أرشيف المدونة
محاولة يائسة لإباحة الموسيقى والرد عليها
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
حاول أحدهم أن يرد على الحلقة الأولى من سلسلة “ رفع البلاء بثبوت حُرْمَةِ المُوسِيقى والغِنَاء ” التي كُشِفَتْ فيها أكاذيب عدنان إبراهيم وتدجيله على مشاهديه ، ولقد رددتُ على هذا الشخص تحت تعليقه على موقع يوتيوب رَدًّا مكتوبًا ، ثم رأيت أن أنقل هذا الرد هنا لَعَلَّه يكون نَافِعًا لبعض إخواني وأخواتي.
وقد قسّمْتُ كلامَه إلى نِقاط ، حتى يركز القارئ الكريم في كل نقطة على حِدَةٍ ، فقلت مستعينًا بالله:
أولا:
تقول: [ اول حديث بخاري من طريق عطية بن قيس كلابي وهو صالح للشواهد فقط لا يؤخذ به في تفرد برواية ].
فمن الذي قال إن هذا الحديث يصلح فقط للشواهد ؟! الإمام البخاري صحح الحديث واحتجَّ به !!
• قال الإمام البخاري:
[ ما أدخلت في الجامع إلا ما صَحَّ، وتركتُ من الصحاح لأجل الطول ]. تاريخ الإسلام للذهبي ج19 ص249.
فهذا نَصٌّ واضح من الإمام البخاري على تصحيح كل الروايات المسندة في كتابه، وهي على شرطه المعروف.
وعلماء الحديث غير البخاري صححوا هذا الحديث كذلك ، والكل يعلم هذا:
• قال الإمام الذهبي:
[ فما في “الكتابين ” بحمد الله رجلٌ احتَجَّ به البخاريُّ أو مسلمٌ في الأصولِ ورواياتُه ضعيفة، بل حَسَنةٌ أو صحيحة ].
الموقظة في علم مصطلح الحديث ص80.
• قال الحافظ ابن حجر العسقلاني:
[ تقرر أَنه الْتزم فِيهِ الصِّحَّة ، وَأَنه لَا يُورد فِيهِ إِلَّا حَدِيثا صَحِيحا. هَذَا أصل مَوْضُوعه وَهُوَ مُسْتَفَاد من تَسْمِيَته إِيَّاه الْجَامِع الصَّحِيح الْمسند من حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسننه وايامه وَمِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنهُ من رِوَايَة الْأَئِمَّة عَنهُ صَرِيحًا ].
فتح الباري لابن حجر ج1 ص11 ، ط طيبة – الرياض.
• قال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح:
[ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ مَعْرُوفُ الِاتِّصَالِ بِشَرْطِ الصَّحِيحِ ]. مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث ص68.
• قال بدر الدين العيني:
[ والْحَدِيث صَحِيح وَإِن كَانَت صورته صُورَة التَّعْلِيق، وَقد تقرر عِنْد الْحفاظ أَن الَّذِي يَأْتِي بِهِ البُخَارِيّ من التَّعَالِيق كلهَا بِصِيغَة الْجَزْم يكون صَحِيحا إِلَى من علقه عَنهُ، وَلَو لم يكن من شيوخه].
عمدة القاري شرح صحيح البخاري (21/ 175)
ثانيا:
تقول: [ وبخاري لفظ حديث عن هشام بن عمار اي لانعرف اذا كان بخاري قد سمعه من هشام بن عمار فعلا او لا لانه لو سمعه مباشر لقال حدثنا ].
ومن الذي قال إن البخاري ينبغي أن يقول “حدثنا وأخبرنا” في كل رواية ؟!
• قال الحافظ ابن حجر :
[ وقد تقرر عند الحُفَّاظِ أن الذي يأتي به البخاري من التعاليق كلها بصيغة الجزم يكون صحيحًا إلى من عَلَّقَهُ عنه ولو لم يكن من شيوخه ، لكن إذا وُجِدَ الحديثُ المعلق من رواية بعض الحفاظ موصولًا إلى من عَلَّقَهُ بشرط الصحة أزال الإشكال ].
وهذا قد حدث بالفعل في رواية ابن حبان في صحيحه ، قال: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، وَأَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّانَ سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ». صحيح ابن حبان ج15 ص154 ، رقم 6754. وبهذه الرواية فإنَّ كلامَ الحافظِ ابنِ حَجَرٍ العسقلاني متحققٌ في رواية تحريم المعازف، فقد رُوِيَتْ موصولةً عند ابن حبان، فلماذا تنكرون الرواية ؟!
ثالثًا:
تقول: [ اريد سند بإسم وعمر جاريتان يثبت انهما صغيرتين فمعني جاريتان في معجم نساء وكلام الذي استدلات به صراحة ليس بحجة كونهما طفلتين ].
وهل تظن أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك امرأتينِ شابتينِ تغنيانِ أمامه ؟!!
وإحدى هاتين الجاريتين اسمها ” حمامة “، وقد روى ذلك ابن أبي الدنيا بسند صحيح في كتاب العيدين. كما نقله ابن حجر في الفتح وغيره، والثانية لم يُذْكَرْ اسمها !
وبالمناسبة ، أنا لم أجد عالِمًـا قال إنهما امرأتانِ أو كبيرتان ! وإنما نَصَّ بعضُ العلماء على أنهما صغيرتانِ !!
رابعًا:
تقول: [ قولك ليس بمغنيتين لا ارى اي مشكلة في هذا ايضا وان كانت غير مغنيتين مهم انهما قام بفعل وهو غناء ولايمكنك صرفه مهما حاولت فعل غناء وقع من ظاهر راوية ].
هذا ليس قولي أنا ، وإنما هو قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وهو دليل على عدم امتهان الغناء والموسيقى أيام الصحابة كما يحدث اليوم !!
خامسا:
تقول: [ هل يجوز حرام في عيد ؟ ].
أقول لك : وهل يجوز شرب الخمر أو أكل الميتة ؟! ستقول نعم يجوز ذلك للضرورة .
فأقول إنَّ الذي يجيز ويمنع ويحرِّم ويحلِّل هو الله سبحانه وتعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
فالفعل محرم ، وتحريمه مخصوص بغير وقت العيد.
سادسًا:
تقول: [ فرضنا انهما صغيرتين مع انهما ليستا كذلك هل صغير يربى على حرام ؟ اذا رأيت طفلك يقوم بحرام تؤدبه وتنصحه ام تقول دعه انه صغير ؟ إذا كان هذا تصرفك فما بلك برسول أمة ].
وهنا حضرتك جزمت دون دليل أن الجاريتينِ ليستا صغيرتينِ !! مع أنك كنت تطالبني بسندٍ يقول إنهما صغيرتان !! فلماذا لم تطلب لنفسك رواية أو سندًا يقول إنهما كبيرتانِ ؟! لماذا ، بارك الله فيك تُلْزِم غيرك بما لا تُلْزِم به نفسك؟!
وبخصوص سؤالك حول تربية الطفل على الحرام ؛فأنا سأفعل نفس ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ، سأمنع ولدي من الغناء في غير وقت الأعياد، وأمنعه من الموسيقى مطلقًا.
وكل كلامك الذي بعده يسير على نفس المنوال !!
والخلاصة في هذه النقطة أننا نجيز ما أجازه الرسول صلى الله عليه وسلم في وقت محدد ، ونمنعه كما منعه الرسول صلى الله عليه وسلم في بقية الأوقات الأخرى !
سابعًا:
تقول: [ ام عن اجماع فإبن حزم وغيره من ائمة اعلام يرون بجوزا معازف وحتى من معاصرين من امثال صالح مغامسي والقرضوي ارى ان حجتك في غاية ضعف مع احترامي لك صديقي ارجو ان تفيدني اذا كان كلامي خطأ برواية تحرم غناء ربما لم اسمع انا بها … ].
أنا أعذرك في كلامك هذا ، لأنك لا تعرف معنى الإجماع أَصْلًا ، فالإجماع إذا انعقد لم يَجُزْ أن يخرمه أحد بعد انعقاده.
والإجماع هو: [ اتفاقُ مجتهدي هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم في عصر من العصور على حكم شرعي ].
والصحابة مجتهدون ، ولم يختلفوا على حكم المعازف، بل اتفقوا على حرمته ، وكل ما يُرْوَى عنهم في إباحته غير صحيح السند إليهم.
فالإجماع منعقد على حرمة الموسيقى في زمن الصحابة وأيضًا في زمن التابعين.
ونحن لسنا أعْلمَ من الصحابة رضي الله عنهم. بل قد أمرنا الله باتباعهم لأنهم أعلم منا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما ابن حزم فهو إمام عَلَمٌ رحمه الله وغفر لنا وله ، ولكنه أخطأ في هذه المسألة ، والذين حكموا بِخَطَئِهِ هم الذين أعلم منه بعلم الحديث الشريف.
ولكن هل سترضى بقول ابن حزم في بقية المسائل مثل حد الردة وحد الرجم وغيرهما ؟!
أم تأخذ بقوله لأنك تريد سَمَاعَ الْغِنَاء ؟!
وأما المغامسي فهو رجل داعية فاضل غفر لنا وله ، وهو ليس من العلماء الراسخين في العلم.
وأما الشيخ القرضاوي غفر الله لنا وله فهو يسير خلف ابن حزم !!
ولاشك أن ابن حزم مخطئ في اجتهاده ، فإنَّ كُلَّ علماءِ الحديثِ يصححون حديث تحريم المعازف في صحيح البخاري.
وعدنان إبراهيم بنفسه في دروس مصطلح الحديث المحاضرة الخامسة الدقيقة 17 ث 52 يقول:
[ إن ظاهر مذهب الشيخين البخاري ومسلم أنهما لا يريانِ جوازَ العمل بالضعيف ، وأنهما التزما ألا يذكرا في كتابيهما إلا الصحيح فقط ، وابن حزم صرّح بهذا في كتاب الإحكام في أصول الأحكام ].
فرواية تحريم الغناء في البخاري صحيحة بدون شك حسب قواعد علم الحديث الشريف.
وأخيرا أقول: إذا أردتم أن تستمعوا الغناء والموسيقى فلا تتعدوا حدودكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزعموا أنه أباحه وأجازه ، فالرسول صلى الله عليه وسلم بريء من هذا الإفك والكذب.
هدانا الله وإياكم لما يحب ويرضى ،،،،
فرية قول ابن عمر عن جارية نافع: واهًا لريح فلانة !
قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث
نسف افتراءات د/عدنان إبراهيم حول الصحابة
فرية قول ابن عمر عن جارية نافع: واهًا لريح فلانة !
لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات عدنان إبراهيم حول أصحاب رسولنا الكريم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
ادَّعى عدنان إبراهيم في مَعْرضِ طعنه على عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ ابن عُمرَ أعتق جارية وأعطاها لنافع ثم إذا رأى ولد هذه الجارية اعتنقه وقال ” وَاهًا لريح فلانة ” ؟!!
وبالغ عدنان مستخدمًا لغةَ الجسد في أسوء معانيها لتصوير عبد الله بن عمر في صورة العاشق الولهان.!
واستدل بمـا رواه الإمام ابن سعد قال:
{ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ، فَلَمَّـا اشْتَدَّ عُجْبُهُ بِهَا أَعْتَقَهَا، وَزَوَّجَهَا مَوْلًى لَهُ “، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هُوَ نَافِعٌ، فَوَلَدَتْ غُلامًا، قَالَ نَافِعٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الصَّبِيَّ فَيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: ” وَاهًا لِرِيحِ فُلانَةَ “، يَعْنِي الْجَارِيَةَ الَّتِي أَعْتَقَ؟}.(1)
وللردِّ على هذه الفرية أقول:
أولاً: الرواية غير صحيحة:
أقول أن هذه الرواية لا تصح، فسندُها ضعيف.
والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً فقط، ويجب أن تنطبق عليه شروط خمس وهي:
1- اتصال السند.
2- عدالة الرواة.
3- ضبط الرواة.
4- انتفاء الشذوذ.
5- انتفاء العلة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح : { أَمَّا الْـحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ
الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا ، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)
علل الرواية:
العلة الأولى:عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ.
قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني:
{ صَدُوقٌ عَابِدٌ رُبَّمَـا وَهِمَ وَرُمِيَ بِالْإِرْجَاءِ }.(3)
قال الإمامُ ابنُ حِبَّان:
{ روى عن نافع أشياء لا يشك مَن الحديثُ صِناعَتُه إذا سَمِعَهَا أَنَّهَا مَوْضُوْعَةٌ، كَانَ يُحَدِّثُ بها توهمًا لا تعمدًا، ومن حَدَّثَ على الحسبان، وروى على التوهم حتى كَثُرَ ذلك منه سَقَطَ الاحتجاجُ به.
وإنْ كان فَاضِلًا في نفسه…قال أبو حاتم: روى عبد العزيز عن نافع عن ابن عمر نسخة موضوعة لا يحل ذِكْرُهَا إلا على سبيل الاعتبار}.(4)
تنبيه:
روى الإمام البخاري في صحيحه لعبد العزيز متابعةً وليس على سبيل الاحتجاج به.
وقد ترك الإمام سفيان الثوري صلاة الجنازة عليه لبدعته وقوله في الإرجاء.
العلة الثانية:محمد بن يزيد بن خُنَيْس.
قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني:
{ مقبول }.(5)
وهذا يعني أنه يصلح في المتابعات وليس في الاحتجاج به.
وشيخنا الألباني في سلسلته الضعيفة كان يتحدث عن حديث موضوع, وكان له متابعة من طريق محمد بن يزيد بن خنيس فوصف متابعة ابن خنيس أنها متابعة واهية.
قال الشيخُ الألبانيُّ:
{ ثم إن الراوي عنه ابن خنيس ؛ قال الحافظ :”مقبول” ، قلت: فمثل هذه المتابعة الواهية لا تُعطي الحديث شيئاً من القوة ولا تُخرجُه عن كونه موضوعاً }.(6)
وهكذا نرى أن الرواية لا تنهض ولا تقوم بها حجة على استدلال عدنان إبراهيم بها.
أفلا يتقي عدنان إبراهيم ربه في عِرض عبد الله بن عمر رضي الله عنه ؟
أبمثل هذه الروايات الضعيفة الواهية نتجرأ على عبد الله بن عمر ؟
إنا لله وإنا إليه راجعون !!
ثانياً: ابن عمر مِن أورع الصحابة وأتقاهم:
أقول أنَّ عبدَ الله بن عمر كَانَ مِنْ أورع وأتقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتعالوا إلى شيء مِنْ ورع وتقوى عبد الله بن عمر رضي الله عنه وعن أبيه:
عبد الله بن عمر أحد الذين أخبرنا الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز أنه رضي عنهم.
قال الإمام الذهبي:
{ أَسْلَمَ وَهُوَ صَغِيْرٌ، ثُمَّ هَاجَرَ مَعَ أَبِيْهِ لَمْ يَحْتَلِمْ … وَهُوَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ }.(7)
قال الإمام الذهبي:
{ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: إِنَّ مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسهِ عَنِ الدُّنْيَا عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ .
ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ مُتَوَافِرُوْنَ، وَمَا فِيْنَا شَابٌّ هُوَ أَمْلَكُ لِنَفْسِهِ مِنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَقَالَ ابْنُ الـمُسَيِّبِ: لَوْ شَهِدْتُ لأَحَدٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، لَشَهِدْتُ لابْنِ عُمَرَ. رَوَاهُ: ثِقَتَانِ، عَنْهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ الـمُسَيِّبِ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمَ مَاتَ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ.
وَعَنْ طَاوُوْسٍ: مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ }.(8)
وهذا يُبَيِّنُ لك ما كان عليه عبد الله بن عمر مِن ورع وتقوى وتعفف وتجرد وخشية لله رب العالمين.
ثالثاً: عدنان إبراهيم والصحابة:
ما الذي يريده عدنان إبراهيم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
ما فائدة طعنه في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
ما الخير الذي سيعود على الأمة الإسلامية من وراء هذا الطعن والغمز واللمز في الصحابة ؟
كم مِن شاب مُسلم بعيد عن طاعة الله سيهتدي بمثل هذا الكلام الساقط؟
كم مِن شابٍّ عاصٍ لله تبارك وتعالى سيتوب بسبب كلامك هذا ؟
وكم مِن مُلحد سيؤمن بالله والإسلام بعد كلامك هذا ؟
ما فائدةُ بَثِّ رواياتٍ مكذوبةٍ وضعيفةٍ بين الناس للقدح في أشرف الخلق بعد الرسل والأنبياء ؟
ما هذا الـخَطَل الذي لا يقبله عاقلٌ فضلًا عن عالمٍ وباحثٍ ؟؟
ثُمَّ مَن الذي قال أنَّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان مِن هذا النوع مِن الرِّجال الذي يفعل فعلة كهذه من أجل امرأة؟
خذ يا عدنان لتعرف هل كان ابن عمر وَلِعًا بالنساء كما تصوره لمشاهديك أم لا !!
قال الإمام الذهبي:
{وَقَالَ نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:لَوْ تَرَكْنَا هَذَا البَابَ لِلنِّسَاءِ). قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدخْلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ }.(9)
الله أكبر الله أكبر !! ما هذا الاتِّبَاع الرائع !! ما هذه الطاعة الصافية !!
فانظر أيها القارئ الكريم إلى الاتباع المحمود العجيب لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم !
هذا هو العابد الزاهد المتبع مقتفي الأثر الشريف رضي الله عنه وعن أبيه.
العجيب أن عدنان أثناء عرض هذه الروايات الباطلة يقول أن عبد الله بن عمر كان تقيًا !!
عدنان حينما قال كلمة “واها لريح فلانة” أمسك كتابًا وَحَضَنَهُ وكأنَّ عبد الله بنَ عُمَر كان مُغْرَمًا بالمرأة.!
ثُمَّ لماذا يضع عدنان هذه التحابيش المنفرة على الرواية من كِيسِهِ، ولماذا يستخدم لغة الجسد هذا الاستخدام الفاحش؟ ولمصلحة من يتم الكلام عن صحابي جليل بهذه الطريقة المبتذلة ؟؟
ولغة الجسد هذه نعرفها ونعرف إلى ماذا يريد عدنان إبراهيم أن يوجه قلوب الناس وعقولهم.
رابعاً: ليس كل ما في الكتب صحيحًا:
أقول: ليس كُلُّ ما في كتب التاريخ أو السُّنة أو السيرة أو حتى التفسير صحيحاً، لأن علماءنا جزاهم الله عنا خيرًا كانوا يهتمون بجمع الروايات وتدوينها في الكتب حتى لا يضيع شيء منها.
ولم يقلْ واحدٌ مِنْ علماء التاريخ على الإطلاق أنَّ كُلَّ ما في كتابه صحيح. والأصل هو الإسناد.
يقول الدكتور إبراهيم العلي:
{ الإسنادُ لابد منه في كُلِّ أمر من أمور الدين, وعليه الاعتمادُ في الأحاديث النبوية وفي الأحكام الشرعية وفي المناقب والفضائل والمغازي والسير وغير ذلك من أمور الدين المتين والشرع المبين, فشيءٌ من هذه الأمور لا ينبغي عليه الاعتماد مالم يتأكد بالإسناد, لاسيما بعد القرون المشهود لها بالخير… وقد شدد سلفنا الصالح رضوان الله عليهم على ضرورة الإسناد, وأنه مطلوب في الدين, وأنه مِن خصائص أُمَّة الإسلام }.(10)
روى الإمام الطبراني:
{ عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا»}.(11)
والرواية صَحَّحَهَا العلامة الألباني في صحيح الجامع الصغير بمجموع طرقها.(12)
وَأخيراً أُذكِّرُكَ بقول الله تعالى:
{ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَـهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّـا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.(سورة البقرة آية 134).
إضافة مهمة للموضوع: بتاريخ 23-7-2013
وقفتُ اليوم على تحقيق كتاب مجموع رسائل ابن رجب لأبي مصعب، “طلعت بن فؤاد الحُلواني” جزاه الله خيرا ووجدته قال في الرواية نفس ما قلتُه في بحثي،
فقال:
{ في إسناده محمد بن يزيد بن خنيس المكي، قال الحافظ في “التقريب”: مقبول. أي حيث يتابع وإلا فهو ضعيف، ولم يتابعه أحد عَلَى ما وقفت عليه، وعبد العزيز بن أبي رواد: صدوق ربما وهم. فالإسناد ضعيف، والله أعلم }.(13)
فالحمد لله رب العالمين
مراجع البحـث:
(1) الطبقات الكبرى للإمام محمد بن سعد ج4 ص156، ط مكتبة الخانجي – القاهرة، ت: د علي محمد عمر.
(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ، دار الفكر – سوريا، ت: نور الدين عنتر.
(3) تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص298 ت4096، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.
(4) المجروحين من المحدثين للإمام ابن حبانج2 ص119، ط دار الصميعي – الرياض، ت: الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي.
(5) تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص447 ت6396، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.
(6) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ج7 ص322، ط دار المعارف – الرياض.
(7) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص204، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط.
(8) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص212، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط.
(9) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص213، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شعيب الأرنؤوط.
(10) صحيح السيرة النبوية للدكتور إبراهيم العلي ص12، طبعة دار النفائس – الأردن.
(11) المعجم الكبير للإمام سليمان بن أحمد الطبراني ج2 ص96, ط مكتبة بن تيمية – القاهرة، ت: حمدي عبد المجيد السلفي.
(12) صحيح الجامع الصغير للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص155 ح545, ط المكتب الإسلامي – بيروت.
(13) مجموع رسائل ابن رجب للحافظ ابن رجب الحنبلي ج2 ص428, ط دار الفاروق الحديثة – القاهرة، ت:طلعت الحُلواني.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
الرد على هذه الفرية مصورا