Category Archives: شبهات حول القرآن الكريم
ملحد يرد على حلقة حتى تستأنسوا!!

ثانيا: بل حضرتك الذي افترضتَ مسبقًا صحة الرواية عن ابن عباس، وافترضتَ أنها تطعن في كتابة القرآن الكريم، بدليل أنك أخذت رواية تتوافق مع افتراضك المسبق وتركت الرواية الثانية التي لا تتوافق مع افتراضك المسبق. ثم افترضتَ أن التحريف و التبديل في الروايات، وبنيتَ كلامك على افتراضاتك المسبقة.
أما أنا فقد درست هذه الروايات وفصلت الصحيح من الضعيف، وخرجت بالنتيجة التي أعلنتُها في الحلقة.
ثالثا: لعلّك ترفض الرواية الأخرى التي تثبت قراءة ابن عباس لكلمة {تستأنسوا}، لأنك تقول: [ما رواه البخاري و غيره جاء بعد عدة قرون من التحريف و التبديل في الروايات].
في حين أن الرواية المنسوبة لابن عباس – والتي تستدل أنت بها – أيضا جاءت عند الطبري أي بعد البخاري الذي رفضتَ روايته!!
فالبخاري متوفى سنة 256 هجرية.
والطبري متوفى سنة 310 هجرية.
فالطبري الذي تستدل أنت بروايته ألّف كتابه بعد وفاة البخاري الذي نستدل نحن بروايته.
فحسب منطقك وكلامك تكون هذه القاعدة نقطةَ قوةٍ لنا ودليلًا ضدك 🙂
بل إن صاحبك الذي أرد عليه في الحلقة أتى برواية ابن عباس من كتاب مشكل الآثار للطحاوي، والطحاوي متوفى سنة 321 هجرية.
أي بعد البخاري بـ 65 سنة !!
رابعا: كلامك الأخير يثبت عدم معرفتك أو فهمك لكيفية نقل الإسلام العظيم سواء القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة عبر التاريخ الإسلامي.
فأنت فقط تعتمد على (منهج الأخذ برواية المصدر المتقدم وترك المتأخر)، في حين أننا نعتمد على صدق الراوي وقوة حفظه وضبطه لكتابه الذي يدون فيه الأحاديث والروايات، وأيضًا اتصال السند بينه وبين شيخه الذي يروي عنه.
ومنهجك هذا لا يصح أن يعتمد عليه أيُّ إنسانٍ عاقل، لأن رواية المتقدم ربما تكون من طريق رواةٍ غير صادقين، وتكون رواية المتأخر – في نفس الوقت – من طريق رواة صادقين، فتكون المصداقية والموثوقية عند العقلاء لرواية المتأخر، وليس المتقدم.
خامسًا: سأثبت لك عمليًا صحة كلامي وبطلان كلامك الذي تنطلق أنت منه.
رواية الطبقات الكبرى (في جمع عمر للقرآن) تقول:
[ أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن مسلم بن يسار عن بن مرسا مولى لقريش قال: عثمان بن عفان جمع القرآن في خلافة عمر ].
وفي هذه الرواية علل كثيرة:
محمد بن عمر الواقدي متروك الحديث، ومتهم بالكذب.
أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة: متروك الحديث، ومتهم بوضع الحديث.
بل قال ابن سعد نفسه عن ابن أبي سبرة أو نقل قول الواقدي:
[ وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ، وليس بحجة].
فكيف تحتج عليّ بشخص، وصاحب الكتاب نفسه – الذي تستدل أنت به – لا يراه حُجة، أو الراوي عنه لا يراه حُجَّة؟!
مسلم بن يسار الدوسي: مجهول العين والحال.
ابن مرسا: مجهول الحال.
فهل يوجد عاقل يعتمد رواية مروية من خلال سند مهترئ كهذا ؟! أم أن العقل الصحيح سيذهب إلى الأخذ بروايات الصادقين المعروفين؟!
سادسًا: فهمك للرواية أيضا فهمٌ غير صحيح، فالجمع المقصود في الرواية – على فرض صحتها – يُقصَد به حفظه للقرآن، وليس جمعه في مصحفٍ مكتوب.
ثم إن الرواية لا تقول إن عمر هو الذي جمع القرآن، بل تقول إن عثمان هو الذي قام بذلك، ولكن في خلافة عمر. وهي رواية ضعيفة جدا على كل حال.
سابعا: ابن سعد نفسه متوفى سنة 230، أي قبل وفاة البخاري بـ 26 سنة فقط.
فحسب منهجك؛ هل ترى هذا زمنًا كافيًا لأخذ رواية ابن سعد وترك رواية البخاري؟!
فإذا كنت ترى ذلك ؛ فخذ مني هذه الهدية:
رواية (جمع أبي بكر للقرآن ثم جمع عثمان له) مروية في كتب أخرى قبل البخاري وقبل ابن سعد نفسه !!
مثل سنن أبي داود الطيالسي ج1 ص5، حديث رقم: 3.
وأبو داود الطيالسي متوفى سنة 204 هجرية، يعني قبل ابن سعد بـ 26 سنة.
فالآن – حسب منطقك – تكون رواية (جمع أبي بكر للقرآن ثم عثمان) هي الأصح من رواية جمع عمر للقرآن، لأن المصدر الذي ذكر الجمع البكري والعثماني قبل المصدر الذي ذكر الجمع العُمَرِي!!
هدانا الله وإياك لما يُحب ويرضى ،،،،
حوار هادئ مع شخص مهذب حول القرآن الكريم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فقد كتب أحد المخالفين يقول:
سيدي الكريم. نفترض أن القرآن جُمِع بين اللوحين في عهد أبي بكر ثم نسخ منه في عهد عثمان. عندي أسئلة على هذه النسخة الأصلية.
لماذا لا نجد أي بقايا لهذه النسخة ولا حتى لمصحف عثمان ؟ بالمقابل توجد بقايا قديمة للاناجيل من القرن الثالث والتوراة ستة قرون قبل الميلاد.
هاذا عن آية الرجم في قول عمر بن الخطاب ؟ كانت محفوظة في الصدور أم فقط في صدر عمر ؟
قول عائشة بنت أبي بكر أن داجنا دخل بيتها وأكل صحيفة من القرآن. هل كانت هذه الصحيفة محفوظة في الصدور أم لا ؟
هل حرق عثمان ما جمعه أبو بكر ؟ إذا نعم فلماذا وإذا لا فماذا كان مصيرها ؟
مع وجود مجمع أبي بكر ثم مصحف عثمان كيف تفسر وجود 14 قراءة معتمدة للقرآن وأكثر من ألف قراءة أخرى ؟
هل لاحظت أنك عرضت أكثر من رواية لحديث علي وهذا دليل على أن النقل الشفوي للمعلومة غير آمن 100 في 100.
هل من غير المستبعد أن يكون القرآن دخله بعض التغيير والتحريف ؟
إذا كان عمر يؤمن باللوح المحفوظ فلماذا يخشى على النسخة الأرضية للقرآن ؟ بالمقارنة مع اقتتال المبشرين بالجنة بعضهم مع بعض في معارك الفتن رغم أنهم كانوا مؤمنين ببشارتهم بالجنة إذن لا داعي أن يتقاتلوا
في ظل وجود اللوح المحفوظ هل يمكن لك أن تعدد لنا أوجه الاختلاف مع النسخة الأرضية ؟
هل مثلا سور الفاتحة والمعوذتان ضمن اللوح المحفوظ ؟ هل يتضمن آية الرجم ؟ هل يتضمن ما أكله الداجن في بيت عائشة ؟
هل هو بعدة قراءات أم بقراءة واحدة وماهي هذه القراءة من بين القراءات المتداولة اليوم ؟
هل يتضمن اللوح المحفوظ الآيات المنسوخة ؟ وشكرا لك
فأجبته بحول الله وقوته قائلًا:
أهلا وسهلا بك أيها الزميل المحترم
تقول: [نفترض أن القرآن جُمِع بين اللوحين في عهد أبي بكر ثم نسخ منه في عهد عثمان]. ولست أدري لماذا تفترض شيئا قد حَدَثَ بالفعل؟! فالرواية واضحة تمام الوضوح في صحيح البخاري وتنص صراحة على هذا الكلام!
———–
بخصوص السؤال الأول: [لماذا لا نجد أي بقايا لهذه النسخة ولا حتى لمصحف عثمان ؟].
الجواب: عدم وجود هذه النسخة في زماننا الحالي لا يعني أنها لم تكن موجودة سابقًا، والمسلمون لا يتعلَّقون بنسخة معينة للقرآن الكريم أو حتى للسنة النبوية، لأن هذه الأوراق تَبْلَى وتتفتت وتذهب، ولذلك يقوم المسلمون بشيء فريد، وهو كتابة نسخ جديدة بشكل مستمر، بشرط أن يكون عليها سماعات، ومعنى السماعات هو أن يكتب الناسِخُ نسخته سَمَاعًا على شيخه الذي يتعلم منه!
فالقرآن الكريم لا يعتمد على مجرد مخطوطات مكتوبة، بل الأصل في نقله هو التلقِّي الشَّفَهِي المباشر ثم الحفظ في الصدور.
وتستطيع يا عزيزي أن تستدل على ما قد مضى بما تراه أمام عينك الآن في هذه النقطة:
سَلْ نفسك: لماذا إذا أخطأ الإمام وهو يصلي بالناس في الصلاة يرد عليه المصلون خلفه ويصححون خطأه؟! مع أن الإمام إذا أخطأ في القراءة أثناء الصلاة فهذا لا يضر المصاحف المكتوبة، ولا يعني أبدا تغير القرآن أو تحريفه!
سَلْ نفسك: إذا ضاعت كل الكتب الموجودة على وجه الأرض، فلماذا لا يستطيع أي قوم أن يعيدوا كتابة كتابهم مرةً أخرى دون أدنى خطأ إلا المسلمون فقط ؟!
القرآن الكريم كتاب يستحيل تحريفه ولو اجتمع كل الكُفَّار لأجل ذلك.
وهذه ليست مجرد شهادة مني كمسلم مؤمن بهذا الكتاب فقط، بل هناك الكثير من أشهر الباحثين المعادين للإسلام اعترفوا بهذه الحقيقة!
ومنهم على سبيل المثال المستشرق جوزيف شاخت، يقول:
[ إن أول مصادر الشرع في الإسلام وأكثرها قيمة هو الكتاب ( يقصد القرآن), وليس هناك من شك في قطعية ثبوته وتنزهه على الخطأ على الرغم من إمكان سعي الشيطان لتخليطه, كما أنه ليس من شك أيضا أنه وصل إلينا من غير تحريف ].
أصول الفقه ص19 ط دار الكتاب اللبناني – بيروت.
لاحظ أنه أثناء اعترافه بهذه الحقيقة لم يستطع أن يمنع نفسه من الطعن في القرآن بالإشارة لقصة الغرانيق الباطلة بقوله: [على الخطأ على الرغم من إمكان سعي الشيطان لتخليطه]!
بالمناسبة، هذا المصحف يُنْسَبُ إلى عثمان رضي الله عنه:
https://waqfeya.com/book.php?bid=6934
———–
بخصوص السؤال الثاني: [ماذا عن آية الرجم في قول عمر بن الخطاب ؟ كانت محفوظة في الصدور أم فقط في صدر عمر ؟].
الجواب: آية الرجم كان يحفظها عمر وغيرُه من الصحابة، وقد نقلوها إلينا، فهي لم تضع أصلًا !!
وهذا نصُّ الآية: [والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة نَكَالًا من الله والله عزيز حكيم]. مسند أبي داود الطيالسي – حديث رقم: 540
ولكنها آية منسوخة التلاوة كما جاء ذلك مُصَرَّحًا به في نفس الرواية، فيقول الصحابي أبيُّ بن كعب: [ فَرُفِعَ فِيمَـا رُفِعَ ] .
———–
بخصوص السؤال الثالث: [ قول عائشة بنتُ أبي بكر أن داجنا دخل بيتها وأكل صحيفة من القرآن. هل كانت هذه الصحيفة محفوظة في الصدور أم لا ؟].
الجواب: هذه الرواية ضعيفة، لأن في سندها راويًا اسمه محمد بن إسحاق بن يسار، وهو مدلِّس مشهور بالتدليس، ولم يصرح بالسماع من شيخه!
والرواية تقول إن هذه الصحيفة كانت تحتوي على آية الرجم، وقد بَيَّنْتُ لك أنها باقية حتى اليوم، ولكنها مما نُسِخَتْ تلاوته، قال الحافظ البيهقي:
[ آية الرجم حكمها ثابت وتلاوتها منسوخة، وهذا مما لا أعلم فيه خلافًا ]. السنن الكبرى ج8 ص367، ط دار الكتب العلمية – بيروت.
———–
بخصوص السؤال الرابع: [هل حرق عثمان ما جمعه أبو بكر ؟ إذا نعم فلماذا وإذا لا فماذا كان مصيرها ؟].
الجواب: الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه لم يحرق الصحف التي أمر الخليفة الأول أبو بكر بجمعها، وإنما أَخَذَ هذه الصحف ونَسَخَ منها المصاحف الستة، ثم رَدَّ هذه الصحف إلى السيدة حفصة ابنة الخليفة الثاني عمر رضي الله عنهما مرة أخرى.
ورواية البخاري التي فيها الدليل على كلامي هذا عرضتها في حلقتي في الدقيقة 15:33
ويقال إن عبد الملك بن مروان أخذ هذه الصحف بعد وفاة السيدة حفصة وأحرقها.
———–
بخصوص السؤال الخامس: [مع وجود مجمع أبي بكر ثم مصحف عثمان كيف تفسر وجود 14 قراءة معتمدة للقرآن وأكثر من ألف قراءة أخرى ؟].
الجواب: القراءات الأربع عشر قراءات معتمدة قرأ بها النبيُ صلى الله عليه وسلم، وعلمها لأصحابه، ويدل على ذلك حديث هشام بن حكيم مع عمر بن الخطاب!
عن عمر بن الخطاب قال: [سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرتُ حتى سَلَّمَ، فلببته بردائه فقلت: مَن أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟! قال هشام: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عمر: كذبتَ، فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأتَ، قال عمر: فانطلقتُ به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعتُ هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسله، اقرأ يا هشام، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلك أنزلت، ثم قال: اقرأ يا عمر، قال عمر: فقرأتُ القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه]. رواه البخاري.
لاحظ أن الاثنين قالوا إنهما تعلما هذه القراءة من الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرةً! وحينما أعاد كُلٌّ منهما القراءة أمام الرسول صلى الله عليه وسلم أَقَرَّهُ الرسول عليه الصلاة والسلام، ولم ينكر عليه!
فكل القراءات الصحيحة أوحاها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، والنبي عليه الصلاة والسلام عَلَّمَهَا لأصحابه، والصحابة بَلَّغوها وعَلَّمُوها كلها للأمة الإسلامية.
———–
الجواب: بخصوص السؤال السادس: [هل لاحظت أنك عرضت أكثر من رواية لحديث علي وهذا دليل على أن النقل الشفوي للمعلومة غير آمن 100 في 100].
أقول: تكامل الروايات ليست دليلا على جواز الشك بها، لأن الصحابي غير مُلْزَم أن يروي كل رواية كاملة بجميع ألفاظها ، فحينما يُسْأَل الصحابيُ عن شيء ما فقدْ يجيب السائل على قدر سؤاله، وقد يتوسع في الجواب، وهذا الأمر يختلف من شخص إلى آخر !، فالنبي صلى الله عليه وسلم سأله أحد الصحابة عن حكم الوضوء من ماء البحر، فقال: [ هو الطَّهُورُ مَاؤُهُ ، الحِلُّ مَيْتَتُهُ ]. لاحظ معي أن جواب النبي صلى الله عليه وسلم احتوى على مسألتين، والجزء الأول فيه الإجابة عن السؤال: [ هو الطَّهُورُ مَاؤُهُ ]، ومع ذلك لم يَكْتَفِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل أعطى السائل زيادة على الجواب بحكم آخر وهو جواز أكل أسماك البحر وحياتنه حتى لو ماتت، وهكذا يفعل الجميع، فقد يُسأَلُ أحد الصحابة عن حكم أكل ميتة البحر فيقول فقط: [ الحِلُّ مَيْتَتُهُ ]. وهذا طبعًا ليس تحريفًا للحديث أو شكًّا به.
———–
بخصوص السؤال السابع: [هل من غير المستبعد أن يكون القرآن دخله بعض التغيير والتحريف ؟].
الجواب: بل يستحيل أن يدخله تحريف أو تغيير على الإطلاق.
———–
بخصوص السؤال الثامن: [إذا كان عمر يؤمن باللوح المحفوظ فلماذا يخشى على النسخة الأرضية للقرآن ؟ ].
الجواب: لأن الله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئًا هَيَّأَ الأسباب الماديَّة لحدوثه، فليس معنى أن الله حافظ لهذا الكتاب من التحريف أن يتركه المسلمون بلا عناية وجمع وتدوين وحفظ، بل نقول إن حفظ الله للقرآن الكريم من التحريف والضياع كان عن طريق تهيئة هذه الأسباب التي أدت لحفظه.
———–
بخصوص السؤال التاسع: [في ظل وجود اللوح المحفوظ هل يمكن لك أن تعدد لنا أوجه الاختلاف مع النسخة الأرضية ؟].
الجواب: تستطيع أن تفتح أي مصحف من مصاحف القراءات القرآنية، لتعرف جميع القراءات القرآنية التي أنزل الله بها القرآن الكريم، وهي عينها الموجودة في اللوح المحفوظ.
———–
بخصوص السؤال العاشر: [هل مثلا سور الفاتحة والمعوذتان ضمن اللوح المحفوظ ؟ هل يتضمن آية الرجم ؟ هل يتضمن ما أكله الداجن في بيت عائشة ؟].
الجواب: هذا السؤال أجبت عنه في السؤال السابق، فاللوح المحفوظ يحتوي على كل شيء، سواء كان القرآن الكريم بجميع قراءاته أو غيره.
وأما رواية الداجن فقد أجبتك أعلاه بأنها رواية غير صحيحة، وعلى فرض صحتها فالآية لم تضع، وإنما هي موجودة ومعروفة.
———–
بخصوص السؤال الحادي عشر: [هل هو بعدة قراءات أم بقراءة واحدة؟ وماهي هذه القراءة من بين القراءات المتداولة اليوم ؟].
الجواب: القرآن الكريم نزل بعدة قراءات ليحتمل جميع المعاني التي أراد الله سبحانه وتعالى إيصالها للبشر، وسأضرب لك مثالًا واحدًا على اختلاف القراءات لإثراء المَعنى.
في سورة البقرة يقول الله سبحانه وتعالى: { وما الله بغافل عما تَعملون}.
وقوله ( تَعملون ) خطاب للحاضرين، وجاءت نفس الآية في قراءة أخرى ( يَعملون ) وهذا الكلام عن الغائبين.
فَبَدَلًا من أن يُنَزِّلَ اللهُ آيتينِ، آية يخاطب فيها الحاضرين وآية يخاطب فيها الغائبين ؛ أنزل الله آيةً واحدةً، وأنزلها بقرائتَينِ، فأوصل لنا المعنيينِ، بأسلوب وجيز مختصر، فعرفنا أن الخطاب للحاضرين والغائبين معًا.
وهكذا أنزل الله القرآن الكريم بجميع قراءاته لتوصيل جميع المعاني المطلوب إيصالها للبشر.
———–
بخصوص السؤال الثاني عشر: [ هل يتضمن اللوح المحفوظ الآيات المنسوخة ؟].
الجواب: نعم اللوح المحفوظ يحتوي على الآيات المنسوخة وكل شيء يخطر على بالك فيما مضى وحدث أو سيحدث إلى قيام الساعة.
والدليل على ذلك هو قول النبي صلى الله عليه وسلم:
[ إن أوَّلَ ما خلقَ الله القلمُ، فقال له: اكتُبْ، قال: ربَّ، وماذا أكتُبُ؟ قال: اكتُبْ مقاديرَ كل شيءٍ حتى تقومَ الساعةُ]. سنن أبي داود (7/ 86).
أرجو أن أكون قد وُفِّقْتُ في إجابة أسئلتك، وَفَّقنا الله وإياك لما يحب ويرضى ،،،،
خاطرة حول مخطوطات صنعاء
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فهذا جوابٌ مُختصر وردٌ سريعٌ على سؤال أحد الإخوة حول مخطوطات صنعاء ، وسأحاول فيما بعد إن شاء الله أن أكتبَ مقالًا مطولًا عن هذا الموضوع.
أولًا: على فرض أن هذه المخطوطات التي اكتُشِفَتْ تخالف مصحفنا ، فهذه المخطوطات كانت عِبَارَة عن ألواح لأطفال الكَتَاتِيب يكتبون عليها ما يحفظونه من القرآن الكريم.
وأي عاقل يعلم أن مِثْل هذه الألواح ليست مَصْدَرًا مُعْتمدًا لمعارضة القرآن المنقول بتواتر الملايين عن الملايين.
ثانيًا: نقل القرآن الكريم يعتمد على طريقتين:
1. الحِفظ والتلقّي ، لقوله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ }. فكان جبريل يقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم ، فيسمعه الرسول عليه الصلاة ويحفظه في قلبه ويعلمه للصحابة.
2. الكتابة ، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم حينما تنزل عليه آية أو سورة يأمر أحد الصحابة بكتابتها مثل زيد بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهما من كتبة الوحي.
ثالثًا: لو كانت مخطوطات صنعاء تعارض القرآن الذي بين أيدينا فلماذا لم نجد واحدا من المسلمين يقرأ بهذه المعارضة ؟!
كيف يُعقل أن القرآن الذي يصلي به المسلمون منذ زمان النبي صلى الله عليه وسلم في صلواتهم ويختمونه في كل عام مرة أو عدة مرات يندثر ويتغيّر ؟! هذا مستحيل من الناحية العقلية !
رابعًا: الذين كانوا يحفظون القرآن الكريم كامِلًا كانوا بمئات الآلاف خارج صنعاء وخارج اليمن كلها أين ذهبوا ؟ ألم يكونوا يقومون بتحفيظ غيرهم من الطلبة كما يحدث اليوم ؟! وأين ذهبوا وأين مصاحفهم المكتوبة ؟!
خامسًا: اضرب لنفسك مثالًا عمليًا واقعيًا وسَلْ نفسك: لماذا لم يستطع أحد البشر أن يأتي بسورة مثل سور القرآن الكريم إلى الآن ؟!
حتى الفلاسفة والأدباء والنحاة وجهابذة اللغة العربية عجزوا عن ذلك.
قال ابن حجر العسقلاني في ترجمة يعقوب بن إسحاق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن محمد الأشعث الكندي, فيلسوف العرب:
[ عَن أبي بكر بن خزيمة قال: قال أصحاب الكندي له: اعمل لنا مثل القرآن فقال: نعم فغاب عنهم طويلا ثم خرج عليهم فقال: والله لا يقدر على ذلك أحد ]. لسان الميزان (8/ 527).
تخيل هذا الرجل كان يسمّى فيلسوف العرب ، ومع ذلك عجز عن الإتيان بمثل القرآن الكريم.
سَلْ نفسك: لماذا إذا أخطأ الإمام وهو يصلي بالناس في الصلاة يرد عليه المصلون خلفه ؟!
سل نفسك: إذا ضاعت كل الكتب الموجودة على وجه الأرض، فل يستطيع أي قوم أن يعيدوا كتابهم مرة أخرى دون أدنى إلا المسلمون ؟!
القرآن الكريم كتاب يستحيل تحريفه ولو اجتمع كل الكفّار لأجل ذلك.
فلا ينبغي أبدًا أن يتخبط رجل مسلم يؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم لأجل رجل كافِرٍ كذّاب قال كلامًا مكذوبًا ، والله سبحانه وتعالى يقول عن الكافرين: { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم .. }.
وقال جل جلاله: { إن الذين كفروا يُنفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ، فسينفقونها ، ثم تكون عليهم حسرة ، ثم يُغلَبون ، والذين كفروا إلى جهنم يُحشرون }.
وقال تبارك وتعالى عن الكافرين: { وَدُّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءً }.
وأختم بهذه القصة التي رواها الإمام القرطبي في تفسيره عن يحيى بن أكثم قال: كان للمأمون – وهو أمير إذ ذاك – مجلس نظر، فدخل في جملة الناس رجل يهودي حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة، قال: فتكلم فأحسن الكلام والعبارة، قال: فلما تقوض المجلس دعاه المأمون فقال له: إسرائيلي؟ قال نعم. قال له: أسلم حتى أفعل بك وأصنع، ووعده. فقال: ديني ودين آبائي! وانصرف. قال: فلما كان بعد سنة جاءنا مسلما، قال: فتكلم على الفقه فأحسن الكلام؛ فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال: ألستَ صاحبَنا بالأمس؟ قال له: بلى. قال: فما كان سببُ إسلامِك؟ قال: انصرفتُ من حَضرتِك فأحببتُ أن أمتحنَ هذه الأديانَ، وأنت تراني حَسَنَ الخط، فعمدتُ إلى التوراة فكتبتُ ثلاثَ نُسَخٍ فزدْتُ فيها ونقصت، وأدخلتها البيعة فاشتُريت مني، وعمدت إلى الإنجيل فكتب نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة فاشتُرِيَتْ مني، وعمدتُ إلى القرآن فعملتُ ثلاثَ نُسَخ وزِدْتُ فيها ونقصت، وأدخلتُها الوراقين فتصفّحوها، فلما أنْ وجدوا فيها الزيادةَ والنقصان رموا بها فلم يشتروها؛ فعلمتُ أن هذا كتاب محفوظ، فكان هذا سبب إسلامي. قال يحيى بن أكثم: فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة فذكرت له الخبر فقال لي: مصداق هذا في كتاب الله عز وجل. قال قلت: في أي موضع؟ قال: في قول الله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل: {مَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} [المائدة: 44]، فجعل حفظه إليهم فضاع، وقال عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فحفظه الله عز وجل علينا فلم يضع.
والحمد لله رب العالمين ،،،،
شبهة قراءة “وقضى ربك” أم “ووصى ربك”!
قناة مكافح الشبهات – أبو عمر الباحث
نسف أكاذيب النصارى حول القرآن الكريم
شبهة رواية “ووصى ربك” التصاق الواو بالصاء “وقضى ربك”
لتحميل البحث بصيغة pdf اضغط هنا
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:
هذه سلسلة ردود علمية على شبهات النصارى حول عصمة القرآن الكريم.
قالوا كيف تقولون أن كتابكم محفوظ من التغيير وعندكم رواية تقول أن الآية (23) من سورة الإسراء تَغَيَّرتْ مِنْ {وَوَصَّى رَبُّكَ} إِلَى {وَقَضَى رَبُّكَ}؟!
واستدلوا بمـا رواه الطبري في تفسيرهقَالَ:
{ حَدَّثَنِي الْـحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، أَنَّهُ قَرَأَهَا:{وَوَصَّى رَبُّكَ} وَقَالَ: إِنَّهُمْ أَلْصَقُوا الْوَاوَ بِالصَّادِ فَصَارَتْ قَافًا }.(1)
وللرد على هذا الافتراء أقول:
أولاً: الرواية غير صحيحة:
فالسندُ فيه راوٍ مُدَلِّس وراوٍ آخر ضعيف واهي الحديث.
والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً صحيحاً تجتمع فيه شروط قبول الرواية بقسميه الصحيح والحسن، ويجب أن تنطبق على الحديث الصحيح شروط خمس وهي:
(1) اتصال السند.
(2) عدالة الرواة.
(3) ضبط الرواة.
(4) انتفاء الشذوذ.
(5) انتفاء العلة.
قال الإمام أبو عمرو بنُ الصلاح: { أَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا، وَلا مُعَلَّلًا }.(2)
علل الرواية:
العِلَّة الأولى:هُشَيْم ابْنُ بَشِير مُدَلِّس وقد عَنْعَنَ الحديث.
فهذا الراوي رغم أنه كان ثِقَةً ثَبْتاً في الحفظ إلا أَنَّهُ كان يُدَلِّسُ بلفظة (عن).
قال الإمام الذَّهَبِيُّ.
{ هُشَيْم ابْنُ بَشِير…كَانَ رَأْساً فِي الحِفْظِ، إِلاَّ أَنَّهُ صَاحِبُ تَدْلِيسٍ كَثِيْرٍ، قَدْ عُرِفَ بِذَلِكَ}.(3)
فما هو معنى التدليس في سند الحديث ؟
قال الإمامُ صَلَاحُ الدِّينِ العَلَائِيُّ:
{ يَرْوِي الرَّاوِي عَنْ شَيْخِهِ حَدِيْثاً لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ بِلَفْظِ (عَنْ) أَوْ (قَالَ) أَوْ (ذَكَرَ) وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُوْهِمُ الاتِّصَالَ وَلَا يُصَرِّحُ بِحَدَّثَنَا وَلَا أَخْبَرَنَا وَلَا سَمِعْتُ }.(4)
فما حكم رواية الـمُدَلِّس ؟
رواية المدلس لا يقبلها علماءُ الحديث إلا إذا صَرَّحَ فيها بالسمـاع من شيخه بألفاظ صريحة.
قال الإمامُ أبو عمرو بن الصلاح:
{ والـمُدَلِّسُ لَا يُحْتَجُّ مِنْ حَدِيْثِهِ إِلَّا بِمَـا قَالَ فِيهِ حَدَّثَنَا أَوْ غَيره مِنَ الْأَلْفَاظِ الْـمُبَيِّنَةِ لِسَمَـاعِهِ }.(5)
العلة الثانية: أبو إسحاق الكوفي عبد الله بْنُ مَيْسَرَة ضعيف الحديث.
قال الإمام الذهبي:
{ عبد الله بن ميسرة أبو ليلى، وهو أبو إسحاق وأبو جرير وأبو عبد الجليل, كَنَّاهُ بهذه الأربعة هُشَيمٌ يُدَلِّسُهُ:
ضَعَّفَهُ ابنُ مَعِينٍ.
وقال مَرَّةً: ليس بثقة.
وقال مَرَّةً: ليس بشيء.
وقال البخاريُ: ذَاهِبُ الحديث.
وقال النسائي: ليس بثقة }.(6)
إذاً، فأبو إسحاق الكوفي هذا ضعيفُ الحديث, ومن قبله تدليس هُشَيم بن بشير.
فهاتانِ عِلَّتَانِ, إذا وُجِدَتْ عِلَّةٌ واحدةٌ منهمـا لرفضنا الروايةَ بسببها, فَكَيْفَ بهما معاً ؟!
وبالتالي فالرواية ضعيفة وغير مقبولة.
ثانياً: كتب أخرى تذكر الرواية:
قال الإمام البوصيريُّ:
{ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ : حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَـا ، قَالَ : أَنْزَلَ اللَّهُ , عَزَّ وَجَلَّ , هَذَا الْـحَرْفَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : {وَوَصَّى رَبُّكَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ}, فَلُصِقَتْ إِحْدَى الْوَاوَيْنِ بِالأُخْرَى، فَقَرَأَ لَنَا { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ } وَلَوْ نَزَلَتْ عَلَى الْقَضَاءِ مَا أَشْرَكَ بِهِ أَحَدٌ فَكَانَ مَيْمُونُ يَقُولُ: إِنَّ عَلَى تَفْسِيرِهِ لَنُورًا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا }.(7)
وطبعاً البُوصَيري ليس هو مَنْ يروي عن أحمد بن منيع, وإنما نَقَلَ البُوصيري هذه الرواية مِنْ مُسند
أحمد بن منيع، وهذا سَنَدٌ سَاقِط تَالِف, وَيَكْفِينَا ما قاله عنه صاحبُ الكتاب نفسه وهو البُوصَيرِيُّ.
قال الإمام البُوَصيرِيُّ:
{ هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ }.(7)
والفرات بن السائب كما قال عنه الإمامُ البُوصَيري.
قال الإمام الذَّهَبِيُّ: { فُرات بن السائب، أبو سليمان:
قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وقال ابْنُ مَعِينٍ: ليس بشيء.
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ وغيره: متروك.
وقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: قريب من محمد بن زياد الطحان، في ميمون، يُتَّهَم بِمَـا يُتَّهَم به ذَاكَ }.(8)
فَهَلْ مِثْلُ هذا الشخص المتروك الـمُتَّهَم، تُقبل منه رواية عند عاقل من العقلاء ؟
سند آخر:
قال الإمام سعيدُ بنُ منصور:
{ نا سفيان, عن عبد الملك بن أعين، عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس، أنه قال: (ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه)، يقول: التزقت الواو بالصاد، وأنتم تقرؤونها: { وَقَضَى رَبُّكَ } }.(9)
عِلَّة الرواية: عبد الملك بن أعين.
قال الإمام أبو الـحَجَّاجِ الـمِزِّيُّ:
{ قال محمد بن المثنى: ما سمعت عبد الرحمن بن مهدي يحدث عن سفيان عن عبد الملك بن أعين، وكان يُحدِّث فيما أخبرت عنه ثم أمسك.
وقال الحميدي عن سفيان: حدثنا عبد الملك بن أعين، شيعي كان عندنا رافضي صاحب رأي.
وقال محمد بن عباد المكي عن سفيان حدثنا: عبد الملك بن أعين وكان رافضياً.
وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين: ليس بشيء.
وقال أبو عبيد الأجرِّي عن أبي داود حدثنا حامد قال حدثنا سفيان قال: هم ثلاثة إخوة عبد الملك بن أعين وزرارة بن أعين وحمران بن أعين، روافض كلهم, أخبثهم قولاً عبد الملك.
وقال أبو حاتم: هو من عتق الشيعة، محله الصدق، صالح الحديث، يُكتب حديثه.
وذكره بن حبان في كتاب الثقات وقال: كان يتشيع }.(10)
وعبدُ الملك بنُ أَعْيَن ذَكَرَهُ البخاريُّ في كتابه الضعفاء وقال:
{ عبد الملك بن أعين, كان شيعياً…يُحْتَمَل في الحديث }.(11)
واحتماله في الحديث لا يعني احتماله إذا انفرد, بل انفراده غير مُحْتَمَل، وخصوصاً في روايةٍ كهذه، وإنما يُحْتَمَل في وجود متابع قويٍّ فقط، بدليل ذِكْرِ الإمام البُخاري له في كتاب الضعفاء.
وإنما ذكرتُ هذا الكلام حتى لا يقولنَّ قائل: كيف تُضَعِّفُون عبدُ الملكِ بنُ أعين وقد رَوَى له البخاريُّ في صحيحه.
فأقول أنَّ الإمامَ البخاريَّ إنما رَوَى له مقروناً بغيره, وليس احتجاجاً به.
فقد أثبتنا الآن أنَّ البخاريَّ نفسه يُضَعِّفُهُ, ولا يحتج به. فكيف نحتج به في رواية كهذه ؟
هذا وقد ذَكَرَهُ الإمامُ ابنُ الجوزي في كتابه الضعفاء والمتروكين.(12)
كما ذَكَرَهُ الإمامُ الذهبي في كتابه الـمُغْنِي في الضعفاء.(13)
كذا ذَكَرَهُ الإمامُ العُقَيلي في كتابه الضعفاء.(14)
ثالثاً: رواية قراءة ابن مسعود:
لا يفوتني أنْ أنبِّه أنَّ الإمامَ الطبرانيَّ في كتابه “المعجم الكبير” ذَكَرَ رواية أخرى بلفظٍ آخر فقال:
{ حَدَّثَنَا الْـحُسَيْنُ ابْنُ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى الْحِمَّـانِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، يَقْرَأُ: “وَوَصَّى رَبُّكَ أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ” }.(15)
وأقول أنَّ هذه الرواية في حالة صِحَّتِهَا لَيسَ فيها شيءٌ على الإطلاق إِذْ أنَّ هذه القراءةَ ستكون مُجَرَّدَ قراءةٍ مَنْسُوخَةٍ مع القِرَاءَاتِ التي نُسِخَتْ قبل العَرْضَةِ الأخيرة.
وأرجو أن تُلاحظ عزيزي القارئ الكريم أن الرواية تتكلم عن قراءة ابن مسعود وليس مصحفاً مكتوباً كالرواية الباطلة الأولى التي تتحدث عنْ أنَّ التغيير وقع في المكتوب وليس المقروء.
ثم نقول أن هذه الرواية في حالة صحتها أيضا فهي قراءة شاذة عن القراءة الـمُجْمَعِ عليها مِنْ كُلِّ المسلمين في شَتَّى بِقَاعِ الأرض.
ولكن سند هذه الرواية لا يصح، ففي سَنَدِهَا عِدَّةُ عِلَل.!
علل الرواية:
العِلَّة الأولى:يحيى الحِمَّـانيمنكر الحديث.
قال الإمام الذهبي: { يحيى بن عبد الحميد الـحِمَّـانِيُّ حافظٌ منكر الحديث.
وقَدْ وَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ وغَيرُه.
وقال أحمدُ ابنُ حنبل: كان يَكْذِبُ جِهَاراً.
وقال النَّسَائِيُّ: ضعيف }.(16)
العِلَّة الثانية:الأعمش لم يُدْرِكْ الصحابيَّ عبدَ اللهِ ابنَ مسعود.
فَسَيِّدُنا عَبْدُ الله ابْنُ مسعود رضي الله عنه تُوُفِّيَ عام 32 من الهجرة النبوية.
قال الإمام الذهبي:
{تُوُفِّيَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ}.(17)
أمَّا الإمام سُلَيمـانُ بنُ مهران الأعمش فَوُلِدَ عام 61 من الهجرة النبوية.
قال الإمام الذهبي:
{ وُلدَ بِقَرْيَةِ أُمِّهِ مِنْ أَعْمَـالِ طَبَرِسْتَانَ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ}.(18)
وهذا انقطاعٌ طويلُ بينهما يصل لـ 21 عاماً, مما يجعلنا نحكم على الرواية بالضعف لهاتين العِلَّتينِ.
سند آخر لرواية قراءة ابن مسعود:
قال الإمام الطبريُّ:
{ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ]وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ[ قال: أمر ألا تعبدوا إلا إياه، وفي حرف ابن مسعود: (وَصَّى رَبُّكَ ألا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ) }.(19)
وهذا السَّنَدُ صحيحٌ إلى قَتَادة بن دعامة, ولكن قتادة نفسه لم يدرك عبد الله بن مسعود.
فَسَيِّدُنا عَبْدُ الله ابْنُ مسعود رضي الله عنه تُوُفِّيَ عام 32 من الهجرة النبوية، انظر هامش رقم (17).
وأما قتادة بن دعامة السدوسي فقد وُلِدَ سنة 60 من الهجرة.
قال الإمام الذهبيُّ:
{ قَتَادَةُ بنُ دِعَامَةَ بنِ قَتَادَةَ…مَوْلِدُه: فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ }.(20)
فبينهما انقطاع حوالي 28 سنة بين مولد قتادة ووفاة عبد الله بن مسعود.
هذا إذا كان قتادة يقصد بكلامه بحرف ابن مسعود أي القراءة.
فهو قطعاً لم يسمع منه, ويضاف إلى هذا أنَّ قتادةَ مُدَلِّسٌ مشهور بالتدليس.
وبلا شك أن هذا الكلام بَلَغَ قتادةَ عن شخص آخر عن ابن مسعود, وهذا يعني انقطاعاً في السند بين قتادة وبين ابن مسعود, فيكون السند بهذا ضعيفاً.
وإما أن يكون قتادة يقصد بالحرف أي الحرف المكتوب في مصحف ابن مسعود, فلنا على ذلك ردود.
أولاً: أنَّ القراءة المنقولة بالسند الصحيح المتصل المتواتر عن عبد الله بن مسعود وعن كل الصحابة هي قراءة ]وَقَضَى رَبُّكَ[ وليس {وَوَصَّى رَبُّكَ}.
ثانياً: إجماع الأمة الإسلامية على قراءة ]وَقَضَى رَبُّكَ[. فتكون قراءة { وَوَصَّى رَبُّكَ } قراءة شاذة.
ثالثاً: الرسم العثماني الذي أجمعت عليه الامة الإسلامية على قراءة ]وَقَضَى رَبُّكَ[ وليس {وَوَصَّى رَبُّكَ}.
رابعاً: عندنا في دين الإسلام العظيم شروط ثلاثة لقبول القراءة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
1) اتصال السند.
2) موافقة الرَّسْم العُثمـاني وَلَوِ احتمالاً.
3) موافقة وَجْهٍ من أَوْجُهِ النَّحْو.
قال الإمامُ ابنُ الـجَزَرِيِّ:
{ كُلُّ قِرَاءَةٍ وَافَقَتِ الْعَرَبِيَّةَ وَلَوْ بِوَجْهٍ، وَوَافَقَتْ أَحَدَ الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَـانِيَّةِ وَلَوِ احْتِمَـالًا وَصَحَّ سَنَدُهَا، فَهِيَ الْقِرَاءَةُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي لَا يَجُوزُ رَدُّهَا وَلَا يَحِلُّ إِنْكَارُهَا، بَلْ هِيَ مِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ وَوَجَبَ عَلَى النَّاسِ قَبُولُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ عَنِ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ، أَمْ عَنِ الْعَشْرَةِ، أَمْ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْـمَقْبُولِينَ، وَمَتَى اخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ أُطْلِقَ عَلَيْهَا ضَعِيفَةٌ أَوْ شَاذَّةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ…هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَئِمَّةِ التَّحْقِيقِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ}.(21)
وهذه الرواية لا نَعْلَمُ لها سَنَداً صحيحاً مُتَّصِلاً ، كما أنَّها مُخَالِفَةٌ للرَّسْمِ العُثْمَـانِي الـمُجْمَعِ عليه على مَدَارِ التاريخ الإسلامي. وكل ما خالف هذه الشروط الثلاثة لا عبرة به, ولا قيمة له.
رابعاً: في حالة صحة رواية قتادة:
أقول أنه في حالة صِحَّةِ الرواية عن قتادة, ولو ثبت بالفعل أن عبد الله بن مسعود كان يقرأ الآية هكذا, فنستطيع أن نقول أن هذه القراءة مِن مَنْسُوخ التلاوة, وأنَّ هذا كان حَرْفاً أَقْرَأَهُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه, ثم نُسِخَ مع ما نُسِخَتْ تلاوته.
وإنما قلت هذا, لأنَّ الصحابي عبد الله بن مسعود حَضَرَ العَرْضَةَ الأخيرة التي عَارَضَ فيها جبريلُ القرآنَ الكريمَ مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, و العَرْضَةُ الأخيرة هي القرآنُ الموجودُ اليومَ بين أيدينا بإجماع علماء الأمة الإسلامية، قديماً وحديثاً, سلفاً وخلفاً, لا أعلم في هذا مخالفاً.
روى الإمامُ البخاري في صحيحه:
{ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَـا, فَقَالَ لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ: أَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ:مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ, قَالَ: وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَسَأَلْنَاهُ: فَقَالَ: مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ}.(22)
فهذه شهادة عزيزة غالية على حفظ القرآن الكريم على ما هو عليه بعد العرضة الأخيرة.
تنبيه:
استدل بَعْضُهُمْ بأنَّ الإمامَ ابْنَ حَجَر العسقلاني جَوَّدَ سَنَدَ رواية سعيد بن منصور في سننه رَدًّا على الزمخشري في إنكاره للرواية، فقال: { أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْهُ }.!
وَلَكِنْ مِمَّا يُؤْسَفُ له أنَّ النصراني الذي اعتاد على التَّدْلِيسِ والْكَذِبِ تَأَسِّياً ببولس، حَذَفَ بَقِيَّةَ تعليقِ الإمامِ ابنِ حجر العسقلاني على الرواية وإليك كلام الإمام ابن حجر العسقلاني كاملاً:
قال الإمام ابن حجر العسقلاني:
{ وَقد جَاءَ عَن ابن عَبَّاسٍ نَحْوُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهُ تَعَالَى: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاه } قَالَ: {وَوَصَّى}. الْتَزَقَتِ الْوَاوُ فِي الصَّادِ. أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْهُ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا الْـمُعْتَمَدُ، لَكِنَّ تَكْذِيبَ الْمَنْقُولِ بَعْدَ صِحَّتِهِ لَيْسَ مِنْ دَأْبِ أَهْلِ التَّحْصِيلِ فَلْيُنْظَرْ فِي تَأْوِيلِهِ بِمَـا يَلِيقُ بِهِ }.(23)
أقول: ولكن هذا الكلام المنقول عن ابن عباس لم يَصِحَّ سنداً حتى نَنْظُرَ في تأويله بما يليق.
ثم إن الإمام ابن حجر العسقلاني قال:{ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا الْـمُعْتَمَدُ }. وهذا يعني أنه يرى السندَ جيداً ولكنه لا يُصَحِّحُ المتن على ظاهره, بدليل أنه لم يعتمده, بل قال أنَّ غيرَه هو المعتمد, فتنبه.!
ثم إنَّ الإمامَ ابنَ حَجَر قال: { فَلْيُنْظَرْ فِي تَأْوِيلِهِ بِمَـا يَلِيقُ بِهِ }. وهذا يعني أن لا نأخذ هذا المتن على
ظاهره لأن ظاهره يخالف ما أجمعت عليه أمة الإسلام العظيم منذ زمن الصحابة إلى يومنا هذا.
وقد بَيَّنَّا مِن قبل أن عبد الملك بن أعين راو القصة، وضعه البخاري نفسه في كتابه الضعفاء.!
فكيف يكونُ السندُ جيداً كما قال الإمامُ ابنُ حَجَر العَسْقَلَاني ؟!
أقول: أنه رُوِيَتْ بَعْضُ الروايات بأنَّ هذه الآية في مصحف أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه كانت مكتوبة هكذا: “وَوَصَّى رَبُّكَ أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ”.
ولا توجد رواية واحدة صحيحة في الروايات التي تقول أنها كانت {ووصى} الواو التزقت بالصاد فأصبحت {وَقَضَى}.
أكرر كلامي بأنَّ كل الروايات التي تقول بهذا القول ليست بصحيحة، مع مخالفتها لإجماع الأمة الإسلامية.
سند رواية قراءة أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ:
قال الإمام الطبريُّ:
{ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، قَالَ: ثنا نُصَيْرُ ابْنُ أَبِي الأَشْعَثِ، قَالَ: ثني ابْنُ حَبِيبِ ابْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَعْطَانِي ابْنُ عَبَّاسٍ مُصْحَفًا، فَقَالَ: هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قال أبو كريب: قال يحيى: رأيت المصحف عند نصير فيه: {ووصى ربك} يعني: وقضى ربك}.(24)
قلتُ: وهذا سند ضعيف بسبب يَحْيَى بْنِ عِيسَى الرَّمْلِيِّ.
قال الإمام أبو حاتم بنُ حبان:
{ يحيى بن عيسى بن محمد التميمي الرملي…وَكَانَ مِمَّنْ سَاءَ حِفْظُهُ وَكَثُرَ وَهْمُهُ حَتَّى جَعَلَ يُخَالِفُ الْأَثْبَاتَ فِيمَـا يروى عن الثقات ; فَلَمَّـا كَثُرَ ذلك في روايته بَطَلَ الاحْتِجَاجُ به.
أخبرنا محمد بن زياد الزيادي قال: حدثنا ابن أبى شيبة: سمعت يحيى بن معين – وذكر له يحيى بن عيسى الرملي – فقال: كان ضعيفا.
سمعت محمد بن محمود: سمعت الدارمي: قلت ليحيى بن معين: فيحيى بن عيسى الرملي تعرفه ؟ قال: نعم ما هو بشيء}.(25)
ونقول كمـا قلنا مِنْ قبل أنَّ الروايةَ تعني أنَّ الآيةَ بالفعل أقرأها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
له بهذا الشَّكْلِ وَلَكِنَّ ذلك نُسِخَ مَعَ مَا نُسِخَتْ تلاوتُه في العرضة الأخيرة.
تنبيه:
يستدل بَعْضُ مَنْ لا عِلْمَ لَهُ من جُهَّالِ النَّصَارَى بأنَّ كلمة وَوَصَّى هي الصحيحة لأن كلمة وقضى تعني الحتم والإلزام. مستدلين برواية ابن عباس وقوله فيها: { وَلَوْ نَزَلَتْ عَلَى الْقَضَاءِ مَا أَشْرَكَ بِهِ أَحَدٌ }.!
بمعنى أن الآية إذا كانت {وَقَضَى} فهذا يعني أنه أمر نافذ على الجميع, ليس للبشر يَدٌ في مخالفته. وعليه فلن يكون في الأرض مشرك واحد لأن الله قضى بعدم الشرك.
وهذا من أعجب ما سمعت من جهال النصارى والمنصرين.
أولاً: لقد بينا أن الرواية في سندها “الفُرات بن السائب” وهو متروك الحديث.
ثانياً: معنى القَضَاءِ في الآية هو أمر الله بعدم الوقوع في الشرك.
قال الإمام ابن منظور:
{ وقوله تعالى وقَضَى ربُّك أَن لا تعبدوا إِلاَّ إِياه أَي: أَمَرَ رَبُّكَ وَحَتَمَ وهو أَمر قاطع حَتْمٌ }.(26)
ثالثاً: هؤلاء الجهلة لا يفرقون بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية.
فأما الإرادة الشَّرعية: هو ما يحبه الله لعباده من الـهُدَى والإيمان فأمرهم به وحثهم عليه. وهي التي يحاسب الله عليها عباده بحسب امتثالهم لها أو إعراضهم عنها. ومنها قوله تعالى { وَاللَّهُ يُرِيْدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُم }. ومع ذلك فكثير من أهل الأرض لا يتوبون, فَدَلَّ ذلك على أنها إرادة شرعية.
وأما الإرادة الكونية: فهي قَدَرُ الله النَّافِذُ على خلقه سواءً أحبه الله أو أبغضه, ولا مجال ولا سبيل لأحد أن يخالفها أو يعارضها, ومنها قوله تعالى: { إِنَّمَـا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون }. وإذا أراد الله تعالى أن يفعل شيئاً فمن ذا الذي يستطيع أن يخالفه أو يعارضه ؟!
فأراد هؤلاء الجُهَّالُ أنْ يَحْمِلُوا معنى الآيةَ على أنَّ الله قضى ألا يشرك به أحد, وهذا أمر نافذ لن يخالفه أحد, في حين أنها إرادة شرعية وليست كونية, بمعنى أن الله أمر بذلك وأراده شرعًا.
فمن استجاب له أثابه الله, ومن خَالَفَه عاقبه الله، مثل “شرب الخمر” فقد حرمه الله، ومع ذلك نرى الناس يشربونه, ومنهم مسلمون !!
خامساً: نقولات مهمة لبعض العلمـاء:
ذكر كثيرٌ مِن العلماء أنَّ المرويَّ باستفاضةٍ عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وغيرهما هو قراءة {وَقَضَى}.
قال الإمام أبو حيان الأندلسي:
{ وفي مصحف ابن مسعود وأصحابه وابن عباس وابن جبير والنخعي وميمون بن مهران من التوصية . وقرأ بعضُهم : وأوصى من الإيصاء ، وينبغي أن يحمل ذلك على التفسير, لأنها قراءة مخالفة لسواد المصحف والمتواتر هو {وَقُضِىَ} وهو المستفيض عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهم في أسانيد القراء السبعة {وَقُضِىَ} هنا قال ابن عباس والحسن وقتادة: بمعنى أمر }.(27)
سادساً: الإجماع على قراءة {وَقَضَى}:
قال الإمام ابن الجوزي:
{ قوله تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ } روى ابنُ أبي طلحة عن ابن عباس قال : أمَر ربك . ونقل عنه الضحاك أنه قال : إِنما هي «ووصى ربك» فالتصقت إِحدى الواوين ب «الصاد» ، وكذلك قرأ أُبيُّ بن كعب ، وأبو المتوكل ، وسعيد بن جبير : «ووصى» ، وهذا على خلاف ما انعقد عليه الإِجماع، فلا يُلْتَفَتُ إِليه }.(28)
فهذا إجماع أمتنا الإسلامية العظيمة على قراءة { وقضى ربك }.
سابعاً: من فمك أُدينك:
ألمْ ينظر هذا النصراني إلى ما في كتبه ؟ ألمْ يَرَ حَجْمَ التحريفات والتخريفات التي شَوَّهَتْ كتابه ؟
ألا يستحي هذا النصراني من نفسه، وهو يُؤمن بكتاب أصابته جميعُ أنواعِ التحريفِ والتزييفِ، ثُمَّ يأتي ليتهجم بلا وعي على أَصَحِّ كِتًابٍ عَلَى وجه الأرض ؟!
سأضرب مثالاً واحداً بسيطاً على التحريف في كتاب النصارى من العهد الجديد.
ومن أراد المزيد فليرجع إلى سلسلة تحريف الكتاب المقدس على قناة مكافح الشبهات.
جاء في كتاب النصارى يوحنا 9:
{ 35فَسَمِعَ يَسُوعُ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ خَارِجاً، فَوَجَدَهُ وَقَالَ لَهُ: «أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللَّهِ؟» 36أَجَابَ ذَاكَ وَقَالَ: «مَنْ هُوَ يَا سَيِّدُ لأُومِنَ بِهِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «قَدْ رَأَيْتَهُ، وَالَّذِي يَتَكَلَّمُ مَعَكَ هُوَ هُوَ!». 38فَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ!». وَسَجَدَ لَهُ }.(29)
وهذه الجملة { أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللَّهِ} هي محل بحثنا الآن.
جدير بالذكر أن هذه الترجمة العربية التي نقلت منها هذه الفقرات هي ترجمة الفانديك البيروتية.
ولكن من يتصفح بقية الترجمات يجد شيئاً عجيباً.!
تقول الترجمة الرهبانية اليسوعية:
{ فسَمِعَ يسوع أَنَّهم طَردوه. فلَقِيَه وقالَ له: «أَتُؤمِنُ أَنتَ بِابنِ الإِنسان ؟» }.(30)
تقول الترجمة العربية المشتركة:
{ فسَمِعَ يسوع أَنَّهم طَردوه. فقال له عِنْدَمَا لَقِيَه: «أَتُؤمِنُ أَنتَ بِابنِ الإِنسان ؟» }.(31)
تقول الترجمة البولسية:
{ وسَمعَ يَسوعُ أَنَّهم طَرَدوهُ، فَلَقِيَهُ وقالَ لَهُ: «أَتُؤْمِنُ بابْنِ البَشر» }.(32)
تقول الترجمة العربية المبسطة:
{ 35 وَسَمِعَ يَسُوعُ أنَّهُمْ طَرَدُوا الرَّجُلَ، فَوَجَدَهُ وَقالَ لَهُ: « أتُؤْمِنُ بابْنِ الإ نسانِ؟ »}.(33)
فما الذي حدث ولماذا تغيرت كلمة (ابن الله) إلى (ابن الإنسان) ؟
والواقع أن العكس هو الصحيح, أي أن النص كان يقول (ابن الإنسان) وتم تحريفه في مخطوطات العهد الجديد التي ترجموا منها ترجمة الفانديك إلى (ابن الله).
ولكن بالرجوع إلى المخطوطات القديمة المكتشفة مؤخراً, وجد العلماء أنَّ النص يقول (ابن الإنسان) وليس (ابن الله).!
فكان النص في المخطوطات القديمة هكذا وهذا اقتبسته من نُسخة نستل ألاند بعد ترجيحه له:
Ἤκουσεν Ἰησοῦς ὅτι ἐξέβαλον αὐτὸν ἔξω, καὶ εὑρὼν αὐτὸν εἶπεν, Σὺ πιστεύεις εἰς τὸν υἱὸν τοῦ ἀνθρώπου;
ثم بعد التحريف صار النَّصُّ هكذا:
ηκουσεν ο ιησους οτι εξεβαλον αυτον εξω και ευρων αυτον ειπεν αυτω συ πιστευεις εις τον υιον του θεου
والفرق ظاهر بين النصين فكلمة {θεου} تعني {الله} بينما كلمة {ἀνθρώπου} تعني {إنسان}.
وجاء في كتاب “العهد الجديد يوناني عربي بين السطور” لـ بولس الفغالي وأنطوان عوكر .(34)
يقول الأب متى المسكين:
{ كان يظنه أولاً أنه نبي، ولكن لما عَلِمَ أن الواقف أمامه والذي يرى وجهه ويتكلم معه هُوَ هُوَ ابن الله,صاحب الملكوت، والحامل لمفاتيح باب الحياة خَرَّ أمامه ساجداً }.(35)
وهذا النص من النصوص التي تَمَّ تحريفُها من أجل تدعيم عقيدة لاهوتية.
تقول دائرة المعارف الكتابیة:
{ وقد حدثت أحيانا بعض الإضافات لتدعيم فكر لاهوتي كما حدث في إضافة عبارة (والذين يشهدون في السماء هم ثلاثة) 1يو5-7 حيث أن هذه العبارة لا توجد في أي مخطوطة يونانية ترجع إلى ما قبل القرن الخامس عشر ولعل هذه العبارة جاءت أصلا في تعليق هامشي في مخطوطة لاتينية وليس كإضافة مقصودة إلى نص الكتاب المقدس ثم أدخلها أحد النساخ في صلب النص }.(36)
ولستُ هنا بصدد التفصيل في تحريف هذا النص فإنَّ لذلك بَحْثاً مُفَصَّلاً بمشيئة الله على القناة والمدونة.
تقول الترجمة الرهبانية اليسوعية:
{ إنَّ نُسَخَ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة بل يُمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية ولكن عددها كثيرٌ جداً على كل حال، هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو أو الألفاظ أو ترتيب الكلام، ولكن هناك فوراق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها.
واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير ، فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت ، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التي تحول دون أن تتصف أي نسخة كانت – مهما بُذل فيها من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذي أخذت عنه ، يُضاف إلى ذلك أن بَعْضَ النُّسَّاخِ حاولوا أحياناً ، عن حُسْنِ نية أن يُصَوِّبُوا ما جاء في مِثَالِهم وبَدَا لهم أنه يحتوي أخطاء واضحة أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي ، وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد أن تكون كلها خطأ ، ثم يمكن أن يضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد في أثناء إقامة شعائر العبادة أدَّى أحيانا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ .
ومن الواضح أن ما أدخله النساخ من التبديل على مَرِّ القرون تراكم بعضُه على بعضِه الآَخَر . فكان النَّصُّ الذي وصل آخرَ الأمرِ إلى عهد الطباعة مُثْقَلاً بمختلف ألوان التبديل ، ظهرت في عدد كبير من القراءات }.(37)
مراجع البحـث:
(1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام محمد ابن جرير الطبري ج14 ص543، ط دار هجر – الجيزة، ت: د/عبد الله التركي.
(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11، ط دار الفكر المعاصر – لبنان، دار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر.
(3) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج8 ص289، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط.
(4) جامع التحصيل في أحكام المراسيل للإمام صلاح الدين العلائي ص96، ط عالم الكتب – بيروت، ت: حمدي عبد المجيد السلفي.
(5) صيانة صحيح مسلم للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص227، ط دار الغرب الإسلامي – بيروت، ت: موفق عبد الله عبد القادر.
(6) ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج4 ص210، ط دار الكتب العلمية – بيروت.
(7) إتحاف الخيرة المهرة للإمام شهاب الدين البُوصَيْرِيَّج6 ص229، ط دار الوطن – الرياض، ت: ياسر بن إبراهيم (أبو تميم).
(8) ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج5 ص412، ط دار الكتب العلمية – بيروت.
(9) سنن الإمام سعيد بن منصور ج6 ص88، ط دار الصميعي – الرياض، ت: د/ سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حُمَيـِّد.
(10) تهذيب الكمال للإمام أبي الحجاج المِزّي ج15 ص256، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: د/ بشَّار عَوَّاد معروف.
(11) الضعفاء الصغير للإمام محمد بن إسماعيل البُخاريص76، ط دار المعرفة – بيروت ، ت: محمود إبراهيم زايد.
(12) الضعفاء والمتروكين للإمام أبي الفرج بن الجوزي ج2 ص148، ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: عبد الله القاضي.
(13) المغني في الضعفاء للإمام شمس الدين الذهبي ج2 ص8، ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: حازم القاضي (أبو زهراء).
(14) الضعفاء للإمام أبي جعفر العقيلي ج3 ص791، ط دار الصميعي – الرياض، ت: حمدي بن عبد المجيد السلفي.
(15) المعجم الكبير للإمام سليمان بن أحمد الطبراني ج9 ص149، ط مكتبة ابن تيمية – القاهرة، ت: حمدي بن عبد المجيد السلفي.
(16) المغني في الضعفاء للإمام شمس الدين الذهبي ج2 ص522، ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: حازم القاضي (أبو زهراء)..
(17) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج1 ص462، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط.
(18) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج6 ص227، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط.
(19) جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام محمد ابن جرير الطبري ج14 ص542، ط دار هجر – الجيزة، ت: د/عبد الله التركي.
(20) سير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي ج5 ص270، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، ت: بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط..
(21) النشر في القراءات العشر للإمام محمد ابن الجزري ج1 ص9 ط دار الكتب العلمية – بيروت ، ت: الشيخ علي محمد الضَّبَّاع .
(22) صحيح البخاري للإمام أبي عبد الله محمد ابن إسماعيل البخاري ص1282 ح5019 ، ط دار ابن كثير – بيروت.
(23) فتح الباري شرح صحيح البخاري للإمام ابن حجر العسقلاني ج10 ص256، ط طيبة – الرياض، ت: نظر محمد الفاريابي.
(24) جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام محمد ابن جرير الطبري ج14 ص542، ط دار هجر – الجيزة، ت: د/عبد الله التركي.
(25) المجروحين من المحدثين للإمام أبي حاتم بن حِبان ج2 ص479، ط دار الصميعي الرياض، ت: حمدي بن عبد المجيد السلفي.
(26) لسان العرب للإمام محمد بن منظور ج5 ، ص3665، ط دار المعارف – القاهرة.
(27) تفسير البحر المحيط للإمام أبي حيان الأندلسي ج6 ص23، ط دار الكتب العلمية – بيروت، ت: مجموعة من المحققين.
(28) زاد المسير في علم التفسير للإمام أبي الفرج بن الجوزي ج5 ص22، ط المكتب الإسلامي – بيروت.
(29) كتاب النصارى – ترجمة الفانديك – إنجيل يوحنا – الفصل 9 الأعداد من 35 إلى 38 ، ط دار الكتاب المقدس – القاهرة.
(30) كتاب النصارى – الترجمة اليسوعية – إنجيل يوحنا – فصل 9 عدد 35، ص320 ، ط دار المشرق – بيروت ، لبنان.
(31) كتاب النصارى – الترجمة العربية المشتركة – إنجيل يوحنا – فصل 9 عدد 35، ص159 ، ط دار الكتاب المقدس – القاهرة.
(32) كتاب النصارى – الترجمة البُولسية – إنجيل يوحنا – فصل 9 عدد 35، ص444 ، ط منشورات المكتبة البُولسية – بيروت.
(33) كتاب النصارى – الترجمة العربية المبسطة – إنجيل يوحنا – فصل 9 عدد 35، ص1125 ، ط دار الكتاب المقدس – القاهرة.
(34) العهد الجديد يوناني عربي بين السطور ص491، للأب بولس الفغالي، أنطوان عوكر، وغيرهما ط مؤسسة دَكَّاش – بيروت.
(35) تفسير إنجيل يوحنا دراسة وشرح للأب متى المسكين ج1 ص601، ط دير أنبا مقار.
(36) دائرة المعارف الكتابية ج3 ص295، ط دار الثقافة – القاهرة، تأليف نخبة من علمـاء اللَّاهوت.
(37) الترجمة الرهبانية اليسوعية ص12 ، ص13، مقدمة العهد الجديد، ط دار المشرق – بيروت.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.