أرشيف المدونة
فرية طعن عمر بن الخطاب في ابنه عبد الله
قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث
نسف افتراءات د/ عدنان إبراهيم حول الصحابة
فرية قول عمر: أستخلف رجلاً لم يُحسن أن يُطلق امرأته !
لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات عدنان إبراهيم حول أصحاب رسولنا الكريم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
ادَّعى عدنان إبراهيم في مَعْرضِ طعنه على عبد الله بن عمر رضي الله عنهأنَّ عُمرَ بنَ الخطاب رضي الله عنه قال عن ابنه عبد الله: أستخلف رجلا لم يحسن أن يطلق امرأته ؟!!
واستدل بمـا رواه البلاذري قال:
{حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ بَهْرَامَ، ثنا وَكِيعٌ، ثنا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: ” لَوْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ حَيًّا لاسْتَخْلَفْتُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْـمُؤْمِنِينَ فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: قَاتَلَكَ اللَّهُ، وَاللَّهِ مَا اللَّهَ أَرَدْتَ بِهَذَا الْقَوْلِ، أَسْتَخْلِفُ رَجُلا لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ ؟!}.(1)
وللردِّ على هذه الفرية أقول:
أولاً: الرواية غير صحيحة:
أقول أن هذه الرواية لا تصح فسندُها مُرسل ضعيف.
والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً فقط ، ويجب أن تنطبق عليه شروط خمس وهي:
1- اتصال السند.
2- عدالة الرواة.
3- ضبط الرواة.
4- انتفاء الشذوذ.
5- انتفاء العلة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح :{ أَمَّا الْـحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا ، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)
والرواية تخالف الشَّرْطَ الأول وهو اتصالُ السَّند.
علة الرواية: الإرسال بين عمر بن الخطاب وإبراهيم النخعي.
قال الإمامُ ابن أبي حاتم:
{ وقال أبو زُرعة: إنَّ إبراهيمَ دخل على عائشة وهو صغير، ولم يسمعْ منها شيئًا.
قال أبو زُرعة: إبراهيمُ النخعي عن عُمر مُرسل وعن علي مُرسل وعن سعد بن أبي وقاص مُرْسَل.
سمعت أبي يقول: إبراهيم النخعي عن عُمَرَ مُرْسَل}.(3)
والـمُرسل من أقسام الحديث الضعيف:
قال الإمام مُسْلِم:
{ وَالْـمُرْسَلُ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي أَصْلِ قَوْلِنَا، وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ }.(4)
قال الإمام ابْنُ أبي حَاتِم:
{ سَمِعت أبي وَأَبا زرْعَة يَقُولَانِ: لَا يُحْتَج بالمراسيل ولا تقوم الْـحُجَّة بِالْأَسَانِيدِ الصِّحَاح الْمُتَّصِلَة، وكذا أَقُول أنا }.(5)
فإذا كان إبراهيم النَّخعي أصلا لم يَسمعْ مِن عليَّ بن أبي طالبٍ الذي عاش سنوات بعد عُمَر, فهل يكون قد سَمِعَ من عُمَرَ نفسه ؟!
فهذه روايةٌ مُرسَلَة, ومعلوم أنَّ الحديثَ الـمُرسَل من أقسام الحديث الضعيف، فلا يجوز لعدنان إبراهيم أن يحتجَّ بمثل هذه الروايات الضعيفة ليقدح في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تنبيه:
روى الإمام أبو بكر الخلال نفس الرواية وبنفس هذا الانقطاع بين عمر وإبراهيم النخعي.(6)
كذلك رواها عمر بن شبة في تاريخ المدينة.(7)
وروى البلاذري قال:
{ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَانَ مُسْنَدًا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانَ عِنْدَهُ ابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَالَ: اعْلَمُوا أَنِّي لَمْ أَقُلْ فِي الْكَلالَةِ شَيْئًا، وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ بَعْدِي أَحَدًا، وَأَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ وَفَاتِي مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِ اللَّهِ. فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ: أَمَا أَنَّكَ لَوْ أَشَرْتَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ائْتَمَنَكَ النَّاسُ. فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ رَأَيْتُ مِنْ أَصْحَابِي حِرْصًا سَيِّئًا، وَإِنِّي جَاعِلٌ هَذَا الأَمْرَ إِلَى هَؤُلاءِ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِينَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَدْرَكَنِي أَحَدُ رَجُلَيْنِ فَجَعَلْتُ هَذَا الأَمْرَ إِلَيْهِ لَوَثَقْتُ بِهِ: سَالِـمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؟ فَقَالَ لَهُ: قَاتَلَكَ اللَّهُ. وَاللَّهِ مَا أَرَدْتَ اللَّهَ بِهَا. أَسْتَخْلِفُ رَجُلا لَمْ يُحْسِنْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ؟ قَالَ عَفَّانُ: يَعْنِي بِالرَّجُلِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ }.(8)
وهذا إسناد فيه علي بن زيد بن جُدعان وهو ضعيف جدًا، ويخالف الشرط الثالث.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني:
{علي بن زيد بن جُدْعَان، ضَعِيْفٌ }.(9)
وعليه فالسندان ضعيفان ولا يُحتج بهمـا.
ثانياً: عبد الله بن عمر مِن أعلم الصحابة:
أقول: أنَّ عبد الله بن عمر كَانَ مِنْ أعلم وأفقه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتعالوا إلى شيء مِنْ عِلْمِ عبد الله بن عمر رضي الله عن وعن أبيه:
روى الإمام البخاري:
{ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَهِيَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَادِيَةِ وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَاسْتَحْيَيْتُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا بِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هِيَ النَّخْلَةُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَـا وَقَعَ فِي نَفْسِي فَقَالَ لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا }.(10)
وهذا يبين لك ما عليه عبد الله بن عمر من الفطنة والذكاء والعلم، فَلَمْ ينتبهْ واحدٌ من الصحابة لإجابة السؤال غيره رضي الله عنه، وتصرح أن الرواية أن عُمَرَ عَلِمَ بفطنة وذكاء ابنه عبد الله.
ولا يفوتني أنْ أنبه أنَّ الإمام البخاري بوب على هذه الرواية بباب {بَاب الْفَهْمِ فِي الْعِلْمِ }.!
قال الإمامُ الذهبي:
{ قَالَ مَالِكٌ: كَانَ إِمَامَ النَّاسِ عِنْدَنَا بَعْدَ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، مَكثَ سِتِّيْنَ سَنَةً يُفْتِي النَّاسَ }.(11)
وإذا كان عدنان يرى أن عليَّ بن أبي طالب كان إمامَ هدى، فلقد أراد أن يولي ابن عمر على أهل الشام.
قال الإمامُ الذهبي:
{ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عُمَرَ بنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعثَ إِلَيَّ عليٌّ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنَّكَ رَجُلٌ مُطَاعٌ فِي أَهْلِ الشَّامِ، فَسِرْ فَقَدْ أَمَّرْتُكَ عَلَيْهِم.
فَقُلْتُ: أُذَكِّرُكَ اللهَ، وَقَرَابَتِي مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصُحْبَتِي إِيَّاهُ، إِلاَّ مَا أَعْفَيْتَنِي.
فَأَبَى عَلِيٌّ، فَاسْتَعَنْتُ عَلَيْهِ بِحَفْصَةَ، فَأَبَى، فَخَرَجْتُ ليلاً إِلَى مَكَّةَ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ خَرجَ إِلَى الشَّامِ.
فَبَعثَ فِي أَثَرِي، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي المربدَ، فَيَخْطمُ بَعيرَهُ بِعِمَامَتِهِ لِيُدْرِكَنِي.
قَالَ: فَأَرْسَلَتْ حَفْصَةُ: إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى الشَّامِ، إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَسَكَنَ }.(12)
ثانياً: تحذير النبي لأمته من الخوض في الصحابة:
لقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الخوض في أعراض أصحابه وأمرنا بالإمساك عنهم.
روى الإمام الطبراني:
{ عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا»}.(13)
فمن امتثل أمر نبيه أفلح، وَمَنْ تَنَكَّبَهُ ضَلَّ سعيه في الدنيا والآخرة.
{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } سورة النور 63.
مراجع البحـث:
(1) أنساب الأشراف للإمام أحمد بن يحيى البلاذري ج11 ص70، ط دار الفكر – بيروت، ت: د/سُهَيل زَكَّار, د/رياض زركلي.
(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ، دار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر.
(3) المراسيل للإمام عبد الرحمن ابن أبي حاتم ص10 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شكر الله بن نعمة الله جوقاني.
(4) صحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجاج ج1 ص18 ، ط دار طيبة – الرياض، ت: نظر محمد الفاريابي.
(5) المراسيل للإمام عبد الرحمن ابن أبي حاتم ص7، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: شكر الله بن نعمة الله جوقاني.
(6) السُّنَّة للإمام أبي بكر الخلَّال ج1 ص279، ط دار الراية – الرياض، ت: د/ عطية الزهراني.
(7) تاريخ المدينة للإمام عمر بن شبة النميري ج3 ص923، ط دار الفكر – بيروت، ت: فهيم محمد شلتوت.
(8) أنساب الأشراف للإمام أحمد بن يحيى البلاذري ج10 ص421، ط دار الفكر – بيروت، ت: د/سُهَيل زَكَّار, د/رياض زركلي.
(9) تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص340 ت4734، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.
(10) صحيح البخاري للإمام محمد بن إسماعيل البخاري ص45 ح131، ص30 ح72، ط دار ابن كثير – بيروت.
(11) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص221، ط مؤسسة الرسالة – بيروت،ت: شعيب الأرنؤوط.
(12) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص224، ط مؤسسة الرسالة – بيروت،ت: شعيب الأرنؤوط.
(13) المعجم الكبير للإمام سليمـان بن أحمد الطبراني ج2 ص96, ط مكتبة بن تيمية – القاهرة، ت: حمدي عبد المجيد السلفي.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
الرد على هذه الفرية مصورا
شبهة قراءة " ذلك بأنّ منهم صديقين ورهباناً "
قناة مكافح الشبهات . أبو عمر الباحث
نسف أكاذيب النصارى حول القرآن الكريم
شبهة قراءة ” ذلك بأنّ منهم صديقين ورهباناً “
لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى حول عصمة القرآن الكريم.
قالوا كيف تقولون أن كتابكم محفوظ ، وعندكم رواية تقول أن القرآن تغيرت فيه كلمة ؟
واستدلوا بما رواه أبو عبيد في فضائل القرآن قال:
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَحُدِّثْتُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ نُصَيْرٍ الطَّائِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الصَّلْتُ، عَنْ حَامِيَةَ بْنِ رِئَابٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَلْمَانَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا} [المائدة: 82] فَقَالَ: دَعِ الْقِسِّيسِينَ فِي الصَّوَامِعِ وَالْخِرَبِ، أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ صِدِّيقِينَ وَرُهْبَانًا»).(1)
وللرد على هذا الافتراء أقول:
أولا: الرواية غير صحيحة:
فسندُها مسلسل بالضعفاء والمجاهيل.
والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً فقط ، ويجب أن تنطبق عليه شروط خمس وهي:
1- اتصال السند.
2- عدالة الرواة.
3- ضبط الرواة.
4- انتفاء الشذوذ.
5- انتفاء العلة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:
{ أَمَّا الْحَدِيثُ الصّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذّاً ، وَلا مُعَلّلاً}.(2)
علل الرواية:
العِلَّتَانِ الأولى والثانية: حامية بن رئاب الكوفي والصَّلْتُ بن عمر الدَّهَّان كلاهما مجهول الحال.
فهذان الرجلان لم يوثقْهما إلا ابنُ حِبَّان وقد سبق أن ذكرنا أنَّ توثيقَ ابنِ حِبَّان محلُ نَظَرٍ عِنْدَ أهل العلم كابن حجر العسقلاني وغيره.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني:
{ وَهَذَا الذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ حِبَّان مِنْ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا انْتَفَتْ جَهَالَةُ عَيْنِهِ كَانَ عَلَى العَدَالَةِ إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ جَرْحُهُ مَذْهَبٌ عَجِيْبٌ ، وَالـجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ }.(3)
ورواية المجهول عندنا مردودة غير مقبولة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:
{الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا ، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ}.(4)
قال الإمام ابن كثير:
{فَأَمّا الْـمُبْهَمُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ ، أَوْ من سُمِّيَ وَلَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهُ فهذا ممن لا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ}.(5)
العِلّة الثالثة: نُصَيْر ابن زياد الطَّائِي منكر الحديث.
قال الإمام الذهبي:
نُصَيْر بن زياد الطَّائيّ الكُوفيّ
قال الأزْديُّ: مُنْكَرُ الحديث.(6)
وعليه فالسند ساقط ضعيف لا يصح الاحتجاج به.
العِلّة الرابعة: شيخ أبي عبيد مجهول.
فأبو عبيد يقول: وَحُدِّثْتُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ !
فمن الذي حَدَّثَ أبا عبيدٍ بهذه الرواية ؟ لا ندري
ورواية المجهول مردودة كما بَيَّـنَّا منذ قليل.
ثانياً: كتب أخرى تذكر الرواية:
لا يفوتني أن أنبِّه أن كل الكتب التي وقفت عليها تذكر هذه الرواية بنفس هذا الإسناد بل منها كتب ترويها عن راو آخر ضعيف وهو يحيى ابن يزيد الحِمَّاني فلقد ذكرها:
1- ابن أبي شيبة في مسنده.(7)
2- أبو عمر الدوري في كتابه قراءات النبي صلى الله عليه وسلم.(8)
3- البخاري في كتابه التاريخ الكبير.(9)
4- أبو بكر ابن أبي داود السجستاني في كتابه المصاحف.(10)
5- عبد الرحمن ابن أبي حاتم في كتابه تفسير القرآن العظيم.(11)
6- أبو نعيم الأصبهاني في كتابه معرفة الصحابة .(12)
7- أبو بكر البزّار في مسنده.(13)
ثالثاً: الرواية تخالف الصحيح المتفق عليه:
هذه الرواية مخالفة لما اتفقت عليه الأمة الإسلامية
روى الإمام البخاري في صحيحه: عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ:
{ دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
فَقَالَ لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ: أَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ.
قَالَ: وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَسَأَلْنَاهُ: فَقَالَ: مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ}.(14)
قال الإمام ابن حجر العسقلاني:
{ وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ ذَهَبَ لِذَهَابِ حَمَلَتِهِ}.(15)
وأقول أننا لا نُثْبِتُ قراءةً من قراءاتِ القرآن الكريم إلا إذا توافر فيها شروط ثلاثة:
1- اتصال السند.
2- موافقة الرسم العثماني ولو احتمالاً.
3- موافقة وجه من أوجه النحو.
فهذه القراءة {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ صِدِّيقِينَ وَرُهْبَاناً} ليست صحيحة السند وكذلك ليست موافقة للرسم العثماني . إذاً فهي قراءة شاذة لا تثبت.
رابعاً: من فمك أُدينك:
ألم ينظر هؤلاء إلى ما في كتبهم ؟ ألم يروا حجم التحريفات والتخريفات التي في كتابهم ؟
وهل من كان بيته من زجاج يستطيع أن يقذف الناس بالحجارة ؟
يقول المؤرخ الكبير وِل ديورانت:
{وترجع أقدم النسخ التي لدينا من الأناجيل الأربعة إلى القرن الثالث. أما النسخ الأصلية فيبدو أنها كُتبت بين عامي 60، 120م ، ثم تعرضت بعد كتابتها مدى قرنين من الزمان لأخطاء في النقل ، ولعلها تعرضت أيضاً لتحريف مقصود يُراد به التوفيق بينها وبين الطائفة التي ينتمي إليها الناسخ أو أغراضها}.(16)
ويقول:
{وملاك القول أنّ ثمة تناقضاً كثيراً بين بعض الأناجيل والبعض الآخر ، وأن فيها نقاطاً تاريخيةً مشكوكاً في صحتها ، وكثيراً من القصص الباعثة على الريبة والشبيهة بما يروى عن آلهة الوثنيين. وكثيراً من الحوادث التي يبدو أنها وضعت عن قصد لإثبات وقوع النبوءات الواردة في العهد القديم ، وفقرات كثيرة ربما كان المقصود منها تقدير أساس تاريخي لعقيدة متأخرة من عقائد الكنيسة أو طقس من طقوسها} .(17)
مراجع البحث:
(1) فضائل القرآن للإمام أبي عبيد القاسم ابن سلّام ص298 ، ط دار ابن كثير – بيروت .
(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ، دار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر .
(3) لسان الميزان للإمام ابن حجر العسقلاني ج1 ص208 ط مكتب المطبوعات الإسلامية – بيروت ، ت: سلمان عبد الفتاح أبو غدة.
(4) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص111 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ودار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر .
(5) الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث للإمام ابن كثير ص92 ، تأليف أحمد شاكر ، ط دار الكتب العلمية – بيروت .
(6) تاريخ الإسلام للإمام الذهبي ج12 ص423 ط دار الكتاب العربي – بيروت ، ت: د/عمر عبد السلام تدمري.
(7) مسند ابن أبي شيبة للإمام أبي بكر ابن أبي شيبة ج1 ص309 ط دار الوطن – الرياض ت: عادل الغزاوي ، أحمد المزيدي.
(8) قراءات النبي صلى الله عليه وسلم للإمام أبي عمر الدوري ص90 ح40 ط مكتبة الدار بالمدينة المنورة ، ت: د/حكمت بشير ياسين.
(9) التاريخ الكبير للإمام محمد ابن إسماعيل البخاري ج8 ص116ط دائرة المعارف العثمانية ، حيدر آباد – الدكن.
(10) المصاحف للإمام أبي بكر ابن أبي داود السجستانيج1 ص476 ط دار البشائر – بيروت ، ت: د/محب الدين عبد السبحان واعظ.
(11) تفسير القرآن العظيم للإمام ابن أبي حاتم ج4 ص1183ط مكتبة مصطفى نزار الباز – الرياض ، ت: أسعد محمد الطيّب.
(12) معرفة الصحابة للإمام أبي نعيم الأصبهاني ج3 ص1330 ط دار الوطن – الرياض ، ت: عادل العزازي.
(13) البحر الزخَّار مسند البزّار للإمام أبي بكر البزار ج6 ص499 ط مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة ، ت: د/محفوظ الرحمن زين الله.
(14) صحيح البخاري للإمام محمد ابن إسماعيل البخاري ص1282 ح5019 ، ط دار بن كثير – بيروت .
(15) فـتح الباري شرح صحيح البخاري للإمام بن حجر العسقلاني ج11 ص251 ، ط دار طيبة – القاهرة ، ت: نظر محمد الفَاريابي .
(16) موسوعة قصة الحضارة للمؤرخ وِل ديورانتج11 ص207 ، ط دار الجيل – بيروت ، ترجمة ذكي نجيب محمود.
(17) موسوعة قصة الحضارة للمؤرخ وِل ديورانت ج11 ص210 ، ط دار الجيل – بيروت ، ترجمة ذكي نجيب محمود.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
سلسلة تحريف الكتاب المقدس
سلسلة تحريف الكتاب المقدس – تحريف مخطوطاته وترجماته
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد:
هذه سلسلة علمية منهجية نعرض فيها المخطوطات والوثائق والمراجع المسيحية التي تقطع بما لا يدع مجالا للشك بتحريف هذا الكتاب وأنه أغلب ما فيه ليس بحق
وأنه قد عبثت فيه أيدي البشر فأضافت وزادت وأنقصت منه وغيرت وبدلت .
وكل ذلك باعتراف علمائهم
والله الموفق والمستعان
الجزء الأول
ضياع المخطوطات الأصلية للعهدين القديم والجديد
.
الجزء الثاني
اعتراف علماء المسيحية بتحريف مخطوطات العهدين القديم والجديد
.
الجزء الثالث
تحريف نص رسالة يوحنا الأولى 5-7 نص التثليث الوحيد
.
الجزء الرابع
تحريف نهاية إنجيل مرقس وإثبات أنها مضافة
.
الجزء الخامس
تحريف نص إنجيل لوقا 9 – 55
.
الجزء السادس
تحريف نص رسالة تيموثاوس الأولى 3 – 16
الجزء السابع
تحريف نص إنجيل يوحنا 9 – 35
سيتم وضع الحلقات الجديدة في الصفحة هنا تباعا إن شاء الله