Category Archives: ردود وتعقيبات
مقالة التحريف: هل الكتاب المقدس محرف؟!
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فقد كتب أحد النصارى مقالا بعنوان : [هل الكتاب المقدس محرف ؟؟؟؟].
فكان جوابي أنْ نعم الكتاب المقدس محرف، مع ذكر الأدلة بعون الله كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
وقد قررت أن أكتب ردًا قصيرًا مختصرًا على أسئلة هذا النصراني، سائلًا ربي سبحانه وتعالى أن ينفع به قارئه!
وتحت هذا العنوان تكلَّم النصراني عن أنواع التحريف وقال:
[والسؤال هو: هل ينطبق معنى التحريف هذا على أسفار الكتاب المقدس ؟ وإن كان البعض يتصور ويزعم حدوث ذلك فهل يستطيع الإجابة على الأسئلة التالية ؟
(1)متى حُرف الكتاب المقدس ؟ وفي إي عصر تم التحريف ؟
(2)هل تم التحريف قبل القرن السادس الميلادي أم بعده ؟
(3)من الذي حرف الكتاب المقدس ؟
(4)أين حُرف الكتاب المقدس ؟ وفي أي بلد من بلاد العالم ؟
(5)لماذا حُرف الكتاب المقدس ؟ وما هو الهدف من ذلك ؟
(6)هل يستطيع أحد أن يقدم دليلاً تاريخياً على هذا الزعم ؟
(7)أين نسخة الكتاب المقدس الغير محرفة ؟ وما هي النصوص التي حُرفت ؟ وكيف تستطيع أن تميز بين ما حرف وما لم يحرف ؟
(8)كيف تم التحريف ؟ وهل كان في إمكان أحد أن يجمع جميع نسخ العهد القديم والتي كانت موجودة مع اليهود والمسيحيين، و جميع أسفار العهد الجديد التي كانت منتشرة في عشرات الدول ومئات المدن وألوف القرى، سواء التي كانت مع الأفراد أو التي كانت في الكنائس، ثم يقوم بتحريفها وإعادتها إلى من أُخذت منهم؟].
الجواب: نعم أستطيع الإجابة عن كل هذه الأسئلة بمنتهى البساطة، وبعرض الأدلة من الكتب المسيحية فقط!
السؤال الأول: متى حُرف الكتاب المقدس؟ وفي إي عصر تم التحريف؟
والسؤال الثاني: هل تم التحريف قبل القرن السادس الميلادي أم بعده؟
الجواب: تم تحريف الكتاب المقدس بعهديه، العهد القديم تم تحريفه على يد اليهود، والعهد الجديد تم تحريفه على أيدي النصارى! قبل ظهور دين الإسلام العظيم وبعده!
أما عن تحريف العهد القديم، فقد جاء في كتاب “العهد القديم كما عرفته كنيسة الإسكندرية” من إصدار دير القديس أنبا مقار طبعة دار مجلس مرقس صفحة 57 يقول:
[أما سبب غياب بعض الأسفار اليونانية من العهد القديم العبري لدى اليهود – فيرجع حسب تعليل أوريجانوس – إلى رغبتهم في إخفاء كل ما يمس رؤساءهم وشيوخهم].
وبناءً على هذا الاعتراف الصريح من القديس أوريجانوس عرفنا أن اليهود هم السبب في غياب بعض الأسفار اليونانية من العهد القديم لأنهم كانوا حريصين على إخفاء كل ما يمس رؤساءهم!! وسأتكلم عن العهد الجديد بشيء من التفصيل بعد قليل إن شاء الله!
ومما يدل على تحريف اليهود للعهد القديم أيضًا أنهم قاموا بتحريف نص سفر التكوين 18 – 22 الذي يقول: [وبقي إبراهيم واقفًا مع الرب]، فجعلوه هكذا: [وبقي إبراهيم واقفًا أمام الرب]، واعترفت الترجمة العربية المشتركة ص20 أن النص تم تحريفه احترامًا للإله!
وأما العصر الذي تم فيه التحريف فقد تم هذا التحريف بحسب الزمن الذي كان يعيش فيه الأشخاص الذين قاموا بالتحريف! كما سيأتي بيانه في الإجابة عن السؤال الثالث!
السؤال الثالث: من الذي حرف الكتاب المقدس؟
الجواب: النساخ والهراطقة بحسب طوائفهم وأفكارهم والآباء المسيحيون هم الذين حَرَّفوا هذا الكتاب!
أولا: أما تحريف النساخ فقد اعترف به عدد كبير من علماء المسيحية، وإليك الأمثلة:
1. الدكتور القس شنودة ماهر إسحاق يقول:
[ومعظم فروق القراءات بين المخطوطات يمكن إرجاعها إلى تغييرات حدثت عن غير دراية من الناسخ أو قصد منه خلال عملية النساخة].
كتاب” مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الأصلية ” ص 19-21, الطبعة الثانية 2006م.
2. تقول نسخة الترجمة الرهبانية اليسوعية في مقدمة العهد الجديد ص12، 13:
[إنَّ نُسَخَ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة, بل يُمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية ولكن عددها كثيرٌ جدا على كل حال، هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو أو الألفاظ أو ترتيب الكلام، ولكن هناك فوراق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها.
واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير ، فإن نص العهد الجديد قد نُسِخَ ثم نُسِخَ طُوالَ قرون كثيرة بيد نُسَّاخ صلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التي تحول دون أن تتصف أي نسخة كانت -مهما بُذل فيها من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذي أخذت عنه ، يضاف إلى ذلك أن بعض النساخ حاولوا أحيانا ، عن حسن نية أن يصوبوا ما جاء في مثالهم وبدا لهم أنه يحتوي أخطاء واضحة أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي ، وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد أن تكون كلها خطأ، ..ومن الواضح أن ما أدخله النساخ من التبديل على مرّ القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر . فكان النص الذي وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مثقلا بمختلف ألوان التبديل ظهرت في عدد كبير من القراءات].
ثانيًا: تحريف الهراطقة:
مَركيون المهرطق:
من المعلوم عند الباحثين أن مركيون المهرطق قد عبث كثيرًا بمخطوطات العهد الجديد، وأنه زاد فيها ونقص منها ما يشاء، ويعترف بذلك الأستاذ فادي ألكسندر تلميذ القمص عبد المسيح بسيط في كتابه “ المدخل إلى علم النقد النصي ” صفحة 312 بأن مركيون المهرطق هو الذي قام بتحريف نص رسالة بولس الأولى إلى كرنثوس 10 – 9.
ثالثًا: تحريف الآباء المسيحيين:
1. القديس أوريجانوس: يعترف التفسير الحديث للعهد الجديد شرح إنجيل متى ص174، بأن أوريجانوس قام بتحريف كلمة “جرجسيين” في نص إنجيل متى 8 – 28.
2. ترتيوس كاتب بولس: يقول قاموس الكتاب المقدس ص773:
[وقد أضاف ترتيوس كاتب بولس كلاما من عنده إلى رسالة بولس للرومانيين (رو16: 22)].
.
السؤال الرابع: أين حُرف الكتاب المقدس؟ وفي أي بلد من بلاد العالم؟
الجواب: حدث ذلك التحريف في البلاد التي كان يعيش فيها هؤلاء النساخ والباء والهراطقة الذين ذكرنا أسماءهم واعترف علماء المسيحية بتحريفهم للكتب المقدس.
السؤال الخامس: لماذا حُرف الكتاب المقدس؟ وما هو الهدف من ذلك؟
الجواب: التحريف أسابه كثيرة، وقد ذكرتها دائرة المعارف الكتابية، لكني سأذكر أهم أنواع هذه التحريفات، وهو التحريف لأجل تدعيم أو وضع عقيدة لاهوتية في العهد الجديد!!
تقول دائرة المعارف الكتابیة طبعة دار الثقافة ج7 ص295 تحت حرف الميم تقول:
[وقد حدثت أحيانا بعض الإضافات لتدعيم فكر لاهوتي كما حدث في إضافة عبارة (والذين يشهدون في السماء هم ثلاثة) 1يو5-7 حيث أن هذه العبارة لا توجد في أي مخطوطة يونانية ترجع إلى ما قبل القرن الخامس عشر، ولعل هذه العبارة جاءت أصلا في تعليق هامشي في مخطوطة لاتينية وليس كإضافة مقصودة إلى نص الكتاب المقدس، ثم أدخلها أحد النساخ في صلب النص].
ركز معي جيدًا
[وقد حدثت أحيانا بعض الإضافات لتدعيم فكر لاهوتي]
[وقد حدثت أحيانا بعض الإضافات لتدعيم فكر لاهوتي]
السؤال السادس: هل يستطيع أحد أن يقدم دليلاً تاريخياً على هذا الزعم؟
نعم، فأي شخص باحث أو قارئ في كتب علماء المسيحية يستطيع تقديم هذه الأدلة بمنتهى البساطة!
المؤرخ الشهير ول ديورانت مؤلف موسوعة قصة الحضارة يقول:
[ترجع أقدم النسخ التي لدينا من الأناجيل الأربعة إلى القرن الثالث. أما النسخ الأصلية فيبدو أنها كتبت بين عامي 60، 120م، ثم تعرضت بعد كتابتها مدى قرنين من الزمان لأخطاء في النقل، ولعلها تعرضت أيضاً لتحريف مقصود يُراد به التوفيق بينها وبين الطائفة التي ينتمي إليها الناسخ أو أغراضها]. قصة الحضارة ج11 ص207.
ويستطيع أي باحث عن الحق أن يعود لكتاب مقدمات العهد القديم للأستاذ الدكتور وهيب جورجي ليكتشف بنفسه اعتراف علماء المسيحية وشهاداتهم التاريخية على تحريف الكتاب المقدس! فعلى سبيل المثال ستجد في صفحة 158 أن أ.د/ وهيب جورجي يعترف أن جميع المفسرين المسيحيين أجمعوا على تحريف نص أخبار الأيام الثاني 22 – 2.
السؤال السابع: أين نسخة الكتاب المقدس الغير محرفة؟ وما هي النصوص التي حُرفت؟ وكيف تستطيع أن تميز بين ما حرف وما لم يحرف؟
الجواب: لا توجد على وجه الأرض نسخ غير محرفة، وقد اعترف علماء المسيحية بعدم وجود نسختين متطابقتين على الإطلاق، لأن النسخ الأصلية كلها ضاعت، فتقول الترجمة الرهبانية اليسوعية ص12:
[بلغنا نص الأسفار السبعة والعشرين في عدد كبير من المخطوطات التي أُنْشِئَتْ في كثير من مختلف اللغات وهي الآن محفوظة الآن في المكتبات في طول العالم وعرضه. وليس في هذه المخطوطات كتاب واحد بخط المؤلف نفسه، بل هي كلها نسخ أو نسخ النسخ للكتب التي خطتها يد المؤلف نفسه أو أملاها املاءً].
ويقول الدكتور القس إميل ماهر إسحاق:
[ليس بين أيدينا الآن المخطوطة الأصلية، أي النسخة التي بخط يد كاتب أي سفر من أسفار العهد الجديد أو العهد القديم فهذه المخطوطات ربما تكون قد استهلكت من كثرة الاستعمال، أو ربما يكون يعضها قد تعرض للإتلاف أو الإخفاء في أزمنة الاضطهاد]. كتاب مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الأصلية ص 19.
بل حتى أشهر مخطوطات العهد الجديد متضاربة ومتناقضة مع بعضها!!
وأما سؤالك عن النصوص التي حرفت فهي كثيرة جدا جدا جدا جدا جدا!!!!
ولكنك تستطيع الوصول إليها بسهولة عبر كتاب The greek new testament
وهو كتاب جميل، يعرض النص ثم يقول لك في الهامش عن جميع التحريفات التي وقعت في هذا النص. وأنا عن نفسي استفدت منه كثيرًا في سلسلة تحريف الكتاب المقدس على هذا الرابط: https://www.youtube.com/playlist?list=PLscSW3SSyQxgaO71CLJlvB6tKmi4A-yG4
وأما سؤالك: [وكيف تستطيع أن تميز بين ما حرف وما لم يحرف؟].
ويؤسفني أن أخبرك أن التميز بين هذه المخطوطات أمر مستحيل، وحتى علماء النقد النصي يعترفون أنهم لن يستطيعوا الوصول للنص الأصلي أبدًا!!
[ونظراً للأعداد الهائلة التي تم نسخها من مخطوطات بعض أو كل العهد الجديد، خلال القرون الأولى، فإن معنى هذا أن العديد من الاختلافات قد وجدت طريقها إلى المخطوطات. وقد فقدت أصول أسفار العهد الجديد – بلا شك – في زمن مبكر جداً. ومعنى هذا أنه ليس من الممكن أن نحدد بدقة كاملة كل كلمة من الكلمات الأصلية للعهد الجديد على أساس أي مخطوطة بذاتها، ولا سبيل إلى ذلك الا بمقارنة العديد من المخطوطات ووضع أسس تحديد الشكل الدقيق – بقدر الإمكان – للنص الأصلي. وتعرف دراسة مخطوطات الأعمال الأدبية – التي فُقِدَتْ أصولها – بهدف تحديد النص الأصلي، باسم “نقد النصوص”(texual criticsim)].
السؤال الثامن: كيف تم التحريف؟ وهل كان في إمكان أحد أن يجمع جميع نسخ العهد القديم والتي كانت موجودة مع اليهود والمسيحيين، وجميع أسفار العهد الجديد التي كانت منتشرة في عشرات الدول ومئات المدن وألوف القرى، سواء التي كانت مع الأفراد أو التي كانت في الكنائس، ثم يقوم بتحريفها وإعادتها إلى من أُخذت منهم؟
الجواب: هذا الكلام يدل على أنك لا تعرف شيئًا عن مخطوطات الكتاب المقدس، لأن هذه المخطوطات لم تكن منتشرة في كل مكان كما يزعم المنصرون، بل إن هذا الكتاب كان محظورًا نسخه وطباعته وانتشاره بين الناس! بل إن الكتب المسيحية تعترف أن … حينما حاول أن ينسخ الكتاب لينشره بين الناس قامت الكنيسة بإحراقه!!
راجع كتاب تاريخ الكتاب المقدس، تأليف ستيفن ميلر، وروبرت هوبر ص170 لتعرف الحقيقة.
ولازال عندي كلام كثير، ولكني سأكتفي بهذا القدر، والحمد لله رب العالمين.
في
حديث ابن عباس في مرض رسول الله
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
طرح أحدهم هذه الأسئلة وطلب جوابًا عليها، فقررت أن أُسَاهِم في الجواب على أسئلته سائِلًا المولى سبحانه وتعالى أن يهديه ويرده إلى الحق رَدًا جميلًا:
حديث ابن عباس في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
يتساءل قائلا:
س: لماذا منع سيدنا عمرُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم من كتابة هذه الوصية ؟!
ج: شفقةُ عمر على النبي صلى الله عليه وسلم هي التي جعلته يقول هذا الكلام.
أشفق عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم لِمَا رأى شدة وجعه، وهذا واضح من قول ابن عباس: [ لما اشتد برسول الله وجعه ]. ولأن الرسول قال لابن مسعود: إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ الرَّجُلاَنِ مِنْكُمْ.
س: هل عمر كان يعرف ماذا سيكتب النبي صلى الله عليه وسلم ؟!
ج: عمر لا يعرف، لأن عمر لا يعلم الغيب.
س: هل عمر يعلم بِحَال الأمة وَصَلَاحِهَا من النبي صلى الله عليه وسلم ؟!
ج: بالطبع لا ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ عُمَرَ على ذلك، لأنه سكت ، وسكوت النبي إقرار، لأن الرسول لا يسكت على باطل.
ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرى وجوب تبليغ هذه الوصية فقد بَلَّغَهَا بِلَاشَكٍّ، وَإِنْ كان لا يرى ذلك وتراجع عنه، فقد انتهى الأمر !
ونحن نقول:
هل مَنْعُ عمر للنبي صلى الله عليه وسلم من كتابة هذا الكتاب حقٌ أم باطل ؟!
فإن قلت إنه باطل ؛ فهل الرسول يرى الباطلَ أمامه ويسكت ؟! وأنت تعلم أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وهناك عشرات الأحاديث التي تبين أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لا يسكت إذا رأى أمرًا منكرًا.
وإن قلتَ إنه حق ؛ فماذا تنكر على سيدنا عمر رضي الله عنه ؟!
والسُّنَّة النبوية تنقسم إلى أربعة أقسام:
1. سنة قَوْلِيَّة: مثل قوله عليه الصلاة والسلام: { إنما الأعمال بالنيات }.
2. سنة فِعْلِيَّة: مثل قول الصحابي عمر بن أبي سلمة: [ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلًا بِهِ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَاضِعًا طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ ].
3. سُنَّة تقريرية: وهي أن يفعل الصحابة شيئًا أو يقولوا شيئًا فيسكت النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، مثل حديث عمر في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويكون سُكُوتُهُ إقرارًا لهذا الفعل، لأنه عليه الصلاة والسلام لا يسكت عن شيء باطل !
4. سُنَّة وَصْفِيَّة: وهي أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم مثل قول البراء: [ كَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ الْقَمَرِ ].
ثم أقول:
لَاشَكَّ بحسب فَهْمِ المعترض للرواية أَنَّ الْأُمَّةَ سَتَضِلُّ إِذَا لم يكتبْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هذه الوصية !
فإذا لم يبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الوصية فقد ترك الرسولُ الأمةَ في ضلال ؛ وحاشاه !!
فهذا مُحَالٌ في حق الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
فالرسول صلى الله عليه وسلم نفسه قال:
[ إنه ليس شَيءٌ يقربكم إلى الجنة إلا قد أمرتكم به ، وليس شَيءٌ يُقَرِّبُكُم إلى النار إلا قد نَهيتكم عنه .. ].
سلسلة الأحاديث الصحيحة (6/ 865)
فهل ترك الرسول هذه الوصية ولم يقلها مع أن عدم قوله لها يُقَرِّبُنَا من النار ؟!
ونسأل المعترض سؤالًا :
هل تعتقد أَنَّ دِّينَ الإسلام العظيم نَاقِصٌ ولم يُتِمَّهُ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بِعَدَمِ كِتَابَةِ هذه الوصية ؟!
إن قال نعم دين الإسلام ناقص ؛ فقد كَفَرَ الرافضي بقوله تعالى: { اليومَ أكملتُ لكم دِينَكم وأتممتُ عليكم نعمتي وَرَضِيتُ لكم الإسلامَ دِينًا }.
وإنْ قال الرافضي إِنَّ الدينَ كامل، فقد بطل احتجاجُه بهذه الرواية.
وإن كان المعترض يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلِّغْ هذه الوصية فنقول له إن الرسول بنفسه يرد عليك !
ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يومئذ:
«أيها الناس إنكم مسؤولون عني، فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنك قد بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فجعل يرفع إصبعه إلى السماء وينكسها إليهم ويقول «اللهم هل بَلَّغْتُ» ؟. صحيح مسلم.
ونحن أيضا نشهد أنها بَلَّغَ الرسالَةَ وأدَّى الأمانة.
وفي مسند أحمد ج1 ص144 بسند جيد من حديث ابن عمر وفي المسند أيضا ج35 ص221 من حديث أبي ذر الغفاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه }.
فإذا كان ما فعله عُمَرُ بَاطِلًا فكيف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم { إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه }.
وابن عباس نفسه الذي روى لنا هذا الحديثَ لم يَفْهَمْ من ذها الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ هذه الوصية ولم يفهم أن دين الإسلام صار ناقصًا !
فابن عباس يقرر أن دِينَ الإسلام كامل ولم يَقِفْ على هذه الوصية.
فعن عباد عن هارون بن عنترة، عن أبيه قال: كنا عند ابن عباس، فجاء رجل فقال له: إنَّ ناسًا يأتونا فيخبروننا أن عندكم شيئا لم يُبْدِهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للناس !!
فقال ابن عباس: ألم تعلم أن الله تعالى قال: { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } ،والله ما وَرَّثَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سَودَاءَ في بَيْضَاءَ، وهذا إسناد جيد.
قال ابن كثير: [ وهذا إسناد جيد ]. تفسير ابن كثير (3/ 136)، ط دار الكتب العلمية – بيروت.
وقالت أم المؤمنين عائشة:
[ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللهِ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، وَاللهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} ].
صحيح مسلم 287 – (177)
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: [تَرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا طَائِرٌ يَطِيرُ بجناحيه إلا عندنا منه علم ]. التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (1/ 192)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ بن حِبَّان: مَعْنَى: عِنْدَنَا مِنْهُ؛ يَعْنِي بِأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ وَأَخْبَارِهِ وَأَفْعَالِهِ وَإِبَاحَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
ونحن نسأل المعترض هذا السؤال:
ما الفرق بين موقف عُمَر وقوله: حسبنا كتابُ الله ، وموقف عليٍّ حينما قال للنبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية: والله لا أمحوك أبدًا !
نحن نقول: كلاهما فعلا ذلك حُبًّا في النبي صلى الله عليه وسلم، فعلها عُمَرُ من باب الشفقة، وفعلها عليٌّ من باب التوقير والاحترام.
وإذا كان المعترض يرى أن عُمَر فَعَلَ فِعْلًا قَبِيحًا أو سَيِّئًا ؛ فكيف سيكون موقفُ عليُّ بن أبي طالب من عمر ؟! هل كان علي سيحِب عُمَرَ أم لا ؟! أليس من المفترض أن يعاديه ؟!
روى البخاري في صحيحه قال:
[ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا جامع بن أبي راشد حدثنا أبو يعلى عن محمد بن الحنفية قال: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول عثمان؛ قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين ]. صحيح البخاري ـ حديث رقم 3671
روى الإمام أحمد في مسنده:
[ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، فَقَالَ: ” يَا عَلِيُّ، هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَشَبَابِهَا بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ].
مسند أحمد ط الرسالة (2/ 40)
وكيف يزوج علي بن أبي طالب ابنته أمَّ كلثوم من عمر بن الخطاب ؟!
والسؤال الآن: هل المعترض أفهم وأعلم وأغيرُ على الرسول من علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟!
وهل إذا أساء عمر بن الخطاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم سيتمَنَّى عليُّ بن أبي طالب أن يلقى اللهَ بعمل مثل عمل عمر ؟!
عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ وَحَسِبْتُ إِنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ؟! صحيح البخاري حديث رقم 3685
ذرية أهل البيت يحبون أبا بكر وعُمَر ويوالونهما !!
مثال للباقر والصادق:
عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي حَفْصَةَ قال: [ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ وَابْنَهُ جَعْفَراً عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالاَ لِي: يَا سَالِمُ، تَوَلَّهُمَا، وَابْرَأْ مِنْ عَدُوِّهِمَا، فَإِنَّهُمَا كَانَا إِمَامَيْ هُدَىً ]. سير أعلام النبلاء (4/ 402)
عَنْ بَسَّامٍ الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ:
[ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَقَالَ: وَاللهِ إِنِّي لأَتَوَلاَّهُمَا، وَأَسْتَغْفِرُ لَهُمَا، وَمَا أَدْرَكْتُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي إِلاَّ وَهُوَ يَتَوَلاَّهُمَا ] .
والرواية الاخير توضح أن جميع أهل البيت يتولون أبا بكر وعمر، فهل سيمتثل المعترض لأهل البيت ويفعل مثلهم أم سيخالفهم ؟!!
وأخيرًا نُذَكِّرُ المعترض بقوله سبحانه وتعالى:
{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }. التوبة (100).
وعمر بلاشك من هؤلاء الأفاضل الأماجد.
تصحيح بعض الأخطاء
السلام عليكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
هذا تنبيه لبعض الأخطاء التي وقعت مني دون قصد في نطق بعض أسماء الأشخاص والبلدان.
في حلقتي عن الإباضية قلت أبو سعيد الكَدْمِي، وهذا نُطْقٌ غير صحيح.
والصحيح: الكُدَمِي
الكُدَمِي ، بضم الكاف وفتح الدال، نسبةً إلى بلدة كُدَم بالحمراء: إحدى الولايات العمانية بالمنطقة الداخلية.
يقول نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي في منظومته “جوهر النظام” :
( بُهلا) بضم الباء أيضا و( كُدَم ) …. بالضم و( الرُستاق ) مثلها تضم
تم هذا التصحيح في الساعة 4 عصرًا بتوقيت مصر ، في الثاني والعشرين من شهر رجب عام 1438 من هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
جواب على أسئلة أخت مسلمة
جواب على تعليق وأسئلة إحدى الأخوات المسلمات
حول الشيخ محمد ابن عبد الوهاب
رحمه الله
——————-
اضغط هنا لتحميل المقالة بصيغة pdf
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
هذا الجواب على كلام الأخت الكريمة ليس من باب الجدال وليس من باب المراء
كما هو ليس من باب الاستعراض والتباهي أو العنترية الجوفاء التي تهدم ولا تبني
كما هو أيضا ليس من باب الصراع والتحدي والانتصار للنفس
كلا ثم كلا
بل هو عبارة عن همسة من قلب يرجو الخير لكل الناس
بلا سباب أو شتيمة أو إحراج
فأقول مستعينا بالله متوكلا عليه سبحانه وتعالى
راجيا وصول الحق إلى أختنا الكريمة :
قالت أختنا الكريمة
هما فالحيين يردوا عن عرض عبدالوهاب نسيب ال سعود و مش شاطريين يردوا عن عرض الثوريات اللي اتعرضوا لكشف عذرية ….. تبت يديهم و تبت السنتهم |
الجواب
1- أنا أراد على المستشار أحمد عبده ماهر لأنه افترى على الشيخ محمد بن عبد الوهاب
لكن هل أنا دافعت عن آل سعود ؟
بالعكس ، أنا اختلف معهم كثيراً جداً في أفعالهم.
2- هل في الفيديو تعرض المستشار أحمد عبده ماهر لموضوع الثوريات حتى أرد أنا على هذه النقطة؟
هل هؤلاء الثوريات كنّ في زمان الشيخ محمد بن عبد الوهاب ؟
للأسف الشديد الأخت تتكلم خارج موضوع النقاش
3- الذب عن أعراض المسلمين واجب وخصوصا علماؤهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم “من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ” رواه الترمذي وهو في صحيح الجامع برقم 6262
كما لو قام أي إنسان بإيذاء أختنا رشا وجب على كل من يستطيع أن يرد عن عرضها أن يرد عنها هذا الأذى
قالت أختنا الفاضلة
و طبعا عدم السب في الفيديو يُحترم و لكن ماذا عن سباب الحويني؟ |