردوس الأعلى من الجنة ؟
روى الإمام الطبراني:
عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا».(14)
والرواية صححها العلامة الألباني في صحيح الجامع الصغير بمجموع طرقها.(15)
وَأُذكِّرُكَ بقول الله تعالى: { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَـهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّـا كَانُوا يَعْمَلُونَ }. (سورة البقرة آية134).
مراجع البحـث:
(1) تاريخ المدينة للإمام عُمر بن شبة ج3 ص1098 ، ط السيد حبيب محمود أحمد – جدة ، ت: فهيم محمد شلتوت.
(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ، دار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر.
(3) تحفة التحصيل في أحكام المراسيل للإمام الحافظ العِراقي ص120 ، ط مكتبة الرشد – الرياض، ت: عبد الله نوارة.
(4) تحفة الأشراف للإمام أبي الحجاج المزي ج7 ص376 ، ط المكتب الإسلامي – بيروت. ت: عبد الصمد شرف الدين, زهير الشاويش.
(5) تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص166 ت2170 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.
(6) مقدمة صحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجاج ج1 ص18 ، ط دار طيبة –الرياض، ت: نظر محمد الفاريابي.
(7) جامع التحصيل في أحكام المراسيل للإمام صلاح الدين العلائي ص36، ط عالم الكتب – بيروت، ت: حمدي عبد المجيد السلفي.
(8) أنساب الأشراف للإمام أحمد بن يحيى البلاذري ج6 ص162 ، ط دار الفكر – بيروت، ت: د/سُهَيل زَكَّار, د/رياض زركلي.
(9) تاريخ ابن خَلدون للإمام عبد الرحمن بن خَلدون ج1 ص13 ، ط دار الفكر – بيروت، ت: د/سُهَيل زَكَّار, خليل شحادة.
(10) مُسند الإمام أحمد بن حنبل ج21 ص406 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: الشيخ شعيب الأرنؤوط وآخرون.
(11) العواصم من القواصم للإمام أبي بكر بن العربي ص280، ط دار التراث – القاهرة، ت: د/ عمار طالبي.
(12) صحيح السيرة النبوية للدكتور إبراهيم العلي ص12، طبعة دار النفائس – الأردن.
(13) مقدمة صحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجاج ص8 ، ط دار طيبة – الرياض، ت: نظر محمد الفاريابي.
(14) المعجم الكبير للإمام سليمان بن أحمد الطبراني ج2 ص96 , ط مكتبة بن تيمية – القاهرة، ت: حمدي عبد المجيد السلفي.
(15) صحيح الجامع الصغير للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص155 ح545 , ط المكتب الإسلامي – بيروت.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
الرد مصورا على هذه الفرية
شبهة قراءة " ذلك بأنّ منهم صديقين ورهباناً "
قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث
نسف أكاذيب النصارى حول القرآن الكريم
شبهة قراءة ” ذلك بأنّ منهم صديقين ورهباناً “
لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى حول عصمة القرآن الكريم.
قالوا كيف تقولون أن كتابكم محفوظ ، وعندكم رواية تقول أن القرآن تغيرت فيه كلمة ؟
واستدلوا بما رواه أبو عبيد في فضائل القرآن قال:
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَحُدِّثْتُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ نُصَيْرٍ الطَّائِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الصَّلْتُ، عَنْ حَامِيَةَ بْنِ رِئَابٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَلْمَانَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا} [المائدة: 82] فَقَالَ: دَعِ الْقِسِّيسِينَ فِي الصَّوَامِعِ وَالْخِرَبِ، أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ صِدِّيقِينَ وَرُهْبَانًا»).(1)
وللرد على هذا الافتراء أقول:
أولا: الرواية غير صحيحة:
فسندُها مسلسل بالضعفاء والمجاهيل.
والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً فقط ، ويجب أن تنطبق عليه شروط خمس وهي:
1- اتصال السند.
2- عدالة الرواة.
3- ضبط الرواة.
4- انتفاء الشذوذ.
5- انتفاء العلة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:
{ أَمَّا الْحَدِيثُ الصّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذّاً ، وَلا مُعَلّلاً}.(2)
علل الرواية:
العِلَّتَانِ الأولى والثانية: حامية بن رئاب الكوفي والصَّلْتُ بن عمر الدَّهَّان كلاهما مجهول الحال.
فهذان الرجلان لم يوثقْهما إلا ابنُ حِبَّان وقد سبق أن ذكرنا أنَّ توثيقَ ابنِ حِبَّان محلُ نَظَرٍ عِنْدَ أهل العلم كابن حجر العسقلاني وغيره.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني:
{ وَهَذَا الذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ حِبَّان مِنْ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا انْتَفَتْ جَهَالَةُ عَيْنِهِ كَانَ عَلَى العَدَالَةِ إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ جَرْحُهُ مَذْهَبٌ عَجِيْبٌ ، وَالـجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ }.(3)
ورواية المجهول عندنا مردودة غير مقبولة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:
{الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا ، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ}.(4)
قال الإمام ابن كثير:
{فَأَمّا الْـمُبْهَمُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ ، أَوْ من سُمِّيَ وَلَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهُ فهذا ممن لا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ}.(5)
العِلّة الثالثة: نُصَيْر ابن زياد الطَّائِي منكر الحديث.
قال الإمام الذهبي:
نُصَيْر بن زياد الطَّائيّ الكُوفيّ
قال الأزْديُّ: مُنْكَرُ الحديث.(6)
وعليه فالسند ساقط ضعيف لا يصح الاحتجاج به.
العِلّة الرابعة: شيخ أبي عبيد مجهول.
فأبو عبيد يقول: وَحُدِّثْتُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ !
فمن الذي حَدَّثَ أبا عبيدٍ بهذه الرواية ؟ لا ندري
ورواية المجهول مردودة كما بَيَّـنَّا منذ قليل.
ثانياً: كتب أخرى تذكر الرواية:
لا يفوتني أن أنبِّه أن كل الكتب التي وقفت عليها تذكر هذه الرواية بنفس هذا الإسناد بل منها كتب ترويها عن راو آخر ضعيف وهو يحيى ابن يزيد الحِمَّاني فلقد ذكرها:
1- ابن أبي شيبة في مسنده.(7)
2- أبو عمر الدوري في كتابه قراءات النبي صلى الله عليه وسلم.(8)
3- البخاري في كتابه التاريخ الكبير.(9)
4- أبو بكر ابن أبي داود السجستاني في كتابه المصاحف.(10)
5- عبد الرحمن ابن أبي حاتم في كتابه تفسير القرآن العظيم.(11)
6- أبو نعيم الأصبهاني في كتابه معرفة الصحابة .(12)
7- أبو بكر البزّار في مسنده.(13)
ثالثاً: الرواية تخالف الصحيح المتفق عليه:
هذه الرواية مخالفة لما اتفقت عليه الأمة الإسلامية
روى الإمام البخاري في صحيحه: عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ:
{ دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
فَقَالَ لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ: أَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ.
قَالَ: وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَسَأَلْنَاهُ: فَقَالَ: مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ}.(14)
قال الإمام ابن حجر العسقلاني:
{ وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ ذَهَبَ لِذَهَابِ حَمَلَتِهِ}.(15)
وأقول أننا لا نُثْبِتُ قراءةً من قراءاتِ القرآن الكريم إلا إذا توافر فيها شروط ثلاثة:
1- اتصال السند.
2- موافقة الرسم العثماني ولو احتمالاً.
3- موافقة وجه من أوجه النحو.
فهذه القراءة {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ صِدِّيقِينَ وَرُهْبَاناً} ليست صحيحة السند وكذلك ليست موافقة للرسم العثماني . إذاً فهي قراءة شاذة لا تثبت.
رابعاً: من فمك أُدينك:
ألم ينظر هؤلاء إلى ما في كتبهم ؟ ألم يروا حجم التحريفات والتخريفات التي في كتابهم ؟
وهل من كان بيته من زجاج يستطيع أن يقذف الناس بالحجارة ؟
يقول المؤرخ الكبير وِل ديورانت:
{وترجع أقدم النسخ التي لدينا من الأناجيل الأربعة إلى القرن الثالث. أما النسخ الأصلية فيبدو أنها كُتبت بين عامي 60، 120م ، ثم تعرضت بعد كتابتها مدى قرنين من الزمان لأخطاء في النقل ، ولعلها تعرضت أيضاً لتحريف مقصود يُراد به التوفيق بينها وبين الطائفة التي ينتمي إليها الناسخ أو أغراضها}.(16)
ويقول:
{وملاك القول أنّ ثمة تناقضاً كثيراً بين بعض الأناجيل والبعض الآخر ، وأن فيها نقاطاً تاريخيةً مشكوكاً في صحتها ، وكثيراً من القصص الباعثة على الريبة والشبيهة بما يروى عن آلهة الوثنيين. وكثيراً من الحوادث التي يبدو أنها وضعت عن قصد لإثبات وقوع النبوءات الواردة في العهد القديم ، وفقرات كثيرة ربما كان المقصود منها تقدير أساس تاريخي لعقيدة متأخرة من عقائد الكنيسة أو طقس من طقوسها} .(17)
مراجع البحث:
(1) فضائل القرآن للإمام أبي عبيد القاسم ابن سلّام ص298 ، ط دار ابن كثير – بيروت .
(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ، دار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر .
(3) لسان الميزان للإمام ابن حجر العسقلاني ج1 ص208 ط مكتب المطبوعات الإسلامية – بيروت ، ت: سلمان عبد الفتاح أبو غدة.
(4) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ودار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر .
(5) الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث للإمام ابن كثير ص92 ، تأليف أحمد شاكر ، ط دار الكتب العلمية – بيروت .
(6) تاريخ الإسلام للإمام الذهبي ج12 ص423 ط دار الكتاب العربي – بيروت ، ت: د/عمر عبد السلام تدمري.
(7) مسند ابن أبي شيبة للإمام أبي بكر ابن أبي شيبة ج1 ص309 ط دار الوطن – الرياض ت: عادل الغزاوي ، أحمد المزيدي.
(8) قراءات النبي صلى الله عليه وسلم للإمام أبي عمر الدوري ص90 ح40 ط مكتبة الدار بالمدينة المنورة ، ت: د/حكمت بشير ياسين.
(9) التاريخ الكبير للإمام محمد ابن إسماعيل البخاري ج8 ص116ط دائرة المعارف العثمانية ، حيدر آباد – الدكن.
(10) المصاحف للإمام أبي بكر ابن أبي داود السجستانيج1 ص476 ط دار البشائر – بيروت ، ت: د/محب الدين عبد السبحان واعظ.
(11) تفسير القرآن العظيم للإمام ابن أبي حاتم ج4 ص1183ط مكتبة مصطفى نزار الباز – الرياض ، ت: أسعد محمد الطيّب.
(12) معرفة الصحابة للإمام أبي نعيم الأصبهاني ج3 ص1330 ط دار الوطن – الرياض ، ت: عادل العزازي.
(13) البحر الزخَّار مسند البزّار للإمام أبي بكر البزار ج6 ص499 ط مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة ، ت: د/محفوظ الرحمن زين الله.
(14) صحيح البخاري للإمام محمد ابن إسماعيل البخاري ص1282 ح5019 ، ط دار بن كثير – بيروت .
(15) فـتح الباري شرح صحيح البخاري للإمام بن حجر العسقلاني ج11 ص251 ، ط دار طيبة – القاهرة ، ت: نظر محمد الفَاريابي .
(16) موسوعة قصة الحضارة للمؤرخ وِل ديورانتج11 ص207 ، ط دار الجيل – بيروت ، ترجمة ذكي نجيب محمود.
(17) موسوعة قصة الحضارة للمؤرخ وِل ديورانت ج11 ص210 ، ط دار الجيل – بيروت ، ترجمة ذكي نجيب محمود.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه